الباحث القرآني
قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ﴾ قال ابن عباس وغيره: يعني آدم [[أخرجه "الطبري" 14/ 27 بلفظه من طريق سعيد بن جبير صحيحة، والماوردي 3/ 157 بلفظه عن أبي هريرة والضحاك، وورد بلفظه غير منسوب في "تفسير السمرقندي" 2/ 218، والطوسي 6/ 330.]]، والكلام في وزن الإنسان واشتقاقه قد تقدم في أول الكتاب؛ عند قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ﴾ [البقرة: 8].
وقوله تعالى: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ﴾، اختلفوا في معناه، فقال قوم: هو طين حر يصلصل إذا نقر؛ لِيُبْسِه، يقال: صلَّ الحديدُ وغيرُه يَصِلُّ صليلاً، وصلصل إذا صَوَّت، ومنه قول لبيد:
كلَّ حِرباءٍ إذا أُكْرِهَ [[في جميع النسخ: (أكرم)، والمثبت موافق للديوان وجميع المصادر.]] صلّ [[وصدره:
أَحْكَمَ الجُنْثِيُّ من عَوْرَاتِها
"شرح ديوان لبيد" ص 192، وورد في "العين" 6/ 99، "المعاني الكبير" 2/ 1030، "جمهرة اللغة" 1/ 143، 3/ 1322 وفيه: (نَعْتِها) بدل (عوراتها)، "تهذيب اللغة" (حكم) 1/ 886، (صل) 2/ 2046، "اللسان" (حرب) 2/ 818، (جنث) 2/ 696، (صلل) 4/ 2487، (حكم) 2/ 952، "التاج" (جنث) 3/ 186 (الجُنْثيُّ) بضم الجيم وكسرها، وبالنصب وبالرفع؛ فمن قال: الجنْثِيُّ بالرفع ونصب كلاَّ أراد: الحدّادُ أو الزَّرّادُ، أي أحكم صنعة هذه الدِّرع، ومن قال: الجنْثِيَّ بالنصب ورفع كلاَّ -وهي رواية الأصمعي- أراد: السيف؛ يقول هذه الدِّرع لإحكام صنعتها تمنع السيف أن يمضي فيها، وكل شيء أحكمته فقد منعته، وأحكم هنا بمعنى رَدَّ، (عوراتها) واحدها عورة، وهىِ الفُتُوقُ والفُرَج في الدِّرع، (الحِرْبَاءُ) مسمارُ الدِّرْع، وقيل هو رأسُ المِسمار في حَلْقَةِ الدِّرْع، (صل) يقال صلّ المسمارْ يصلُّ صَليلاً، إذا ضُرب وأكره أن يدخل في الشيء فسمعت صوته.]] وأنشد ابن الأنباري [[البيت للأعشى.]]:
عَنْتَرِيسٌ تَعْدو إذا مَسَّها السَّوْطُ ... كَعَدْوِ المُصَلْصِلِ الجوَّالِ [["ديوان الأعشى" ص 165، وورد في: "اللسان" (صلل) 4/ 2486 برواية (الصوت) بدل (السوط)، وفي "مجاز القرآن" 1/ 351، و"الكامل" 3/ 100 برواية: (حُرّك) بدل (مسها)، الغريب لابن قتيبة 1/ 241 (عجزه)، "تفسير القرطبي" 10/ 21 (عجزه)، (عنتريس)؛ العَتَرَّس: الضخم من الدواب، والمقصود: الناقة الصلبة الغليظة، الكثيرة اللحم، الوثيقةُ الخلق، وقد يُوصَف به الفرسُ. "المحيط في اللغة" (عترس) 2/ 250، "متن اللغة" 4/ 21.]]
قال يريد بالمصلصل الحمار المصوت، وهذا قول الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 88 بمعناه.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 178 بنحوه.]] وأبي عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 350 بنحوه]]، ونحوه قال الأخفش، قال: وكل شيء له صوتٌ فهو صلْصالٌ من غير الطين [[ليس في معانيه، وهو في التهذيب بنصه، والغالب أنه نقله منه. انظر: "تهذيب اللغة" (صل) 12/ 2046.]]، وهذا قول ابن عباس في رواية الوالبي، قال: الصلصال: الطين اليابس [["أخرجه الطبري" 14/ 28 من طريق العوفي (ضعيفة)، وورد في "تفسير الماوردي" 3/ 157 بنصه، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 397، "تفسير القرطبي" 10/ 21، الخازن 3/ 94، ابن كثير 2/ 606، "الدر المنثور" 4/ 182 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.]]، وفي رواية إسرائيل [[إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبِيْعي الهمداني، أبو يوسف الكوفي، أحد الأعلام، ثقة تُكُلِّم فيه بغير حجة، اعتمده البخاري ومسلم في الأصول، روى عن السدي وجَدِّه أبي إسحاق، وعنه وكيع وأبو نعيم، مات سنة (162 هـ) انظر: "طبقات ابن سعد" 6/ 374، "الجرح والتعديل" 2/ 330، "ميزان الاعتدال" 1/ 208، "تقريب التهذيب" ص 104 رقم (401).]]: ّالصلصال الذي إذا قُرعَ صوَّت [[ورد في "تفسير الوسيط" تحقيق: سيسي 2/ 353 بنحوه، والطوسي 6/ 330 بمعناه، "تفسير ابن الجوزي" 4/ 397، "الدر المنثور" 4/ 182 وعزاه إلى ابن أبي حاتم.]] وروى عنه أبو صالح أنه الطين الحر الذي
إذا نَضَب عنه الماء تشقق، فإذا حُرك تقعقع [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 148 أ، بنصه عن ابن عباس، وأخرجه عبد الرزاق 2/ 348 عن قتادة بمعناه، وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 378 عن ابن عباس، الخازن 3/ 94 عن ابن عباس، "الدر المنثور" 4/ 182 وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن قتادة، ولم أقف عليه منسوباً إلى الحسن.]]، وهذا قول الحسن وقتادة في الصلصال.
قال المفسرون: خلق الله آدم من طين فصوَّره ومكث في الشمس أربعين سنة حتى صار صلصالًا كالخزف لا يدري أحد ما يُراد به، ولم يروا شيئًا من الصورة يشبهه إلى أن نفخ فيه الروح [[ما أشار إليه هنا جزء من خبر طويل مروي عن ابن عباس وبعض الصحابة، أخرجهما الطبري من طريقين، وأشار إلى التعارض بين الروايتين، ثم قال: وهذا إذا تدبره ذو فهم، علم أن أوله يفسد آخره، وأن آخره يبطل معنى أوله، وأورد ابن كثير الروايتين، وعقَّب على رواية ابن عباس -والتي فيها أنه مكث أربعين ليلة جسداً- قائلاً: هذا سياق غريب، وفيه أشياء فيها نظر يطول مناقشتها، وهذا الإسناد إلى ابن عباس يروى به تفسير مشهور، وقال بعد الرواية الأخرى - والتي فيها أنه مكث أربعين سنة جسداً: فهذا الإسناد إلى هؤلاء الصحابة مشهور في تفسير السُّدي، ويقع فيه إسرائيليات كثيرة، فلعل بعضها مدرج ليس من كلام الصحابة، أو أنهم أخذوه من بعض الكتب المتقدمة والله أعلم. انظر: "تفسير الطبري" 1/ 201 - 202، وما بعدها، "العظمة" ص 453 عن ابن زيد، "تفسير السمرقندي" 1/ 108، ابن كثير 1/ 74 وما بعدها، وأورد السوطي في الدر المنثور رواية ابن عباس 1/ 93 - 100، وأورد الرواية الأخرى عن ابن مسعود == مسعود وغيره، وزاد نسبته إلى البيهقي وابن عساكر 1/ 116 ومما يؤيّد رد هذا القول -إضافة إلى انتقاد ابن جرير وابن كثير لأصل الخبر- التعارض بين الروايتين في المدة التي مكثها آدم قبل أن ينُفخ فيه الروح، فإحدى الروايتين ذكرت أنها أربعين ليلة، والأخرى ذكرت أنها أربعين سنة، والغريبُ أن قضية مُكْث أدم فترة قبل نفخ الروح فيه ثابته بالحديث الصحيح، لكن دون تعيين هذه الفترة أو مكان المُكث - في الظل أو الشمس. فعن أنس (أن رسول الله -ﷺ- قال: لمّا صوَّر اللهُ آدمَ في الجنّة تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يُطيف به ينظر ما هو، فلما رآه أجوف عَرف أنه خُلِقَ خلقًا لا يتمالك) رواه مسلم (20611) كتاب: البر والصلة، باب: خلق الإنسان، ومعنى لا يتمالك: أي لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات، وقيل لا يملك دفع الوسواس عنه، وقيل لا يملك نفسه عند الغضب، والمراد جنس بني آدم. "صحيح مسلم بشرح النووي" 16/ 164.]].
وقال آخرون الصلصال المنتن، من قولهم: صلَّ اللحمُ وأصلَّ، إذا [["تهذيب اللغة" (صل) 2/ 2046 بنصه.]] أنْتَن وتغيَّر، ومنه قول الشاعر [[هو أبو الغُول الطُّهَوي شاعر إسلامي من بني طهيّة.]]:
رأيْتُكمُ بَنِي الْخَذْوَاءِ لمّا دَنَى ... الأضْحَى وصَلَّلَتِ اللِّحَامُ [[ورد في: "نوادر أبي زيد" ص 433 وفيه: (أتى) بدل (دنى)، "تهذيب إصلاح المنطق" ص 416، "اللسان" (لحم) 7/ 4010، (خذا) 14/ 225، (ضحا) 5/ 2560، وورد بلا نسبة في: "إصلاح المنطق" ص 171، 298، 360، "المذكر والمؤنث" للأنباري 1/ 263، "تهذيب اللغة" (ضحا) 3/ 2096، "مقاييس اللغة" 3/ 392 (عجز)، "مجمل اللغة" 1/ 574 (عجز)، "الصحاح" (ضحا) 6/ 2407، "المخصص" 13/ 99، 17/ 26. (الخذواء) المسترخية، وأصل الخذا: استرخاءُ الأذن، يقال: أذن خذواء: مسترخية، (اللحام) جمع لحم، (صلّلت) أنتنت، قال الشاعر البيت وهو يهجو قوماً، يوضحه البيت الثاني وهو:
تبَاعَدْتُمْ بِؤدكمُ وقلْتُمْ ... لَعَكٌّ مِنْكَ أقْربُ أو جُذَامُ
يقول لهم: لمَّا كثرت اللحوم فشبعتم واستغنيتم، توليتم بودّكم عنّي، ومعنى قوله == (لعكٌّ منك أقرب أو جذامُ) يريد أنهم أنكروه حين شبعوا، وأظهروا أنهم لا يعرفونه، فسألوه عن نسبه فقالوا: أأنت من جُذامٍ أم من عكٍ؟ وهما قبيلتان من قبائل اليمن، وهو من تميم، وإنما أنكروه لئلا يقوموا بحقه، فهو يصفهم بالبخل، وإن كان الشيء الذي سألهم كثيراً عندهم.]] وقال زهير:
تُلَجْلِجُ مُضْغَةً فيها أَنِيضٌ ... أَصَلَّتْ فهي تَحْتَ الكَشْحِ داءُ [["شرح ديوان زهير" 82، وورد في "العين" 7/ 62، "جمهرة اللغة" 3/ 1260، "تهذيب اللغة" (لج) 4/ 2732، (أنض) 1/ 218، "مقاييس اللغة" 1/ 145، 5/ 201، "اللسان" (لجج) 7/ 4000، (أنض) (7/ 115)، (صلل) 4/ 2487، "التاج" "أنض" 10/ 10، (لجْلَج): ردّد، ومنه: لجْلج اللقمة في فِيهِ، أدارها من غير مضْغٍ ولا إساغةٍ، (أنيض) يقال: لحمٌ أنيضٌ: إذا بقي فيه نُهُوءةٍ؛ أي لم يَنْضَجْ، وآنَضْتُه إيناضاً، أي أنضَجْتُه فنضِجَ، (الكشح) قال الليث: هو ما بين الخاصرة إلى الضِّلَعِ الخَلْف، قال الأزهري: هما كشْحان؛ وهو موقع السيف من المتقَلِّد، وقيل الكشْحان جانبا البطن من ظاهر وباطن، وقيل غير ذلك، يقول: أخذت هذا المال، فأنت لا تأخذه ولا تردُّه كما يُلجلجُ الرجلُ المضغة، فلا يبتلعها ولا يلقيها. انظر: (كشح) في: "تهذيب اللغة" 4/ 3146.]]
قال ابن الأنباري: والأصل في صَلْصَال صَلاَل، فأبدلت الصاد من اللام الثانية، ومنه كثير، وهو قول مجاهد، قال: الصلصال المنتن [[الذي ورد في "تفسير مجاهد" ص 341 قال: الصلصال: الطين، والحمأ المسنون: المنتن، ورواية الواحدي أخرجها الطبري 14/ 28 بلفظها، ووردت في: "تفسير هود الهواري" 2/ 447 بلفظه، والثعلبي 2/ 148 أبلفظه، والماوردي 3/ 157 بلفظه، والطوسي 6/ 331 بلفظه، "تفسير البغوي" 4/ 378، وابن الجوزي 4/ 397، و"تفسير القرطبي" 10/ 21، والخازن 3/ 94، وابن كثير 2/ 606.]]، واختاره الكسائي [[ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 148 أ، "تفسير البغوي" 4/ 378، ابن الجوزي 4/ 397، "تفسير القرطبي" 10/ 21، الخازن 3/ 94.]].
وقوله تعالى: ﴿مِنْ حَمَإٍ﴾، قال ابن الأنباري: (من) هاهنا مفسرة لجنس الصلصال؛ كما تقول: أخذت هذا من رجل من العرب.
وأما: الحَمَأُ، فقال الليث: الحَمَأةُ بوزن فَعَلة والجميع الحَمَأُ [["تفسير الفخر الرازي" 19/ 180، و"تفسير أبي حيان" 5/ 443، و"الدر المصون" 7/ 156.]]، وهو الطين الأسود المنتن [[ورد في "العين" 3/ 312 بنصه، "تفسير الطبري" 14/ 28 بنحوه، "تفسير السمرقندي" 2/ 218 بنصه، والماوردي 3/ 157 بنحوه، وانظر: "تفسير القرطبي" 10/ 21، الفخر الرازي 19/ 180، الخازن 3/ 94، أبي حيان 5/ 443، "الدر المصون" 7/ 156.]].
وقال أبو عبيدة والأكثرون: حَمَأ [[في جميع النسخ: (حمأة)، والتصويب من المصدر.]] تقديرها: حَمْأة [["مجاز القرآن" 1/ 413 وعبارته: قال: (من حَمَأ) أي من طين متغير؛ وهو جميع حَمْأة، وضبطها المحقق بالتسكين، وهو الموافق للبيت الذي استشهد به، وهو القائل: ولا يُعرف في كلام العرب الحمْأة إلا ساكنة الميم؛ كما في "تفسير أبي حيان" 5/ 443، و"الدر المصون" 7/ 156، لكن العريب أن صاحب "اللسان" نسب إليه تحريكها، فقال: وقال أبو عبيدة: واحدة الحَمَأ حَمَأة؛ كقَصَبة واحدة القَصب، وتبعه صاحب "التاج". انظر: (حمأ) في: "اللسان" 2/ 986، "التاج" 1/ 140 فلعلهما وَهِمَا.]]، وأنشد لأبي الأسود [[أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان الدُّؤلي البصري التابعي، أول من أسس النحو ووضع قواعده وأول من نقط المصحف، محدثاً فقيهًا شاعراً سريع الجواب، كان ثقة في الحديث روى له البخاري ومسلم، حدّث عن علي وعمر وابن عباس -رضي الله عنه- وشهد صفين مع علي -رضي الله عنه- مات سنة (99 هـ). انظر: "أخبار النحويين البصريين" ص 33 "طبقات النحويين واللغويين" ص 21، "تهذيب الألسماء واللغات" 2/ 175، "إنباه الرواة" 1/ 48، "تقريب التهذيب" ص 619 رقم (7940)، "البغية" 2/ 22.]]: لَعَمْرُكَ ما المَعِيْشَةُ بالتّمَنّي ... ولكنْ ألْق دَلْوَكَ في الدِّلاءِ
تَجِيْءُ بِمِلاَها طَوْرًا وطَوْرًا ... تَجِيْءُ بِحَمْأَةٍ وقليلِ ماءِ [["ديوانه" ص 126، وورد في "المذكر والمؤنث" للأنباري 1/ 411 برواية:
فما طلب المعيشة بالتّمنّي ... تجِئْكَ بِملْئها يوماً ويوماً
وورد البيت الثاني فقط في "مجاز القرآن" 1/ 413 كرواية المذكر بخلاف (تجيء)، "تفسير أبي حيان" 5/ 443 كرواية الواحدي بخلاف (يجئك بملئها)، "الدر المصون" 7/ 156 كالواحدي بخلاف (بملئها).]]
والجمع حَمَأ، كما يقال تَمْرة وتَمْر، ونَخْلة ونَخْل، والحَمَأُ أصله المصدر، نحو الجَزَع والهَلَع، ثم يُسَمّى به، ولا يعرف في كلام العرب الحَمْأَة إلا ساكنة الميم [[انظر: "العين" (حمو) 3/ 312، "المقصور والممدود" للفراء ص 49، "المحيط في اللغة" (حمو) 3/ 229، "الصحاح" (حمأ) 1/ 45، "المفردات" ص 259، "الأساس" ص 140 "عمدة الحفاظ" 1/ 518،"متن اللغة" 2/ 157، وقد وردت متحركة في "العباب الزاخر" للصغاني أ/ 45 قال: الحَمَأُ والحَمَأَةُ: الطينُ الأسودُ، وكذا وردت ساكنة ومتحركة في "التاج" (حمأ) 1/ 140، ونسب تحريها إلى أبي على القالي في كتابه المقصور والممدود [لم أقف عليه]، وقال: الحَمَأُ: الطين المتغيِّر، مقصورٌ مهموزٌ، وهو جمع حَمَأَةٍ، كما يقال قَصَبَةٌ وقَصَبٌ، ومثله قال أبو عبيدة، ثم قال: وقال أبو جعفر: وقد تُسَكَّن الميمُ للضرورة في الضرورة، وهو قولُ ابنِ الأنبارىِ.]]، وهذا هو الصحيح، وقول الليث وهْم، ويُذْكر الفعل من هذا الحرف عند قوله: ﴿فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ [الكهف: 86] إن شاء الله.
وقوله تعالى: ﴿مَسْنُونٍ﴾ قال ابن السَّكِّيت: سمعت أبا عمرو يقول في قوله: ﴿مَسْنُونٍ﴾ أي متغيِّر [[ورد في "تهذيب اللغة" (سن) 12/ 301 بنصه، الغريب أنه أورد قولين لأبي عمرو لكنه نسب عبارة التهذيب لابن السِّكِّيت -كما ذكرها الأزهري- ولم ينسب عبارة إصلاح المنطق -التالية- لابن السكيت.]]، قال أبو الهيثم يقال: سُنَّ الماء فهو مَسْنُون، أي: تغيِّر [["تهذيب اللغة" (سن) 12/ 301 بنصه.]]، وقال ابن قتيبة: المسنون المتغير الرائحة [["الغريب" لابن قتيبة ص 238 بلفظه.]]، وقوله تعالى: ﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ [البقرة: 259] قال أبو عمرو الشيباني: أي لم يتغير، من وقوله: ﴿حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ [["إصلاح المنطق" ص 352 بنصه.]] ذكرنا ذلك في سورة البقرة [: 259].
قال الفراء: المسنون المتغيِّر؛ كأنه أخذ من: سَنَنْتُ الحَجَر على الحَجَر، إذا حككته عليه، والذي يخرج من بينهما يقال له: السَّنِين [["معاني القرآن" للفراء 2/ 1778 بنصه، وانظر: "تهذيب اللغة" 2/ 778 بنصه.]]، وسُمِّي المِسَنُّ مِسَنًّا؛ لأن الحديد يتغير بِحَكِّكَ عليه [["تهذيب اللغة" (سن) 2/ 1778 بمعناه، وقد نسبه الأزهري للفراء، ولم أجده في معانيه.]]، وعلى قوله يجب أن يكونَ المسنونُ المحكوكَ لا المتغيرَ، وهذا القول في الحمأ المسنون يقوي قول مجاهد في الصلصال؛ أنه المنتن، ومن قال: الصلصال الذي له صوت، قال: صُوِّرَ آدمُ من حمأ مسنون ثم جف فصار صلصالاً، هذا الذي ذكرنا أحد الأقوال في المسنون، واختار الزجاج هذا القول؛ مسنون: مُتَغَيِّر، وإنما أخذ من أنه على سُنَّةِ الطريق؛ لأنه إنما يتغير إذا قام بغير ماءٍ جارٍ [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 1778 بنصه.]].
وقال أبو عبيدة: المَسْنُون المصبوب [["مجاز القرآن" 1/ 351 بلفظه.]]، والسَّنُّ الصبُّ يقال: سنّ الماءَ على وجهه سنًا [["تهذيب اللغة" (سن) 2/ 1778 بنحوه.]]، وقال سيبويه: المسنون المصوَّر على صورة ومثال، من سُنّة الوَجْه، وهي صورته [[لم أقف عليه في الكتاب، وهذه العبارة مطابقة لما في "تفسير الثعلبي" 2/ 148 أوالظاهر أنه اقتبسها منه، و"تفسير الرازي" 19/ 180، والشوكاني 3/ 185.]].
وروي عن ابن عباس أنه قال: المسنون الطين الرطب [[أخرجه الطبري 14/ 30 بلفظه، من طريق علي بن أبي طلحة (أصح الطرق)، وورد في "تهذيب اللغة" (سن) 2/ 1778 بنحوه، البغوي 4/ 378 بنحوه، وابن الجوزي 4/ 398، والرازي 19/ 180، والقرطبي 10/ 21، والخازن 3/ 94، "الدر المنثور" 4/ 182 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.]]، وهذا يعود إلى قول أبي عبيدة؛ لأنه إذا كان رطبًا يسيل وينبسط على الأرض فيكون مسنونًا؛ كأنه مصبوب.
{"ayah":"وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن صَلۡصَـٰلࣲ مِّنۡ حَمَإࣲ مَّسۡنُونࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق