الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ﴾ قال ابن عباس: (هذا من قول تمليخا، وهو رئيس أصحاب الكهف، قال لهم: وإذا اعتزلتموهم، أي: فارقتموهم وتنحيتم عنهم جانبًا، يعني عبدة الأصنام) [["زاد المسير" 5/ 116، و"البحر المحيط" 15/ 107.]]. ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ﴾ قال أبو إسحاق: (﴿مَا﴾ نصب، المعنى: واعتزلتم ما يعبدون إلا الله، فإنكم لن تتركوا عبادته) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 272.]]، وذلك أنهم كانوا يشركون بالله فقال: اعتزلتم الأصنام ولم تعتزلوا الله ولا عبادته، وهذا قول الفراء وهو: (أن ﴿مَا﴾ اسم وليس بنفي) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 136.]]. وروى عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾ قال: (يريد لم يعبد أصحاب الكهف إلا الله) [[ذكرت نحوه كتب التفسير بلا نسبة انظر: "المحرر الوجيز" 9/ 253، و"البحر المحيط" 6/ 106، و"روح المعاني" 15/ 220، و"فتح القدير" 3/ 273.]]. وهذا يحمل على أن الله أخبر عنهم أنهم لم يعبدوا غيره، وعلى هذا لا يكون هذا حكايته قولهم؛ والقول ما قاله الفراء، والزجاج، وأهل التفسير [["جامع البيان" 95/ 201، و"الكشاف" 2/ 382، و"زاد المسير" 5/ 116، و"معاني القرآن" للفراء 2/ 136، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 272.]]، يدل على صحته ما روي أنه في مصحف عبد الله: (وما يعبدون من دون الله) [["جامع البيان" 15/ 209، و"معالم التنزيل" 5/ 156، و"المحرر الوجيز" 9/ 253، و"زاد المسير" 5/ 81، و "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 367.]]. وهذا يقطع يكون "ما" اسماً. وقوله تعالى: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾ قال الفراء: (هذا جواب "إذ" كما تقول: إذ فعلت كذا فافعل كذا) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 136.]]، ومعناه: صيروا إليه واجعلوه مأواكم. ﴿يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ أي: يبسطها عليكم، ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ قال ابن عباس: (يسهل عليكم ما خوفكم من الملك وظلمه، ويأتيكم من الله اليسر والرفق واللطف) [["زاد المسير" 5/ 116، و"البحر المحيط" 6/ 107.]]. وقال الكلبي: (يعني غداء يأكلونه) [[لم أقف عيه.]]. ويقال: (مخرجا) [["جامع البيان" 15/ 209، و"بحر العلوم" 2/ 293.]]. وكل ما ارتفقت به فهو مِرْفَق، ويقال فيه أيضًا: مَرْفَق، ويقال فيه أيضًا: مَرْفِق بفتح الميم وكسر الفاء، كقراءة أهل المدينة [[قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: (مِرْفَقًا) بكسر الميم وفتح الفاء. وقرأ نافع، وابن عامر، والكسائي عن أبي بكر عن عاصم: (مَرْفِقَا) بفتح الميم وكسر الفاء. انظر: "الحجة للقراء السبعة" 5/ 130، و"السبعة" ص 388، و"الغاية" ص 305، و"التبصرة" ص 248، و"الكشف عن وجوه القراءات" 2/ 56، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 310.]]، وهما لغتان في مِرْفَق اليد، والأمر، والمتكأ، قال أبو عبيدة: (المَرْفَق: ما ارتفقت به، وبعضهم يقول: المَرْفِق، فأما ما في اليدين فهو مِرْفَق) [["مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 395]]. وقال الأخفش: (﴿مِرْفَقًا﴾ أي: شيئًا يَرْتَفقُون به، مثل المِقْطَعِ) [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 617.]]. ومن قرأ: مَرْفِقًا، جعله اسما مثل المسجد، ويكون لغة. قال أبو علي: (قوله: جعله اسما، أي: جعل المِرْفَقَ اسمًا ولم يجعله اسم المكان ولا المصدر من رَفَقَ يَرْفُقُ، كما أن المسجد ليس باسم الموضع من سَجَدَ يَسْجُدُ، وقوله: أو يكون لغة أي: لغة في اسم المصدر، كما جاء المَطْلِعُ ونحوه، ولو كان على القياس لفتحت اللام) [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 131.]]. قال الفراء: (وأكثر العرب على كسر الميم، من الأصل ومن مِرْفَق الإنسان، والعرب أيضًا تفتح الميم فيهما، فهما لغتان في هزا وفي هذا) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 136.]]. وكأن الذين فتحوا الميم أرادوا أن يفرقوا بين المَرْفَق من الإنسان، وقال يونس: (الذي أختار المَرْفَق في الأمر، والمِرْفَق في اليد) [["تهذيب اللغة" (رفق) 2/ 1444.]]. وقال الأصمعي: (لا أعرف إلا الكسر فيهما) [["معاني القرآن" للزحاج 3/ 272، و"إعراب القرآن" للنحاس 2/ 268.]]؛ يعني كسر الميم في الأمر واليد، وذكر قطرب اللغتين جميعًا فيهما [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 273.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب