الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ الآخِرَةَ في [أوَّلِ] السُّورَةِ، ذَكَرَ ما هو ثابِتٌ لا نِزاعَ فِيهِ، ثُمَّ [جَرَّ] الكَلامَ إلَيْهِ هُنا عَلى هَذا الوَجْهِ الغَرِيبِ، وأتْبَعَهُ مِثْلَ أعْمالِ الكُفّارِ في الآخِرَةِ، أتْبَعَ ذَلِكَ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ وعَلى أنَّهُ لا يُسَوِّغُ في الحِكْمَةِ في أعْمالِ الضَّلالِ إلّا الإبْطالَ فَقالَ: ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ﴾ أيِ الَّذِي أحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وقُدْرَةً ﴿خَلَقَ السَّماواتِ﴾ عَلى عِظَمِها وارْتِفاعِها ﴿والأرْضَ﴾ عَلى تَباعُدِ (p-٤٠٢)أقْطارِها واتِّساعِها ﴿بِالحَقِّ﴾ بِالأمْرِ الثّابِتِ مِن وضْعِ كُلِّ شَيْءٍ مِنها في مَوْضِعِهِ عَلى ما تَدْعُو إلَيْهِ الحِكْمَةُ لا بِالخَيالِ والتَّمْوِيهِ كالسِّحْرِ، ومِنَ المَعْلُومِ أنَّهُما ظَرْفٌ، ولا يَكُونُ المَظْرُوفُ الَّذِي هو المَقْصُودُ بِالذّاتِ إلّا مُثْلُ ظَرْفِهِ أوْ أعْلى مِنهُ، فَكَيْفَ يَظُنُّ أنَّهُ يَخْلُقُ شَيْئًا فِيهِما سُدى بِأنْ يَكُونَ باطِلًا فَلا يُبْطِلُهُ، أوْ حَقًّا فَلا يُحِقُّهُ، أمْ كَيْفَ يَتَوَهَّمُ أنَّهُ - مَعَ القُدْرَةِ عَلى إخْراجِهِما [مِنَ العَدَمِ] وهُما أكْبَرُ خَلْقًا [وأعْظَمُ] شَأْنًا - لا يَقْدِرُ عَلى إعادَةِ مِن فِيهِما وهم أضْعَفُ أمْرًا وأصْغَرُ قَدْرًا، أوْ خَلَقَهُما بِسَبَبِ الحَقِّ وهو إعادَةُ النّاسِ إعادَةً يَثْبُتُونَ بِها ويَبْقَوْنَ بَقاءً لا فَناءَ بَعْدَهُ، فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أنَّهُ عَظِيمُ القُدْرَةِ، فَهو بِحَيْثُ ﴿إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ أيْ بِنَوْعٍ مِن أنْواعِ الإذْهابِ: المَوْتُ أوْ غَيْرُهُ ﴿ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ غَيْرُكم أوْ يَأْتِ بِكم بَعْدَ أنْ فَنِيتُمْ بِحَيْثُ تَعُودُونَ - كَما أنْتُمْ - خَلْقًا جَدِيدًا؛ والجَدِيدُ: المَقْطُوعُ عَنْهُ العَمَلِ في الِابْتِداءِ، وأصْلُهُ القَطْعُ، فالجِدِّ أبُ الأبِ، انْقَطَعَ عَنِ الوِلادَةِ بِالأبِ، والجَدُّ ضِدُّ الهَزْلِ، يَقْطَعُ بِهِ المَسافَةَ حَسًّا أوْ مَعْنًى
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب