الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ﴾ ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ﴾ ﴿تَصْلى نارًا حامِيَةً﴾ الآياتِ. اتَّفَقُوا عَلى أنَّ ”يَوْمَئِذٍ“ يَعْنِي: يَوْمَ القِيامَةِ.
وَقالَ أبُو حَيّانَ: والتَّنْوِينُ فِيهِ تَنْوِينُ عِوَضٍ. وهو تَنْوِينُ عِوَضٍ عَنْ جُمْلَةٍ، ولَمْ تَتَقَدَّمْ جُمْلَةٌ تَصْلُحُ أنْ يَكُونَ التَّنْوِينُ عِوَضًا عَنْها، ولَكِنْ لَمّا تَقَدَّمَ لَفْظُ الغاشِيَةِ. وألْ مَوْصُولَةٌ بِاسْمِ الفاعِلِ، فَتَنْحَلُّ لِلَّتِي غَشِيَتْ، أيْ: لِلدّاهِيَةِ الَّتِي غَشِيَتْ، فالتَّنْوِينُ عِوَضٌ مِن هَذِهِ الجُمْلَةِ الَّتِي انْحَلَّ لَفْظُ الغاشِيَةِ إلَيْها، وإلى المَوْصُولِ الَّذِي هو الَّتِي، وهَذا مِمّا يُرَجِّحُ ويُؤَيِّدُ ما قَدَّمْناهُ، مِن أنَّ الغاشِيَةَ هي القِيامَةُ (p-٥١٠)
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ﴾، بِمَعْنى: ذَلِيلَةٌ. قالَ أبُو السُّعُودِ: هَذا وما بَعْدَهُ وقَعَ جَوابًا عَنْ سُؤالٍ، نَشَأ مِنَ الِاسْتِفْهامِ التَّشْوِيقِيِّ المُتَقَدِّمِ، كَأنَّهُ قِيلَ مِن جانِبِهِ ﷺ: ”ما أتانِي حَدِيثُها“، فَأخْبَرَهُ اللَّهُ تَعالى. فَقالَ: ”وُجُوهٌ“ إلَخْ.
قالَ: ولا بَأْسَ بِتَنْكِيرِها؛ لِأنَّها في مَوْقِعِ التَّنْوِيعِ، أيْ: سَوَّغَ الِابْتِداءَ بِالنَّكِرَةِ كَوْنُها في مَوْقِعِ التَّنْوِيعِ: وُجُوهٌ كَذا، ووُجُوهٌ كَذا.
وَخاشِعَةٌ: خَبَرُ المُبْتَدَأِ، أيْ: وما بَعْدَهُ مِن صِفاتِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ العَمَلُ مَعْرُوفٌ، والنَّصَبُ: التَّعَبُ، وقَدِ اخْتُلِفَ في زَمَنِ العَمَلِ والنَّصَبِ هَذَيْنِ: هَلْ هو كانَ مِنها في الدُّنْيا أمْ هو واقِعٌ مِنهم فِعْلًا في الآخِرَةِ ؟ وما هو عَلى كِلا التَّقْدِيرَيْنِ: فالَّذِينَ قالُوا: هو كانَ مِنهم في الدُّنْيا، مِنهم مَن قالَ: عَمَلٌ ونَصَبٌ في العِباداتِ الفاسِدَةِ: كَعَمَلِ الرُّهْبانِ والقِسِّيسِينَ والمُبْتَدَعَةِ الضّالِّينَ، فَلَمْ يَنْفَعْهم يَوْمَ القِيامَةِ، أيْ: كَما في قَوْلِهِ: ﴿وَقَدِمْنا إلى ما عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣] .
وَمِنهم مَن قالَ: عَمِلَ ونَصَبَ والتَذَّ، فِيما لا يُرْضِي اللَّهَ، فَعامَلَهُ اللَّهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ في الآخِرَةِ، ولَكِنَّ هَذا الوَجْهَ ضَعْفُهُ ظاهِرٌ؛ لِأنَّ مَن هَذِهِ حالُهم لا يُعَدُّونَ في عَمَلٍ ونَصَبٍ، بَلْ في مُتْعَةٍ ولَذَّةٍ.
والَّذِينَ قالُوا: سَيَقَعُ مِنهم بِالفِعْلِ يَوْمَ القِيامَةِ، اتَّفَقُوا عَلى أنَّهُ عَمَلٌ ونَصَبٌ في النّارِ مِن جَرِّ السَّلاسِلِ، عِياذًا بِاللَّهِ، وصُعُودِهِمْ وهُبُوطِهِمُ الوِهادَ والوِدْيانَ، أيْ: كَما في قَوْلِهِ: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾ [المدثر: ١٧]، وقَوْلِهِ: ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذابًا صَعَدًا﴾ [الجن: ١٧] .
وَقَدْ ذَكَرَ الفَخْرُ الرّازِيُّ تَقْسِيمًا ثُلاثِيًّا، فَقالَ: إمّا أنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ في الدُّنْيا أوْ كُلُّهُ في الآخِرَةِ، أوْ بَعْضُهُ في الدُّنْيا وبَعْضُهُ في الآخِرَةِ، ولَمْ يُرَجِّحْ قِسْمًا مِنها إلّا أنَّ وجْهَ القَوْلِ: بِأنَّها في الدُّنْيا وهي في القِسِّيسِينَ ونَحْوِهِمْ. فَقالَ: لَمّا نَصَبُوا في عِبادَةِ إلَهٍ وصَفُوهُ بِما لَيْسَ مُتَّصِفًا بِهِ، وإنَّما تَخَيَّلُوهُ تَخَيُّلًا، أيْ بِقَوْلِهِمْ: ﴿ثالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ [المائدة: ٧٣]، وقَوْلِهِمْ: ﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٠]، فَكانَتْ عِبادَتُهم لِتِلْكَ الذّاتِ المُتَخَيَّلَةِ لا لِحَقِيقَةِ الإلَهِ سُبْحانَهُ.
(p-٥١١)وَلا يَبْعُدُ أنْ يُقالَ عَلى هَذا الوَجْهِ: إنَّ مَن كانَ مِمَّنْ لا يَنْطِقُ بِالشَّهادَتَيْنِ، ويَعْمَلُ عَلى جَهالَةٍ فِيما لا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ أنْ يُخْشى عَلَيْهِ مِن هَذِهِ الآيَةِ، كَما يُخْشى عَلى مَن يَعْمَلُ عَلى عِلْمٍ، ولَكِنْ في بِدْعَةٍ وضَلالَةٍ.
وَمِمّا يَشْهَدُ لِلْأوَّلِ حَدِيثُ المُسِيءِ صَلاتَهُ. ولِأثَرِ حُذَيْفَةَ: ”رَأى رَجُلًا يُصَلِّي فَطَفِقَ، فَقالَ لَهُ: مُنْذُ كَمْ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلاةَ ؟ قالَ: مُنْذُ أرْبَعِينَ سَنَةً. قالَ لَهُ: ما صَلَّيْتَ مُنْذُ أرْبَعِينَ سَنَةً، ولَوْ مُتَّ عَلى ذَلِكَ، مُتَّ عَلى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ“ .
والأحادِيثُ الوارِدَةُ في ذَلِكَ عَلى سَبِيلِ العُمُوماتِ، مِثْلُ قَوْلِهِ ﷺ: «مَن عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أمْرِي فَهو رَدٌّ» أيْ: مَرْدُودٌ.
وَحَدِيثُ الحَوْضِ: «فَيُذادُ أقْوامٌ عَنْ حَوْضِي، فَأقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقالُ: إنَّكَ لا تَدْرِي ماذا أحْدَثُوا بَعْدَكَ؛ إنَّهم غَيَّرُوا وبَدَّلُوا» .
وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمّا يُوجِبُ الِانْتِباهَ إلى صِحَّةِ العَمَلِ، ومُوافَقَتِهِ لِما جاءَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ .
وَكَذَلِكَ القِسْمُ الثّانِي، كَما في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ﴾ الآيَةَ [الكهف: ١٠٣ - ١٠٤] .
أمّا الرّاجِحُ مِنَ القَوْلَيْنِ في زَمَنِ: ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ﴾ في صَبَّةٍ أهُوَ في الدُّنْيا أمْ في الآخِرَةِ ؟ فَإنَّهُ القَوْلُ بِيَوْمِ القِيامَةِ، وهو مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وجَماعَةٍ، والأدِلَّةُ عَلى ذَلِكَ مِن نَفْسِ السِّياقِ.
وَلِابْنِ تَيْمِيَّةَ كَلامٌ جَيِّدٌ جِدًّا في هَذا التَّرْجِيحِ، ولَمْ أقِفْ عَلى قَوْلٍ لِغَيْرِهِ أقْوى مِنهُ، نَسُوقُ مُجْمَلَهُ لِلْفائِدَةِ:
قالَ في المَجْمُوعِ في تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ بَعْدَ حِكايَةِ القَوْلَيْنِ: الحَقُّ هو الثّانِي لِوُجُوهٍ، وساقَ سَبْعَةَ وُجُوهٍ:
الأوَّلُ: أنَّهُ عَلى القَوْلِ الثّانِي يَتَعَلَّقُ الظَّرْفُ بِما يَلِيهِ، أيْ: وُجُوهٌ يَوْمَ الغاشِيَةِ، خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ صالِيَةٌ. أمّا عَلى القَوْلِ الأوَّلِ فَلا يَتَعَلَّقُ إلّا بِقَوْلِهِ: ”تَصْلى“ . ويَكُونُ قَوْلُهُ: ”خاشِعَةٌ“ صِفَةً لِلْوُجُوهِ، قَدْ فَصَلَ بَيْنَها وبَيْنَ المَوْصُوفِ بِأجْنَبِيٍّ مُتَعَلِّقٍ بِصِفَةٍ أُخْرى. والتَّقْدِيرُ: وُجُوهٌ (p-٥١٢)خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ يَوْمَئِذٍ تَصْلى نارًا حامِيَةً، والتَّقْدِيمُ والتَّأْخِيرُ عَلى خِلافِ الأصْلِ، فالأصْلُ إقْرارُ الكَلامِ عَلى نَظْمِهِ وتَرْتِيبِهِ، لا تَغْيِيرُ تَرْتِيبِهِ، والتَّقْدِيمُ والتَّأْخِيرُ إنَّما يَكُونُ مَعَ قَرِينَةٍ.
والثّانِي: أنَّ اللَّهَ ذَكَرَ وُجُوهَ الأشْقِياءِ ووُجُوهَ السُّعَداءِ في السُّورَةِ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ﴾ ﴿لِسَعْيِها راضِيَةٌ﴾ ﴿فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ﴾ [الغاشية: ٨ - ١٠]، أيْ: في ذَلِكَ اليَوْمِ، وهو يَوْمُ الآخِرَةِ: فالواجِبُ تَناظُرُ القِسْمَيْنِ، أيْ: في الظَّرْفِ.
الثّالِثُ: أنَّ نَظِيرَ هَذَيْنِ القِسْمَيْنِ ما ذُكِرَ في مَوْضِعٍ آخَرَ في قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ﴾ ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ﴾ ﴿تَظُنُّ أنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢ - ٢٥]، وفي مَوْضِعٍ آخَرَ في قَوْلِهِ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ﴾ ﴿ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ﴾ ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ﴾ ﴿تَرْهَقُها قَتَرَةٌ﴾ ﴿أُولَئِكَ هُمُ الكَفَرَةُ الفَجَرَةُ﴾ [عبس: ٣٨ - ٤٢]، وهَذا كُلُّهُ وصْفٌ لِلْوُجُوهِ في الآخِرَةِ.
الرّابِعُ: أنَّ المُرادَ بِالوُجُوهِ أصْحابُها؛ لِأنَّ الغالِبَ في القُرْآنِ وصْفُ الوُجُوهِ بِالعَلامَةِ كَقَوْلِهِ: ﴿سِيماهم في وُجُوهِهِمْ﴾ [الفتح: ٢٩]، وقَوْلِهِ: ﴿فَلَعَرَفْتَهم بِسِيماهُمْ﴾ [محمد: ٣٠]، وهَذا الوَجْهُ لَمْ تَتَّضِحْ دَلالَتُهُ عَلى المَقْصُودِ.
الخامِسُ: أنَّ قَوْلَهُ: ﴿خاشِعَةٌ﴾ ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ﴾، لَوْ جُعِلَ صِفَةً لَهم في الدُّنْيا لَمْ يَكُنْ في هَذا اللَّفْظِ ذَمٌّ؛ فَإنَّ هَذا إلى المَدْحِ أقْرَبُ، وغايَتُهُ أنَّهُ وصْفٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ عِبادِهِ المُؤْمِنِينَ وعِبادِهِ الكافِرِينَ، والذَّمُّ لا يَكُونُ بِالوَصْفِ المُشْتَرَكِ، ولَوْ أُرِيدَ المُخْتَصُّ لَقِيلَ: خاشِعَةٌ لِلْأوْثانِ مَثَلًا، عامِلَةٌ لِغَيْرِ اللَّهِ، ناصِبَةٌ في طاعَةِ الشَّيْطانِ، ولَيْسَ في القُرْآنِ ذَمٌّ لِهَذا الوَصْفِ مُطْلَقًا ولا وعِيدٌ عَلَيْهِ، فَحَمْلُهُ عَلى هَذا المَعْنى خُرُوجٌ عَنِ الخِطابِ المَعْرُوفِ في القُرْآنِ، وهَذا الوَجْهُ مِن أقْواها في المَعْنى، وأوْضَحِها دَلالَةً.
وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ أنَّ هَؤُلاءِ قَدْ يَكُونُ مِنهُمُ العَوامُّ المَغْرُورُونَ بِغَيْرِهِمْ، ويَنْدَمُونَ غايَةَ النَّدَمِ يَوْمَ القِيامَةِ عَلى اتِّباعِهِمْ إيّاهم، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أرِنا الَّذَيْنِ أضَلّانا مِنَ الجِنِّ والإنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الأسْفَلِينَ﴾ [فصلت: ٢٩] .
السّادِسُ: - وهو مُهِمٌّ أيْضًا - أنَّهُ لَوْ جُعِلَ لَهم في الدُّنْيا؛ لَكانَ خاصًّا بِبَعْضِ الكُفّارِ دُونَ (p-٥١٣)بَعْضٍ، وكانَ مُخْتَصًّا بِالعِبادِ مِنهم، مَعَ أنَّ غَيْرَ العِبادِ مِنهم يَكُونُونَ أسْوَأ عَمَلًا، ويَسْتَوْجِبُونَ أشَدَّ عُقُوبَةٍ.
السّابِعُ: أنَّ هَذا الخِطابَ لَوْ جُعِلَ لَهم في الدُّنْيا؛ لَكانَ مِثْلُهُ يَنْفِرُ مِن أصْلِ العِبادَةِ والتَّنَسُّكِ ابْتِداءً، أيْ: وقَدْ جاءَتِ السُّنَّةُ بِتَرْكِ أصْحابِ الصَّوامِعِ والمُتَنَسِّكِينَ، دُونَ التَّعَرُّضِ لَهم بِقَتْلٍ ولا قِتالٍ، كَما أنَّها أقَرَّتْ أصْحابَ الدِّياناتِ عَلى دِياناتِهِمْ، مِمّا يُشْعِرُ بِاحْتِرامِ أصْلِ التَّعَبُّدِ لِعُمُومِ الجِنْسِ، كَما أشارَ.
وَقَدْ أوْرَدْنا مُجْمَلَ كَلامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِئَلّا تُتَّخَذَ الآيَةُ عَلى غَيْرِ ما هو الرّاجِحُ فِيها، أوْ يُحْمَلُ السِّياقُ عَلى غَيْرِ ما سِيقَ لَهُ، وقَدْ خَتَمَ كَلامَهُ بِتَوْجِيهٍ لَطِيفٍ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ إذا قُيِّدَ ذَلِكَ بِعِبادَةِ الكُفّارِ والمُبْتَدَعَةِ، ولَيْسَ في الخِطابِ تَقْيِيدٌ، كانَ هَذا سَعْيًا في إصْلاحِ الخَطّابِ بِما لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ. اهـ.
وَمَنِ الَّذِي يُعْطِي نَفْسَهُ حَقَّ إصْلاحِ الخِطابِ في كَلامِ رَبِّ العالَمِينَ، إنَّها لَفْتَةٌ إلى ضَرُورَةِ ومَدى أهَمِّيَّةِ تَفْسِيرِ القُرْآنِ بِالقُرْآنِ، الَّذِي نَهَجَهُ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعالى عَلَيْنا وعَلَيْهِ - في أضْواءِ البَيانِ في تَفْسِيرِ القُرْآنِ بِالقُرْآنِ.
وَقَدْ بَدا لِي وجْهٌ آخَرُ، وهو لَوْ جَعَلَ هَذا العَمَلَ الكُفّارَ والمُبْتَدِعَةَ؛ لَكانَ مَنطُوقُهُ: أنَّ العَذابَ وقَعَ عَلَيْهِمْ مُجازاةً عَلى عَمَلِهِمْ ونَصَبِهِمْ في عِبادَتِهِمْ تِلْكَ، والحالُ أنَّ عَذابَ الكُفّارِ عُمُومًا إنَّما هو عَلى تَرْكِ العَمَلِ لِلَّهِ وحْدَهُ، وعِقابُ المُبْتَدِعَةِ فِيما ابْتَدَعُوهُ مِن ضَلالٍ، فَإذا كانَ ما ابْتَدَعُوهُ لا عَلاقَةَ لَهُ بِأرْكانِ الإسْلامِ ولا بِالعَقِيدَةِ، وإنَّما هو في فُرُوعٍ مِنَ العِباداتِ ابْتَدَعُوها لَمْ تَكُنْ في السُّنَّةِ، فَإنَّهم وإنْ عَمِلُوا ونَصَبُوا فَلا أجْرَ لَهم فِيها، ولا يُقالُ: إنَّهم يُعَذَّبُونَ عَلَيْها بَطَلَ ذَلِكَ المَذْكُورُ مَعَ سَلامَةِ العَقِيدَةِ في التَّوْحِيدِ، والقِيامِ بِالواجِبِ في أرْكانِ الإسْلامِ، إذِ العَذابُ المَذْكُورُ لَيْسَ مُقابَلًا بِالعَمَلِ والنَّصَبِ المَذْكُورِ. واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
{"ayah":"وُجُوهࣱ یَوۡمَىِٕذٍ خَـٰشِعَةٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق