الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ﴾ قال أبو إسحاق: ﴿أَنْتُمْ﴾ مرفوعة بفعل مضمر، المعنى: قل: لو تملكون أنتم؛ لأن (لو) يقع بها الشيء لوقوع غيره، فلا يليها إلا الفعل، فإذا وليها الاسم عمل فيه الفعل المضمر [[انظر: "المقتضب" 3/ 77، و"الكامل" 1/ 279، و"مغني اللبيب" ص 353، و"الدرر اللوامع" 5/ 99.]]، وأنشد قول المُتَلَمِّس [[المتلمس؛ هو جرير بن عبد المسيح، من بني ضُبَيعة، وأخواله بنو يَشْكُر، وهو خال طرفة بن العبد، شاعر جاهلي مُفْلقٌ مُقلّ، عدّه الجمحي في الطبقة السابعة من شعراء الجاهلية، دبّر عمرو بن هند ملك الحيرة قتله هو وطرفة بعد أن هَجَوَاه، فنجا المتلمس وهرب إلى بني جفنة ملوك الشام وقتل ابن أخته، قتله عامل البحرين، توفي نحو سنة (569 م). انظر: "طبقات فحول الشعراء" 1/ 155، و"الشعر والشعراء" ص 99، و"لأغاني" 24/ 216، و"الخزانة" 6/ 345.]]: فلو غيرُ أخوالي أرادوا نَقِيصَتِي ... نَصَبْتُ لهم فَوقَ العَرانِينِ مِيسَاً [["ديوانه" ص 29، وورد في "الأصمعيات" ص 245، و"مختارات ابن الشجري" ص 122، و"تفسير ابن الجوزي" 5/ 91، و"الخزانة" 10/ 59، وورد بلا نسبة في: "الكامل" 1/ 279، و"المقتضب" 3/ 77، و"تذكرة النحاة" ص 490، و"اللسان" (نقص) 8/ 4523، وفي الديوان وجميع المصادر -عدا ابن الجوزي-: (جعلت) بدل (نصبت). (نقيصتي): تنقصي، (العرانين): جمع عِرْنين؟ وهو أعلى قصبة الأنف، (ميسما): الميسم: هو الآلة التي يوسم بها، ومقصوده: أَسِمُهم على العرانين، أي أهجوهم هجاءً يبقى أثرُه في وجوهم ويلزمهم لزوم الميسم للأ نف.]] المعنى: لو أراد غير أخوالي [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 262، بنصه.]]. وأنشد غيره لجرير [[ساقطة من (ش).]]: لو غَيْرُكم عَلِقَ الزُّبَير بحبله ... أدّى الجوارَ إلى بني العَوّامِ [["ديوانه" ص 453 وفيه (ورَحْلَهُ)، وورد في: "الكامل" 1/ 279، == و"شرح شواهد المغني" 2/ 657، و"الخزانة" 5/ 432، و"الدرر اللوامع" 5/ 98، وورد بلا نسبة في "المقتضب" 3/ 78، و"تفسير الطوسي" 6/ 525، و"مغني اللبيب" ص 353.]] أي لو عَلِقَ غيْرَكُمْ، والخطاب في هذه الآية للمشركين، قال ابن عباس: ﴿قُلْ﴾: يا محمد [[ورد بلا نسبة في "تفسير الطبري" 15/ 170، و"الطوسي" 6/ 525.]]، ﴿لَّوْ انتُمْ﴾: يا معشر المشركين، ﴿تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي﴾ يريد خزائن الرزق، ﴿إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ﴾ يريد إذا لبخلتم. قال أبو إسحاق: أعلمهم الله أنهم لو ملكوا خزائن الأرزاق لأمسكوا شُحًّا وبُخْلاً، قال: وهذا جواب لقولهم: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 261، بنصه مع تقديم وتأخير.]] يريد أنهم طلبوا عين ما في بلدهم ليكثر مالهم ويتسع عيشهم، فأعلمهم الله أنهم لو ملكوا الكثير لبخلوا؛ لأنهم جُبِلوا على الإمساك، والبخيل لا ينفعه كثرة المال. وقوله تعالى: ﴿خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ﴾ خشية منصوب على أنه مفعول له. قال ابن عباس: خشية الفقر [[أخرجه "الطبري" 15/ 170 بلفظه من طريق الحجاج عن ابن جريج (صحيحة)، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 198.]]، وقال قتادة: خشية الفاقة [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 390 - بلفظه، و"الطبري" 15/ 170 بلفظه من طريقين، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 198 - بمعناه، و"تفسير الماوردي" 3/ 276 - بمعناه، و"الطوسي" 6/ 525 - بمعناه، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 369 - 370، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.]]. قال أبو عبيدة: يقال: قد أملق الرجل إملاقًا، وأنفق إنفاقًا، إذا قَلّ ماله [["مجاز القرآن" 1/ 208 وعبارته: ﴿مِنْ إِمْلَاقٍ﴾: من ذهاب ما في أيديكم؛ يقال: أملق فلان؛ اي ذهب ماله.]]. قال المبرد: المعروف في الإنفاق أنه إخراج المال عن اليد، فإن كان قد روي في اللغة معنى الإعدام فهو كما قال أبو عبيدة، وإلا فمعنى الكلام في الآية: خشية أن يستفرغكم الإنفاق ويُجْحِفَ بكم، فيكون الكلام من باب حذف المضاف على تقدير: خشية ضرر الإنفاق وما أشبهه [[لم أقف عليه.]]، وهذا معنى قول السدي: خشية أن ينفقوا فيفتقروا [[ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 2/ 554، بنصه.]]. وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا﴾ قال ابن عباس وقتادة وغيرهما: بخيلًا [[أخرجه "الطبري" 15/ 170 بلفظه عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة)، ومن طريق ابن جريج (صحيحة)، وعن قتادة، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 199، عن ابن عباس، و"تفسير الماوردي" 3/ 276، عنهما، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 369 وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن ابن عباس، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم عن قتادة.]]، يقال: قَتَرَ يَقْتِرُ ويَقْتُر قَتْرًا، وأقْتَرَ إقتارًا، وقَتَّر تَقْتيرًا، إذا قَصَّر في الإنفاق [[انظر: (قتر) في "جمهرة اللغة" 1/ 393، و"المحيط في اللغة" 5/ 360، و"مجمل اللغة" 2/ 742، و"اللسان" 6/ 3525.]]. قال الليث: القَتْرُ: الرُّمْقة في النَّفقة؛ وهو أن ينفق ما [[في (أ)، (د)، (ش): (ماله)، والمثبت من. (ع)، وبه يستقيم المعنى، وهو أقرب لما في المصدر.]] يُمْسِك الرّمَق [[ورد في "تهذيب اللغة" (قتر) 3/ 288، بتصرف.]]. فإن قيل في الناس: الجواد المُبَذِّر، فلم قيل: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا﴾؟ الجواب: أن الأغلب عليهم البخل والاقتصار، ولا اعتبار بالنادر، على أن كل أحد بخيل بالإضافة إلى جُود الله؛ إذ لو ملك خزائن ربه لادّخر معظمها لنفسه، والله -عز وجل- يفيضها على عباده لا يمنعه عن ذلك الإبقاء لنفسه، لأنه يجلّ عن لحَاق النفع والضر. وقال أبو إسحاق: يعني بالإنسان هاهنا الكافر خاصة، كما قال: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾، ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ﴾ [العاديات:6، 8]، أي: المال [[ساقطة من (ع).]]، ﴿لَشَدِيدٌ﴾: لبخيل [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 261، بتصرف يسير.]]، وهذا قول الحسن [[ورد في "تفسير الماوردي" 3/ 276، انظر: "تفسير القرطبي" 10/ 335، وورد بلا نسبة في: "تفسير مقاتل" 1/ 220 أ، و"هود الهواري" 2/ 445، والجمهور -كما في "التفسير الماوردي"- على أنها عامة، وهو الصحيح.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب