القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ٢٩ ] ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ طُوبى لَهم وحُسْنُ مَآبٍ﴾
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ طُوبى لَهم وحُسْنُ مَآبٍ﴾ المَوْصُولُ إمّا مُبْتَدَأٌ، و﴿طُوبى لَهُمْ﴾ مُبْتَدَأٌ ثانٍ وخَبَرٌ في مَوْضِعِ الخَبَرِ الأوَّلِ، وإمّا خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ، أيْ هُمْ، وإمّا بَدَلٌ مِن ﴿أنابَ﴾ [الرعد: ٢٧] وجُمْلَةُ ﴿طُوبى لَهُمْ﴾ دُعائِيَّةٌ أوْ خَبَرِيَّةٌ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (طُوبى) مَصْدَرٌ مِن (طابَ) كَبُشْرى وزُلْفى. ومَعْنى (طُوبى لَكَ) أصَبْتَ خَيْرًا وطَيِّبًا، ومَحَلُّها النَّصْبُ أوِ الرَّفْعُ.كَقَوْلِكَ: طَيِّبًا لَكَ، وطَيِّبٌ لَكَ، وسَلامًا لَكَ وسَلامٌ لَكَ. والقِراءَةُ في قَوْلِهِ " وحُسْنُ مَآبٍ" بِالرَّفْعِ والنَّصْبِ تَدُلُّكَ عَلى مَحَلَّيْها. واللّامُ في ﴿لَهُمْ﴾ لِلْبَيانِ مِثْلَها في (سُقْيًا لَكَ)، والواوُ في (طُوبى) مُنْقَلِبَةٌ عَنْ ياءٍ، لِضَمَّةِ ما قَبْلَها. قالَ ثَعْلَبٌ: قُرِئَ ((طُوبًى لَهُمْ)) بِالتَّنْوِينِ.
قالَ الفاسِيُّ: ومَن نَوَّنَ ﴿طُوبى﴾ جَعَلَهُ مَصْدَرًا بِغَيْرِ ألِفٍ، كَسُقْيا. وزَعَمَ بَعْضُهم أنَّها كَلِمَةٌ أعْجَمِيَّةٌ، وفي (لِسانِ العَرَبِ) عَنْ قَتادَةَ، أنَّها كَلِمَةٌ عَرَبِيَّةٌ، تَقُولُ العَرَبُ: طُوبى لَكَ إنْ فَعَلْتْ كَذا وكَذا، وأنْشَدَ:
؎طُوبى لِمَن يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بِالقُرى ورِسْلًا بِيَقْطِينِ العِراقِ وفُومِها
الرِّسْلُ: اللَّبَنُ، والطَّوْدُ: الجَبَلُ، والفُومُ: الخُبْزُ والحِنْطَةُ. كَذا في (تاجِ العَرُوسِ).
{"ayah":"ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابࣲ"}