الباحث القرآني
﴿وَمَا مَنَعَنَاۤ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡـَٔایَـٰتِ إِلَّاۤ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَۚ وَءَاتَیۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةࣰ فَظَلَمُوا۟ بِهَاۚ وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡـَٔایَـٰتِ إِلَّا تَخۡوِیفࣰا ٥٩﴾ - نزول الآية
٤٣٣٥٥- عن أم عطاء مولاة الزبير بن العوام، قالت: سمعت الزبير يقول: لَمّا نزلت: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ [الشعراء:٢١٤] صاح رسول الله ﷺ على أبي قبيس: «يا آل عبد مناف، إني نذير». فجاءته قريش، فحذَّرهم، وأنذرهم، فقالوا: تزعم أنك نبي يوحى إليك، وأنّ سليمان سُخِّر له الريح والجبال، وأن موسى سُخِّر له البحر، وأن عيسى كان يحيي الموتى، فادع الله أن يُسَيِّر عنا هذه الجبال، ويفجر لنا الأرض أنهارًا، فنتخذها محارث، فنزرع، ونأكل، وإلا فادع الله أن يحيي لنا موتانا، فنكلمهم ويكلمونا، وإلا فادع الله أن يُصَيِّر لنا هذه الصخرة التي تحتك ذهبًا، فننحت منها، وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف، فإنك تزعم أنك كهيئتهم! قال: فبينا نحن حوله إذ نزل عليه الوحي، فلما سري عنه قال: «والذي نفسي بيده، لقد أعطاني ما سألتم، ولو شئت لكان، ولكنه خيَّرني بين أن تدخلوا باب الرحمة، فيؤمن مؤمنكم، وبين أن يكِلَكم إلى ما اخترتم لأنفسكم، فتضلوا عن باب الرحمة، فلا يؤمن منكم أحد، فاخترت باب الرحمة، فيؤمن مؤمنكم. وأخبرني أنه إن أعطاكم ذلك ثم كفرتم أنه يعذبكم عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين». ونزلت: ﴿وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون﴾ وحتى قرأ ثلاث آيات، ونزلت: ﴿ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى﴾ [الرعد:٣١][[أخرجه أبو يعلى في مسنده ٢/٤٠ (٦٧٩)، وابن مردويه -كما في تخريج أحاديث الكشاف ٢/١٩٠-١٩١-. قال الهيثمي في المجمع ٧/٨٥ (١١٢٤٥): «رواه أبو يعلى من طريق عبد الجبار بن عمر الأيلي عن عبد الله بن عطاء بن إبراهيم، وكلاهما وثق، وقد ضعفهما الجمهور». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة ٧/١١٥-١١٦ (٦٤٨٩): «هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة بعض رواته».]]. (ز)
٤٣٣٥٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: سأل أهلُ مكة النَّبِيَّ ﷺ أن يجعلَ لهم الصَّفا ذهبًا، وأن يُنحِّي عنهم الجبالَ فيَزْرعُوا، فقيل له: إن شئتَ أن تَسْتأْنِيَ بهم، وإن شئتَ أن نُؤْتيَهم الذي سألوا، فإن كفَروا أُهْلكوا كما أُهْلكت من قبلَهم من الأمم. قال: «لا، بل أستأْني بهم». فأنزل اللهُ: ﴿وما مَنَعَنا أن نُرسِلَ بالآياتِ إلّا أن كذَّب بها الأَوَّلُونَ﴾[[أخرجه أحمد ٤/١٧٣ (٢٣٣٣)، والحاكم ٢/٣٩٤ (٣٣٧٩)، وابن جرير ١٤/٦٣٥. وأورده الثعلبي ٦/١٠٨. قال البزار في مسنده ١١/٢٥٢ (٥٠٣٧): «وهذا الحديث لم نسمعه إلا من أبي هشام، حديث طلحة القناد عن جعفر». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». كما أخرجه أحمد ٤/٦٠ (٢١٦٦)، ويحيى بن سلام في تفسيره ١/١٤٤، من طريق عمران أبي الحكم السلمي، دون ذكر الآية. قال ابن كثير في البداية ٤/١٣١: «وهذان إسنادان جيدان، وقد جاء مرسلًا عن جماعة من التابعين؛ منهم سعيد بن جبير، وقتادة، وابن جريج، وغير واحد». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٥٠ (١١١٢٩): «رجاله رجال الصحيح، إلا أنه وقع في أحد طرقه عمران بن الحكم، وهو وهم، وفي بعضها عمران أبو الحكم، وهو ابن الحارث، وهو الصحيح، وهو من رجال الصحيح، ورواه البزار بنحوه». وقال الألباني في الصحيحة ٧/١١٦٠: «ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ فهو على شرطهما».]]. (٩/٣٨٥-٣٨٦)
٤٣٣٥٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: قال أهلُ مكة لنبيِّ اللهِ ﷺ: إن كان ما تقولُ حقًّا، ويَسُرُّك أن نؤمن؛ فحوِّل لنا الصَّفا ذهبًا. فاتاه جبريلُ، فقال: إن شئت كان الذي سألك قومك، ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم يُناظروا، وإن شئت استأنيت بقومك. قال: «بل أسْتأني بقومي». فأنزل الله: ﴿وما منعنا أن نُرسل بالآيات إلّا أن كذب بِها الأوَّلون﴾ الآية. وأنزل الله: ﴿ما ءامنت قَبلَهم من قريةٍ أهلكنها أفهُم يُؤمنون﴾ [الأنبياء:٦][[أخرجه يحيى بن سلام ١/١٤٤، وابن جرير ١٤/٦٣٦.]]. (٩/٣٨٧)
٤٣٣٥٨- قال مقاتل بن سليمان، في قوله: ﴿وما منعنا أن نُرسل بالآيات﴾: وذلك أن عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، والحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميين سألا النبي ﷺ أن يريهم الله الآيات كما فعل بالقرون الأولى، وسؤالهما النبي ﷺ أنهما قالا في هذه السورة: ﴿وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا﴾ إلى آخر الآيات. فأنزل الله ﷿: ﴿وما منعنا أن نُرسل بالآياتِ﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٣٧-٥٣٨.]]. (ز)
﴿وَمَا مَنَعَنَاۤ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡـَٔایَـٰتِ إِلَّاۤ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَۚ﴾ - تفسير
٤٣٣٥٩- عن مجاهد بن جبر، في الآية، قال: لم تُؤْتَ قريةٌ بآيةٍ فكذَّبوا بها إلا عُذِّبوا[[عزاه السيوطي إلى ابن جرير، وابن المنذر. وعند ابن جرير عن ابن جريج كما سيأتي.]]. (٩/٣٨٧)
٤٣٣٦٠- عن الحسن البصري -من طريق مالك بن دينار- في قوله: ﴿وما مَنَعنا أن نرسل بالأيات إلا أن كَذَّب بها الأَوَّلُون﴾، قال: رحمةً لكم، أيَّتها الأمةُ؛ إنّا لو أرْسلنا بالآيات فكَذَّبتم بها أصابكم ما أصاب مَن قبلكم[[أخرجه ابن جرير ١٤/٦٣٦.]]. (٩/٣٨٧)
٤٣٣٦١- عن عبد الملك ابن جريج -من طريق حجاج-: أنهم سألوا أن يُحوِّلَ الصفا ذهبًا، قال الله: ﴿وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون﴾. قال: لم يأت قريةً بآية فيكذبوا بها إلا عُذِّبوا، فلو جعلت لهم الصفا ذهبًا ثم لم يؤمنوا عُذِّبوا[[أخرجه ابن جرير ١٤/٦٣٧.]]. (ز)
٤٣٣٦٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وما منعنا أن نُرسل بالآيات﴾ مع محمد ﷺ، ﴿وما منعنا أن نُرسل بالآياتِ﴾ إلى قومك كما سألوا ﴿إلا أن كذب بها الأولون﴾ يعني: الأمم الخالية، فعذبتهم، ولو جئتهم بآية فردوها وكذبوا بها أهلكناهم، كما فعلنا بالقرون الأولى، فلذلك أخَّرْنا الآيات عنهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٣٧-٥٣٨.]]. (ز)
٤٣٣٦٣- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون﴾ أنّ القوم كانوا إذا سألوا نبيَّهم الآية فجاءتهم الآيةُ لم يؤمنوا فيهلكهم الله، وهو قوله: ﴿بل قالوا﴾، يعني: مشركي العرب للنبي ﷺ ...: ﴿فليأتنا بآية كما أرسل الأولون﴾، قال الله: ﴿ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون﴾ [الأنبياء:٥-٦] أي: لا يؤمنون لو جاءتهم آية. وقد أخَّر الله عذاب كفار آخر هذه الأمة بالاستئصال إلى النفخة الأولى. قال: ﴿وما منعنا أن نرسل بالآيات﴾ إلى قومك، يا محمد، وذلك أنهم سألوا الآيات. قال: ﴿إلا أن كذب بها الأولون﴾، وكُنّا إذا أرسلنا إلى قوم بآية فلم يؤمنوا أهلكناهم، فلذلك لم نُرسل إليهم بالآيات؛ لأن آخر كُفّار هذه الأمة أُخِّروا إلى النفخة[[تفسير يحيى بن سلام ١/١٤٤.]]. (ز)
﴿وَمَا مَنَعَنَاۤ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡـَٔایَـٰتِ إِلَّاۤ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَۚ﴾ - آيات متعلقة بالآية
٤٣٣٦٤- عن سعيد بن جبير -من طريق أيوب- قال: قال المشركون لمحمد ﷺ: يا محمد، إنّك تزعم أنّه كان قبلك أنبياء؛ فمنهم مَن سُخِّرت له الريح، ومنهم مَن كان يحيي الموتى، فإن سرَّك أن نؤمن بك ونُصَدِّقك، فادع ربك أن يكون لنا الصفا ذهبًا. فأوحى الله إليه: إني قد سمعت الذي قالوا، فإن شئت أن نفعل الذي قالوا، فإن لم يؤمنوا نزل العذاب، فإنه ليس بعد نزول الآية مناظرة، وإن شئت أن تستأني قومك استأنيت بهم. قال: «يا ربِّ، أستأني»[[أخرجه ابن جرير ١٤/٦٣٦.]]. (ز)
٤٣٣٦٥- عن الربيع بن أنسٍ -من طريق عيسى بن عبد الله التميمي- قال: قال الناسُ لرسول الله ﷺ: لو جئتنا بآيةٍ كما جاء بها صالِحٌ والنبيون. فقال رسولُ الله ﷺ: «إن شئتُم دَعَوتُ الله فأنزلها عليكم، فإن عصيتُم هَلكْتُم». فقالوا: لا نُريدُها[[أخرجه البيهقي في الدلائل ٢/٢٧٣.]]. (٩/٣٨٧)
﴿وَءَاتَیۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةࣰ﴾ - تفسير
٤٣٣٦٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- وفي قوله: ﴿وآتينا ثَمُوَد النّاقة مُبصِرَةً﴾، قال: آيةً[[أخرجه ابن جرير ١٤/٦٣٨. وعلَّقه يحيى بن سلام ١/١٤٥. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٩/٣٨٧)
٤٣٣٦٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿وآتينا ثمود الناقة مبصرة﴾، أي: بيِّنة[[أخرجه يحيى بن سلام ١/١٤٤، وابن جرير ١٤/٦٣٧.]]. (ز)
٤٣٣٦٨- قال مقاتل بن سليمان: ثم قال سبحانه: ﴿وآتينا﴾ يعني: وأعطينا ﴿ثُمود الناقة مُبصرةً﴾ يعني: معاينة يُبصِرونها[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٣٧-٥٣٨.]]. (ز)
٤٣٣٦٩- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿وآتينا ثمود الناقة مبصرة﴾، أي: بيِّنة[[تفسير يحيى بن سلام ١/١٤٤-١٤٥.]]. (ز)
﴿فَظَلَمُوا۟ بِهَاۚ﴾ - تفسير
٤٣٣٧٠- تفسير [إسماعيل] السُّدِّيّ: ﴿فظلموا بها﴾، أي: فجحدوا بها أنّها ليست مِن الله[[علَّقه يحيى بن سلام ١/١٤٥.]]. (ز)
٤٣٣٧١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿فظلموا بها﴾، يعني: فجحدوا بها أنّها ليست مِن الله ﷿، ثم عقروها[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٣٧-٥٣٨.]]. (ز)
٤٣٣٧٢- قال يحيى بن سلّام: وظلموا أنفسهم بِعَقْرِها[[تفسير يحيى بن سلام ١/١٤٥.]]٣٨٦٦. (ز)
﴿وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡـَٔایَـٰتِ إِلَّا تَخۡوِیفࣰا ٥٩﴾ - تفسير
٤٣٣٧٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق جابر بن زيد- في قوله: ﴿وما نُرسلُ بالآياتِ إلّا تخويفًا﴾، قال: الموتُ[[أخرجه أبو الشيخ في العظمة (٤٦٢). وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (٩/٣٨٧)
٤٣٣٧٤- عن الحسن البصري -من طريق أبي رجاء- في قوله: ﴿وما نُرسلُ بالآياتِ إلّا تخويفًا﴾، قال: هو الموتُ الذَّريعُ[[الذريع: السريع. النهاية (ذرع) ٢/١٥٨.]][[أخرجه أحمد في الزهد ص٢٦٧-٢٦٨، وابن جرير ١٤/٦٣٨-٦٣٩. وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور، وابن أبي الدنيا في ذكر الموت، وابن المنذر.]]. (٩/٣٨٨)
٤٣٣٧٥- عن قتادة بن دعامة -من طريق ابن شَوْذَب- في قوله: ﴿وما نُرسلُ بالآياتِ إلا تخويفًا﴾، قال: الموتُ من ذلك[[أخرجه ابن أبي داود في البعث (٤) عن ابن شوذب، عن قتادة، عن جابر بن زيد بنحوه.]]. (٩/٣٨٨)
٤٣٣٧٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿وما نُرسلُ بالآياتِ إلا تَخْويفًا﴾، قال: إنّ الله يُخَوِّفُ الناسَ بما شاء مِن آياته لعلهم يُعْتِبون[[العتبى: الرجوع عن الذنب والإساءة. النهاية (عتب) ٣/١٧٥.]]، أو يَذَّكَّرون، أو يَرْجعون. ذُكر لنا: أنّ الكوفةَ رجَفَتْ على عهدِ ابن مسعود، فقال: يا أيُّها الناسُ، إن ربَّكم يَسْتعتبُكم، فأعْتِبوه[[أخرجه ابن جرير ١٤/٦٣٨.]]. (٩/٣٨٨)
٤٣٣٧٧- قال مقاتل بن سليمان: ثم قال ﷿: ﴿وما نرسل بالآيات إلا تخويفا﴾ للناس، فإن لم يؤمنوا بها عُذِّبوا في الدنيا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٣٧-٥٣٨.]]. (ز)
٤٣٣٧٨- قال يحيى بن سلّام: ﴿وما نرسل بالآيات إلا تخويفا﴾، نخوفهم بالآية، فنخبرهم أنّهم إن لم يؤمنوا عذَّبهم[[تفسير يحيى بن سلام ١/١٤٥.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.