الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ﴾ العَمْر والعُمْر واحد، وسمي الرجل عمر إيغالًا أن يبقى [["تهذيب اللغة" "عمر" 3/ 2565 بنحوه، وانظر: (عمر) في: "التاج" 7/ 258 وعزاه للمحكم، ولم أجده في بابه.]]، ومنه قول ابن أحمر: ذَهبَ الشَبَابُ وأَخْلَفَ العَمْرُ [[عجزه:
وتَغيَّرَ الإخوانُ والدَّهْر
"شعر عمرو بن أحمر الباهلي" ص90، وورد في: "الاشتقاق" ص 13، "مقاييس اللغة" (خلف) 2/ 212 وفيه: (وتنكَّر)، "تفسير الفخر الرازي" 19/ 203، "اللسان" (عمر) 5/ 3103، "التاج" (عمر) 7/ 258 وفيهما: (وتَبدَّل)، وورد غير منسوب في: "جمهرة اللغة" 2/ 772، وفي الديوان وجميع المصادر بروإية: (بان) بدل (ذهب)، والمعنى واحد، (بان): بمعنى انقضى ومضى عصره، (أخلف): تغيير، (العَمر): واحد العُمُوْر؛ اللحم الذي بين الأسنان.]]
وعُمّر الرجلُ يَعْمُر عَمْرًا وعُمُرًا وعُمُرًا، فإذا أقسموا قالوا: لعَمْرُك وعَمْرِك، ففتحوا العين لا غير [[انظر: "المقتضب" 4/ 177، "غرائب التفسير" 1/ 592، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 408، الفخر الرازي 19/ 203، "شرح المفصل" 9/ 96، "البسيط في شرح جمل الزجاجي" 2/ 943، (عمر) في: "تهذيب اللغة" 3/ 2565، "المحكم" 2/ 105، "اللسان" 5/ 3099، "التاج" 7/ 258.]].
قال أبو إسحاق: لأن الفتح أخف عليهم، وهم يكثرون القسم بِلَعَمْري ولعَمْرك، فلزموا الأخَفَّ عليهم [[معاني القرآن وإعرابه" 3/ 183، بنصه تقريباً.]].
قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد وعيشك يا محمد [[أورده البخاري -معلقاً- في "صحيحه" تفسير، الحجر 8/ 379 "الفتح"، و"أخرجه الطبري" 14/ 44 بنحوه، من طريق علي بن أبي طلحة، صحيحة، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 33، والماوردي 3/ 166 و"تفسير ابن الجوزي" 4/ 408، وابن كثير 2/ 611، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 192 وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.]].
وقال في رواية أبي الجوزاء يقول: بحياتك، وما حلف الله تعالى بحياة أحد إلا بحياة النبيّ -ﷺ- [[أخرجه بنحوه من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء: أبو يعلى في "مسنده" 5/ 139، والطبري في "تفسيره" 14/ 44، والثعلبي في "تفسيره" 2/ 150 أ، وأبو نعيم في "الدلائل" 1/ 63، والبيهقي في "الدلائل" 5/ 488، وورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 33، و"تفسير السمرقندى" 2/ 222، والماوردي 3/ 166، و"تهذيب اللغة" (عمر) 3/ 2564 بنصه، وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 387، وابن الجوزي 4/ 408 وابن عطية 8/ 338، وابن كثير 2/ 611، وأورده عياض في "الشفا" 2/ 87، والهيثمي في "المجمع" 7/ 46 وعزاه لأبي يعلى وقال: إسناده جيد، وابن حجر في "المطالب" 3/ 346 وزاد نسبته للحارث ابن أبي أسامة، والسيوطي في "الدر المنثور" 4/ 192 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.]]، وهذا قول أكثر أهل التأويل من المفسرين وأصحاب المعاني، قال الزجاج: وفي هذا آية عظيمة في تفضيل النبيّ -ﷺ-، جاء في التفسير أنه أقسم بحياة محمد -ﷺ- [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 183 بنصه.]]. وقال بعض أهل المعاني: إذا قيل: لعَمْرك، فكأنه قيل ومدة بقائك حيًّا [[قال القاضي عياض: اتفق أهل التفسير في أنه قسم من الله جل جلاله بمدة حياة محمد -ﷺ- انظر: "الشفا" 1/ 86.]]، وقال النحويون: ارتفع (لعمرك) بالابتداء والخبر محذوف، المعنى لعمرك قَسَمي، ولَعَمْرُك ما أُقْسِمُ به، وحُذِف الخبرُ لأن في الكلام دليلًا عليه، وباب القَسَم يحذف من الفعل نحو: باللهِ لأفعلن، والمعنى: أحلف بالله؛ فيحذف (أحلف) لعلم المخاطب بأنك حالف، فكذلك يحذف خبر الابتداء [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 184 بنصه تقريباً، انظر: "المقتضب" 2/ 318، "الإيضاح العضدي" ص 276، "شرح المفصل" 9/ 99، "البسيط في شرح جمل الزجاجي" 2/ 932، 2/ 943، "المحكم" (عمر) 2/ 105، "زاد المسير" 4/ 408، الرازي 19/ 203.]].
وقال قتادة في قوله: ﴿لَعَمْرُكَ﴾ كلمة من كلام العرب [[أخرجه الطبري 14/ 44 بنصه، وورد بنصه غير منسوب في "تفسير مقاتل" 1/ 198 أ.]]، (يقولون في الإكرام والتبجيل، قال أبو إسحاق: ولستُ أُحِبُ هذا التفسير؛ لأن قوله: كلمة من كلام العرب) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).]] لا فائدة فيه؛ لأن القرآن كله من كلام العرب فلابد أن يقال ما معناها [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 183 بنصه.]]، وحكى أبو الهيثم أن النحويين يقولون في قوله: ﴿لَعَمْرُكَ﴾: لَدِينُك الذي تعمر، وأنشد [[البيت لعمر بن أبي ربيعة (ت 93 هـ).]]:
أيُّها المُنْكِحُ الثُّرَيَّا سُهَيْلًا ........... عَمْرَكَ اللهَ كيفَ يَلْتَقِيَانِ [["ديوانه" ص 438، وورد في "الشعر والشعراء" 374 وفيه (يجتمعان) بدل: يلتقيان، "الأغاني" 1/ 232، "الصحاح" (عمر) 2/ 756، "أمالي ابن الشجري" 2/ 108، "الروض الأنف" 3/ 135، "شرح المفصل" 9/ 91 (عجز)، "اللسان" (عمر) 5/ 3100 برواية: (يجتمعان)، "الخزانة" 2/ 28، وورد غير منسوب في:
"المقتضب" 2/ 329، القرطبي 10/ 41، وأبي حيان 5/ 462، والألوسي 14/ 73، (كيف يلتقيان): استفهام إنكاري تعجبي من تزويج الثري بنت علي بن عبد الحارث -وكانت مشهورة بالحسن والجمال- بسهيل بن عبد الرحمن الزهري - وكان معروفًا بقبح منظره.]]
قال عَمْرك اللهَ، أي عبادتك الله [["تهذيب اللغة" (عمر) 3/ 2564 بنصه، وانظر: (عمر) في "اللسان" 5/ 3100، و"التاج" 7/ 258.]].
وقال ابن الأعرابي: عَمَرتُ ربي، أي: عبدته، وفلان عامر لربه، أي: عابد، قال: ويقال تركت فلانا يَعْمُر ربه، أي: يعبده [["تهذيب اللغة" (عمر) 3/ 2565 بنصه، "المحكم" 2/ 108، "اللسان" 5/ 3102.]]، فعلى هذا القول: العَمْرُ كالعمارة، والعابد اللهَ عامرٌ لدينه، فسُمِّيَ العابدُ عامرًا، ومعنى قوله: ﴿لَعَمْرُكَ﴾ أي لَعِبَادَتُك، والمفسرون على القول الأول [[أي أنه قسم بحياة النبي -ﷺ-وهو قول الجمهور كما قال ابن العربي وعياض وأبو حيان.]]
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قال عطاء عن ابن عباس: يريد: أن قومك في ضلالهم يتمادون [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 150 أبلفظه، دون الإشارة إلى المعني بالضمير، وانظر: "تفسير الوسيط"، 2/ 364، بنصه عن عطاء، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 409 مختصرًا عن عطاء، وإلى هذا ذهب الطبري، فقال: أي وحياتك يا محمد، إن قومك من قريش، لفي ضلالتهم وجهلهم يترددون، وإليه ذهب السمرقندي. انظر: "تفسير الطبري" 14/ 44، "تفسير السمرقندي" 2/ 222.]]، ثم رجع إلى ذكر قوم لوط في الآية الثانية، وقال الكلبي وعامة المفسرين: ﴿إِنَّهُمْ﴾ يعني: قوم لوط [[لم أقف عليه منسوبًا، وانظر: "تفسير الزمخشري" 2/ 317، وابن عطية 8/ 341، وابن الجوزي 4/ 409 وقال: قاله الأكثرون، وتفسير أبي حيان 5/ 462، وابن جزي 2/ 148، وأبي السعود 5/ 86، و"تنوير المقباس" ص 280، وخلاصة القول في الضمائر في الآية ثلاثة أقوال: الخطاب للرسول -ﷺ- والضمائر تعود على كفار قريش، وهو قول الطبري والسمرقندي، وحجتهم الأثر المروي عن ابن عباس وعلى هذا القول، الآية كلها اعتراض فيما بين القصة، وانتصر لهذا القول علي القاري "شرح الشفا" 1/ 72، واستدلالهم بقول ابن عباس رضي الله عنهما ليس فيه دلالة وليس في محل النزاع، فقول ابن عباس غايته أن القسم برسولنا -ﷺ- وليس بلوط. وليس هذا مختلف مع قول الجمهور الخطاب للرسول -ﷺ- والضمائر لقوم لوط، وهو قول الجمهور، وحجتهم - كما ذكر ابن عطية: عدم مناسبة السباق والسياق؛ إذ يؤدي ذلك إلى انقطاع الضمائر، وعليه فالقسم بنبينا -ﷺ- تشريفًا له؛ لأن القصة تُقص عليه تعجيبًا له من حال قوم لوط، وإقحام القسم أثناء الكلام وقصر القصص أسلوب عربي معروف، وهذا هو القول الراجح الخطاب للوط، == والضمائر لقومه، وانفرد به ابن العربي، فقال: ولا أدري ما الذي أخرجهم عن ذِكْر لوط إلى ذِكْر محمد -ﷺ- وما الذي يمنع أن يُقْسِم الله بحياة لوط، ويبلغ به من الشريف ما شاء؛ فكل ما يعطى الله من فضل ويؤتيه من شرفٍ فلمحمدٍ -ﷺ- ضِعفاه؛ لأنه أكرم على الله منه .. فإذا أقسم الله بحياة لوط فحياة محمد أرفع، ولا يُخرجُ من كلام إلى كلام آخر غيره لم يجر له ذِكرٌ لغير ضرورة. "تفسير ابن العربي" 3/ 1130، وقوله محتمل لولا ما في الآية من خطاب المواجهة.]]، ﴿لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾: في جهلهم وعماهم يمضون ولا يرجعون منه.
وقال مجاهد: في غفلتهم يضطربون [[ليس في تفسيره، ولم أقف عليه بنصه، وأخرج عبد الرزاق 2/ 349، والطبري 14/ 44 عن مجاهد قال: (يتردّدون)، وكذلك ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 150 أ.]]، ومعنى السَّكرة هاهنا: غمور السهو والغفلة للنفس [[ورد في "تفسير الطوسي" 6/ 348 بنصه، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 408 عن الأعمش، "تفسير البقاعي" 4/ 231.]]، وذكرنا أصله في اللغة عند قوله: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ [الحجر: 15]، ومعنى العمه مذكور في سورة البقرة [[آيه: [15]، وعندها قال: (ومعنى يعمهون: يتحيرون، وقد عمه يعْمَه عَمَهًا فهو عَمِه إذا حار عن الحق).]]، وقول ابن عباس: إن قوله: ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ إخبار عن مشركي قريش، أليق بظاهر الآية [[لكن أثر ابن عباس الذي يشير إليه، ضعيف لأنه من طريق عطاء وهو منقطع.]]؛ لأن [[في (أ)، (د): (أن) والمثبت من (ش)، (ع) وهو الأصح.]] قول العامة نحتاج فيه أن نحمل الآية على حكاية حال ماضية [[وهذا القول هو الراجح - كما سبق.]]؛ كقول الشاعر [[هو رؤبة بن العجاج.]]:
جاريةٌ في رَمَضَانَ الماضي ......... تُقَطِّعُ الحَدِيثَ بالإيمَاضِ [[سبق عزوه.]]
وقد ذكرنا لهذا نظائر.
{"ayah":"لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِی سَكۡرَتِهِمۡ یَعۡمَهُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق