الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ ألّا تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا﴾ .
المُرادُ بِالآيَةِ هُنا العَلامَةُ، أيِ: اجْعَلْ لِي عَلامَةً أعْلَمُ بِها وُقُوعَ ما بُشِّرْتُ بِهِ مِنَ الوَلَدِ، قالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ: طَلَبَ الآيَةَ عَلى ذَلِكَ لِتَتِمَّ طُمَأْنِينَتُهُ بِوُقُوعِ ما بُشِّرَ بِهِ، ونَظِيرُهُ عَلى هَذا القَوْلِ قَوْلُهُ تَعالى عَنْ إبْراهِيمَ: ﴿قالَ إبْراهِيمُ رَبِّ أرِنِي كَيْفَ تُحْيِ المَوْتى قالَ أوَلَمْ تُؤْمِن قالَ بَلى ولَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠]، وقِيلَ: أرادَ بِالعَلّامَةِ أنْ يَعْرِفَ ابْتِداءَ حَمْلِ امْرَأتِهِ؛ لِأنَّ الحَمْلَ في أوَّلِ زَمَنِهِ يَخْفى.
وَقَوْلُـهُ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿آيَتُكَ ألّا تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا﴾ أيْ: عَلامَتُكَ عَلى وُقُوعِ ذَلِكَ ألّا تُكَلِّمَ النّاسَ، أيْ: أنْ تُمْنَعَ الكَلامَ فَلا تُطِيقُهُ ثَلاثَ لَيالٍ بِأيّامِهِنَّ في حالِ كَوْنِكَ سَوِيًّا، أيْ: سَوِيَّ الخَلْقِ، سَلِيمَ الجَوارِحِ، ما بِكَ خَرَسٌ ولا بُكْمٌ ولَكِنَّكَ مَمْنُوعٌ مِنَ الكَلامِ عَلى سَبِيلِ خَرْقِ العادَةِ، كَما قَدَّمْنا في ”آلِ عِمْرانَ“، أمّا ذِكْرُ اللَّهِ فَلَيْسَ مَمْنُوعًا مِنهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ في ”آلِ عِمْرانَ“: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وسَبِّحْ بِالعَشِيِّ والإبْكارِ﴾ [آل عمران: ٤١]، وقَوْلُ مَن قالَ: إنَّ مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى، ﴿ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا﴾، أيْ: ثَلاثَ لَيالٍ مُتَتابِعاتٍ غَيْرُ صَوابٍ، بَلْ مَعْناهُ هو ما قَدَّمْنا مِن كَوْنِ اعْتِقالِ لِسانِهِ عَنْ كَلامِ قَوْمِهِ لَيْسَ لِعِلَّةٍ ولا مَرَضٍ حَدَثَ بِهِ، ولَكِنْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى وقَدْ قالَ تَعالى هُنا ﴿ثَلاثَ لَيالٍ﴾ ولَمْ يَذْكُرْ مَعَها أيّامَها، ولَكِنَّهُ ذَكَرَ الأيّامَ في ”آلِ عِمْرانَ“، في قَوْلِهِ: ﴿قالَ آيَتُكَ ألّا تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أيّامٍ﴾ [آل عمران: ٤١]، فَدَلَّتِ الآيَتانِ عَلى أنَّها ثَلاثُ لَيالِي بِأيّامِهِنَّ.
وَقَوْلُـهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿ألّا تُكَلِّمَ النّاسَ﴾، يَعْنِي إلّا بِالإشارَةِ أوِ الكِتابَةِ، كَما دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ هُنا: ﴿فَأوْحى إلَيْهِمْ أنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وعَشِيًّا﴾ [مريم: ١١]، وقَوْلُـهُ في ”آلِ (p-٣٧٢)عِمْرانَ“: ﴿قالَ آيَتُكَ ألّا تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أيّامٍ﴾ [آل عمران: ٤١]؛ لِأنَّ الرَّمْزَ: الإشارَةُ والإيماءُ بِالشَّفَتَيْنِ والحاجِبِ، والإيحاءُ في قَوْلِهِ: ﴿فَأوْحى إلَيْهِمْ أنْ سَبِّحُوا﴾ الآيَةَ، قالَ بَعْضُ العُلَماءِ: هو الإشارَةُ وهو الأظْهَرُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﴿إلّا رَمْزًا﴾ كَما تَقَدَّمَ آنِفًا، ومِمَّنْ قالَ بِأنَّ الوَحْيَ في الآيَةِ الإشارَةُ: قَتادَةُ، والكَلْبِيُّ، وابْنُ مُنَبِّهٍ، والعُتْبِيُّ، كَما نَقَلَهُ عَنْهُمُ القُرْطُبِيُّ وغَيْرُهُ، وعَنْ مُجاهِدٍ، والسُّدِّيِّ ﴿فَأوْحى إلَيْهِمْ﴾، أيْ: كَتَبَ لَهم في الأرْضِ، وعَنْ عِكْرِمَةَ: كَتَبَ لَهم في كِتابٍ، والوَحْيُ في لُغَةِ العَرَبِ يُطْلَقُ عَلى كُلِّ إلْقاءٍ في سُرْعَةٍ وخَفاءٍ، ولِذَلِكَ أطْلَقَ عَلى الإلْهامِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَأوْحى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ﴾ الآيَةَ [النحل: ٦٨]، وعَلى الإشارَةِ كَما هو الظّاهِرُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأوْحى إلَيْهِمْ أنْ سَبِّحُوا﴾ الآيَةَ [مريم: ١١]، ويُطْلَقُ عَلى الكِتابَةِ كَما هو القَوْلُ الآخَرُ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، وإطْلاقُ الوَحْيِ عَلى الكِتابَةِ مَشْهُورٌ في كَلامِ العَرَبِ، ومِنهُ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ في مُعَلَّقَتِهِ:
؎فَمَدافِعُ الرَّيّانِ عُرِّيَ رَسْمُها خَلَقًا كَما ضَمِنَ الوُحِيُّ سِلامُها
فَقَوْلُهُ ”الوُحِيُّ“ بِضَمِّ الواوِ وكَسْرِ الحاءِ وتَشْدِيدِ الياءِ، جَمْعُ وحَيٍ بِمَعْنى الكِتابَةِ.
وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:
؎كَوَحْيِ صَحائِفَ مِن عَهْدِ كِسْرى ∗∗∗ فَأهْداها لِأعْجَمَ طِمْطِمِي
وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
؎سِوى الأرْبَعِ الدُّهْمِ اللَّواتِي كَأنَّها ∗∗∗ بَقِيَّةٌ وُحِيٍّ في ونِّ الصَّحائِفِ
وَقَوْلُ جَرِيرٍ:
؎كَأنَّ أخا الكِتابِ يَخُطُّ وحَيًا ∗∗∗ بِكافٍ في مَنازِلِها ولامِ
{"ayah":"قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّیۤ ءَایَةࣰۖ قَالَ ءَایَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَ لَیَالࣲ سَوِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق