الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) ﴾ قال أبو جعفر: يقول: ثم يجيء من بعد السنين السبع التي تزرعون فيها دأبًا، سنون سبع شداد، يقول: جدوب قحطة= ﴿يأكلن ما قدمتم لهن﴾ ، يقول: يؤكل فيهنّ ما قدمتم في إعداد ما أعددتم لهن في السنين السبعة الخصبة من الطعام والأقوات. * * * وقال جل ثناؤه: ﴿يأكلن﴾ ، فوصف السنين بأنهن ﴿يأكلهن﴾ ، وإنما المعنى: أن أهل تلك الناحية يأكلون فيهن، كما قيل: [[هو عبد الله بن عبد الأعلى بن أبي عمرة.]] نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ ... وَلَيْلُكَ نَوْمٌ والرَّدَى لَكَ لازِمُ [[الأخبار الطوال: ٣٣٣، سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي: ٢٢٥، تاريخ ابن كثير ٩: ٢٠٦، وغيرها، يقول: أَيَقْظَانُ أَنْتَ اليَوْمَ أَمْ أَنْتَ حَالِمُ ... وكيف يطيق النَّوْمَ حَيْرَانُ هَائِمُ فَلَوْ كُنْتَ يَقْظَانَ الغَدَاةَ لَحَرَّقَتْ ... مَحَاجِرَ عَيْنَيْكَ الدُّمُوعُ السَّوَاجِمُ بَلَ أَصْبَحْتَ فِي النَّوْمِ الطَّوِيلِ وَقَدْ دَنَتْ ... إلَيْكَ أُمُورٌ مُفْظِعَاتٌ عَظَائمُ نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ ... ولَيْلُكَ نَوْمٌ، وَالرَّدَى لك لاَزِمُ تُسَرُّ بِمَا يَبْلَى، وَتُشْغَلُ بِالمُنَى ... كَمَا سُرَّ بِالأَحْلامِ فِي النَّوْم نَائِمُ وَسَعْيُكَ فِيما سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ ... كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيشُ البَهَائِمُ فَلا أَنْتَ فِي النُّوَّامِ يَوْمًا بِسَالِمٍ ... وَلا أَنْتَ فِي الأيْقَاظِ يَقْظَانُ حَازِمُ .]] فوصف النهار بالسهو والغفلة، والليل بالنوم، وإنما يسهى في هذا ويغفل فيه، وينام في هذا، لمعرفة المخاطبين بمعناه والمراد منه. * * * = ﴿إلا قليلا مما تحصنون﴾ ، يقول: إلا يسيرًا مما تحرزونه. * * * والإحصان: التصيير في الحصن، وإنما المراد منه الإحراز. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٩٣٧١ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: ﴿يأكلن ما قدمتم لهن﴾ ، يقول: يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت = ﴿إلا قليلا مما تحصنون﴾ . ١٩٣٧٢- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد﴾ ، وهنّ الجدوب المحُول = ﴿يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون﴾ . ١٩٣٧٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد﴾ ، وهن الجدوب، ﴿يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون﴾ ، مما تدَّخرون. ١٩٣٧٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: ﴿إلا قليلا مما تحصنون﴾ ، يقول: تخزنون. ١٩٣٧٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال،قال ابن عباس: ﴿تحصنون﴾ ، تحرزون. ١٩٣٧٦ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون﴾ ، قال: مما تَرْفَعون. * * * قال أبو جعفر: وهذه الأقوال في قوله: ﴿تحصنون﴾ ، وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيه، فإن معانيها متقاربة، وأصل الكلمة وتأويلها على ما بيَّنت.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب