الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ﴾ [هود: 42] أي الفلك ﴿فِي مَوْجٍ﴾ جمع موجة، وهي قطعة عظيمة ترتفع عن جملة الماء الكثير، وأعظم ما يكون ذلك إذا اشتدت [[ساقط من (ب).]] الريح وماج البحر، وتموج: إذا اضطربت أمواجه وتحركت، ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ﴾، قال محمد بن إسحاق [["زاد المسير" 4/ 109، القرطبي 9/ 38، ابن كثير 2/ 489، الطبري 12/ 45.]]: كان كافرًا واسمه يام، وقال الكلبي ومقاتل [["تفسير مقاتل" 146 أ، البغوي 4/ 178، "زاد المسير" 4/ 109، القرطبي 9/ 38، الثعلبي 7/ 43 ب.]]: اسمه كنعان. ﴿وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ﴾، قال أبو إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 54.]] وابن الأنباري: أي من دين نوح؛ لأنه كان كافرًا مخالفاً عن نوح، خارجا عن [[في (ب): (من).]] جمعه أهل دينه، قالا: ويجوز أن يكون في معزل من السفينة، قال أبو بكر: وهذا أشبه بظاهر القرآن، لأنه اعتزل السفينة وهو يظن أن الجبل يمنعه من الغرق، والمعزل في اللغة معناه: موضع منقطع عن غيره، وأصله من العزل وهو التنحية والإبعاد. يقال: كنت بمعزل عن كذا، أي بموضع قد عزل منه. وقوله تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا﴾، وقرئ [[اختلف القراء في (يا بني) فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة وابن عامر والكسائي (يا بُني) مضافة بكسر الياء. وقرأ حفص عن عاصم (يا بنيَّ) بالفتح في كل القرآن، ووافقه في هذا الموضع فقط أبو بكر عن عاصم. "السبعة" 334، "التبصرة" 539، "النشر" 3/ 115، "إتحاف" ص 256، "الحجة" 4/ 333.]] بفتح الياء، قال أبو علي [["الحجة" 4/ 333 - 341 باختصار وتصرف.]]: الوجه الكسر، وذلك أن اللام من ابن "ياء" [[ساقط من (ي).]] أو "واو"، فإذا حقرت ألحقت ياء التحقير، فلزم أن ترد اللام التي حذفت؛ لأنك لو لم تردها لوجب أن تحرك ياء التحقير بحركات الإعراب، وتعاقبها عليها، وهي لا تحرك أبدًا بحركة الإعراب ولا غيرها؛ لأنها لو حركت للزم أن تنقلب كما تنقلب سائر حروف اللين، إذا كانت حرف إعراب نحو: عصا وقفا، ولو انقلبت بطلت دلالتها على التحقير، فلهذا ردت اللام، فإذا رددتها وأضفت إلى نفسك اجتمعت ثلاث ياآت: الأولى منها للتحقير، والثانية لام الفعل، والثالثة التي للإضافة، تقول: (هذا بني)، فإذا ناديته جاز فيه وجهان: إثبات الياء وحذفها، والاختيار حذف الياء التي للإضافة وإبقاء الكسرة دلالة عليه نحو: يا غلامِ، وهذا الوجه هو الجيد عنهم؛ وذلك أن الياء ينبغي أن تحذف في هذا الموضع لمشابهتها التنوين، وذاك من أجل ما بينهما من المقاربة، ومن ثم أدغم في الواو والياء وهو على حرف، كما أن التنوين كذلك، فأجريت الياء مجرى التنوين في حذفها من المنادى، ومن قرأ (يا بنيَّ) بفتح الباء فإنه أراد الإضافة [[في (ي): (إضافته).]] أيضاً كما أرادها من قرأ بالكسر، لكنه أبدل من الكسرة الفتحة ومن الياء الألف فصار يا بنيا كما قال [[القائل هو: أبو النجم العجلي في أرجوزة له يخاطب امرأته أم الخيار. وهي ابنة عمه، ولها يقول: قد أصبحت أم الخيار تدعي ... عليّ ذنبًا كله لم أصنع وقوله: (واهجعي) أي: اسكني أو نامي. انظر: سيبويه 1/ 318، "المحتسب" 4/ 238، "شرح أبيات المغني" 6/ 159 - 161، "الحجة" 4/ 91. "تهذيب اللغة" (هجع) 4/ 3720، "اللسان" (هجع) 8/ 4621، "خزانة الأدب" 1/ 364، "الدرر" 5/ 58، اللسان (عمم) 5/ 3111، "المقاصد النحوية" 4/ 224، "نوادر أبى زيد" 19.]]: يا ابنة عما لا تلومي واهجعي ثم حذف الألف كما تحذف الياء في ياء بني، وقد حذفت الياء التي للإضافة إذا أبدلت الألف منها، أنشد أبو الحسن [[البيت لم ينسب، وهو من شواهد "الخصائص" 3/ 135، "المحتسب" 1/ 277 ، 323، الخزانة 1/ 63، "اللسان" 7/ 4087، (لهف)، وانظر: "معاني القرآن" للأخفش 1/ 241، "الأشباه والنظائر" 2/ 63، 179، "الإنصاف" ص 330 ، "أوضح المسالك" 4/ 37، "سر صناعة الإعراب" 2/ 521، "المقاصد النحوية" 4/ 248.]]: فلست بمدرك ما فات مني ... بـ (لهف) ولابـ (ليت) ولا (لو اني) قال: قوله بلهف إنما هو بلهفا فحذف الألف، والألف بدل عن ياء الإضافة. وقال أبو عثمان [[" الخصائص" لابن جني 3/ 135.]]: وضع الألف مكان الياء في الإضافة مطرد، وأجاز: يا زيدا أقبل إذا أردت الإضافة، قال: وعلى هذا قراءة من قرأ: (يا أبت) بالفتح، وأنشد [[البيت لعمرة الخثعمية في "شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي / 1082، ولها أو لدرنا بنت عبعبة في "المقاصد النحوية" 3/ 472، البيت مع آخر بعده في "النوادر" 365، نسبهما لامرأة من بني سعد جاهلية، وفي "اللسان" 1/ 17 مادة (أبي) ونسبهما إلى درني بنت سيار بن ضبرة ترثي أخويها، ويقال لعمرة الخيثمية، وقولها (وابأبا هما) تريد: وإبأبي هما. وبلا نسبة في "شرح المفصل" 2/ 12.]]: لقد زَعَموا أنّي جَزعتُ عَليهما ... وهل جزعٌ أن قلتُ وابأبا هما [[إلى هنا انتهى النقل عن أبي علي من "الحجة" 4/ 333 - 341، باختصار وتصرف.]] وكل ما ذكرنا هاهنا معنى كلام أبي إسحاق [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 54.]] وزاد فقال: يجوز أن يكون حذف ياء الإضافة في قول من كسر؛ لسكونها وسكون الراء في ﴿أرْكَب﴾، والآية بيان عن حال ما عظم شأنه، وتفاقم أمره، من سفينة تجري في موج كالجبال، بماء قد طبق الأرض وعمّ الخلق إلا من نجاه الله، ومع ذلك فابن نوح يرى هذا كله فلا يؤمن ويقول: ﴿سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب