الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿حم (١) تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) ﴾
قد تقدم بياننا في معنى قوله ﴿حم﴾ . وأما قوله: ﴿تَنزيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ﴾ فإن معناه: هذا تنزيل القرآن من عند الله ﴿العَزِيزِ﴾ في انتقامه من أعدائه ﴿الحَكِيمِ﴾ في تدبيره أمر خلقه.
* * *
وقوله: ﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾
يقول تعالى ذكره: إن في السموات السبع اللاتي منهنّ نزول الغيث، والأرض التي منها خروج الخلق أيها الناس ﴿لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ يقول: لأدلة وحججا للمصدّقين بالحجج إذا تبيَّنوها ورأوها.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤) ﴾
يقول تعالى ذكره: وفى خلق الله إياكم أيها الناس، وخلقه ما تفرّق في الأرض من دابة تدّب عليها من غير جنسكم ﴿آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ يعني: حججا وأدلة لقوم يوقنون بحقائق الأشياء، فيقرّون بها، ويعلمون صحتها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ﴿آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ وفي التي بعد ذلك فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء الكوفة ﴿آياتٌ﴾ رفعا على الابتداء، وترك ردّها على قوله ﴿لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ، وقرأته عامة قرّاء الكوفة ﴿آياتٍ﴾ خفضا بتأويل النصب ردّا على قوله ﴿لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ .
وزعم قارئو ذلك كذلك من المتأخرين أنهم اختاروا قراءته كذلك، لأنه في قراءة أُبيّ في الآيات الثلاثة ﴿لآياتٍ﴾ باللام فجعلوا دخول اللام في ذلك في قراءته دليلا لهم على صحة قراءة جميعه بالخفض، وليس الذي اعتمدوا عليه من الحجة في ذلك بحجة، لأنه لا رواية بذلك عن أبيّ صحيحة، وأبيّ لو صحت به عنه رواية، ثم لم يُعلم كيف كانت قراءته بالخفض أو بالرفع لم يكن الحكم عليه بأنه كان يقرؤه خفضا، بأولى من الحكم عليه بأنه كان يقرؤه رفعا، إذ كانت العرب قد تدخل اللام في خبر المعطوف على جملة كلام تامّ قد عملت في ابتدائها "إن"، مع ابتدائهم إياه، كما قال حُمَيد بن ثَور الهِلاليّ:
إنَّ الخِلافَةَ بَعْدَهُمْ لَذَميمَةٌ ... وَخَلائِفٌ طُرُفٌ لَمِمَّا أحْقِرُ [[لم أجد البيت في ديوان حميد بن ثور الهلالي طبعة دار الكتب المصرية. والخلاف الطرف: هم الذين خلفوا بعد آبائهم القدماء. يقول: إن الخلافة بعد الخلفاء الأولين صارت ذميمة، والخلفاء المحدثون محتقرون في عيني، لأنهم لا يسلكون مسلك آبائهم. والشاهد في البيت أن الشاعر استأنف بالواو جملة من مبتدأ وخبر مرفوعين بعد الجملة الأولى التي مبتدؤها منصوب بأن، وذلك كما في الآية: "إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون". ا. هـ. وقال الفراء في معاني القرآن (الورقة ٢٩٩) قوله " وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات": تقرأ الآيات بالخفض، على تأويل النصب، يرد على قوله "إن في السموات والأرض لآيات". ويقوي الخفض فيها أنها في قراءة عبد الله بن مسعود: لآيات. وفي قراءة أُبي لآيات. والرفع قراءة الناس على الاستئناف فيما بعد أن. والعرب تقول: إن لي عليك مالا، وعلى أخيك مال كثير، فينصبون الثاني ويرفعونه وفي قراءة عبد الله: "وفي اختلاف الليل والنهار" فهذه تقوي خفض الاختلاف. ولو رفع رافع فقال: "واختلاف الليل والنهار آيات" أيضا، يجعل الاختلاف آيات، ولم نسمعه من أحد من القراء. قال: ولو رفع رافع الآيات وفيها اللام، كان صوابا. قال: أنشدني الكسائي "إن الخلافة.." البيت.]]
فأدخل اللام في خبر مبتدأ بعد جملة خبر قد عملت فيه "إن" إذ كان الكلام، وإن ابتدئ منويا فيه إن.
والصواب من القول في ذلك إن كان الأمر على ما وصفنا أن يقال: إن الخفض في هذه الأحرف والرفع قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار قد قرأ بهما علماء من القرّاء صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["حمۤ","تَنزِیلُ ٱلۡكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَكِیمِ","إِنَّ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ","وَفِی خَلۡقِكُمۡ وَمَا یَبُثُّ مِن دَاۤبَّةٍ ءَایَـٰتࣱ لِّقَوۡمࣲ یُوقِنُونَ"],"ayah":"تَنزِیلُ ٱلۡكِتَـٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَكِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق