الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ ما ذَكَرَ مِن أُمُورِهِمْ؛ وعَظِيمِ فُجُورِهِمْ؛ وهم قَدْ فُرِغَ مِن أمْرِهِمْ؛ وقُضِيَ بِاسْتِئْصالِهِمْ؛ كانَ كُلُّ مَن يَعْلَمُ ذَلِكَ قاضِيًا بِأنَّهم لا عُقُولَ لَهُمْ؛ فَأتْبَعَ - سُبْحانَهُ - ذَلِكَ ما يَدُلُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿لَعَمْرُكَ﴾؛ أيْ: وحَياتِكَ؛ يا كَرِيمَ الشَّمائِلِ؛ وأكَّدَ لِأنَّ الحالَ قاضٍ في ذَلِكَ الحِينِ اسْتِبْعادَ رَدِّهِمْ؛ ولِتَحْقِيقِ أنَّ ذَلِكَ ضَلالٌ مِنهم صِرْفٌ؛ وتَعَنُّتٌ مَحْضٌ؛ فَقالَ: ﴿إنَّهم لَفي سَكْرَتِهِمْ﴾؛ أيْ: غَوايَتِهِمُ الجاهِلِيَّةِ؛ ﴿يَعْمَهُونَ﴾؛ أيْ: يَتَحَيَّرُونَ؛ ولا يُبْصِرُونَ طَرِيقَ الرُّشْدِ؛ فَلِذَلِكَ لا يَقْبَلُونَ قَوْلَ النَّصُوحِ؛ فَإنْ كانَ المُخاطَبُ لُوطًا - عَلَيْهِ السَّلامُ -؛ كانَ ضَمِيرُ الغَيْبَةِ (p-٧٦)لِقَوْمِهِ؛ وإنْ كانَ المُخاطَبُ نَبِيَّنا - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - وهو الظّاهِرُ - كانَ الضَّمِيرُ لِقَوْمِهِ؛ وكانَ التَّقْدِيرُ أنَّهم في خَبْطٍ بَعِيدٍ عَنِ السُّنَنِ في طَلَبِهِمْ إتْيانَ المَلائِكَةِ كَما كانَ قَوْمُ لُوطٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - يَقْصِدُونَ الِالتِذاذَ بِالفاحِشَةِ بِمَن مُكِّنَ مِن هَلاكِهِمْ؛ فَشَتّانَ ما بَيْنَ القَصْدَيْنِ! وهَيْهاتَ لِما بَيْنَ الفِعْلَيْنِ! فَصارَ المَعْنى أنَّ ما قَذَفُوكَ بِهِ - أوَّلَ السُّورَةِ - بِهِمْ؛ لا بِكَ؛ لِأنَّ مَن يَطْلُبُ إتْيانَ المَلائِكَةِ - مَعَ جَوازِ أنْ يَكُونَ حالُهُ حالَ قَوْمِ لُوطٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ - عِنْدَ إتْيانِهِمْ - هو المَجْنُونُ؛ و”العَمْرُ“؛ بِالفَتْحِ: العُمْرُ؛ بِالضَّمِّ؛ وهو مُدَّةُ بَقاءِ الشَّيْءِ حَيًّا؛ لَكِنَّهُ لا يُقالُ في القَسَمِ إلّا بِالفَتْحِ؛ لِخِفَّتِهِ؛ مَعَ كَثْرَةِ دَوْرِ القَسَمِ؛ ولِذَلِكَ حَذَفُوا الَّذِي تَقْدِيرُهُ: قَسَمِي؛ والسَّكْرَةُ: غُمُورُ السَّهْوِ لِلنَّفْسِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب