الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ﴾ قال الفراء: اسْتَخِف [["معاني القرآن" للفراء 2/ 127، بلفظه.]]. وقال أبو إسحاق: معناه: استدعه استدعاءً تستخفه به إلى جانبك [["معاني القرآن وإعرإبه" 3/ 250 بنصه تقريبًا، وقد نقله من "تهذيب اللغة" (فز) 3/ 2785 لوروده بنصه.]]، ويقال له: فَزَّه [[في (أ)، (د): (أفزوه)، والمثبت من (ش)، (ع) هو الصواب.]] الخوف واستفزه، أي أزعجه واستخفه، قال أبو ذؤيب: شَبَبٌ أفزَّتْهُ الكلابُ مُرَوَّعُ [[صدره: والدّهرُ لا يبقى على حَدَثَانِهِ "ديوان الهذليين" ص 10، وورد في "الصحاح" (فز) 3/ 890، و"اللسان" (فزز) 6/ 3409، و"التاج" (فزز) 8/ 123، وورد بلا نسبة في "تهذيب اللغة" (فز) 3/ 2785، و"المخصص" 8/ 33، (الشَّبب): الثور المسنّ، (أفزّته): استخفته وطردته.]] ومعنى صيغة الأمر هاهنا: التهدد، كما يقال للإنسان: اجتهد جهدك فسترى ما ينزل بك [[ورد في "تفسير الطوسي" 6/ 499، بنصه تقريبًا.]]. وقال الزجاج: الأمر إذا تقدمه نهي عما يؤمر به، كان المعنى في الأمر: الوعيد؛ لأنك قد تقول: لا تدخل هذه الدار، فإذا حاول أن يدخلها قلت: ادخلها، فَلَسْتَ تأمره بدخلولها، ولكنك تُوعِده، وهذا في الاستعمال كثير، ومثله: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ [فصلت: 40]، وقد نهوا أن يتبعوا أهواءهم [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 251، بتصرف يسير.]]. ومعنى الآية: يقول: ازعج واستخفف من استطعت من بني آدم. ﴿بِصَوْتِكَ﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: صوته كلّ داعٍ دعا [[انقلب الكلام في جميع النسخ كالتالي: صوته دعا كل داعٍ إلى. والتصويب من "تفسير الطبري" و"الدر المنثور".]] إلى معصية الله تعالى [[أخرجه "الطبري" 15/ 118 بنصه، وورد بنحوه في "تفسير الجصاص" 3/ 205، و"الثعلبي" 7/ 113 ب، و"الطوسي" 6/ 499، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 348 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.]]، وقال عطاء عنه: كل متكلم في غير ذات الله فهو صوت الشيطان [[ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 2/ 518، بنصه.]] وقال مجاهد: هو الغناء والمزامير [[أخرجه "الطبري" 15/ 118، بنحوه من طريقين، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 172، بنصه، و"تفسير الجصاص" 3/ 205، بنحوه، و"الثعلبي" 7/ 113 ب، بنصه، و"الماوردي" 3/ 255، بنحوه، و"الطوسي" 6/ 499، بنحوه.]]، وهو قول عكرمة [[لم أقف عليه.]]. وقوله تعالى: ﴿وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ﴾ قال الفراء في كتاب المصادر، يقال: أجلب إجلابًا، والجلَبة: الصوت، وربما قالوا: الجَلَبُ، كما قالوا: الغَلَبَةُ والغَلَبُ، والشَّفَقَةُ والشَّفَقُ [[لم أقف عليه، وورد بنحوه في "تفسير الطبري" 15/ 118، انظر: "تفسير الفخر الرازي" 6/ 21.]]. وقال الليث: أجْلَبُوا وجَلَّبوا من الصّياح [[ورد في "تهذيب اللغة" (جلب) 1/ 626 بنصه.]]، ونحوه قال أبو عبيدة [[ليس في "مجاز القرآن".]]. وقال أبو إسحاق في (فعل وأفعل): وأجلب على العدو إجلابًا إذا جمع عليه الخيول [["فعلت وأفعلت" ص 21، بنصه تقريبًا.]]. وقال ابن السكيت: يقال: هم يُحْلِبون عليه، وُيجْلِبون عليه بمعنى؛ أي يُعينون عليه [[و (¬9) ورد في " تهذيب اللغة" (جلب) 11/ 90 بنصه.]]. وروى ثعلب عن ابن الأعرابي: أجْلَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ، إذا تَوَعَّدَه الشر وجَمَعَ عليه الجمع، بالجيم (¬9)، هذا قول أهل اللغة في معنى الإجلاب، ومعنى الآية على قول الفراء وأبي عبيدة: (صِح عليهم بخيلك ورجلك) [[تكررت العبارة ما بين القوسين في (أ)، (د)، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 105.]]، وأخْبِثهم [[يقال: أخبث فهو مُخبث؛ إذا صار ذا خُبثٍ وشرّ. "تهذيب اللغة" (خبث) 1/ 973.]] عليهم بالإغواء، وعلى قول أبي إسحاق، معناه. ما ذُكِر؛ أي اجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكائدك [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 250، بنصه.]]، وتكون الباء في: ﴿بِخَيْلِكَ﴾ زائدة في هذا القول، وعلى قول ابن السكيت، معنى الآية: أعن عليهم بخيلك ورجلك؛ أي أعن نفسك عليهم بخيلك، ومفعول الإجلاب على هذا القول محذوف؛ كأنه يستعين على إغوائهم بخيله ورجله، وهذا معنى قول مقاتل في هذه الآية [["تفسير مقاتل" 1/ 217 أ، بنحوه.]]. واختلفوا في تفسير الخيل والرجل، فروى أبو الضحى عن ابن عباس قال: كل راكب أو راجل في معصية الله فهو من خيل إبليس وجنوده [[أخرجه "الطبري" 15/ 118، بنحوه من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة)، وورد بنحوه في "معانى القرآن" للنحاس 14/ 73، و"تفسير الجصاص" 3/ 250، و"الثعلبي" 7/ 113 ب، و"الطوسي" 6/ 499.]]، ونحو هذا القول روى مجاهد عنه، والوالبي وعطاء [[لم أقف عليه.]]، وروى ليث عن مجاهد قال: خيله: من استخف منهم معه على الخيل في المعاصي، ورجله: من استخف منهم معه على رجليه في المعاصي [[أخرجه "الطبرى" 8/ 108، بخحوه.]]. وقال الفراء: يعني خيل المشركين ورجالهم [["معاني القرآن" للفراء 2/ 127، بنصه.]]، ويدخل في هذا كل راكب وماش في معصية الله، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى: ﴿وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ﴾ [الشعراء: 95] والجند يَعُمُّ الفارسَ والراجلَ، هذا قول جماعة أهل التفسير وعامتهم، ومن أهل التأويل من يقول: يجوز أن يكون هذا مَثَلاً؛ كما تقول للرجل المجدّ في الأمر: جئت بِخيلك ورجْلك [[ورد في "الحجة للقراء" 5/ 111، بنصه.]]، والرَّجْلُ جمع رَاجِل، كما قالوا: تَاجرٌ وتَجْرٌ، وصاحِبٌ وصَحْبٌ، وراكبٌ ورَكْبٌ [[ورد في "تفسير الطبري" 5/ 119، بنحوه، و"الحجة للقراء" 5/ 110، بنصه.]]، ومضى الكلام في هذا عند قوله: ﴿فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: 239] وروى حفص عن عاصم ﴿وَرَجِلِك﴾ مكسورة الجيم [[انظر: "السبعة" ص 382، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 1/ 377، و"علل القراءات" 1/ 324، و"الحجة للقراء" 5/ 109، و"المبسوط في القراءات" ص 229، وقرأ أبو بكر عن عاصم والباقون ساكنة الجيم.]]، قال أبو زيد: يقال: رَجْلٌ ورَجِلٌ بمعنى واحد، ومثله: حَذْرٌ وحَذِرٌ، ونَدْسٌ ونَدِسٌ [[النَّدُس: الصوت الخفي، ورجل نَدْسٌ ونَدُسٌ وندسٌ أي فَهِمٌ سريع السمع فَطِن، وقال يعقوب: هو العالم بالأمور والأخبار. وقال الليث: السريع الاستماع للصوت الخفي."اللسان" (ندس) 7/ 4383.]]، وأنشد [[البيت لحيي بن وائل.]]: أما أُقَاتِلُ عن دِيني على فَرسٍ ... ولا كذا رَجُلًا إلا بأصْحَابِ [[ورد في "النوادر" ص 148؛ و"اللسان" (رجل) 3/ 1597، وورد بلا نسبة في "الحجة للقراء" 5/ 110، و"شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي 1/ 464 ، و"تفسير ابن عطية" 9/ 137، و"شرح المفضل" 5/ 133 ، وفي النوادر، قال أبو حاتم: وقوله رجُلاً: معناه رَاجلاً، كما تقول العرب: جاءنا فلان حافيًا، ورَجُلاً أي راجلاً]] كأنه قال: أمَا أقاتل فارسًا ورَاجِلًا [["النوادر" ص 148. ذكر البيت والتعليق، وورد في "الحجة للقراء" 5/ 110، بنحوه، والظاهر أنه نقله من الحجة.]]، وعلى هذه القراءة: ﴿وَرَجِلِكَ﴾ واحدٌ يعني به الكثرة، وقال ابن الأنباري: أخبرنا ثعلب عن سلمة عن الفراء قال: يقال هو رَاجِلٌ ورَجِلٌ ورَجْلٌ ورَجْلان بمعنى [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 21/ 6، وفي "اللسان" (رجل) 3/ 1597 رَجلَ الرَّجُلُ رَجَلاً، فهو راجل ورَجُلٌ ورَجِلٌ ورَجِيلٌ ورَجْلٌ ورَجْلان.]] ، وأنشد [[البيت لمجنون بني عامر، وهو قيس بن الملّوح (ت 68 هـ).]]: عَلَيَّ إذا أبْصَرتُ ليلى بخَلْوَةٍ. . . أن ازدار بيتَ اللهِ رَجْلانَ حافياً [[ورد في "ديوانه" ص 301، 306. بروايتين: الأولى: حلفت لئن لاقيت ليلى بخلوة ... أطوف ببيت الله رَجْلاَنَ حافيا والثانية: عليّ لئن لاقيتُ ليلى بخلوة ... زيارةُ بيت الله رَجْلان حافيا وورد بلا نسبة في "اللسان" (رجل) 3/ 1597، و"مغني اللبيب" ص 601، و"شرح التصريح" 1/ 385، و"شرح شواهد المغني" 2/ 859، و"شرح الأشموني" 2/ 312، وفي بعض الروايات: لاقيت، وزُرتُ وجئتُ بدل أبصرت، وبخُفْيةٍ بدل بخلوة.]] وقوله تعالى: ﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾ اختلفت الروايات في تفسير مشاركة الشيطان بني آدم في الأموال والأولاد عن ابن عباس؛ فقال في رواية الوالبي: ﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ﴾ وهو كل مال أصيب من حرام أو أنفق في حرام، ﴿وَالْأَوْلَادِ﴾ ما قَتَلوا منهم وأتوا فيهم الحرام [[أخرجه "الطبري" 15/ 121 من طريق ابن أبي طلحة صحيحة ولفظه: ماقتلوا من أولادهم وأتوا فيهم الحرام، ومن الطريق نفسها في رواية أخرى 15/ 119. قال: == كل مال في معصية الله، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 113 ب وفيه ذكر الأموال فقط، وفي رواية أخرى ذكر الأولاد فقط، فلعل الواحدي -رحمه الله- جمع الروايتين في سياق واحد.]]، ونحو هذا روى عنه مجاهد؛ فقال: كل مال أُخذ بغير حقه، وكل ولد زنا [[ورد عن مجاهد في "تفسيره" 1/ 366 قال: شركته في الأموال: الحرام، وفي الأولاد: الزنا، وأخرج الطبري 15/ 120 من عدة طرق عن مجاهد قال: أولاد الزنا.]]، وهو معنى ما روى عنه عطاء، ويدخل في هذا: الزنا والغصوب والمعاملات الفاسدة والربا وقتل الأولاد والوأد، وروى عنه عكرمة في مشاركته في المال: بتبتكهم آذان الأنعام [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 6/ 21، بنصه.]]. وقال في رواية العوفي: هو ما كانوا يحرمونه من الأنعام [[أخرجه "الطبري" 15/ 120 بنصه (ضعيفة)، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 113 ب- بمعناه، و"الماوردي" 3/ 255، بمعناه، انظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 58.]]، وهو قول قتادة قال: أما في الأموال: فأمرهم أن يجعلوا بحيرة وسائبة، وأما في أولادهم: فإنهم هودوهم ونصّروهم ومجّسوهم [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 381، بنحوه، وأخرجه "الطبري" 15/ 121 في روايتين، ذكر في إحداهما الأموال 15/ 121، وفي الثانية الأولاد، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 113 ب. دون ذكر الأولاد.]]. وقال في رواية أبي صالح: مشاركته إياهم في الأولاد: تسميتهم أولادهم [عبد] [[إضافة يقتضيها السياق.]] الحارث وعبد شمس وعبد فلان [[أخرجه "الطبري" 15/ 121 بنصه (ضعيفة)، وورد في "تفسير الجصاص" 3/ 205، بضه، و"تفسير الثعلبي" 7/ 113 ب، بنصه، و"الماوردي" 3/ 256، بنحوه، و"الطوسي" 6/ 499، بنحوه، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 348 وزاد نسبته إلى ابن مردويه.]]. قال أبو إسحاق: أي أمرهم بأن يجعلوا من أموالهم شيئًا لغير الله، كما قال الله: ﴿فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا﴾ [الأنعام: 136] ، والشركة في الأولاد: قولهم: عبد العزى وعبد الحارث [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 250، بتصرف يسير.]]. وقوله تعالى: ﴿وَعِدْهُمْ﴾ قال الفراء: أي قل لا جنة ولا نار [["معاني القرآن" للفراء 2/ 127، بنصه.]]، قال الزجاج: ﴿وَعِدْهُمْ﴾: بأنهم لا يبعثون [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 250، بنصه.]]، ثم قال الله: ﴿وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب