قوله تعالى: ﴿وثُمَ تَوَلَّيتُم﴾ التولي في اللغة يستعمل على ثلاث معان [[أخذه عن "تهذيب اللغة" (ولى) 1/ 3957، وانظر: "إصلاح الوجوه والنظائر" ص 499، و"نزهة الأعين" النواظر ص 215، و"مفردات الراغب" ص 534.]]: يكون بمعنى الإعراض كالذي في هذه الآية، ومعناه: أعرضتم وعصيتم [[في (ب): (نسيتم).]]، ومثله: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [محمد: 38] أي تعرضوا عن الإسلام.
ويكون [[في (ب): (وتكون).]] بمعنى الاتباع، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: 51]، معناه: من يتبعهم وينصرهم.
ويقال: توليت الأمر توليا، إذا وليته بنفسك [[لعل هذا المعنى هو الثالث عند المؤلف حسب تقسيمه، وانظر "نزهة الأعين النواظر" ص 216.]]، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ﴾ [النور: 11]، أي: ولي وزر الإفك وإشاعته [[انتهى ما نقله عنه "تهذيب اللغة" (ولى) 1/ 3957.]].
ومعنى توليتم هاهنا، أي: أعرضتم عن أمر الله وطاعته.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ قيل من بعد [[(بعد) ساقط من (ب).]] أخذ الميثاق. ﴿فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ بتأخير العذاب عنكم [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 80 ب، انظر: "تفسير الطبري" 1/ 328، وقال الزجاج من بعد ذلك: أي بعد الآيات العظام. "معاني القرآن" 1/ 120، وقال الماوردي: من بعد خروج موسى من بين أظهركم "تفسير الماوردي" 1/ 355.]]. وقيل: بمحمد ﷺ والقرآن [[(والقرآن) ساقط من (ج). وقد ذكر الطبري عن أبي العالية: فضل الله: الإسلام، == و (رحمته): القرآن، "تفسير الطبري" 1/ 328، ونحوه عند "تفسير المارودي" 1/ 355، وذكره ابن عطية في "تفسيره" عن قتادة 1/ 332 - 333، وانظر: "البحر المحيط" 1/ 244.]] ﴿لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ فمن آمن بحمد بعد ما كان في الضلالة لم يكن من الخاسرين، وذكرنا معنى الخسران فيما تقدم [[عند تفسير قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.]]، ومعناه ذهاب رأس المال، وهو هاهنا هلاك النفس لأنها بمنزلة رأس المال [[(رأس المال) ساقط من (ب).]].
{"ayah":"ثُمَّ تَوَلَّیۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَ ٰلِكَۖ فَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَكُنتُم مِّنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ"}