الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هَذا [ قَوْلُ ] يَمْلِيخا، وهو رَئِيسُ أصْحابِ الكَهْفِ، قالَ لَهُمْ: وإذِ اعْتَزَلْتُمُوهم؛ أيْ: فارَقْتُمُوهُمْ، يُرِيدُ: عَبَدَةَ الأصْنامِ، " وما يَعْبُدُونَ إلّا اللَّهَ " فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: واعْتَزَلْتُمْ ما يَعْبُدُونَ إلّا اللَّهَ، فَإنَّ القَوْمَ كانُوا يَعْبُدُونَ اللَّهَ ويَعْبُدُونَ مَعَهُ آَلِهَةً، فاعْتَزَلَ الفِتْيَةُ عِبادَةَ الآَلِهَةِ ولَمْ يَعْتَزِلُوا عِبادَةَ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ عَطاءٍ الخُراسانِيِّ والفَرّاءِ.
والثّانِي: وما يَعْبُدُونَ غَيْرَ اللَّهِ، قالَ قَتادَةُ: هي في مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ: ( وما يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ )، وهَذا تَفْسِيرُها.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأْوُوا إلى الكَهْفِ﴾؛ أيِ: اجْعَلُوهُ مَأْواكُمْ، ﴿يَنْشُرْ لَكم رَبُّكم مِن رَحْمَتِهِ﴾؛ أيْ: يَبْسُطُ عَلَيْكم مِن رِزْقِهِ، ﴿وَيُهَيِّئْ لَكم مِن أمْرِكم مِرْفَقًا﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وعاصِمٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: ( مِرْفَقًا بِكَسْرِ المِيمِ وفَتْحِ الفاءِ. وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ: ( مَرْفِقًا بِفَتْحِ المِيمِ وكَسْرِ الفاءِ. قالَ الفَرّاءُ: أهْلُ الحِجازِ يَقُولُونَ: ( مَرْفِقًا ) بِفَتْحِ المِيمِ وكَسْرِ الفاءِ، في كُلِّ مَرْفِقٍ ارْتَفَقَتْ بِهِ، ويَكْسِرُونَ مِرْفَقَ الإنْسانِ، والعَرَبُ قَدْ يَكْسِرُونَ المِيمَ مِنهُما جَمِيعًا. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: مَعْنى الآَيَةِ: ويُهَيِّئْ لَكم بَدَلًا مِن أمْرِكُمُ الصَّعْبَ مِرْفَقًا، قالَ الشّاعِرُ:
؎ فَلَيْتَ لَنا مِن ماءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً مُبَرَّدَةً باتَتْ عَلى طَهَيانِ
(p-١١٧)
مَعْناهُ: فَلَيْتَ لَنا بَدَلًا مِن ماءِ زَمْزَمَ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُمْ﴾: يَسْهُلُ عَلَيْكم ما تَخافُونَ مِنَ المَلِكِ وظُلْمِهِ، ويَأْتِكم بِاليُسْرِ والرِّفْقِ واللُّطْفِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَتَرى الشَّمْسَ إذا طَلَعَتْ﴾ المَعْنى: لَوْ رَأيْتَها لَرَأيْتَ ما وصَفْنا. ﴿تَزاوَرُ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو: ( تَزّاوَرُ ) بِتَشْدِيدِ الزّايِ. وقَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: ( تَزاوَرُ ) خَفِيفَةً. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ: ( تَزْوَرُّ ) مِثْلُ: ( تَحْمَرُّ ) . وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وأبُو مِجْلَزٍ، وأبُو رَجاءٍ، والجَحْدَرِيُّ: ( تَزْوارُّ ) بِإسْكانِ الزّايِ وبِألِفٍ مَمْدُودَةٍ بَعْدَ الواوِ مِن غَيْرِ هَمْزَةٍ مُشَدَّدَةِ الرّاءِ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو المُتَوَكِّلِ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ: ( تَزْوَئِرُّ ) بِهَمْزَةٍ قَبْلَ الرّاءِ مِثْلُ: ( تَزْوَعِرُّ ) . وقَرَأ أبُو الجَوْزاءِ وأبُو السَّمّاكِ: ( تَزَوَّرُ ) بِفَتْحِ التّاءِ والزّايِ وتَشْدِيدِ الواوِ المَفْتُوحَةِ خَفِيفَةَ الرّاءِ، مِثْلُ: ( تُكَوَّرُ )؛ أيْ: تَمِيلُ وتَعْدِلُ. قالَ الزَّجّاجُ: أصْلُ " تَزاوَرُ ": تَتَزاوَرُ، فَأُدْغِمَتِ التّاءُ في الزّايِ. و﴿تَقْرِضُهُمْ﴾؛ أيْ: تَعْدِلُ عَنْهم وتَتْرُكُهُمْ، وقالَ ذُو الرُّمَّةِ:
؎ إلى ظَعْنٍ يُقْرِضْنَ أجْوازَ مُشْرِفٍ ∗∗∗ شَمالًا وعَنْ أيْمانِهِنَّ الفَوارِسُ
يُقْرِضْنَ: يَتْرُكْنَ، وأصْلُ القَرْضِ: القَطْعُ والتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الأشْياءِ، ومِنهُ قَوْلُكَ: أقْرِضْنِي دِرْهَمًا؛ أيِ: اقْطَعْ لِي مِن مالِكَ دِرْهَمًا. قالَ المُفَسِّرُونَ: كانَ كَهْفُهم بِإزاءِ بَناتِ نَعْشٍ في أرْضِ الرُّومِ، فَكانَتِ الشَّمْسُ تَمِيلُ عَنْهم طالِعَةً وغارِبَةً، لا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فَتُؤْذِيهِمْ بَحَرِّها وتُغَيِّرُ ألْوانَهُمْ، ثُمَّ أخْبَرَ أنَّهم كانُوا في مُتَّسَعٍ مِنَ الكَهْفِ يَنالُهم فِيهِ بَرْدُ الرِّيحِ ونَسِيمُ الهَواءِ، فَقالَ: ﴿وَهم في فَجْوَةٍ مِنهُ﴾ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: أيْ: [ في ] مُتَّسِعٍ، والجَمِيعُ: فَجَواتٌ وفِجاءٌ، بِكَسْرِ الفاءِ. وقالَ الزَّجّاجُ: إنَّما (p-١١٨)صَرَفَ الشَّمْسَ عَنْهم آَيَةً مِنَ الآَياتِ، ولَمْ يَرْضَ قَوْلُ مَن قالَ: كانَ كَهْفُهم بِإزاءِ بَناتِ نَعْشٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ مِن آياتِ اللَّهِ﴾ يُشِيرُ إلى ما صَنَعَهُ بِهِمْ مِنَ اللُّطْفِ في هِدايَتِهِمْ، وصَرْفِ أذى الشَّمْسِ عَنْهُمْ، والرُّعْبَ الَّذِي ألْقى عَلَيْهِمْ، حَتّى لَمْ يَقْدِرِ المَلِكُ الظّالِمُ ولا غَيْرُهُ عَلى أذاهم. ﴿مِن آياتِ اللَّهِ﴾؛ أيْ: مِن دَلائِلِهِ عَلى قُدْرَتِهِ ولُطْفِهِ. ﴿مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهو المُهْتَدِ﴾ هَذا بَيانٌ أنَّهُ هو الَّذِي تَوَلّى هِدايَةَ القَوْمِ، ولَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَهْتَدُوا.
{"ayahs_start":16,"ayahs":["وَإِذِ ٱعۡتَزَلۡتُمُوهُمۡ وَمَا یَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ فَأۡوُۥۤا۟ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ یَنشُرۡ لَكُمۡ رَبُّكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَیُهَیِّئۡ لَكُم مِّنۡ أَمۡرِكُم مِّرۡفَقࣰا","۞ وَتَرَى ٱلشَّمۡسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَ ٰوَرُ عَن كَهۡفِهِمۡ ذَاتَ ٱلۡیَمِینِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقۡرِضُهُمۡ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمۡ فِی فَجۡوَةࣲ مِّنۡهُۚ ذَ ٰلِكَ مِنۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِۗ مَن یَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ وَمَن یُضۡلِلۡ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ وَلِیࣰّا مُّرۡشِدࣰا"],"ayah":"وَإِذِ ٱعۡتَزَلۡتُمُوهُمۡ وَمَا یَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ فَأۡوُۥۤا۟ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ یَنشُرۡ لَكُمۡ رَبُّكُم مِّن رَّحۡمَتِهِۦ وَیُهَیِّئۡ لَكُم مِّنۡ أَمۡرِكُم مِّرۡفَقࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











