الباحث القرآني
﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَما سَمِعَهُ﴾، الظّاهِرُ أنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلى الوَصِيَّةِ بِمَعْنى الإيصاءِ، أيْ: فَمَن بَدَّلَ الإيصاءَ عَنْ وجْهِهِ إنْ كانَ مُوافِقًا لِلشَّرْعِ، مِنَ الأوْصِياءِ والشُّهُودِ بَعْدَ ما سَمِعَهُ سَماعَ تَحَقُّقٍ وتَثَبُّتٍ، وعَوْدُهُ عَلى الإيصاءِ أوْلى مِن عَوْدِهِ عَلى الوَصِيَّةِ: لِأنَّ تَأْنِيثَ الوَصِيَّةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ: لِأنَّ ذَلِكَ لا يُراعى في الضَّمائِرِ المُتَأخِّرَةِ عَنِ المُؤَنَّثِ المَجازِيِّ، بَلْ يَسْتَوِي المُؤَنَّثُ الحَقِيقِيُّ والمَجازِيُّ في ذَلِكَ، تَقُولُ: هِنْدٌ خَرَجَتْ، والشَّمْسُ طَلَعَتْ، ولا يَجُوزُ طَلَعَ إلّا في الشِّعْرِ، والتَّذْكِيرُ عَلى مُراعاةِ المَعْنى وارِدٌ في لِسانِهِمْ، ومِنهُ:
؎كَخُرْعُوبَةِ البانَةِ المُنْفَطِرْ
ذَهَبَ إلى مَعْنى القَضِيبِ، كَأنَّهُ قالَ: كَقَضِيبِ البانَةِ، ومِنهُ في العَكْسِ: جاءَتْهُ كِتابِي فاحْتَقَرَها، عَلى مَعْنى الصَّحِيفَةِ. والضَّمِيرُ في ﴿سَمِعَهُ﴾ عائِدٌ عَلى الإيصاءِ كَما شَرَحْناهُ، وقِيلَ: يَعُودُ عَلى أمْرِ اللَّهِ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ.
وقِيلَ: الهاءُ، في: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ﴾ عائِدَةٌ إلى الفَرْضِ والحُكْمِ، والتَّقْدِيرُ: فَمَن بَدَّلَ الأمْرَ المُقَدَّمَ ذِكْرُهُ، ومَن: الظّاهِرُ أنَّها شَرْطِيَّةٌ، والجَوابُ: ﴿فَإنَّما إثْمُهُ﴾، وتَكُونُ: ”مَن“، عامَّةً في كُلِّ مُبَدِّلٍ: مَن رَضِيَ بِغَيْرِ الوَصِيَّةِ في كِتابَةٍ، أوْ قِسْمَةِ حُقُوقٍ، أوْ شاهِدٍ بِغَيْرِ شَهادَةٍ، أوْ يَكْتُمُها، أوْ غَيْرِهِما مِمَّنْ يَمْنَعُ حُصُولَ المالِ ووُصُولَهُ إلى مُسْتَحِقِّهِ، وقِيلَ: المُرادُ بِـ ”مَن“ مُتَوَلِّي الإيصاءِ دُونَ المُوصِي والمُوصى لَهُ، فَإنَّهُ هو الَّذِي بِيَدِهِ العَدْلُ والجَنَفُ والتَّبْدِيلُ والإمْضاءُ، وقِيلَ: المُرادُ بِـ ”مَن“: هو المُوصِي، نُهِيَ عَنْ تَغْيِيرِ وصِيَّتِهِ عَنِ المَواضِعِ الَّتِي نَهى اللَّهُ عَنِ الوَصِيَّةِ إلَيْها: لِأنَّهم كانُوا يَصْرِفُونَها إلى الأجانِبِ، فَأُمِرُوا بِصَرْفِها إلى الأقْرَبِينَ. ويَتَعَيَّنُ عَلى هَذا القَوْلِ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ﴾، وفي قَوْلِهِ: ﴿بَعْدَما سَمِعَهُ﴾ عائِدًا عَلى أمْرِ اللَّهِ تَعالى في الآيَةِ، وفي قَوْلِهِ: ﴿بَعْدَما سَمِعَهُ﴾ دَلِيلٌ عَلى أنَّ الإثْمَ لا يَتَرَتَّبُ إلّا بِشَرْطِ أنْ يَكُونَ المُبَدِّلُ قَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ، وكَنّى بِالسَّماعِ عَنِ العِلْمِ: لِأنَّهُ طَرِيقُ حُصُولِهِ.
﴿فَإنَّما إثْمُهُ﴾ . الضَّمِيرُ عائِدٌ عَلى الإيصاءِ المُبَدَّلِ، أوْ عَلى المَصْدَرِ المَفْهُومِ مِن ”بَدَّلَهُ“، أيْ: فَإنَّما إثْمُ التَّبْدِيلِ عَلى المُبَدِّلِ، وفي هَذا دَلِيلٌ عَلى أنَّ مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا، فَإنَّما وبالُهُ عَلَيْهِ خاصَّةً، فَإنْ قَصَّرَ الوَصِيُّ في شَيْءٍ مِمّا أوْصى بِهِ المَيِّتُ، لَمْ يَلْحَقِ المَيِّتَ مِن ذَلِكَ شَيْءٌ، وراعى المَعْنى في قَوْلِهِ: ﴿عَلى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ إذْ لَوْ جَرى عَلى نَسَقِ اللَّفْظِ الأوَّلِ لَكانَ ”﴿فَإنَّما إثْمُهُ﴾“ أوْ فَإنَّما إثْمُهُ عَلَيْهِ عَلى الَّذِي يُبَدِّلُهُ، وأتى في جُمْلَةِ الجَوابِ بِالظّاهِرِ مَكانَ المُضْمَرِ لِيُشْعِرَ بِعِلْيَةِ - الإثْمِ الحاصِلِ - وهو التَّبْدِيلُ، وأتى بِصِلَةِ ”الَّذِينَ“ مُسْتَقْبَلَةً جَرْيًا عَلى الأصْلِ، إذْ (p-٢٣)هُوَ مُسْتَقْبَلٌ.
﴿إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ . في هاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ تَهْدِيدٌ ووَعِيدٌ لِلْمُبَدِّلِينَ، فَلا يَخْفى عَلَيْهِ تَعالى شَيْءٌ، فَهو يُجازِيهِمْ عَلى تَبْدِيلِهِمْ شَرَّ الجَزاءِ، وقِيلَ: سَمِيعٌ لِقَوْلِ المُوصِي، عَلِيمٌ بِفِعْلِ المُوصى، وقِيلَ: سَمِيعٌ لِوَصاياهُ، عَلِيمٌ بِنِيّاتِهِ. والظّاهِرُ القَوْلُ الأوَّلُ: لِمَجِيئِهِ في أثَرِ ذِكْرِ التَّبْدِيلِ وما يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ.
{"ayah":"فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعۡدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَاۤ إِثۡمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ یُبَدِّلُونَهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











