الباحث القرآني

(p-138)سُورَةُ اَلْجاثِيَةِ وتُسَمّى سُورَةَ اَلشَّرِيعَةِ وسُورَةَ اَلدَّهْرِ كَما حَكاهُ اَلْكَرْمانِيُّ في اَلْعَجائِبِ لِذِكْرِهِما فِيها، وهي مَكِّيَّةٌ قالَ اِبْنُ عَطِيَّةَ: بِلا خِلافٍ، وذَكَرَ اَلْماوَرْدِيُّ إلّا ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا﴾ اَلْآيَةَ فَمَدَنِيَّةٌ، وحَكى هَذا اَلِاسْتِثْناءَ في جَمالِ اَلْقُرّاءِ عَنْ قَتادَةَ، وسَيَأْتِي اَلْكَلامُ في ذَلِكَ إنْ شاءَ اَللَّهُ تَعالى. وهي سَبْعٌ وثَلاثُونَ آيَةً في اَلْكُوفِيِّ وسِتٌّ وثَلاثُونَ في اَلْباقِيَةِ لِاخْتِلافِهِمْ في (حم) هَلْ هي آيَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ أوْ لا، ومُناسِبَةُ أوَّلِها لِآخِرِ ما قَبْلَها في غايَةِ اَلْوُضُوحِ. (بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ) ﴿حم﴾ إنْ جُعِلَ اِسْمًا لِلسُّورَةِ فَمَحَلُّهُ اَلرَّفْعُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ هَذا مُسَمًّى بِحم، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَنْزِيلُ الكِتابِ﴾ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ أُطْلِقَ عَلى اَلْمَفْعُولِ مُبالَغَةً، وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿مِنَ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ﴾ صِلَتُهُ أوْ خَبَرٌ ثالِثٌ أوْ حالٌ مِن ﴿تَنْزِيلُ﴾ عامِلُها مَعْنى اَلْإشارَةِ أوْ مِنَ ﴿الكِتابِ﴾ اَلَّذِي هو مَفْعُولُ مَعْنى عامِلِها اَلْمُضافِ، وقِيلَ: حم مُبْتَدَأٌ وهَذا خَبَرُهُ والكَلامُ عَلى اَلْمُبالَغَةِ أيْضًا أوْ تَأْوِيلِ ﴿تَنْزِيلُ﴾ بِمَنَزَّلٍ، والإضافَةُ مِن إضافَةِ اَلصِّفَةِ لِمَوْصُوفِها، واعْتِبارُ اَلْمُبالَغَةِ أوْلى أيِ اَلْمُسَمّى بِهِ تَنْزِيلُ إلَخْ. وتُعُقِّبَ بِأنَّ اَلَّذِي يُجْعَلُ عُنْوانًا لِلْمَوْضُوعِ حَقُّهُ أنْ يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ مَعْلُومَ اَلِانْتِسابِ إلَيْهِ وإذْ لا عَهْدَ بِالتَّسْمِيَةِ بَعْدُ فَحَقُّها اَلْإخْبارُ بِها، وجَوَّزَ جارُ اَللَّهِ جَعْلَ ﴿حم﴾ مُبْتَدَأً بِتَقْدِيرِ مُضافٍ أيْ تَنْزِيلُ حم و﴿تَنْزِيلُ﴾ اَلْمَذْكُورُ خَبَرُهُ و﴿مِنَ اللَّهِ﴾ صِلَتُهُ، وفِيهِ إقامَةُ اَلظّاهِرِ مَقامَ اَلْمُضْمَرِ إيذانًا بِأنَّهُ اَلْكِتابُ اَلْكامِلُ إنْ أُرِيدَ بِالكِتابِ اَلسُّورَةُ، وفِيهِ تَفْخِيمٌ لَيْسَ في تَنْزِيلِ حم تَنْزِيلٌ مِنَ اَللَّهِ، ولِهَذا لَمّا لَمْ يُراعَ في حم اَلسَّجْدَةِ هَذِهِ اَلنُّكْتَةُ عُقِّبَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿كِتابٌ فُصِّلَتْ﴾ لِيُفِيدَ هَذِهِ اَلْفائِدَةَ مَعَ اَلتَّفَنُّنِ في اَلْعِبارَةِ، وإنْ أُرِيدَ اَلْكِتابُ كُلُّهُ فَلِلْإشْعارِ بِأنَّ تَنْزِيلَهُ كَإنْزالِ اَلْكُلِّ في حُصُولِ اَلْغَرَضِ مِنَ اَلتَّحَدِّي والتَّهَدِّي، فَدَعْوى عَراءِ هَذا اَلْوَجْهِ عَنْ فائِدَةٍ يُعْتَدُّ بِها عَراءٌ عَنْ إنْصافٍ يُعْتَدُّ بِهِ، وإنْ جُعِلَ تَعْدِيدًا لِلْحُرُوفِ فَلا حَظَّ لَهُ مِنَ اَلْإعْرابِ وكانَ ﴿تَنْزِيلٌ﴾ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ يُلَوِّحُ بِهِ ما قَبْلَهُ أيِ اَلْمُؤَلَّفُ مِن جِنْسِ ما ذُكِرَ تَنْزِيلُ اَلْكِتابِ أوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ اَلظَّرْفُ بَعْدَهُ عَلى ما قالَهُ جارُ اَللَّهِ، وقِيلَ: حم مُقْسَمٌ بِهِ فَفِيهِ حَرْفُ جَرِّ مُقَدَّرٌ وهو في مَحَلِّ جَرٍّ أوْ نَصْبٍ عَلى اَلْخِلافِ اَلْمَعْرُوفِ فِيهِ و(تَنْزِيلُ) نَعْتٌ مَقْطُوعٌ فَهو خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُقَدَّرٍ والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ وجَوابُ اَلْقَسَمِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب