الباحث القرآني

﴿وَقَـٰتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ ۝٢٤٤﴾ - تفسير

٩٨١٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- في قوله: ﴿ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت﴾، يقول: عدد كثير خرجوا فِرارًا من الجهاد في سبيل الله، فأماتهم الله حتى ذاقوا الموتَ الذي فرُّوا منه، ثم أحْياهم، وأمرهم أن يُجاهِدوا عدَّوهم، فذلك قوله تعالى: ﴿وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم﴾. وهم الذين قالوا لنبيِّهم: ابعث ملِكًا نقاتل في سبيل الله[[أخرجه ابن جرير ٤/٤١٥، وابن أبي حاتم ٢/٤٥٦.]]. (٣/١١٩)

٩٨١٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج- في الآية، قال: كانوا أربعين ألفًا وثمانية آلاف، حُظِرَ عليهم حظائر، وقد أرْوَحَتْ أجسادُهم وأَنتَنُوا، فإنّها لَتُوجَدُ اليومَ في ذلك السِّبْطِ من اليهودِ تلك الرِّيحُ، خرجوا فِرارًا من الجهاد في سبيل الله، فأماتهم، ثم أحياهم فأمرهم بالجهاد، فذلك قوله: ﴿وقاتلوا في سبيل الله﴾[[أخرجه ابن جرير ٤/٤١٨. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]٩٤٠. (٣/١٢٠)

٩٤٠ وجَّهَ ابن عطية (١/٦١١) قولَ ابن عباس، والضحاك، فقال: «وقال ابن عباس والضحاك: الأمرُ بالقتال هو للذين أُحْيُوا من بني إسرائيل. فالواو على هذا عاطفةٌ على الأمر المتقدم، والمعنى: وقال لهم: قاتِلوا».

٩٨١٧- عن الضحاك بن مُزاحِم -من طريق علي بن الحكم-: ... فأماتهم الله، ثُمَّ أحياهم، ثم أمرهم أن يرجعوا إلى الجهاد في سبيل الله، فذلك قوله: ﴿وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٢/٤٥٩ (٢٤٢٦).]]. (ز)

٩٨١٨- عن هلال بن يَساف، في الآية، قال: هؤلاء قومٌ من بني إسرائيل، كانوا إذا وقع فيهم الطاعونُ خرج أغنياؤُهم وأشرافُهم، وأقام فقراؤُهم وسَفِلَتُهم، فاستحرَّ القتلُ على المقيمين، ولم يُصِب الآخَرِين شيءٌ، فلما كان عامٌ من تلك الأعوام قالوا: لو صنَعْنا كما صنعوا نَجَوْنا. فظَعَنوا جميعًا، فأُرْسِل عليهم الموت، فصاروا عِظامًا تَبْرُقُ، فجاءهم أهل القرى، فجمعوهم في مكان واحد، فمرَّ بهم نبي، فقال: يا رب، لو شئتَ أحييتَ هؤلاء فعَمَّرُوا بلادك، وعَبَدُوك. فقال: قُل كذا وكذا. فتكلَّم به، فنظر إلى العظام تُرَكَّب، ثم تَكَلَّمَ، فإذا العظامُ تُكْسى لحمًا، ثم تكَلَّم، فإذا هم قعود يُسَبِّحون ويُكَبِّرون، ثم قيل لهم: ﴿وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم﴾[[أخرجه آدم بن ابي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٢٤٠-، وابن جرير ٤/٤٢٢-٤٢٣، وابن أبي حاتم ٢/٤٥٧.]]٩٤١. (٣/١١٨)

٩٤١ انتَقَدَ ابنُ جرير (٤/٤٢٧-٤٢٨) قولَ مَن قال: إنّ قوله تعالى: ﴿وقاتلوا في سبيل الله﴾ هو أمرٌ للذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت؛ لمخالفته للغة العرب، والدلالات العقلية، فقال: «ولا وجْهَ لقولِ مَن زعم أنّ قوله: ﴿وقاتلوا في سبيل الله﴾ أمْرٌ من الله الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف بالقتال بعد ما أحياهم؛ لأنّ قوله: ﴿وقاتلوا في سبيل الله﴾ لا يخلو إن كان الأمر على ما تَأَوَّلوه من أحد أمور ثلاثة: إما أن يكون عطفًا على قوله: ﴿فقال لهم الله موتوا﴾، وذلك من المحال أن يميتهم ويأمرهم وهم موتى بالقتال في سبيله. أو يكون عطفًا على قوله: ﴿ثم أحياهم﴾، وذلك أيضًا مما لا معنى له؛ لأن قوله: ﴿وقاتلوا في سبيل الله﴾ أمر من الله بالقتال، وقوله: ﴿ثم أحياهم﴾ خبر عن فعل قد مضى، وغيرُ فصيحٍ العطفُ بخبر مُسْتَقْبَلٍ على خبر ماضٍ لو كانا جميعًا خبرين لاختلاف معنييهما؛ فكيف عطف الأمر على خبرٍ ماضٍ؟! أو يكون معناه: ثم أحياهم وقال لهم: قاتلوا في سبيل الله، ثم أسقط القول، كما قال -تعالى ذكره-: ﴿ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا﴾ بمعنى: يقولون: ربنا، أبصرنا وسمعنا. وذلك أيضًا إنما يجوز في الموضع الذي يدلُّ ظاهرُ الكلام على حاجته إليه، ويفهم السامعُ أنّه مُرادٌ به الكلام، وإن لم يُذْكَر، فأمّا في الأماكن التي لا دلالة على حاجة الكلام إليه، فلا وجْه لدعوى مُدَّعٍ أنّه مُراد فيها». وبنحوه قال ابنُ عطية (١/٦١١): «ولا وجه لِقَوْل من قال: إن الأمر بالقتال هو للذين أُحْيُوا». وظاهر قول ابن جرير ما ذكره ابنُ عطية (١/٦١٠) بقوله: «وجَعَلَ اللهُ تعالى هذه الآية مُقَدمَةً بين يدي أمره المؤمنين من أمة محمد بالجهاد. هذا قول الطبري، وهو ظاهر رَصْف الآية».

٩٨١٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ لقولهم: إنّ الأرض التي نُبْعَثُ إليها فيها الطاعون، ﴿عَلِيمٌ﴾ بذلك، حَتّى إنّه لَيُوجَدُ في ذلك السِّبْطِ من اليهود ريحٌ كريح الموتى[[تفسير مقاتل بن سليمان ١/٢٠٢. وفي تفسير الثعلبي ٢/٢٠٢-٢٠٣، وتفسير البغوي ١/٢٩٢-٢٩٣ نحوه منسوبًا إلى مقاتل دون تعيينه.]]. (ز)

﴿وَقَـٰتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ ۝٢٤٤﴾ - آثار متعلقة بالآية

٩٨٢٠- عن عائشة، قالتْ: سألتُ رسول الله ﷺ عن الطاعون. فأخبرني: أنّه كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء، وجعله رحمة للمؤمنين، فليس مِن رجلٍ يقع الطاعونُ ويمكث في بلده صابِرًا مُحْتَسِبًا، يعلم أنّه لا يصيبه إلا ما كتب الله له؛ إلا كان له مثلُ أجرِ الشهيد[[أخرجه البخاري ٤/١٧٥ (٣٤٧٤).]]. (٣/١٢٠)

٩٨٢١- عن عبد الرحمن بن عوف: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول في الطاعون: «إذا سَمِعْتُم به بأرضٍ فلا تَقْدَمُوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فِرارًا منه»[[أخرجه البخاري ٧/١٣٠ (٥٧٣٠)، ومسلم ٤/١٧٤٠ (٢٢١٩) بطوله.]]. (٣/١٢٠)

٩٨٢٢- عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: «الفارُّ مِن الطاعون كالفارِّ من الزَّحْفِ، والصّابِرُ فيه كالصابر في الزَّحْفِ»[[أخرجه أحمد ٢٢/٣٦٥ (١٤٤٧٨). وفي إسناده عمرو بن جابر الحضرمي؛ قال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ ٣/١٦٥٠ (٣٦٨٩): «وعمرو ليس بثقة، متروك الحديث». وقال العراقي في تخريج الإحياء ص١٦٥٣: «بإسناد ضعيف». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٢/٤٢٥ (١٨٢٣): «رواه عبد بن حميد وأحمد بن حنبل، ومدار إسنادهما على عمرو بن جابر الحضرمي، وهو ضعيف». وقال ابن حجر في الفتح ١٠/١٨٨: «وسنده صالح للمتابَعات». وقال علي القاري في مرقاة المفاتيح ٣/١١٥٥ (١٥٩٧): «رواه أحمد بإسناد حسن».]]. (٣/١٢١)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب