الباحث القرآني

ولَمّا اسْتَدَلُّوا عَلى مُعْتَقَدِهِمْ، وعَلِمُوا سَفَهَ مَن خالَفَهُمْ، وهم قَوْمٌ لا يَدانِ لَهم بِمُقاوَمَتِهِمْ، لِكَثْرَتِهِمْ وقِلَّتِهِمْ، تَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ هِجْرَتُهم لِيَسْلَمَ لَهم دِينُهُمْ، فَقالَ تَعالى شارِحًا لِما بَقِيَ مِن أمْرِهِمْ، عاطِفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: وقالُوا أوْ مَن شاءَ اللَّهُ مِنهم حِينَ خَلَصُوا مِن قَوْمِهِمْ نَجِيًّا: لا تَرْجِعُوا إلى قَوْمِكم أبَدًا ما دامُوا عَلى ما هم عَلَيْهِ، هَذا إنْ كانَ المُرادُ قِيامَهم [بَيْنَ يَدَيْ دَقْيانُوسَ، وإنْ كانَ المُرادُ مِنَ القِيامِ-] الِانْبِعاثَ بِالعَزْمِ الصّادِقِ لَمْ يُحْتَجْ إلى هَذا التَّقْدِيرِ: ﴿وإذِ﴾ أيْ حِينَ ﴿اعْتَزَلْتُمُوهُمْ﴾ (p-٢٤)أيْ قَوْمَكم ﴿وما﴾ أيْ واعْتَزَلْتُمْ ما ﴿يَعْبُدُونَ إلا اللَّهَ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ صِفاتُ الكَمالِ، وهَذا دَلِيلٌ عَلى أنَّهم كانُوا يُشْرِكُونَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونُوا سَمَّوْا الِانْقِيادَ كَرْهًا لِمَشِيئَتِهِ والخُضُوعَ بِزَعْمِهِمْ لِأقْضِيَتِهِ عِبادَةً ﴿فَأْوُوا﴾ أيْ بِسَبَبِ هَذا الِاعْتِزالِ، وهَذا دَلِيلُ العامِلِ في ”إذْ“ ﴿إلى الكَهْفِ﴾ أيِ الغارِ الَّذِي في الجَبَلِ ﴿يَنْشُرْ﴾ أيْ يُحْيِي ويَبْعَثْ ﴿لَكم رَبُّكُمْ﴾ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُحْسِنُ إلَيْكم ﴿مِن رَحْمَتِهِ﴾ ما يَكْفِيكم بِهِ مِنَ المُهِمِّ مِن أمْرِكم ﴿ويُهَيِّئْ لَكم مِن أمْرِكُمْ﴾ الَّذِي مِن شَأْنِهِ أنْ يُهِمَّكم ﴿مِرْفَقًا﴾ تَرْتَفِقُونَ بِهِ، وهو بِكَسْرِ المِيمِ وفَتْحِ الفاءِ في قِراءَةِ الجَماعَةِ، وبِفَتْحِها وكَسْرِ الفاءِ لِلنّافِعِ وابْنِ عامِرٍ، وهَذا الجَزْمُ مِن آثارِ الرَّبْطِ عَلى قُلُوبِهِمْ بِما عَلِمُوا مِن قُدْرَتِهِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ، وحِمايَتِهِ مَن لاذَ بِهِ ولَجَأ إلَيْهِ وعَبَدَهُ وتَوَكَّلَ عَلَيْهِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَفَعَلَ اللَّهُ ما رَجَوْهُ فِيهِ، فَجَعَلَ لَهم أحْسَنَ مِرْفَقٍ بِأنْ أنامَهم ثُمَّ أقامَهم بَعْدَ [مُضِيِّ-] قُرُونٍ ومُرُورِ دُهُورٍ، وهَدى بِهِمْ ذَلِكَ الجِيلَ الَّذِي أقامَهم فِيهِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب