الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ في الضَّلَالَةِ﴾ قال ابن عباس: (قل لهم يا محمد من كان في العماية) [[ذكرته كتب التفسير نحوه بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" 16/ 119، "زاد المسير" 5/ 259.]]. يعني عن التوحيد ودين الله ﴿فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا﴾ قال أبو إسحاق: (فليمدد لفظ أمر في معنى الخبر، وتأويله إن الله جعل جزاء ضلالته أن يتركه، ويمده فيها إلا أن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر، كان لفظ الأمر يريد به المتكلم نفسه إلزامًا، كأنه يقول أفعل ذلك وآمر نفسي، فإذا قال قائل: من زارني فلأكرمه، فهو ألزم من قوله أكرمه، كأنه قال: من زارني فأنا آمر نفسي بإكرامه وألزمها ذلك) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 343.]]. وقال أبو علي: (هذا لفظه كلفظ أمثله الأمر ومعناه الخبر ألا ترى أنه لا وجه للأمر هاهنا، وأن المعنى مده الرحمن مدا) [["الحجة للقراء السبعة" 2/ 205.]]. وابن عباس فسره أيضًا بالخبر فقال: (يريد فإن الله يمد له فيها حتى يستدرجه) [[ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة. انظر: "الكشف والبيان" 3/ 12 أ، "المحرر الوجيز" 9/ 522، "معالم التنزيل" 5/ 253، "زاد المسير" 5/ 259، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 144، "روح المعاني" 16/ 127.]]. وقد تقدم القول في وضع بعض الأمثلة موضع البعض في آيات. ومعنى المد في الضلالة ذكرناه في قوله: ﴿وَيَمُدُّهُمْ في طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [البقرة: 15]. وقال صاحب النظم: (من شرط وللشرط جزاء واجتمع في قوله: ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ جزاء الشرط والفاء دليل عليه، وابتداء الأمر ولو تمحض جزاء لكان يمدد ولكنه دعاء عليهم بأن يمدهم الله في الضلالة والدعاء يكون بلفظ الأمر كأنه أمر النبي -ﷺ- أن يدعوا على من كان في الضلالة بهذا الدعاء، وهذا كما تقول في الكلام: من سرق مالي فليقطع الله يده، فهذا دعاء على السارق وهو جواب للشرط) [[ذكر نحوه القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 144.]]. هذا معنى كلامه. وعلى ما ذكر لا يكون ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ خبرًا كما قاله الزجاج، وأبو علي، وأكد ابن الأنباري هذا الوجه فقال: (اللام في ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ لام الدعاء وتقديرها في الآية: قل يا محمد من كان في الضلالة فاللهم مد له في العمر مدا) [[ذكر نحوه بلا نسبة في "الكشاف" 2/ 421، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 141، "البحر المحيط" 6/ 212.]]. وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا﴾ هو متصل بالمد؛ لأن المعنى مده الله في ضلالته حتى يرى ما يوعد من العذاب أو الساعة، وإنما قال ﴿رَأَوْا﴾ بعد قوله ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ لأن لفظ من يصلح للواحد والجمع، وإذا مع الماضي يكون بمعنى المستقبل، والمعنى: حتى يروا ما يوعدون. وقوله تعالى: ﴿إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ﴾ منصوبان على البدل من ﴿مَا يُوعَدُونَ﴾ [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 343، "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 326.]]. قال أبو إسحاق: (و ﴿الْعَذَابَ﴾ هاهنا ما وعدوا به من نصر المؤمنين عليهم، فإنهم يعذبونهم قتلاً، وأسرًا، و ﴿اَلسَّاعَةُ﴾ يعني بها يوم القيامة وما وعدوا فيها من الخلود في النار) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 343.]]. والمعنى: ﴿فَسَيَعْلَمُونَ﴾ بالنصر والقتل أيهم ﴿وَأَضْعَفُ جُنْدًا﴾ كما قاله الزجاج وأبو علي [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 343، "الحجة للقراء السبعة" 2/ 205.]]، أهم أم المؤمنون، ويعلمون بمكانهم من جهنم ومكان المؤمنين من الجنة ﴿مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ قال ابن عباس: (أراد الله هذا الرد عليهم في قولهم: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾) [[ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة. انظر: "معالم التنزيل" 5/ 203، "المحرر الوجيز" 9/ 524، "زاد المسير" 5/ 259 "الكشاف" 2/ 522، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 144.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب