الباحث القرآني

﴿ولَقَدْ خَلَقْنا الإنسانَ﴾ أراد آدم، ﴿مِن صَلْصالٍ﴾ طين يابس يصوت إذا نقر أو من طين منتن من صَل اللحم إذا أنتن وهو كزلزال، ﴿مِّن حَمَأٍ﴾ أي: كائن من طين أسود، ﴿مسنونٍ﴾ أي: أملس أو منتن أو مصبوب كالجواهر المذابة تصب في القوالب، ﴿والجانَّ﴾ أي: إبليس وهو أبو الشياطين، أو أبو الجن مطلقًا، ﴿خَلَقناهُ مِن قَبْلُ﴾ من قبل خلق آدم، ﴿مِن نارِ السَّمُومِ﴾ نار الحر الشديد، أو نار لا دخان لها، وعن بعضهم من نار الشمس. ﴿وإذْ قالَ ربُّكَ﴾ أي: اذكر وقت قوله ﴿لِلْمَلائِكَةِ إنِّي خالِقٌ بَشَرًا مِن صَلْصالٍ مِن حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإذا سَوَّيْتُهُ﴾ عدلت صورته وأتممت خلقته، ﴿ونَفَخْتُ فِيهِ مِن رُوحِي﴾ إضافة الروح للتشريف، ﴿فَقَعُوا﴾ فاسقطوا، ﴿لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ المَلائِكَةُ كُلُّهم أجْمَعُونَ﴾ وقد مر أن المأمورين بالسجود جميع الملائكة أو جمع خاص منهم، ﴿إلا إبْلِيسَ أبى أن يَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ﴾ أي: لكن هو أبى السجود، وجاز أن يكون الاستثناء متصلًا، وجملة أبى أن يكون حينئذ مستأنفة، ﴿قالَ يا إبْلِيسُ ما لَكَ﴾ أيُّ غرض لك في، ﴿ألّا تَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ (٣٢) قالَ لَمْ أكُنْ لِأسْجُدَ﴾ اللام لتأكيد النفي، أي: لا يصح مني ويستحيل أن أسجد، ﴿لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصالٍ مِن حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ استكبر واستعظم نفسه، ﴿قالَ فاخْرُجْ مِنها﴾ من تلك المنزلة التي أنت فيها من الملأ الأعلي، ﴿فَإنَّكَ رَجِيمٌ﴾ مطرود من الخير والشرف باعتبار الكرامة عند الله تعالى لا باعتبار النوع، ﴿وإنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إلى يَوْمِ الدِّينِ﴾ أي: تلك اللعنة لا تزال متصلة لاحقة بك إلى يوم القيامة، وهذا بُعدُ غاية يضربها الناس، ﴿قالَ رَبِّ فَأنْظِرْنِي﴾ أخر أجلي، ﴿إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ آخر الدنيا، ﴿قالَ فَإنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ﴾ وهو نفخة الأولى، أمهله الله استدراجًا له وابتلاء وامتحانًا للخلق، قيل: سأل الإمهال إلى يوم يبعثون لئلا يموت؛ لأنه لا يموت حينئذ أحد، فلم يجب إلى ذلك وأمهل إلى آخر أيام التكليف فهو ميت، بين النفختين أربعين سنة، ﴿قالَ رَبِّ بِما أعوَيْتَني﴾ أي: أقسم بإغوائك إياي، ﴿لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ﴾ المعاصي، ﴿في الأرْضِ﴾، أو معناه بسبب غوايتك إياي، أقسم لأزينن الخ ..، ﴿ولَأُغْوِيَنَّهُمْ﴾، أحملنهم علي الغواية، ﴿أجْمَعِينَ إلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخْلَصِينَ﴾، أي: إلا عبادك الموصوفين بالإخلاص لطاعتك حال كونهم من أولاد آدم. ﴿قالَ هَذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ إشارة إلى قول إبليس: لأغوينهم إلا عبادك أي: هذا هو الذي حكمت به وقدرت على عبادي، وهو حق مستقيم، كما قال تعالى: ”ولكن حق القول مني“ [السجدة: ١٣] الخ .. أو تهديد، كما تقول لخصمك: طريقك على أي لا تفلت مني، أو الإشارة إلى تخلص المخلصين من إغوائه الدال عليه الاستثناء، أي: تخلُّصهُم طريق حق علي أن أراعيه لا انحراف عنه، أو الإخلاص طريق عليَّ من غير اعوجاج يؤدي إلى الوصول إلى كرامتي ولقائي، ﴿إنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ﴾ أي: ليس لك حجة وتسلط على أحد منهم، فمن أين لك الاختيار في غوايتهم، ﴿إلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوِينَ﴾ لكن من اتبعك هو من الغاوين، أو الاستثناء متصل ويكون كالتصديق لقول إبليس، ﴿وإنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُم﴾ أي: الغاوين، ﴿أجْمَعِين﴾ تأكيد للضمير، ﴿لَها سَبْعَةُ أبْوابٍ﴾ سبعة أطباق، وعن علي - رضى الله عنه - إن أبواب جهنم هكذا، ووضع إحدى يديه على الأخرى، أي: بعضها فوق بعض أو سبعة منازل لكل منزل باب، ﴿لِكُلِّ بابٍ﴾ طبقة أو منزل، ﴿مِنهُمْ﴾ من أتباعه، ﴿جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ أفرز له، ومنهم حال من الجزاء، أو من ضمير الظرف.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب