الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ﴾ الآية، تكلم النحويون وأرباب المعاني في أن الكاف في قوله: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا﴾ بماذا تتعلق، فذكروا فيه قولين [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 36، والثعلبي 1/ 1262.]]، أحدهما: أنه متعلق بما قبله، وهو من صلة ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي﴾، فيكون المعنى: ولأتم نعمتي عليكم كإرسالي إليكم رسولًا، أي: أتم هذه كما أتممت تلك، وبيان هذا: ما ذكر محمد بن جرير، قال: إن إبراهيم عليه السلام دعا بدعوتين:
إحداهما: قوله ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا﴾ [البقرة: 128].
الثانية: قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: 129] وهو محمد ﷺ، فالله تعالى قال: ﴿وَلِأُتِمَّ نِعمَتِى﴾ ببيان شرائع ملتكم الحنيفية، وأهديكم لدين خليلي إبراهيم، ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ﴾ يعني [[في (ش): (معنى).]]: فكما أجبتُ دعوته بابتعاث الرسول، كذلك أجيب دعوته بأن أهديكم لدينه، وأجعلكم مسلمين، فيكون هذا إجابةً لدعوته حيث قال: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً﴾ [["تفسير الطبري" 1/ 35 - 36 بتصرف. ورجحه مكي بن أبي طالب في "مشكل إعراب القرآن" 1/ 114، وينظر: "البحر المحيط" 1/ 444.]] وهذا الوجه اختيار الفراء [["معاني القرآن" للفراء 1/ 92، وينظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 1262.]].
القول الثاني: أن ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا﴾ جواب لقوله: ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ معناه: فاذكروني أذكركم كما أرسلنا، فيكون هذا بمنزلة جزاءٍ له جوابان، أحدهما: مقدم، والآخر: مؤخر، ومثله من الكلام: إذا أتاك عبد الله فأتِه [[في (ش): كتبت: (فأنه).]] تُرْضِه، فقد صارت فأتِه ترْضِه جوابين [[ينظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 92، وذكر الثعلبي في "تفسيره" 1/ 262، وأبو حيان في "البحر المحيط" 1/ 444 أن هذا قول مجاهد وعطاء والكلبي ومقاتل، وهو اختيار الأخفش والزجاج وابن كيسان والأصم، وردّ الطبري في "تفسيره" 2/ 36 قول من قال: معنى الآية: فاذكروني كما أرسلنا فيكم رسولا منكم أذكركم == وزعموا أن ذلك من المقدم الذي معناه التأخير، فأغربوا النزع وبعدوا من الإصابة، وحملوا الكلام على غير معناه المعروف، وسوى وجهه المفهوم. ثم فسر ذلك، ثم ذكر الرد على من قال بالجزاء الذي له جوابان، فقال: وهذا القول وإن كان مذهبا من المذاهب، فليس بالأسهل الأفصح في كلام العرب. وذكر في "البحر المحيط" 1/ 444: أن مكي بن أبي طالب رد هذا القول، وقال: لأن الأمر إذا كان له جواب لم يتعلق به فاقبله لاشتغاله بجوابه، وقد رد كلامه أبو حيان في "البحر" وفصَّل.]].
قال ابن الأنباري: وفسر بعض [[في (م): (وفسر هذا).]] أصحابنا هذا تفسيرًا شافيًا. فقال: (كما) شرط، والفاء في قوله: ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ جوابه، و ﴿أَذْكُرْكُمْ﴾ جواب الشرط المقدر من الأمر في ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ وكذلك: إذا أتاك عبد الله فأتِه تُرضِه، (إذا) محمولة على معنى الشرط، والفاء جواب [[في نسخة (ش): (والفاء جوابها وترضه جواب الشرط مقدر من الإتيان ..) والمثبت من نسختي (أ)، (م).]] له، فلما جعل له جواب لشرط مقدر من الإتيان، قال: ولو اقتصر على قوله: ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ كان (كما) جوابًا له، فلما جُعِلَ له جوابٌ كان (كما) مذهوبًا به مذهب الشرط.
وهذا القول موافق لتفسير الآية؛ لأن الآية خطاب لمشركي العرب [[ينظر: "تفسيرالثعلبي" 1/ 1262.]]، خاطبهم الله تعالى بما دلّهم على إثبات رسالة محمد ﷺ فقال: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ﴾ محمدًا، وهو رجل منكم أمي، تعلمون أنه لم يتلُ كتابًا، فأنبأكم [[سقطت من (ش).]] بأخبار الأنبياء، أىِ: فكما أنعمت عليكم بإرساله ﴿فَاذْكُرُونِي﴾ بتوحيدي، وتصديقه ﴿أَذْكُرْكُمْ﴾ برحمتي ومغفرتي والثناء عليكم [[من كلام الزجاج 1/ 228، وينظر: "تفسير الطبري" 2/ 37، والثعلبي 1/ 1262 - 1265، والبغوي 1/ 167.]].
قال ابن عباس: قوله: ﴿وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ﴾ قال: هذا كله للمهاجرين والأنصار، فأوّل الآية الخطابُ عامٌّ؛ لأن الإرسال عام، وباقي الآية خاص؛ لأن تلاوته وتعليمه وتزكيته مما خص الله به أقوامًا دون [[سقط في نسختي: (أ)، (م). وأما في (ش) فبياض بمقدار كلمة ولعلها (أقوام).]].
ومعنى قوله: ﴿وَيُزَكِّيكُمْ﴾ أي: يعرضكم لما تكونون به أزكياء، من الأمر بطاعة الله، واتباع مرضاته [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 36 - 37.]]، ويحتمل أن يكون المعنى: ينسبكم إلى أنكم أزكياء بشهادته لكم؛ ليعرفكم الناس به، وقد ذكرنا معنى التزكية فيما تقدم [[ينظر ما تقدم في قوله: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: 129].]].
{"ayah":"كَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا فِیكُمۡ رَسُولࣰا مِّنكُمۡ یَتۡلُوا۟ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِنَا وَیُزَكِّیكُمۡ وَیُعَلِّمُكُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَیُعَلِّمُكُم مَّا لَمۡ تَكُونُوا۟ تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق