الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ﴾ قال ابن عباس وقتادة والمفسرون: "سأل أهل مكة النبيّ -ﷺ- أن يجعل لهم الصفا ذهبًا وأن يُنَحِّي الجبال عنهم فيزْدرعوا [[يقال: ازْدرع إذا زرع أو أمر به لنفسه خُصوصًا. "المحيط في اللغة" (زرع) 1/ 383.]] فأتاه جبريل فقال: إن شئت كان ما سأل قومك، ولكنهم إن لم يؤمنوا لم يناظروا، وإن شئت استأنيت بهم، قال: لا بل أستأن بهم، فأنزل الله هذه الآية" [[أخرجه -بنحوه عن ابن عباس من طريق ابن جبير (جيدة) - أحمد 1/ 258، والبزار [كشف الأستار] (3/ 55، والنسائي في تفسيره 1/ 655، و"الطبري" 15/ 108، والحاكم: التفسير/الإسراء 2/ 362 وقال: صحيح الإسناد وأقره الذهبي، والبيهقي في "الدلائل" 2/ 271 بعدة روايات، وأخرجه "الطبري" 15/ 108، بنحوه عن قتادة، وأخرجه المؤلف في "أسباب النزول" 295، وأورده ابن كثير في "البداية والنهاية" 3/ 52 - بروايتين عن ابن عباس وقال: وهذان إسنادان جيدان،== وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/ 50، عن ابن عباس بروايتين وقال: ورجال الروايتين رجال الصحيح، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 343 وزاد نسبته إلى ابن المنذر والطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس، وقال شاكر في "شرح المسند" 2/ 96. إسناده صحيح، وورد بنحوه في "تفسير السمرقندي" 2/ 274، عن ابن عباس، و"هود الهواري" 2/ 427، و"الثعلبي" 7/ 111 ب، انظر: "لباب النقول" ص 137.]]. قال أبو إسحاق: (أن) الأولى نصب والثانية رفع، المعنى: ما منعنا الإرسالَ إلا تكذيبُ الأولين، والتأويل: أنهم سألوا الآيات التي استوجب بها الأولون العذاب لما كذبوا بها [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 247 بنصه.]]، وحقيقة المعنى: إنّا لم نرسل بالآيات؛ لئلا يكذب بها هؤلاء كما كذب مَنْ قبلهم، فيستحقوا المعاجلة بالعقوبة. فإن قيل: ما معنى قوله: ﴿وَمَا مَنَعَنَا﴾ والله تعالى لا يجوز أن يكون ممنوعًا عن شيء؟! قلنا: معناه هاهنا المبالغة في أنه لا يفعل ذلك، فكأنه قد مُنع منه؛ وذلك أن الإرادة الأزلية قد سبقت بتدبير الأمور وإمضائها؛ لا يؤخرُ منها مَقَدّم ولا يُقَدمُ مؤخّر، فإذا منعت الإرادة والمشيئة أمرًا جاز إطلاق لفظ المنع على الوجه الذي ذكرنا، والباء في قوله: ﴿بِالْآيَاتِ﴾ زيادة [[يقصد زيادة للتأكيد، انظر التعليق على اتاقول بالزيادة في القرآن، عند آية [10] من سورة إبراهيم.]]، والمعنى: أن نرسل الآيات، والآية مختصرة؛ لأن التقدير: ﴿إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ﴾ فأهلكناهم، قال المفسرون: وسنة الله في الأمم إذا سألوا الآيات فأتتهم ثم لم يؤمنوا أن يعذبهم ولا يمهلهم [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 111 ب بنصه تقريبًا، انظر: "تفسير الخازن" 3/ 169.]]. وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً﴾ قال ابن عباس: يريد كانت لهم عيانًا، وقال قتادة؛: بينة [[أخرجه "الطبري" 15/ 108 بلفظه، انظر: "تفسير الخازن" 3/ 169 بلا نسبة.]]، وقال مجاهد: آية مبصرة [["تفسير مجاهد" 1/ 364 بلفظه، أخرجه "الطبري" 15/ 109 بلفظه من طريقين، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 167 بلفظه، و"تفسير هود الهواري" 2/ 427 بلفظه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 325 وزاد نسبته إلى ابن المنذر.]]. قال الأخفش: المُبْصِرةُ: البَيِّنَة، كما تقول: المُوضِحَة والمُبَيِّنَة [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 614 بنصه.]]، فعلى هذا أبصر واقع بمعنى بصر [[ساقطة من (أ)، (د).]]. وقال الفراء: جعل الفعل لها، ومعنى ﴿مُبْصِرَةً﴾: مضيئة، كما قال تعالى: ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾ [يونس: 67]، أي: مضيئًا [["معاني القرآن" للفراء 2/ 126، باختصار.]]. قال الأزهري: والقول ما قال الفراء؛ أراد: آتينا ثمود الناقة آية مبصرة، أي مضيئة [["تهذيب اللغة" (بصر) 1/ 342، بلفظه.]]، وقد ذكرنا هذا في سورة يونس [[آية [67].]] وفي هذه السورة عند قوله: ﴿آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ [آية: 12]. وقوله تعالى: ﴿ظَلَمُوا بِهَا﴾ قال الزجاج: أي فظلموا بتكذيبها [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 247 بنصه.]]، وعلى هذا المعنى: ظلموا أنفسهم بتكذيب تلك الآية، ويكون المضاف محذوفًا، وقال المفسرون: كذبوا وجحدوا بها [[ورد بنحوه في "تفسير مقاتل" 1/ 217 أ، و"السمرقندي" 2/ 274، و"الثعلبي" 7/ 111 ب.]]. قال ابن قتيبة: ويكون الظلم: الجَحْد؛ كقوله: ﴿فَظَلَمُوا بِهَا﴾، أي: جحدوا بأنها من الله، وكقوله: ﴿بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ﴾ [الأعراف: 9] ، أي: يجحدون [["تأويل مشكل القرآن" ص 468، بنصه]]، وذكرنا معاني الظلم في سورة البقرة [[آية [35].]]. وقوله تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ﴾، أي: العبر والدلالات، ﴿إِلَّا تَخْوِيفًا﴾: للعباد؛ ليتعظوا ويخافوا، قال قتادة: إن الله يخوف الناس بما يشاء من آياته، لعلهم يعتبرون [[في جميع النسخ: يعينون، وفي "الدر المنثور" والألوسي: (يعتبون)، والتصويب من تفسير الطبري والثعلبي، ويحتمل الرسم أنها يفيئون؛ والله أعلم.]] أو يتذكرون أو يرجعون [[أخرجه "الطبري" 15/ 109 بنصه، وورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 112 أبنصه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 102، و"ابن كثير" 3/ 55، و"الدر المنثور" 4/ 345، و"تفسير الألوسي" 15/ 104.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب