الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ﴾؛ أيْ: ما أمْرُكَ وشَأْنُكَ الَّذِي دَعاكَ إلى ما صَنَعَتَ ؟! قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وبَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ يَقُولُ: الخَطْبُ مُشْتَقٌّ مِنَ الخِطابِ. المَعْنى: ما أمْرُكَ الَّذِي تُخاطِبُ فِيهِ ؟
واخْتَلَفُوا في اسْمِ السّامِرِيِّ عَلى قَوْلَيْنِ:
أحَدُهُما: مُوسى أيْضًا، قالَهُ وهَبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وقالَ: كانَ ابْنُ عَمِّ مُوسى بْنِ عِمْرانَ. (p-٣١٨)
والثّانِي: مِيخا، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ.
وَهَلْ كانَ مِن بَنِي إسْرائِيلَ أمْ لا ؟ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: لَمْ يَكُنْ مِنهم، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
والثّانِي: كانَ مِن عُظَمائِهِمْ، وكانَ مِن قَبِيلَةٍ تُسَمّى سامِرَةَ، قالَهُ قَتادَةُ. وفي بَلَدِهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: كَرْمانُ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. والثّانِي: باجَرْما، قالَهُ وهْبٌ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ: ( تَبْصُرُوا ) بِالتّاءِ. فَعَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ أشارَ إلى بَنِي إسْرائِيلَ، وعَلى هَذِهِ القِراءَةِ خاطَبَ الجَمِيعَ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: عَلِمْتُ ما لَمْ تَعْلَمُوا. قالَ: وقَوْمٌ يَقُولُونَ: بَصُرْتُ وأبْصَرْتُ سَواءٌ، بِمَنزِلَةِ أسْرَعْتُ وسَرَعْتُ. وقالَ الزَّجّاجُ: يُقالُ: بَصُرَ الرَّجُلُ يُبْصِرُ: إذا صارَ عَلِيمًا بِالشَّيْءِ، وأبْصَرَ يُبْصِرُ: إذا نَظَرَ. قالَ المُفَسِّرُونَ: فَقالَ لَهُ مُوسى: وما ذاكَ ؟ قالَ: رَأيْتُ جِبْرِيلَ عَلى فَرَسٍ، فَأُلْقِيَ في نَفْسِي: أنْ أقْبِضَ مِن أثَرِها، ﴿فَقَبَضْتُ قَبْضَةً﴾ وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، والحَسَنُ، ومُعاذٌ القارِئُ: ( قَبْصَةً ) بِالصّادِ. وقالَ الفَرّاءُ: والقَبْضَةُ بِالكَفِّ كُلِّها، والقَبْصَةُ - بِالصّادِ - بِأطْرافِ الأصابِعِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ومِثْلَ هَذا: الخَضْمُ بِالفَمِ كُلِّهِ، والقَضْمُ بِأطْرافِ الأسْنانِ، والنَّضْخُ أكْثَرُ مِنَ النَّضْحِ، والرِّجْزُ: العَذابُ، والرِّجْسُ: النَّتْنُ، والهُلاسُ في البَدَنِ والسُّلاسُ في العَقْلِ، والغَلَطُ في الكَلامِ، والغَلَتُ في الحِسابِ، والخَصِرُ: الَّذِي يَجِدُ البَرْدَ، والخَرِصُ الَّذِي يَجِدُ البَرْدَ والجُوعَ، والنّارُ الخامِدَةُ: الَّتِي قَدْ سَكَنَ لَهَبُها ولَمْ يُطْفَأْ جَمْرُها، والهامِدَةُ: الَّتِي طُفِئَتْ فَذَهَبَتِ البَتَّةَ، والشَّكْدُ: العَطاءُ ابْتِداءً، فَإنْ كانَ جَزاءً فَهو شَكْمٌ، والمائِحُ: الَّذِي يَدْخُلُ البِئْرَ فَيَمْلَأُ الدَّلْوَ، والماتِحُ: الَّذِي يَنْزِعُها.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَنَبَذْتُها﴾؛ أيْ: فَقَذَفْتُها في العِجْلِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، (p-٣١٩)والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ: ( فَنَبَذَتْها ) بِالإدْغامِ. ﴿وَكَذَلِكَ﴾؛ أيْ: وكَما حَدَّثَتْكَ، ﴿سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾؛ أيْ: زَيَّنَتْ لِي، ﴿قالَ﴾ مُوسى " اذْهَبْ "؛ أيْ: مِن بَيْنِنا، ﴿فَإنَّ لَكَ في الحَياةِ﴾؛ أيْ: ما دُمْتَ حَيًّا، ﴿أنْ تَقُولَ لا مِساسَ﴾؛ أيْ: لا أمَسُّ ولا أُمَسُّ، فَصارَ السّامِرِيُّ يَهِيمُ في البَرِّيَّةِ مَعَ الوَحْشِ والسِّباعِ، لا يَمَسُّ أحَدًا ولا يَمَسُّهُ أحَدٌ، عاقَبَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ، وألْهَمَهُ أنْ يَقُولَ: ﴿لا مِساسَ﴾، وكانَ إذا لَقِيَ أحَدًا يَقُولُ: لا مِساسَ؛ أيْ: لا تَقْرَبْنِي ولا تَمَسَّنِي، وصارَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لِوَلَدِهِ، حَتّى إنْ بَقاياهُمُ اليَوْمَ فِيما ذَكَرَ أهْلُ التَّفْسِيرِ بِأرْضِ الشّامِ يَقُولُونَ ذَلِكَ. وحُكِيَ أنَّهُ إنْ مَسَّ واحِدٌ مِن غَيْرِهِمْ واحِدًا مِنهم، أخَذَتْهُما الحُمّى في الحالِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنَّ لَكَ مَوْعِدًا﴾؛ أيْ: لِعَذابِكَ يَوْمَ القِيامَةِ، ﴿لَنْ تُخْلَفَهُ﴾؛ أيْ: لَنْ يَتَأخَّرَ عَنْكَ، ومَن كَسَرَ لامَ ( تُخْلَفَ ) أرادَ: لَنْ تَغِيبَ عَنْهُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وانْظُرْ إلى إلَهِكَ﴾ يَعْنِي: العِجْلَ، ﴿الَّذِي ظَلْتَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مَعْناهُ: أقَمْتَ عَلَيْهِ. وقالَ الفَرّاءُ: مَعْنى " ظَلْتَ ": فَعَلْتَهُ نَهارًا. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وأبُو الجَوْزاءِ، وابْنُ يَعْمُرَ: ( ظَلْتَ ) بِرَفْعِ الظّاءِ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو رَجاءٍ، والأعْمَشُ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: ( ظِلْتَ ) بِكَسْرِ الظّاءِ. وقالَ الزَّجّاجُ: ( ظَلْتَ، وظِلْتَ ) بِفَتْحِ الظّاءِ وكَسْرِها، فَمَن فَتَحَ فالأصْلُ فِيهِ: ( ظَلِّلْتَ )، ولَكِنَّ اللّامَ حُذَفَتْ لِثِقَلِ التَّضْعِيفِ والكَسْرِ، وبَقِيَتِ الظّاءُ عَلى فَتْحِها، ومَن قَرَأ: ( ظِلْتَ ) بِالكَسْرِ، حَوَّلَ كَسْرَةَ اللّامِ عَلى الظّاءِ. ومَعْنى ﴿عاكِفًا﴾: مُقِيمًا، ﴿لَنُحَرِّقَنَّهُ﴾ قَرَأ الجُمْهُورُ: ( لَنُحَرِّقَنَّهُ ) بِضَمِّ النُّونِ وفَتْحِ الحاءِ وتَشْدِيدِ الرّاءِ. وقَرَأ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، وأبُو رَزِينٍ، وابْنُ يَعْمُرَ: ( لَنَحْرُقَنَّهُ ) بِفَتْحِ النُّونِ وسُكُونِ الحاءِ ورَفْعِ الرّاءِ مُخَفَّفَةً. وقَرَأ أبُو هُرَيْرَةَ، والحَسَنُ، وقَتادَةُ: ( لَنُحْرِقَنَّهُ ) بِرَفْعِ النُّونِ وإسْكانِ الحاءِ وكَسْرِ الرّاءِ (p-٣٢٠)مُخَفَّفَةً. قالَ الزَّجّاجُ: إذا شَدَّدَ، فالمَعْنى: نَحْرُقُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وتَأْوِيلُ ﴿لَنُحَرِّقَنَّهُ﴾: لَنُبَرِّدَنَّهُ، يُقالُ: حَرَقْتُ أحْرُقُ وأحْرِقُ: إذا بَرَّدَتُ الشَّيْءَ. والنَّسْفُ: التَّذْرِيَةُ. وجاءَ في التَّفْسِيرِ: أنَّ مُوسى أخَذَ العِجْلَ فَذَبَحَهُ، فَسالَ مِنهُ دَمٌ؛ لِأنَّهُ كانَ قَدْ صارَ لَحْمًا ودَمًا، ثُمَّ أحْرَقَهُ بِالنّارِ، ثُمَّ ذَرّاهُ في البَحْرِ، ثُمَّ أخْبَرَهم مُوسى عَنْ إلَهِهِمْ، فَقالَ: ﴿إنَّما إلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلا هُوَ﴾؛ أيْ: هو الَّذِي يَسْتَحِقُّ العِبادَةَ لا العِجْلُ، ﴿وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾؛ أيْ: وسِعَ عِلْمُهُ كُلَّ شَيْءٍ.
{"ayahs_start":95,"ayahs":["قَالَ فَمَا خَطۡبُكَ یَـٰسَـٰمِرِیُّ","قَالَ بَصُرۡتُ بِمَا لَمۡ یَبۡصُرُوا۟ بِهِۦ فَقَبَضۡتُ قَبۡضَةࣰ مِّنۡ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذۡتُهَا وَكَذَ ٰلِكَ سَوَّلَتۡ لِی نَفۡسِی","قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدࣰا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰۤ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِی ظَلۡتَ عَلَیۡهِ عَاكِفࣰاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِی ٱلۡیَمِّ نَسۡفًا","إِنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۚ وَسِعَ كُلَّ شَیۡءٍ عِلۡمࣰا"],"ayah":"قَالَ بَصُرۡتُ بِمَا لَمۡ یَبۡصُرُوا۟ بِهِۦ فَقَبَضۡتُ قَبۡضَةࣰ مِّنۡ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذۡتُهَا وَكَذَ ٰلِكَ سَوَّلَتۡ لِی نَفۡسِی"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق