قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ﴾ روى معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: "طُوبَى شجرةٌ غرسها الله بيده تنبت العلي والحلل، وإن أغصانها لتُرى من وراء سور الجنة" [[أخرجه الطبري 13/ 149 وعلق عليه أحمد شاكر بقوله: وهذا خبر هالك الإسناد. وحسبه ما فيه من أمر (محمد بن زياد) ولم أجده عند غير الطبري، قلت: وقد ترجم لمحمد بن زياد بقوله: كذاب خبيث يضع الحديث اهـ. وأخرجه ابن مرديه عن ابن عباس مرفوعاً كما في "الدر" 4/ 111.]] فعلى هذا طوبى اسم تلك الشجرة، وهو قول أبي هريرة [[الطبري 13/ 147، وعبد الرزاق 2/ 336، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في "الدر" 4/ 634، والثعلبي 7/ 135 أ، و"زاد المسير" 4/ 327.]]، ومغيث بن سمي [[الطبري 13/ 147 - 148 - 149، والثعلبي 7/ 135 أ، و"زاد المسير" 4/ 328، وأبن أبي شيبة 8/ 69.]] وعبيد بن عمير [[الثعلبي 7/ 135 أ.]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 191 أ، الثعلبي 7/ 135 أ.]] ووهب [[الطبري 13/ 148، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 113وابن أبي حاتم كما في "الدر" 4/ 114، والثعلبي 7/ 135 ب.]] وأبي صالح [[أخرجه ابن أبي شيبة 8/ 69، وانظر: "الدر" 4/ 115، والثعلبي 7/ 136 ب، و"زاد المسير" 4/ 328.]] وعكرمة [[روى الطبري 13/ 146 عن عكرمة: (طوبى لهم): نعم ما لهم. وأخرجه ابن أبي شيبة هناد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 111، وروى عنه أيضًا 4/ 111، (طوبى لهم) قال: الجنة. وانظر: "زاد المسير" 4/ 328، القرطبي 9/ 316.]] وابن عباس [[الطبري 13/ 147، و"تفسير كتاب الله العزيز" 2/ 308.]] في رواية عطاء والكلبي [["تنوير المقباس" ص 158، الثعلبي 7/ 136 ب.]]، كل هؤلاء قالوا: إنها شجرة في الجنة، ووَصَفَ كلٌّ منها صفةً يطول ذكرها.
وقال أبو عبيدة [[لم أجده في "مجاز القرآن" 1/ 330.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 148.]] وأهل اللغة [["تهذيب اللغة" (طاب) 3/ 2147، و"اللسان" (طيب) 5/ 2732.]]: (طوبى) فعلى من الطيب.
قال ابن الأنباري [["زاد المسير" 4/ 328.]]: يعني أن تأويلها: الحال المستطابة لهم، وأصلها: (طيبى) فصارت الياء واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، كما تقول في: موسر وموقن، قال: وهذه الكلمة غير مبنية على (أفعل) كالأولى والكبرى، ولذلك جاز إفرادها من الألف واللام ومن الإضافة نحو: سعدى وقربى وزلفى، وعلى هذا معنى طوبى في اللغة: الغبطة وبلوغ أقصى الأمنية والسؤل، وأنشد [[بلا نسبة في "الزاهر" 1/ 558، و"اللسان" (طيب) 5/ 2732 الرسل: اللبن، الطود: الجبل، اليقطين: القرع، الفوم: الخبز والحنطة، ويقال: الثوم.]]:
وطُوبَى لمن يَسْتَبدلُ الطَّوْدَ بالقُرَى ... ورِسْلًا بيَقْطِينِ العِرَاقِ وفُومِهَا
قال الأزهري [[في (ح): (ممن).]]: والعرب تقول: طوبى لك. وطوباك لحن لا تقوله العرب، وهذا قول أكثر النحويين، إلا الأخفش [["تهذيب اللغة" (طاب) 3/ 2147.]] فإنه قال: من العرب من يضيفها فيقول: طوباك.
قال أبو بكر [["معاني القرآن" 2/ 597.]]: (طوباك) مما [["اللسان" (طيب) 5/ 2732، و"الزاهر" 1/ 557.]] يلحن فيه العوام، والصواب: طوبى لك، وهذا الذي ذكرنا من قول أهل اللغة مذهب جماعة من المفسرين.
قال ابن عباس [[الطبري 13/ 146، وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 110 - 111.]] في رواية الوالبي: (طوبى لهم): فرح وقرة أعين، وروى معمر عن قتادة [[الطبري 13/ 146.]] قال: طوبى كلمة عربية، تقول العرب: طوبى لك إن فعلت كذا وكذا، أي أصبت خيرًا، وقال عكرمة [["زاد المسير" 4/ 328، القرطبي 9/ 316.]]: (طوبى لهم) نعمى لهم.
وروى سعيد عن قتادة [["زاد المسير" 4/ 328، القرطبي 9/ 316، الطبري 13/ 146، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في "الدر" 13/ 111.]] قال: الحسنى لهم.
وقال الضحاك [[الطبري 16/ 435، و"زاد المسير" 4/ 328، وأبو الشيخ كما في "الدر" 13/ 111.]]: غبطة لهم، وقال الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 148.]]: العيش الطيب لهم، فهذا الذي ذكرنا، قولان في هذه الكلمة، أحدهما: أنها اسم شجرة، والثاني: أنها فعلى من الطيب.
وفيها قول ثالث وهو: ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس [[الطبري 13/ 146، و"زاد المسير" 4/ 328، والقرطبي 9/ 316 وابن أبي حاتم كما في "الدر" 4/ 111، و"المهذب" للسيوطي (115)، و"المعرب" للجواليقي (226).]]: طوبى اسم الجنة بالحبشة، وقال الربيع [[القرطبي 9/ 316.]] وسعيد بن مشجوج [[الطبري 13/ 147، و"زاد المسير" 4/ 328، وأبو الشيخ كما في "الدر" 4/ 111، و"المهذب" (115)، و"المعرب" 226.]] اسم الجنة بلغة الهند، وعلى هذا الكلمة بما وقع فيه الوفاق بين لغة العرب ولغة غيرهم من الهند أو الحبشة.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابࣲ"}