الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ الآية. قال مجاهد: اختلفوا فيه واتبعوه وتركوا الجمعة [["تفسير مجاهد" ص 355، بنصه، أخرجه الطبري 14/ 193 بنصه من طريقين، وورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 255 بنصه، وانظر: "تفسير ابن كثير" 2/ 652.]].
وقال السدي: إن الله فرض على اليهود الجمعة فأبوا، وقالوا: يا موسى، إن الله لم يخلق يومًا أثقل علينا ولا أبغض إلينا من يوم الجمعة، فاجعل لنا يوم السبت، فلما جعل لهم السبت استحلوا منه ما حرم عليهم [[أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 254، بنحوه وعزاه إلى ابن أبي حاتم.]].
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: أمرهم موسى بالجمعة فقال: تفرغوا لله في كل سبعة أيام يومًا واحدًا فاعبدوه في يوم الجمعة ولا تعملوا فيه شيئًا من صنعتكم، فأبوا أن يقبلوا ذلك وقالوا: لا نبغي إلا اليوم الذي فُرغ فيه من الخلق، يوم السبت، فجُعل عليهم السبت وشُدِّدَ عليهم فيه، ثم جاءهم عيسى بالجمعة، فقال النصارى: لا نريد أن يكون عِيدُهم بعد عيدنا فاتخذوا الأحد، هذا الذي ذكرنا هو قول أكثر المفسرين في هذه الآية [[ورد بنحوه منسوبًا إلى الكلبي في: "تفسير هود الهواري" 2/ 395 وليس فيه الخبر عن عيسى عليه السلام، والثعلبي 2/ 166 أ، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 52، وابن الجوزي 4/ 505، والفخر الرازي 20/ 137، والخازن 3/ 141، وورد في "تفسير مقاتل" 1/ 209 أ، بنحوه، و"معاني القرآن" للفراء 2/ 114، بنحوه، والسمرقندي 2/ 255، بنحوه.]]، وهو معنى ما روى أبو هريرة أن النبيَّ -ﷺ- قال: "إن الله كتب الجمعة على من كان قبلنا فاختلفوا فيه وهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهود غدًا والنصارى بعد غد" [[في جميع النسخ: (غدًا)، وهو خطأ نحوي ظاهر.]] [[ورد في جميع المصادر بزيادة، وطرفه: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة" أخرجه أحمد (2/ 249، 274، 241)، البخاري (876) كتاب: الجمعة، باب: فرض الجمعة، ومسلم (855) كتاب: الجمعة، باب: هداية هذه الأمة، والدارقطني (2/ 3)، والثعلبي 2/ 166 ب، والبيهقي: الطهارة/ الغسل على من أراد الجمعة (1/ 297، والبيهقي في "الدلائل" 5/ 475، والبغوي 5/ 52، والبغوي في شرح السنة: الجمعة/ فرض الجمعة 4/ 200، وورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 255، وهود الهواري 2/ 395، والخازن 3/ 141، وابن كثير 2/ 652.]].
وعلى هذا القول معنى قوله: ﴿عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾، أي: اختلفوا فيه على نبيهم موسى؛ حيث أمرهم بالجمعة فاختاروا السبت، فاختلافهم في السبت كان اختلافًا على نبيهم في ذلك اليوم [[ورد بنحوه في "تفسير مقاتل" 1/ 209 أ، وهود الهواري 2/ 395.]]، أي لأجله لأنهم اختاروه ولم يختلفوا في اختياره، وهذا مما أشكل على كثير من المفسرين حتى قال بعضهم: معنى الاختلاف في السبت أن بعضهم قال هو أعظم الأيام حرمة؛ لأن الله فرغ فيه من خلق الأشياء، وقال آخرون: لا بل الأحد؛ لأن الله ابتدأ خلق الأشياء فيه [[ورد في "تفسير الطبري" 14/ 193، بنصه، والثعلبي 2/ 166 أ، بنصه، و"تفسير الماوردى" 3/ 220، بنصه، والطوسي 6/ 438، بنصه.]]، وهذا غلط؛ لأن اليهود لم يكونوا فريقين في يوم السبت، وإنما اختار الأحد النصارى بعدهم بزمان طويل.
وقال بعض المفسرين أيضًا: أكثر اليهود قالوا: نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق الأشياء، وكان شرذمة منهم يرغبون في الجمعة، فهذا اختلافهم [[انظر: "تفسير الزمخشري" 2/ 348، وابن عطية 8/ 544، وأبي حيان 5/ 548، و"تفسير الألوسي" 14/ 253.]]، وهذا القول أيضًا في الفساد كالأول، ولم يرو [[في (ش)، (ع): (يروا) من الرؤية، والمثبت أصح من الرواية؛ كما هو السياق.]] أحدٌ أن اليهود اختلفوا في اختيار السبت حتى مال بعضهم إلى الجمعة، ولكن لمّا أشكل على هؤلاء وجه اختلافهم في السبت تخبطوا واضطربوا حتى أتوا بما لا وجه له.
وفي الآية قولٌ ثانٍ، وهو ما رواه عطاء عن ابن عباس قال: ﴿عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾، يريد تهاونوا وصادوا فيه وتعدوا [[ورد غير منسوب في "تفسير الطوسي" 6/ 438، بمعناه.]].
وقال قتادة: استحله بعضهم وحرمه بعضهم [[أخرجه الطبري 14/ 194 بنصه، عن سعيد عن قتادة، ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 112، بنصه، عن سعيد عن قتادة، و"تفسير الثعلبى" 2/ 166 ب، بنصه عن قتادة، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 52، عن قتادة، وابن الجوزي 4/ 505، عن قتادة، والخازن 3/ 142، عن قتادة، وورد غير منسوب في "تفسير هود الهواري" 2/ 395، بنصه.]].
وهذا قول سعيد بن جبير، وعلى هذا معنى اختلافهم في السبت: اختلافهم في استحلاله بالصيد فيه، وتحريمُه: ما ذكر الله تعالى قصتهم في سورة الأعراف [163] زمن داود، والوجه هو القول الأول؛ لأن السبت جعل عليهم من أول ما اختاروه لا من زمن داود -عليه السلام-، ومعنى فجعل عليهم: أي جعل ذلك اليوم عقوبة وتشديدًا عليهم، ولم يجعل لهم ذلك اليوم كما ذكر الكلبي: أنهم لما تركوا الجمعة وأرادوا السبت بَدَلَها، جعل عليهم السبت وشدّد عليهم فيه، والآية تدل على نسخ ما سبق من الشريعة في السبت بشريعة محمد -ﷺ-، حيث أخبر أن السبت جعل عليهم ولم يجعل علينا.
وذكر بعض أهل المعاني أن وجه اتصال معنى هذه الآية بمعنى الآية السابقة هو: أنه لمّا أُمر النبيّ -ﷺ- باتباع الحق، حذر من الاختلاف عليه فيه بما ذكر من حال الذين اختلفوا على نبيهم في السبت بما ليس لهم أن يختلفوا فيه، فشدد عليهم أمره وضيق [[ورد في "تفسير الطوسي" 6/ 438، بنصه تقريبًا، وانظر: "تفسير القرطبي" 10/ 200.]].
وذكر أبو إسحاق القولين في هذه الآية فقال: جاء في التفسير أنهم أُمروا بأن يتخذوا الجمعة عيدًا، فخالفوا وقالوا: نريد يوم السبت، واختار القول الأول فقال: هو أدل على ما جاء في الاختلاف في السبت [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 223، بنصه.]].
{"ayah":"إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِینَ ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَیَحۡكُمُ بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فِیمَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق