الباحث القرآني
فَأعْلَمَ اللَّهُ أنَّهم غَيْرُ مُتَساوِينَ، فَقالَ: ﴿لَيْسُوا سَواءً﴾، وهَذا وقْفُ التَّمامِ، أيْ: لَيْسَ الَّذِينَ ذَكَرْنا مِن أهْلِ الكِتابِ سَواءً، قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: ”لَيْسُوا سَواءً“، جَمْعُ ”لَيْسَ“، وهو مُتَقَدِّمٌ، كَما قالَ القائِلُ: ”أكَلُونِي البَراغِيثُ“، وكَما قالَ: ﴿عَمُوا وصَمُّوا كَثِيرٌ مِنهُمْ﴾ [المائدة: ٧١]، وهَذا لَيْسَ كَما قالَ، لِأنَّ ذِكْرَ أهْلِ الكِتابِ قَدْ جَرى، فَأخْبَرَ اللَّهُ أنَّهم غَيْرُ مُتَساوِينَ، فَقالَ: ”لَيْسُوا سَواءً“، ثُمَّ أنْبَأ بِافْتِراقِهِمْ، فَقالَ: ﴿مِن أهْلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ﴾، قالَ أهْلُ اللُّغَةِ: مَعْنى ”قائِمَةٌ“: مُسْتَقِيمَةٌ، ولَمْ يُبَيِّنُوا حَقِيقَةَ هَذا، وذَكَرَ الأخْفَشُ المَعْنى - ”أُمَّةٌ قائِمَةٌ“ - أيْ: ذَوُو أُمَّةٍ قائِمَةٍ، و”اَلْأُمَّةُ“: اَلطَّرِيقَةُ، مِن ”أمَمْتُ الشَّيْءَ“، إذا قَصَدْتُهُ، فالمَعْنى - واللَّهُ أعْلَمُ -: مِن أهْلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ، أيْ: ذَوُو طَرِيقَةٍ قائِمَةٍ، قالَ النّابِغَةُ الذُّبْيانِيُّ:
؎حَلَفْتُ فَلَمْ أتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً ∗∗∗ وهَلْ يَأْثَمَن ذُو أُمَّةٍ وهْوَ طائِعُ؟!
أيْ: هَلْ يَأْثَمَن ذُو طَرِيقَةٍ مِن طَرائِقِ الدِّينِ وهو طائِعُ؟! فَإنَّما المَعْنى أنَّهُ لا يَسْتَوِي الَّذِينَ قَتَلُوا الأنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، والَّذِينَ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وهم ذَوُو طَرِيقَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ.
(p-٤٥٩)وَمَعْنى ﴿آناءَ اللَّيْلِ﴾، ساعاتِ اللَّيْلِ، قالَ أهْلُ اللُّغَةِ: واحِدُ ”آناءُ اللَّيْلِ“: ”إنْيٌ“، و”آناءُ“، مِثْلُ، ”نِحْيٌ“، و”أنْحاءُ“، وأنْشَدَ أهْلُ اللُّغَةِ في ذَلِكَ قَوْلَ الشّاعِرِ:
؎حُلْوٌ ومُرٌّ كَطَعْمِ القِدْحِ مِرَّتُهُ ∗∗∗ بِكُلِّ إنْيٍ حَذاهُ اللَّيْلُ يَنْتَعِلُ
قالُوا: واحِدُها ”إنًى“، مِثْلَ ”مِعًى“، و”أمْعاءُ“، وحَكى الأخْفَشُ: ”إنْوٌ“ .
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَهم يَسْجُدُونَ﴾، مَعْناهُ: وهم يُصَلُّونَ، لِأنَّ التِّلاوَةَ لَيْسَتْ في السُّجُودِ، وإنَّما ذُكِرَتِ الصَّلاةُ بِالسُّجُودِ، لِأنَّ السُّجُودَ نِهايَةُ ما فِيها مِنَ التَّواضُعِ، والخُشُوعِ، والتَّضَرُّعِ، ومَعْنى ”يَتْلُونَ“، في اللُّغَةِ: يُتْبِعُونَ بَعْضَ الشَّيْءِ بَعْضًا، و”قَدِ اسْتَتْلاكَ الشَّيْءُ“، إذا جَعَلَكَ تَتْبَعُهُ، قالَ الشّاعِرُ:
؎قَدْ جَعَلَتْ دَلْوِي تَسْتَلِينِي ∗∗∗ ولا أُحِبُّ تَبْعَ القَرِينِ
إنْ لَمْ يُرِدْ سَماحَتِي ولِينِي
وَقالَ بَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ: اَلْمَعْنى: مِنهم أُمَّةٌ قائِمَةٌ، وأُمَّةٌ عَلى غَيْرِ ذَلِكَ، وأنْشَدَ في ذَلِكَ قَوْلَ الشّاعِرِ:
؎عَصانِي إلَيْها القَلْبُ إنِّي لِأمْرِهِ ∗∗∗ سَمِيعٌ فَما أدْرِي أرُشْدٌ طِلابُها
وَلَمْ يَقُلْ: ”أمْ هو في غَيٍّ“، لِأنَّ في الكَلامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ، قالَ: والعَرَبُ تُضْمِرُ هَذا إذا عَرَفَتْ مِثْلَ هَذا - عَرَفَتِ المَعْنى -، (p-٤٦٠)وَهَذا الَّذِي قالَ خَطَأٌ فاحِشٌ في مِثْلِ هَذا المَكانِ، لِأنَّ ذِكْرَ أهْلِ الكِتابِ قَدْ جَرى في هَذِهِ القِصَّةِ بِأنَّهم كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ، ويَقْتُلُونَ الأنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَأعْلَمَ اللَّهُ - جَلَّ وعَزَّ - أنَّ مِنهُمُ المُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ هم أُمَّةٌ قائِمَةٌ، فَما الحاجَةُ إلى أنْ يُقالَ: ”غَيْرُ قائِمَةٍ“، وإنَّما المَبْدُوءُ بِهِ هَهُنا ما كانَ مِن فِعْلِ أكْثَرِهِمْ مِنَ الكُفْرِ، والمُشاقَّةِ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَذَكَرَ مَن كانَ مُبايِنًا هَؤُلاءِ، وذُكِرَ في التَّفْسِيرِ أنَّ هَذا يُعْنى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، وأصْحابُهُ، ومَعْنى ﴿وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ﴾ [آل عمران: ١١٤]، هَهُنا: أيْ: يَأْمُرُونَ بِاتِّباعِ النَّبِيِّ ﷺ، ﴿وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ﴾ [آل عمران: ١١٤]، عَنِ الإقامَةِ عَلى مُشاقَّتِهِ ﷺ.
{"ayah":"۞ لَیۡسُوا۟ سَوَاۤءࣰۗ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ أُمَّةࣱ قَاۤىِٕمَةࣱ یَتۡلُونَ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ ءَانَاۤءَ ٱلَّیۡلِ وَهُمۡ یَسۡجُدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق