الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ الآية. معنى: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ هاهنا التنبيه [[لأن الرؤية علمية وليست بصرية. انظر: "تفسير السمرقندي" 2/ 203، وابن عطية 8/ 223، و"تفسير القرطبي" 9/ 354.]] على خَلْق السموات والأرض، وقرأ حمزة والكسائي: ﴿خَالِقَ السَّمَاوَاتِ﴾ على فاعل [[انظر: "السبعة" ص 362، و"إعراب القراءات وعللها" 1/ 334، و"الحجة في القراءات" 203، و"علل القراءات" 1/ 287، و"الحجة للقراء" 5/ 28، و"حجة القراءات" 376، و"الكشف عن وجوه القراءات" 2/ 25، و"التبصرة" 558.]] فمن قرأ: ﴿خَلَقَ﴾ [[هم ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم. انظر المصادر السابقة.]] أخبر بلفظ الماضي على فَعَل؛ لأن ذلك أمرٌ ماض، ومن قرأ: ﴿خَالِقُ﴾ قال هو كقوله: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ﴾ [فاطر: 1]، وقوله تعالى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا﴾ [الأنعام: 96] وكل هذا مما قد فُصِّل ومَضى، ومعنى قوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ ذكرنا الكلام فيه عند قوله: ﴿مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ في سورة يونس [آية: 5]. وقوله تعالى: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ قال ابن عباس والكلبي: يريد أُمِيْتُكم يا معشر الكفار وأخلق قومًا غيركم خيرًا منكم وأطوع، وهو خطاب لأهل مكة [[ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 1/ 316 بنصه عن ابن عباس، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" 4/ 355، والفخر الرازي 19/ 106، فيهما عن ابن عباس، ولم أقف عليه منسوبًا للكلبي.]]. وقال أهل المعاني: دلّ بقوله: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ (على قدرته على الإهلاك والإذهاب؛ لأنه إذا قَدر على خلق السموات والأرض) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).]] قدر على إذهابهم بالهلاك؛ لأن من قدر على الإيجاد قدر على الإفناء [[ورد في "تفسير الطوسي" 6/ 287 بنحوه، وانظر: "تفسير الزمخشري" 2/ 298، و"الفخر الرازي" 19/ 106، وأبي السعود 5/ 41.]]، وأما الجديد، فمصدره الجِدَّة، ويقال: أجَدَّ ثوبًا واسْتَجدَّه، إذا اتخذه جديدًا [[انظر: (جد) في "العين" 7/ 6، و"تهذيب اللغة" 1/ 555، و"المحيط في اللغة" 6/ 392، و"اللسان" (جدد) 1/ 562.]] وأصله من قولهم: قُطع عنه العمل في ابتداء أمره، وقال المازني في قوله [[البيت للنابغة الذبياني.]]: أرَسْمًا جَدِيدًا من سُعادَ تَجَنَّبُ [[وعجزه: عفَتْ روضةُ الأجداد منها فَيثْقُبُ "ديوان النابغة الذبياني" ص 143، وورد في "معجم البلدان" 5/ 431، "التاج" (ثقب) 1/ 338. (الرسم): هو الأثر، (عفت): محت، (يثقب) أي الريح تخرقه فتعفوا آيه؛ أي تمحو آثاره، وقيل: (يثقُبُ) اسم موضع بالبادية، والبيت من قصيدة قالها يصف حوادث الدهر وصروفه في أهله، يقول: ما بالك تحاذر المرور بديار سعاد بعد أن خرّقتها الريح وعفت آثارها.]] أراد بالجديد المقطوع الأثر لدروسه [[لم أقف عليه.]]، وفي ذكر الجديد في الآية دليل على أنه [[هكذا في جميع النسخ: (أنه)، والأظهر: (أن).]] ذلك الخلق الذي يأتي بهم جديدًا هم أفضل من الأول وأطوع لله، كما قال المفسرون [[ورد بنحوه في "تفسير السمرقندي" 2/ 204، والثعلبي 7/ 149 ب، وانظر: "تفسير البغوي" 4/ 343، و"تفسير القرطبي" 9/ 354، و"الخازن" 3/ 74، و"حاشية الجمل على الجلالين" 2/ 525.]]؛ لأنهم لو كانوا كالأول في العصيان لم يكن فائدة في إذهابهم والإتيان بغيرهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب