الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ الآية. قال الكلبي [[عزاه السيوطي في "الدر المنثور" 1/ 427 إلى عبد بن حميد وابن المنذر، وعزاه ابن حجر في "العجاب" 1/ 519 إلى عبد بن حميد، وذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 626.]] والسدي [[رواه عنه الطبري في "تفسيره" 2/ 312، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 364.]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 1/ 177. وذكره الثعلبي في "تفسيره" 2/ 626، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 219، البغوي في "تفسيره" 1/ 235.]] وابن عباس [[عزاه في "زاد المسير" 1/ 219 إلى ابن عباس، وعزاه الثعلبي في "تفسيره" 2/ 626، وكذا البغوي في "تفسيره" 1/ 235 إلى عطاء وحده وقد تقدم الحديث عن رواية عطاء في المقدمة.]] في رواية عطاء: نزلت هذه الآية في الأخنس بن شَرِيق [[هو: الأخنس بن شَرِيق بن عمرو بن وهب الثقفي، كان حليف بني زهرة، مطاعًا فيهم، نصحهم في عدم المشاركة في معركة بدر فأطاعوه ولم يشاركوا، كان أحدَ الثلاثةِ الذين تلذذوا بسماع القرآن ليلًا. اختلف في إسلامه. ينظر: "المحرر الوجيز" 2/ 187، "أسد الغابة" 1/ 47، "البداية والنهاية" 5/ 78.]]، واسمه: أُبَيّ، وسمي الأخنس؛ لأنه خَنَس يوم بدر بثلاثمائة رجل من بني زُهْرَة عن قتالِ رسول الله ﷺ، وكان رجلًا حُلْوَ الكلام، حُلْوَ المَنْظر، وكان يأتي رسول الله ﷺ فيجالسه، ويظهر الإسلام، ويخبره أنه يحبه، ويحلف بالله على ذلك، وكان منافقًا حسن العلانية، سيئ السريرة، وكان يُعْجِبُ النبيَّ ﷺ [[ساقطة من "ي".]] كلامُه [[هذا مختصر من لفظ مقاتل في "تفسيره" 1/ 177 - 178، وذكره مطولا الثعلبي في "تفسيره" 2/ 626.]]. وإنما قال: (في الحياة الدنيا)، لأنه كاذب، فما تعجب النبي ﷺ من كلامه [[ما من قوله: وإنما. قال زيادة من (ي).]] ولا يثاب عليه في الآخرة [[وذكر المفسرون كالطبري 2/ 312 - 314، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 219، والرازي 5/ 213، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 629 قولين آخرين فيمن نزلت فيه الآية: أحدهما: أنها نزلت فيمن نافق فأظهر بلسانه ما ليس في قلبه. وهذا قول مجاهد والربيع وعطاء والحسن وقتادة وابن قلد ومحمد بن كعب القرظي، وقال الرازي في "تفسيره" 5/ 214: وهو اختيار أكثر المحققين من المفسرين. الثاني: أنها نزلت في سرية الرجيع، وبه قال ابن عباس والضحاك، والرجيع: ماء لهذيل قرب الهداة، بين عسفان ومكة، حين بعث كفار قريش إلى النبي ﷺ إنا قد أسلمنا فابعث لنا نفرا من أصحابك يعلمونا ديننا، فبعث لهم النبي ﷺ ستة من أصحابه، فغدرت بهم عضل والقارة، وصارت لهم قصة، فقال بعض المنافقين: ويح هؤلاء المقتولين، لا في بيوتهم قعدوا ولا رسالة صاحبهم أدوا، فأنزل الله تعالى في الزبير والمقداد وخبيب وأصحابه والمنافقين هذه الآية وثلاث آيات بعدها. وخبر سرية الرجيع مذكور في الصحيحين. رواه البخاري (4086) كتاب المغازي، باب: غزوة الرجيع ورعل وذكوان. ينظر: "فتح الباري" 7/ 385 - 392، ومسلم (677) كتاب الأمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد، "سيرة ابن هشام" 2/ 184 - 191، "تفسير الثعلبي" 2/ 629 - 638.]]. وقوله تعالى: ﴿وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ﴾ يعني قوله: والله إني بك مؤمن، ولك محب، فهو يحلف بالله ويُشْهِدُه على أنه مضمر [[زيادة من (ي).]] ما يقوله، وهو كاذب في ذلك، فكان التأويل: ويشهد الله على ما في قلبه من الإيمان بزعمه [["تفسيرالثعلبي" 2/ 642.]]. وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ معنى الأَلَدّ: الشديد الخصومة. قال أبو إسحاق: أُخذ من لَدِيدَي العُنُق، وهما صَفْحَتَاه، وتأويله: أنه في أيِّ وَجْه أَخَذَ من يمين أو شمال في أبواب الخُصومةِ غَلَب [["معاني القرآن" للزجاج 1/ 277 بمعناه.]]، ويقال: لَدَدْتَ يا رجل، فأنت تَلَدُّ لَدَدًا ولَدَادَةً [[ينظر في مادة لدد: "تفسير الطبري" 2/ 315، "معاني القرآن" للفراء1/ 123، "تفسير الثعلبي" 2/ 643، "لسان العرب" 7/ 4020، "تهذيب اللغة" 4/ 3254، وضبطت فيه: لدِدْتُ، بكسر الدال، وقال شاكر في حاشية "تفسير الطبري" عن لدادة: مصدر لم أجده في كتب اللغة التي بين يدي.]]. والخصام: مصدر، كالمُخَاصمة، والمُخَاصَمَة: مُفَاعلةٌ من الخصُومة، وحقيقة الخُصومة: التَّعَمُّق في البحث عن الشيء، والمضايقةُ فيه، ولذلك قيل لزوايا الأوعية: خُصوم، واحِدُها: خُصْم [[ينظر في مادة (خصم) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 71، "تهذيب اللغة" 1/ 1042، "تفسير الثعلبي" 2/ 644، "لسان العرب" 2/ 1177 - 1178، "المفردات" ص 155، وبين أن أصل المخاصمة أن يتعلق كل واحد بخصم الآخر أي جانبه، وأن يجذب كل واحد خُصْم الجوالق من جانب. ويرى الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 277: أن خصام: جمع خصم؛ لأن فَعلا يجمع إذا كان صفة على فعال، نحو صعب وصعاب، وكذلك إن جعلت خصما صفة، فهو يجمع على أقل العدد، وأكثره على فعول وفعال جميعا، يقال: خصم وخصام وخصوم، وإذا كان اسما ففعال فيه أكثر العدد، نحو: فرخ وأفراخ لأقل العدد، وفراخ وفروخ لما جاوز العشرة.]]. قال ابن عباس في قوله: ﴿أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ يريد: الذي يدع الحق ويِخاصم على الباطل [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 310 بلفظه، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" 1/ 428 إلى الطستي من سؤالات نافع بن الأزرق.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب