الباحث القرآني
﴿وقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إنِّي أخافُ عَلَيْكم مِثْلَ يَوْمِ الأحْزابِ﴾ [غافر: ٣٠] ﴿مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ والَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وما اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبادِ﴾ [غافر: ٣١] ﴿ويا قَوْمِ إنِّي أخافُ عَلَيْكم يَوْمَ التَّنادِ﴾ ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكم مِنَ اللَّهِ مِن عاصِمٍ ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ﴾ ﴿ولَقَدْ جاءَكم يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ في شَكٍّ مِمّا جاءَكم بِهِ حَتّى إذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن هو مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ ﴿الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أتاهم كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ﴾ ﴿وقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ﴾ ﴿أسْبابَ السَّماواتِ فَأطَّلِعَ إلى إلَهِ مُوسى وإنِّي لَأظُنُّهُ كاذِبًا وكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إلّا في تَبابٍ﴾ ﴿وقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أهْدِكم سَبِيلَ الرَّشادِ﴾ ﴿يا قَوْمِ إنَّما هَذِهِ الحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وإنَّ الآخِرَةَ هي دارُ القَرارِ﴾ ﴿مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إلّا مِثْلَها ومَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أوْ أُنْثى وهو مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ .
(p-٤٤٥)الجُمْهُورُ: عَلى أنَّ هَذا المُؤْمِنَ هو الرَّجُلُ القائِلُ: ( ﴿أتَقْتُلُونَ رَجُلًا﴾ [غافر: ٢٨]، قَصَّ اللَّهُ أقاوِيلَهُ إلى آخَرِ الآياتِ.
لَمّا رَأى ما لَحِقَ فِرْعَوْنَ مِنَ الخَوَرِ والخَوْفِ، أتى بِنَوْعٍ آخَرَ مِنَ التَّهْدِيدِ، وخَوَّفَهم أنْ يُصِيبَهم ما أصابَ الأُمَمَ السّابِقَةَ مِنَ اسْتِئْصالِ الهَلاكِ حِينَ كَذَّبُوا رُسُلَهم، وقَوِيَتْ نَفْسُهُ حَتّى سَرَدَ عَلَيْهِ ما سَرَدَ، ولَمْ يَهَبْ فِرْعَوْنَ.
وقالَتْ فِرْقَةٌ: بَلْ كَلامُ ذَلِكَ المُؤْمِنِ قَدْ تَمَّ، وإنَّما أرادَ تَعالى بِالَّذِي آمَنَ بِمُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - واحْتَجُّوا بِقُوَّةِ كَلامِهِ، وأنَّهُ جَنَحَ مَعَهم بِالإيمانِ، وذَكَرَ عَذابَ الآخِرَةِ وغَيْرَ ذَلِكَ، ولَمْ يَكُنْ كَلامُ الأوَّلِ إلّا عَلانِيَةً لَهم، وأفْرَدَ اليَوْمَ، إمّا لِأنَّ المَعْنى مِثْلُ أيّامِ الأحْزابِ، أوْ أرادَ بِهِ الجَمْعَ، أيْ: مِثْلَ أيّامِ الأحْزابِ؛ لِأنَّهُ مَعْلُومٌ أنَّ كُلَّ حِزْبٍ كانَ لَهُ يَوْمٌ. والأحْزابُ: الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلى أنْبِياءِ اللَّهِ.
و﴿مِثْلَ دَأْبِ﴾ [غافر: ٣١]، قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: بَدَلٌ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَطْفُ بَيانٍ.
وقالَ الزَّجّاجُ: مِثْلَ يَوْمِ حِزْبٍ، و(دَأبِ) عادَتُهم ودَيْدَنُهم في الكُفْرِ والمَعاصِي.
﴿وما اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبادِ﴾ [غافر: ٣١]، أيْ: إنَّ إهْلاكَهُ إيّاهم كانَ عَدْلًا مِنهُ، وفِيهِ مُبالَغَةٌ في نَفْيِ الظُّلْمِ، حَيْثُ عَلَّقَهُ بِالإرادَةِ. فَإذا نَفاهُ عَنِ الإرادَةِ، كانَ نَفْيُهُ عَنِ الوُقُوعِ أوْلى وأحْرى.
ولَمّا خَوَّفَهم أنْ يَحِلَّ بِهِمْ في الدُّنْيا ما حَلَّ بِالأحْزابِ، خَوَّفَهم أمْرَ الآخِرَةِ فَقالَ، تَعَطُّفًا لَهم بِنِدائِهِمْ: ﴿ويا قَوْمِ إنِّي أخافُ عَلَيْكم يَوْمَ التَّنادِ﴾ وهو يَوْمُ الحَشْرِ. والتَّنادِي مَصْدَرُ تَنادى القَوْمُ أيْ: نادى بَعْضُهم بَعْضًا. قالَ الشّاعِرُ:(p-٤٦٤)
؎تَنادَوْا فَقالُوا أرَدْتَ الخَيْلَ فارِسًا فَقُلْتُ أعَبُدُ اللَّهَ ذَلِكُمُ الرَّدِي
وسُمِّيَ يَوْمَ التَّنادِي، إمّا لِنِداءِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِالوَيْلِ والثُّبُورِ، وإمّا لِتَنادِي أهْلِ الجَنَّةِ وأهْلِ النّارِ عَلى ما ذُكِرَ في سُورَةِ الأعْرافِ، وإمّا لِأنَّ الخَلْقَ يُنادَوْنَ إلى المَحْشَرِ، وإمّا لِنِداءِ المُؤْمِنِ: ﴿هاؤُمُ اقْرَءُوا كِتابِيَهْ﴾ [الحاقة: ١٩]، والكافِرِ: ﴿يالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٥] . وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: التَّنادْ، بِسُكُونِ الدّالِ في الوَصْلِ أجْراهُ مَجْرى الوَقْفِ، وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، والضِّحاكُ، وأبُو صالِحٍ، والكَلْبِيُّ، والزَّعْفَرانِيُّ، وابْنُ مِقْسَمٍ: التَّنادِّ، بِتَشْدِيدِ الدّالِ: مِن نَدَّ البَعِيرُ إذا هَرَبَ. كَما قالَ: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِن أخِيهِ﴾ [عبس: ٣٤] الآيَةَ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وغَيْرُهُ: في ﴿التَّنادِ﴾ خَفِيفَةُ الدّالِ هو التَّنادِي، أيْ: يَكُونُ بَيْنَ النّاسِ عِنْدَ النَّفْخِ في الصُّوَرِ، ونَفْخَةِ الفَزَعِ في الدُّنْيا، وأنَّهم يَفِرُّونَ عَلى وُجُوهِهِمْ لِلْفَزَعِ الَّتِي نالَهم، ويُنادِي بَعْضُهم بَعْضًا.
ورُوِيَ هَذا التَّأْوِيلُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ .
وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ التَّذَكُّرُ بِكُلِّ نِداءٍ في القِيامَةِ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلى الكُفّارِ والعُصاةِ. انْتَهى.
قالَ أُمَيَّةُ بْنُ أبِي الصَّلْتِ:
؎وبَثَّ الخَلْقَ فِيها إذْ دَحاها ∗∗∗ فَهم سُكّانُها حَتّى التَّنادِي
وفِي الحَدِيثِ: «إنَّ لِلنّاسِ جَوْلَةً يَوْمَ القِيامَةِ يَنِدُّونَ»، يَظُنُّونَ أنَّهم يَجِدُونَ مَهْرَبًا؛ ثُمَّ تَلا: ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾ .
قالَ مُجاهِدٌ: مَعْناهُ فارِّينَ. وقالَ السُّدِّيُّ: ﴿ما لَكم مِنَ اللَّهِ مِن عاصِمٍ﴾ في فِرارِكم حَتّى تُعَذَّبُوا في النّارِ.
وقالَ قَتادَةُ: ما لَكم في الِانْطِلاقِ إلَيْها مِن عاصِمٍ، أيْ: مانِعٍ، يَمْنَعُكم مِنها، أوْ ناصِرٍ.
ولَمّا يَئِسَ المُؤْمِنُ مِن قَبُولِها قالَ: ﴿ومَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ﴾ .
ثُمَّ أخَذَ يُوَبِّخُهم عَلى تَكْذِيبِ الرُّسُلِ، بِأنَّ يُوسُفَ قَدْ جاءَهم بِالبَيِّناتِ. والظّاهِرُ أنَّهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، وفِرْعَوْنُ هو فِرْعَوْنُ مُوسى، ورَوى أشْهَبُ عَنْ مالِكٍ أنَّهُ بَلَغَهُ أنَّ فِرْعَوْنَ عَمَّرَ أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وأرْبَعِينَ سَنَةً.
وقِيلَ: بَلِ الجائِي إلَيْهِمْ هو يُوسُفُ بْنُ إبْراهِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، وأنَّ فِرْعَوْنَ هو فِرْعَوْنُ، غَيْرُ فِرْعَوْنَ مُوسى.
و﴿بِالبَيِّناتِ﴾: بِالمُعْجِزاتِ. فَلَمْ يَزالُوا شاكِّينَ في رِسالَتِهِ كافِرِينَ، حَتّى إذا تُوُفِّيَ، ﴿قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا﴾ ) . ولَيْسَ هَذا تَصْدِيقًا لِرِسالَتِهِ، وكَيْفَ وما زالُوا في شَكٍّ مِنهُ، وإنَّما المَعْنى: لا رَسُولَ مِن عِنْدِ اللَّهِ فَيَبْعَثَهُ إلى الخَلْقِ، فَفِيهِ نَفْيُ الرَّسُولِ، ونَفْيُ بَعْثَتِهِ.
وقُرِئَ: (ألَنْ يَبْعَثَ)، بِإدْخالِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهامِ عَلى حَرْفِ النَّفْيِ، كَأنَّ بَعْضَهم يُقَرِّرُ بَعْضًا عَلى نَفْيِ البَعْثَةِ.
(كَذَلِكَ) أيْ: مِثْلُ إضْلالِ اللَّهِ إيّاكم، أيْ: حِينَ لَمْ تَقْبَلُوا مِن يُوسُفَ، ﴿يُضِلُّ اللَّهُ مَن هو مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾: يَعْنِيهِمْ؛ إذْ هُمُ المُسْرِفُونَ المُرْتابُونَ في رِسالاتِ الأنْبِياءِ.
وجَوَّزُوا في ﴿الَّذِينَ يُجادِلُونَ﴾ أنْ تَكُونَ صِفَةً لِـ (مَن)، وبَدَلًا مِنهُ: أيْ مَعْناهُ جَمْعٌ ومُبْتَدَأٌ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، أيْ: جِدالُ الَّذِينَ يُجادِلُونَ، حَتّى يَكُونَ الضَّمِيرُ في ﴿كَبُرَ﴾ عائِدًا عَلى ذَلِكَ أوَّلًا، أوْ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، والفاعِلُ بِـ ﴿كَبُرَ﴾ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلى الجَدَلِ المَفْهُومِ مِن قَوْلِهِ: ﴿يُجادِلُونَ﴾، أوْ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلى (مَن) عَلى لَفْظِها، عَلى أنْ يَكُونَ (الَّذِينَ) صِفَةً، أوْ بَدَلًا أُعِيدَ أوَّلًا عَلى لَفْظِ (مَن) في قَوْلِهِ: ﴿هُوَ مُسْرِفٌ كَذّابٌ﴾ [غافر: ٢٨] . ثُمَّ جَمَعَ الَّذِينَ عَلى مَعْنى (مَن)، ثُمَّ أفْرَدَ في قَوْلِهِ: ﴿كَبُرَ﴾ عَلى لَفْظِ (مَن) .
وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ ﴿الَّذِينَ يُجادِلُونَ﴾ مُبْتَدَأً و﴿بِغَيْرِ سُلْطانٍ أتاهُمْ﴾ خَبَرًا، وفاعِلُ ﴿كَبُرَ﴾ قَوْلُهُ: (كَذَلِكَ)، أيْ: ﴿كَبُرَ مَقْتًا﴾ مِثْلَ ذَلِكَ الجِدالِ، و﴿يَطْبَعُ اللَّهُ﴾ كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ، ومَن قالَ: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ﴾ جِدالُهم، فَقَدْ حَذَفَ الفاعِلَ، والفاعِلُ لا يَصِحُّ حَذْفُهُ. انْتَهى، وهَذا الَّذِي أجازَهُ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِثْلُهُ في كَلامٍ فَصِيحٍ، (p-٤٦٥)فَكَيْفَ في كَلامِ اللَّهِ ؟ لِأنَّ فِيهِ تَفْكِيكَ الكَلامِ بَعْضِهِ مِن بَعْضٍ، وارْتِكابُ مَذْهَبِ الصَّحِيحِ خِلافُهُ.
أمّا تَفْكِيكُ الكَلامِ، فالظّاهِرُ أنَّ ﴿بِغَيْرِ سُلْطانٍ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِـ ﴿يُجادِلُونَ﴾، ولا يُتَعَقَّلُ جَعْلُهُ خَبَرًا لِلَّذِينِ؛ لِأنَّهُ جارٌّ ومَجْرُورٌ، فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: ﴿الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِ اللَّهِ﴾: كائِنُونُ، أوْ مُسْتَقِرُّونَ، ﴿بِغَيْرِ سُلْطانٍ﴾، أيْ: في غَيْرِ سُلْطانٍ؛ لِأنَّ الباءَ إذا ذاكَ ظَرْفِيَّةٌ خَبَرٌ عَنِ الجُثَّةِ، وكَذَلِكَ في قَوْلِهِ يَطْبَعُ أنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ فِيهِ تَفْكِيكُ الكَلامِ؛ لِأنَّ ما جاءَ في القُرْآنِ مِن ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ﴾، أوْ نَطْبَعُ، إنَّما جاءَ مَرْبُوطًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَكَذَلِكَ هُنا. وأمّا ارْتِكابُ مَذْهَبِ الصَّحِيحِ خِلافُهُ، فَجَعَلَ الكافَ اسْمًا فاعِلًا بِـ ﴿كَبُرَ﴾، وذَلِكَ لا يَجُوزُ عَلى مَذْهَبِ البَصْرِيِّينَ إلّا الأخْفَشَ، ولَمْ يَثْبُتْ في كَلامِ العَرَبِ، أعْنِي نَثْرَها: جاءَنِي كَزَيْدٍ، تُرِيدُ: مِثْلَ زَيْدٍ، فَلَمْ تَثْبُتِ اسْمِيَّتُها، فَتَكُونُ فاعِلَةً.
وأمّا قَوْلُهُ: ومَن قالَ إلى آخِرِهِ، فَإنَّ قائِلَ ذَلِكَ وهو الحَوْفِيُّ، والظَّنُّ بِهِ أنَّهُ فَسَّرَ المَعْنى ولَمْ يُرِدِ الإعْرابَ. وأمّا تَفْسِيرُ الإعْرابِ أنَّ الفاعِلَ بِـ ﴿كَبُرَ﴾ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلى الجِدالِ المَفْهُومِ مِن ﴿يُجادِلُونَ﴾، كَما قالُوا: مَن كَذَبَ كانَ شَرًّا لَهُ، أيْ: كانَ هو، أيِ: الكَذِبُ المَفْهُومُ مِن كَذَبَ. والأوْلى في إعْرابِ هَذا الكَلامِ أنْ يَكُونَ ﴿الَّذِينَ﴾ مُبْتَدَأً وخَبَرُهُ ﴿كَبُرَ﴾، والفاعِلُ ضَمِيرُ المَصْدَرِ المَفْهُومِ مِن ﴿يُجادِلُونَ﴾، وهَذِهِ الصِّفَةُ مَوْجُودَةٌ في فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ، ويَكُونُ الواعِظُ لَهم قَدْ عَدَلَ عَنْ مُخاطَبَتِهِمْ إلى الِاسْمِ الغائِبِ، لِحُسْنِ مُحاوَرَتِهِ لَهم واسْتِجْلابِ قُلُوبِهِمْ، وإبْرازِ ذَلِكَ في صُورَةِ تَذْكِيرِهِمْ، ولا يُفَجِئُهم بِالخِطابِ. وفي قَوْلِهِ: ﴿كَبُرَ مَقْتًا﴾ ضَرْبٌ مِنَ التَّعَجُّبِ والِاسْتِعْظامِ لِجِدالِهِمْ والشَّهادَةِ عَلى خُرُوجِهِ عَنْ حَدِّ إشْكالِهِ مِنَ الكَبائِرِ.
(كَذَلِكَ) أيْ: مِثْلَ ذَلِكَ الطَّبْعِ عَلى قُلُوبِ المُجادِلِينَ، ﴿يَطْبَعُ اللَّهُ﴾ أيْ: يَخْتِمُ بِالضَّلالَةِ ويَحْجُبُ عَنِ الهُدى. وقَرَأ أبُو عَمْرِو بْنُ ذَكْوانَ، والأعْرَجُ، بِخِلافٍ عَنْهُ: (قَلْبٍ) بِالتَّنْوِينِ، وصَفَ القَلْبَ بِالتَّكَبُّرِ والجَبَرُوتِ، لِكَوْنِهِ مَرْكَزَهُما ومَنبَعَهُما، كَما يَقُولُونَ: رَأتِ العَيْنُ، وكَما قالَ: ﴿فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، والإثْمُ: الجُمْلَةُ، وأجازَ الزَّمَخْشَرِيُّ أنْ يَكُونَ عَلى حَذْفِ المُضافِ، أيْ: عَلى كُلِّ ذِي قَلْبٍ مُتَكَبِّرٍ، بِجَعْلِ الصِّفَةِ لِصاحِبِ القَلْبِ. انْتَهى، ولا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلى اعْتِقادِ الحَذْفِ.
وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ: ﴿قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ﴾ بِالإضافَةِ، والمُضافُ فِيهِ العامُّ عامٌّ، فَلَزِمَ عُمُومُ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ. وقالَ مُقاتِلٌ: المُتَكَبِّرُ: المُعانِدُ في تَعْظِيمِ أمْرِ اللَّهِ، والجَبّارُ: المُسَلَّطُ عَلى خَلْقِ اللَّهِ.
﴿وقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾، أقْوالُ فِرْعَوْنَ: ذَرُونِي أقْتُلُ مُوسى، ما أُرِيكم إلّا ما أرى، يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحًا، حَيْدَةٌ عَنْ مُحاجَّةِ مُوسى، ورُجُوعٌ إلى أشْياءَ لا تَصِحُّ، وذَلِكَ كُلُّهُ لِما خامَرَهُ مِنَ الجَزَعِ والخَوْفِ وعَدَمِ المُقاوَمَةِ، والتَّعَرُّفِ أنَّ هَلاكَهُ وهَلاكَ قَوْمِهِ عَلى يَدِ مُوسى، وأنَّ قُدْرَتَهُ عَجَزَتْ عَنِ التَّأْثِيرِ في مُوسى، هَذا عَلى كَثْرَةِ سَفْكِهِ الدِّماءَ.
وتَقَدَّمَ الكَلامُ في الصَّرْحِ في سُورَةِ القَصَصِ فَأغْنى عَنْ إعادَتِهِ.
قالَ السُّدِّيُّ: الأسْبابُ: الطُّرُقُ. وقالَ قَتادَةُ: الأبْوابُ؛ وقِيلَ: عَنى لَعَلَّهُ يَجِدُ مَعَ قُرْبِهِ مِنَ السَّماءِ سَبَبًا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وما أدّاكَ إلى شَيْءٍ فَهو سَبَبٌ، وأبْهَمَ أوَّلًا الأسْبابَ، ثُمَّ أبْدَلَ مِنها ما أوْضَحَها. والإيضاحُ بَعْدَ الإبْهامِ يُفِيدُ تَفْخِيمَ الشَّيْءِ، إذْ في الإبْهامِ تَشَوُّقٌ لِلْمُرادِ، وتَعَجُّبٌ مِنَ المَقْصُودِ، ثُمَّ بِالتَّوْضِيحِ يَحْصُلُ المَقْصُودُ ويَتَعَيَّنُ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿فَأطَّلِعُ﴾ رَفْعًا، عَطْفًا عَلى ﴿أبْلُغُ﴾ فَكِلاهُما مُتَرَجًّى. وقَرَأ الأعْرَجُ، وأبُو حَيْوَةَ، وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، والزَّعْفَرانِيُّ، وابْنُ مِقْسَمٍ، وحَفْصٌ: ﴿فَأطَّلِعَ﴾، بِنَصْبِ العَيْنِ. وقالَ أبُو القاسِمِ بْنُ جِبارَةَ، وابْنُ عَطِيَّةَ: عَلى جَوابِ التَّمَنِّي. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَلى جَوابِ التَّرَجِّي، تَشْبِيهًا لِلتَّرَجِّي بِالتَّمَنِّي. انْتَهى.
وقَدْ فَرَّقَ النُّحاةُ بَيْنَ التَّمَنِّي والتَّرَجِّي، فَذَكَرُوا أنَّ التَّمَنِّيَ يَكُونُ في المُمْكِنِ والمُمْتَنِعِ، والتَّرَجِّيَ يَكُونُ في المُمْكِنِ.
وبُلُوغُ أسْبابِ السَّماواتِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، لَكِنَّ فِرْعَوْنَ أبْرَزَ ما لا يُمْكِنُ في صُورَةِ المُمْكِنِ تَمْوِيهًا عَلى سامِعِيهِ.
وأمّا النَّصْبُ بَعْدَ الفاءِ في جَوابِ التَّرَجِّي فَشَيْءٌ أجازَهُ الكُوفِيُّونَ ومَنَعَهُ البَصْرِيُّونَ، واحْتَجَّ (p-٤٦٦)الكُوفِيُّونَ بِهَذِهِ القِراءَةِ وبِقِراءَةِ عاصِمٍ، ﴿فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى﴾ [عبس: ٤] في سُورَةِ عَبَسَ، إذْ هو جَوابُ التَّرَجِّي في قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّهُ يَزَّكّى﴾ [عبس: ٣] ﴿أوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى﴾ [عبس: ٤] . وقَدْ تَأوَّلْنا ذَلِكَ عَلى أنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلى التَّوَهُّمِ؛ لِأنَّ خَبَرَ لَعَلَّ كَثِيرًا جاءَ مَقْرُونًا بِأنْ في النَّظْمِ كَثِيرًا، وفي النَّثْرِ قَلِيلًا.
فَمَن نَصَبَ تَوَهَّمَ أنَّ الفِعْلَ المَرْفُوعَ الواقِعَ خَبَرًا كانَ مَنصُوبًا بِأنْ، والعَطْفُ عَلى التَّوَهُّمِ كَثِيرٌ، وإنْ كانَ لا يَنْقاسُ، لَكِنْ إنْ وقَعَ شَيْءٌ وأمْكَنَ تَخْرِيجُهُ عَلَيْهِ خَرَجَ، وأمّا هُنا، ﴿فَأطَّلِعَ﴾ فَقَدْ جَعَلَهُ بَعْضُهم جَوابًا لِلْأمْرِ، وهو قَوْلُهُ: ﴿ابْنِ لِي صَرْحًا﴾، كَما قالَ الشّاعِرُ:
؎يا ناقُ سِيرِي عُنُقًا فَسِيحًا ∗∗∗ إلى سُلَيْمانَ فَنَسْتَرِيحا
ولَمّا قالَ: ﴿فَأطَّلِعَ إلى إلَهِ مُوسى﴾، كانَ ذَلِكَ إقْرارًا بِإلَهِ مُوسى، فاسْتَدْرَكَ هَذا الإقْرارَ بِقَوْلِهِ: ﴿وإنِّي لَأظُنُّهُ﴾ أيْ: في ادِّعاءِ الإلَهِيَّةِ، كَما قالَ في القَصَصِ: ﴿لَعَلِّي أطَّلِعُ إلى إلَهِ مُوسى وإنِّي لَأظُنُّهُ مِنَ الكاذِبِينَ﴾ [القصص: ٣٨] .
﴿وكَذَلِكَ﴾ أيْ: مِثْلَ ذَلِكَ التَّزْيِينِ في إيهامِ فِرْعَوْنَ أنَّهُ يَطَّلِعُ إلى إلَهِ مُوسى.
﴿زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ . وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ﴾ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ؛ وقُرِئَ: (زَيَّنَ) مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿وصُدَّ﴾ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ أيْ: وصَدَّ فِرْعَوْنُ؛ والكُوفِيُّونَ: بِضَمِّ الصّادِ مُناسِبًا لِـ ﴿زُيِّنَ﴾ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ؛ وابْنُ وثّابٍ: بِكَسْرِ الصّادِ، أصْلُهُ صَدُدَ، نَقُلَتِ الحَرَكَةُ إلى الصّادِ بَعْدَ تَوَهُّمِ حَذْفِها؛ وابْنُ إسْحاقَ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِي بَكْرَةَ، بِفَتْحِ الصّادِ وضَمِّ الدّالِ، مُنَوَّنَةً عَطْفًا عَلى ﴿سُوءُ عَمَلِهِ﴾ . والتِّبابُ: الخُسْرانُ، خَسِرَ مُلْكَهُ في الدُّنْيا فِيها بِالغَرَقِ، وفي الآخِرَةِ بِخُلُودِ النّارِ، وتَكَرَّرَ وعْظُ المُؤْمِنِ إثْرَ كَلامِ فِرْعَوْنَ بِنِدائِهِ قَوْمَهُ مَرَّتَيْنِ، مُتْبِعًا كُلَّ نِداءٍ بِما فِيهِ زَجْرٌ واتِّعاظٌ لَوْ وُجِدَ مَن يَقْبَلُ، وأمَرَ هُنا بِاتِّباعِهِ؛ لِأنْ يَهْدِيَهم سَبِيلَ الرَّشادِ.
وقَرَأ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِشَدِّ الشِّينِ، وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى ذَلِكَ. والرَّدُّ عَلى مَن جَعَلَ هَذِهِ القِراءَةَ في كَلامِ فِرْعَوْنَ، وأجْمَلَ أوَّلًا في قَوْلِهِ: ﴿سَبِيلَ الرَّشادِ﴾، وهو سَبِيلُ الإيمانِ بِاللَّهِ واتِّباعِ شَرْعِهِ.
ثُمَّ فَسَّرَ، فافْتَتَحَ بِذَمِّ الدُّنْيا وبِصِغَرِ شَأْنِها، وأنَّها مَتاعٌ زائِلٌ، هي ومَن تَمَتَّعَ بِها، وأنَّ الآخِرَةَ هي دارُ القَرارِ الَّتِي لا انْفِكاكَ مِنها، إمّا إلى جَنَّةٍ، وإمّا إلى نارٍ.
وكَذَلِكَ قالَ: ﴿مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إلّا مِثْلَها﴾ . وقَرَأ أبُو رَجاءٍ، وشَيْبَةُ، والأعْمَشُ، والأخَوانِ، والصّاحِبانِ، وحَفْصٌ: ﴿يَدْخُلُونَ﴾ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ، وباقِي السَّبْعَةِ، والأعْرَجُ، والحَسَنُ، وأبُو جَعْفَرٍ، وعِيسى: مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ.
{"ayahs_start":32,"ayahs":["وَیَـٰقَوۡمِ إِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ یَوۡمَ ٱلتَّنَادِ","یَوۡمَ تُوَلُّونَ مُدۡبِرِینَ مَا لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِنۡ عَاصِمࣲۗ وَمَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادࣲ","وَلَقَدۡ جَاۤءَكُمۡ یُوسُفُ مِن قَبۡلُ بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَمَا زِلۡتُمۡ فِی شَكࣲّ مِّمَّا جَاۤءَكُم بِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَن یَبۡعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِهِۦ رَسُولࣰاۚ كَذَ ٰلِكَ یُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ مُّرۡتَابٌ","ٱلَّذِینَ یُجَـٰدِلُونَ فِیۤ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَیۡرِ سُلۡطَـٰنٍ أَتَىٰهُمۡۖ كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۚ كَذَ ٰلِكَ یَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّرࣲ جَبَّارࣲ","وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ یَـٰهَـٰمَـٰنُ ٱبۡنِ لِی صَرۡحࣰا لَّعَلِّیۤ أَبۡلُغُ ٱلۡأَسۡبَـٰبَ","أَسۡبَـٰبَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰۤ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّی لَأَظُنُّهُۥ كَـٰذِبࣰاۚ وَكَذَ ٰلِكَ زُیِّنَ لِفِرۡعَوۡنَ سُوۤءُ عَمَلِهِۦ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِیلِۚ وَمَا كَیۡدُ فِرۡعَوۡنَ إِلَّا فِی تَبَابࣲ","وَقَالَ ٱلَّذِیۤ ءَامَنَ یَـٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُونِ أَهۡدِكُمۡ سَبِیلَ ٱلرَّشَادِ","یَـٰقَوۡمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا مَتَـٰعࣱ وَإِنَّ ٱلۡـَٔاخِرَةَ هِیَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ","مَنۡ عَمِلَ سَیِّئَةࣰ فَلَا یُجۡزَىٰۤ إِلَّا مِثۡلَهَاۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنࣱ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ یُرۡزَقُونَ فِیهَا بِغَیۡرِ حِسَابࣲ"],"ayah":"أَسۡبَـٰبَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰۤ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّی لَأَظُنُّهُۥ كَـٰذِبࣰاۚ وَكَذَ ٰلِكَ زُیِّنَ لِفِرۡعَوۡنَ سُوۤءُ عَمَلِهِۦ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِیلِۚ وَمَا كَیۡدُ فِرۡعَوۡنَ إِلَّا فِی تَبَابࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق