الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن صَلْصالٍ مِن حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ .
بَيَّنَ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّهُ خَلَقَ أبانا آدَمَ مِن صَلْصالٍ مِن حَمَأٍ مَسْنُونٍ، والصَّلْصالُ الطِّينُ اليابِسُ الَّذِي يَصِلُ أيْ يُصَوِّتُ مِن يُبْسِهِ إذا ضَرَبَهُ شَيْءٌ ما دامَ لَمْ تَمَسَّهُ النّارُ، فَإذا مَسَّتْهُ النّارُ فَهو حِينَئِذٍ فَخّارٌ، وأصْلُ الصَّلِيلِ والصَّلْصَلَةِ واحِدٌ، والفَرْقُ بَيْنَهُما أنَّكَ إذا تَوَهَّمْتَ في الصَّوْتِ مَدًّا فَهو صَلِيلٌ، وإذا تَوَهَّمْتَ فِيهِ تَرْجِيعًا فَهو صَلْصَلَةٌ، والحَمَأُ: الطِّينُ الأسْوَدُ المُتَغَيِّرُ، والمَسْنُونُ قِيلَ: المُصَوَّرُ مِن سَنَّةِ الوَجْهِ وهي صُورَتُهُ، ومِنهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
؎تُرِيكَ سَنَّةَ وجْهٍ غَيْرَ مُقْرِفَةٍ مَلْساءَ لَيْسَ بِها خالٌ ولا نَدَبُ
وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - أنَّهُ لَمّا سَألَهُ نافِعُ بْنُ الأزْرَقِ عَنْ مَعْنى المَسْنُونِ وأجابَهُ بِأنَّ مَعْناهُ المُصَوَّرُ قالَ لَهُ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبَ ذَلِكَ ؟ فَقالَ لَهُ ابْنُ عَبّاسٍ: نَعَمْ، أما سَمِعْتَ قَوْلَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو يَمْدَحُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ:
؎أغَرٌّ كَأنَّ البَدْرَ سَنَّةُ وجْهِهِ ∗∗∗ جَلا الغَيْمُ عَنْهُ ضَوْءَهُ فَتَبَدَّدا
وَقِيلَ المَسْنُونُ المَصْبُوبُ المُفْرَغُ أيْ أُفْرِغَ صُورَةَ إنْسانٍ كَما تُفْرَغُ الصُّوَرُ مِنَ الجَواهِرِ المُذَوَّبَةِ في أمْثِلَتِها، وقِيلَ: المَسْنُونُ المُنْتِنُ، وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: المَسْنُونُ الأمْلَسُ، قالَ: ومِنهُ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسّانَ: ثُمَّ خاصِرَتُها إلى القُبَّةِ الخَضْراءِ تَمْشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونٍ أيْ أمْلَسَ صَقِيلٍ، قالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وقالَ مُجاهِدٌ: الصَّلْصالُ هو المُنْتِنُ، وما قَدَّمْنا هو الحَقُّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿خَلَقَ الإنْسانَ مِن صَلْصالٍ كالفَخّارِ﴾ [الرحمن: ١٤] إذا عَرَفْتَ هَذا فاعْلَمْ أنَّ اللَّهَ - جَلَّ وعَلا - أوْضَحَ في كِتابِهِ أطْوارَ هَذا الطِّينِ الَّذِي خَلَقَ مِنهُ آدَمَ، فَبَيَّنَ أنَّهُ (p-٢٧٥)أوَّلًا تُرابٌ
• بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ﴾ [آل عمران: ٥٩]
• وقَوْلِهِ: ﴿ياأيُّها النّاسُ إنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِنَ البَعْثِ فَإنّا خَلَقْناكم مِن تُرابٍ﴾ [الحج: ٥]
• وقَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكم مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ﴾ الآيَةَ [غافر: ٦٧] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ، ثُمَّ أشارَ إلى أنَّ ذَلِكَ التُّرابَ بُلَّ فَصارَ طِينًا يَعْلَقُ بِالأيْدِي في مَواضِعَ أُخَرَ
• كَقَوْلِهِ: ﴿إنّا خَلَقْناهم مِن طِينٍ لازِبٍ﴾ [الصافات: ١١]
• وقَوْلِهِ ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن سُلالَةٍ مِن طِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٢]
• وقَوْلِهِ: ﴿وَبَدَأ خَلْقَ الإنْسانِ مِن طِينٍ﴾ [السجدة: ٧] إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ، وبَيَّنَ أنَّ ذَلِكَ الطِّينَ أسْوَدُ، وأنَّهُ مُتَغَيِّرٌ
• بِقَوْلِهِ هُنا ﴿مِن حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ وبَيَّنَ أيْضًا أنَّهُ يَبِسَ حَتّى صارَ صَلْصالًا، أيْ تَسْمَعُ لَهُ صَلْصَلَةً مِن يُبْسِهِ
• بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن صَلْصالٍ﴾ الآيَةَ [الحجر: ٢٦]
• وقَوْلِهِ: ﴿خَلَقَ الإنْسانَ مِن صَلْصالٍ كالفَخّارِ﴾ الآيَةَ [الرحمن: ١٤]
والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
⁕ ⁕ ⁕
* قال المؤلف في (دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب):
(p-٣١٧)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الحِجْرِ
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن صَلْصالٍ مِن حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ .
ظاهِرُ هَذِهِ الآيَةِ أنَّ آدَمَ خُلِقَ مِن صَلْصالٍ، أيْ طِينٍ يابِسٍ.
وَقَدْ جاءَ في آياتٍ أُخَرَ ما يَدُلُّ عَلى خِلافِ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن طِينٍ لازِبٍ﴾ [الصافات: ١١] وكَقَوْلِهِ: ﴿كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ﴾ [آل عمران: ٥٩] .
والجَوابُ أنَّهُ ذَكَرَ أطْوارَ ذَلِكَ التُّرابِ، فَذَكَرَ طَوْرَهُ الأوَّلَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن تُرابٍ﴾، ثُمَّ بُلَّ فَصارَ طِينًا لازِبًا، ثُمَّ خُمِّرَ فَصارَ حَمَأً مَسْنُونًا، ثُمَّ يَبِسَ فَصارَ صَلْصالًا كالفَخّارِ.
وَهَذا واضِحٌ، والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى.
{"ayah":"وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن صَلۡصَـٰلࣲ مِّنۡ حَمَإࣲ مَّسۡنُونࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق