الباحث القرآني

﴿وقاتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾، هَذا خِطابٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ بِالجِهادِ في سَبِيلِ اللَّهِ، وتَقَدَّمَتْ تِلْكَ القِصَّةُ - كَما قُلْنا - تَنْبِيهًا لِهَذِهِ الأُمَّةِ أنْ لا تَفِرَّ مِنَ المَوْتِ كَفِرارِ أُولَئِكَ، وتَشْجِيعًا لَها وتَثْبِيتًا. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والضَّحّاكِ: أنَّهُ أمْرٌ لِمَن أحْياهُمُ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِمْ بِالجِهادِ، أيْ: وقالَ لَهم قاتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ. وقالَ الطَّبَرِيُّ: لا وجْهَ لِهَذا القَوْلِ. انْتَهى. والَّذِي يَظْهَرُ القَوْلُ الأوَّلُ، وأنَّ هَذِهِ الآيَةَ مُلْتَحِمَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿حافِظُوا عَلى الصَّلَواتِ﴾ [البقرة: ٢٣٨]، وبِقَوْلِهِ: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أوْ رُكْبانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩]؛ لِأنَّ في هَذا إشْعارًا بِلِقاءِ العَدُوِّ، ثُمَّ ما جاءَ بَيْنَ هاتَيْنِ الآيَتَيْنِ جاءَ كالِاعْتِراضِ؛ فَقَوْلُهُ: ﴿ولِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٤١] تَتْمِيمٌ أوْ تَوْكِيدٌ لِبَعْضِ أحْكامِ المُطَلَّقاتِ، وقَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ﴾ [البقرة: ٢٤٣] اعْتِبارٌ بِمَن مَضى مِمَّنْ فَرَّ مِنَ المَوْتِ، فَماتَ، أنْ لا نَنْكُصَ ولا نُحْجِمَ عَنِ القِتالِ، وبَيانُ المُقاتِلِ فِيهِ، وأنَّهُ سَبِيلُ اللَّهِ فِيهِ حَثٌّ عَظِيمٌ عَلى القِتالِ؛ إذْ كانَ الإنْسانُ يُقاتِلُ لِلْحَمِيَّةِ، ولِنَيْلِ عَرَضٍ مِنَ الدُّنْيا. والقِتالُ في سَبِيلِ اللَّهِ مُوَرِّثٌ لِلْعِزِّ الأبَدِيِّ والفَوْزِ السَّرْمَدِيِّ. ﴿واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، يَسْمَعُ ما يَقُولُهُ المُتَخَلِّفُونَ عَنِ القِتالِ والمُتَبادِرُونَ إلَيْهِ، ويَعْلَمُ ما انْطَوَتْ عَلَيْهِ النِّيّاتُ؛ فَيُجازِي عَلى ذَلِكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب