الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ألا إن أنصار الله لا خوف عليهم في الآخرة من عقاب الله، لأن الله رضي عنهم فآمنهم من عقابه = ولا هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا. * * * و"الأولياء" جمع "ولي"، وهو النصير، وقد بينا ذلك بشواهده. [[انظر تفسير " الولي " فيما سلف من فهارس اللغة (ولي) ، ولكن ههنا تفصيل في معنى " أولياء الله "، لم يسبق له نظير.]] * * * واختلف أهل التأويل فيمن يستحق هذا الاسم. فقال بعضهم: هم قومٌ يُذْكَرُ الله لرؤيتهم، لما عليهم من سيما الخير والإخبات. * ذكر من قال ذلك: ١٧٧٠٣- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن يمان قال، حدثنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ ، قال: الذين يُذْكَرُ الله لرؤيتهم. ١٧٧٠٤- حدثنا أبو كريب وأبو هشام قالا حدثنا ابن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن النبي ﷺ، مثله. [[الأثر: ١٧٧٠٤ - " أشعث بن سعد بن مالك القمي "، ثقة، مضى برقم: ٧٨، وهذا خبر مرسل.]] ١٧٧٠٥- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن العلاء بن المسيب، عن أبي الضحى، مثله. ١٧٧٠٦- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ ، قال: الذي يُذْكَر الله لرؤيتهم. ١٧٧٠٧-. . . . قال، حدثنا ابن مهدي وعبيد الله، عن سفيان، عن العلاء بن المسيب، عن أبي الضحى قال: سمعته يقول في هذه الآية: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ ، قال: من الناس مَفَاتِيح، [[" مفاتيح "، جمع " مفتاح "، وهو الذي يفتح به الباب. وهذا مجاز، إنما أراد أنهم يفتحون باب الخير للناس، وأعظم الخير ذكر الله سبحانه وتعالى.]] إذا رُؤُوا ذُكِر الله لرؤيتهم. ١٧٧٠٨-. . . . قال، حدثنا أبي، عن مسعر، عن سَهْل أبي الأسد، عن سعيد بن جبير، قال: سُئل رسول الله ﷺ عن "أولياء الله"، فقال: الذين إذا رُؤُوا ذُكر الله. [[الأثر: ١٧٧٠٨ - " سهل أبو الأسد القراري الحنفي " ثقة، مترجم في الكبير ٢ / ٢ / ١٠٠، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢٠٦، وكان في المطبوعة: " سهل بن الأسد "، وهو تصرف من الناشر وفساد، غير ما في المخطوطة. و " القراري "، بالقاف، قال البخاري: " وقرار، قبيلة "، وهي من حنيفة، من بكر ومما يذكر في كتب الرجال " سهل الفزاري " بالفاء " وسهل بن قلان القراري بالقاف وهو عندهم مجهول، وأخشى أن يكون هو " سهل القراري "، انظر أيضًا ابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢٠٦، وميزان الاعتدال ١: ٤٣١، ولسان الميزان ٣: ١٢٣. ومهما يكن، فهذا خبر مرسل، عن سعيد بن جبير.]] ١٧٧٠٩-. . . . قال، حدثنا زيد بن حباب، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، عن عبد الله: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ ، قال: الذين إذا رُؤُوا ذُكِر الله لرؤيتهم ١٧٧١٠-. . . . قال، حدثنا أبو يزيد الرازي، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن النبي ﷺ قال: هم الذين إذا رُؤُوا ذُكِر اللهُ. ١٧٧١١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا فرات، عن أبي سعد، عن سعيد بن جبير قال: سئل النبي ﷺ عن "أولياء الله"، قال: هم الذين إذا رُؤُوا ذُكِر الله. ١٧٧١٢-. . . . قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم، قال: أخبرنا العوّام، عن عبد الله بن أبي الهذيل في قوله: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ ، الآية، قال: إن ولي الله إذا رُئِي ذُكِر الله. * * * وقال آخرون في ذلك بما:- ١٧٧١٣- حدثنا أبو هاشم الرفاعي قال، حدثنا ابن فضيل قال، حدثنا أبي عن عمارة بن القعقاع الضبي، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: إن من عباد الله عبادًا يغبطهم الأنبياء والشهداء! قيل: من هم يا رسول الله؟ فلعلنا نحبُّهم! قال: هم قوم تحابُّوا في الله من غير أموالٍ ولا أنساب، وجوههم من نور، على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس. وقرأ: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ . [[الأثر: ١٧٧١٣ - " ابن فضيل "، هو " محمد بن فضيل بن غزوان الضبي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة، آخرها رقم: ١٤٢٤٧. وكان في المطبوعة والمخطوطة " أبو فضيل " وهو خطأ، صوابه من تفسير ابن كثير ٤: ٣١٤، إذ نقل هذا الخبر عن هذا الموضع من التفسير. وأبوه: " فضيل بن غزوان الضبي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ١٤٢٤٧. و" عمارة بن القعقاع الضبي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ١٤٢٠٣، ١٤٢٠٩، ١٤٧١٥. و" أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي "، تابعي ثقة، روى له الجماعة. مضى مرارًا آخرها رقم: ١٤٧١٥، وكان في المطبوعة والمخطوطة: " أبو زرعة، عن عمرو بن حمزة "، ومثله في المخطوطة، و"حمزة " سيئة الكتابة وإنما هي " جرير "، دخل حرف منها على حرف. وقد مضى الخطأ في اسمه مرارًا. وهذا إسناد صحيح. وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٣١٠، وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي.]] ١٧٧١٤- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله ﷺ: إن من عباد الله لأناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله! قالوا: يا رسول الله، أخبرنا من هم وما أعمالهم؟ فإنا نحبهم لذلك! قال: هم قوم تحابُّوا في الله بروح الله، على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فوا الله إن وجوههم لنورٌ، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس. وقرأ هذه الآية: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ . [[الأثر: ١٧٧١٤ - سلف بيان رجاله في الإسناد السابق، إلا أن أبا زرعة بن عمرو بن جرير، لم يرو عن عمر إلا مرسلا، فهو إسناد جيد إلا أنه منقطع.]] ١٧٧١٥- حدثنا بحر بن نصر الخولاني قال، حدثنا يحيى بن حسان قال، حدثنا عبد الحميد بن بهرام قال، حدثنا شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله ﷺ: "يأتي من أفْنَاء الناس ونوازع القبائل، [["أفناء الناس" أخلاطهم، ومن لا يدري من أي قبيلة هو. و"نوازع القبائل" جمع "نازع" على غير قياس، وهم الغرباء الذين يجاورون قبائل ليسوا منهم. وإنما قلت: "جمع على غير قياس " لأن المشهور "نزاع القبائل" كما ورد في حديث آخر. و"فاعل" الصفة للمذكر، لا يجمع عندهم على "فواعل" إلا سماعًا، نحو "فوارس" و"هوالك".]] قوم لم تَصل بينهم أرحام متقاربة، [[في المطبوعة: "لم يتصل "، والصواب من المخطوطة ومسند أحمد]] تحابُّوا في الله، وتصافَوْا في الله، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور، فيجلسهم عليها، يفزع الناس فلا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. [[الأثر: ١٧٧١٥- " بحر بن نصر بن سابق الخولاني المصري " شيخ الطبري، ثقة مضى برقم: ٣٨٤١، ١٠٥٨٨، ١٠٦٤٧، وكان في المطبوعة هنا " الحسن بن نصر الخولاني " لا أدري من أين جاء به هكذا، فأصاب بعض الصواب؟ وهذا عجب. أما المخطوطة، ففيها ا"لحسن بن الخولاني "، والصواب ما أثبت. وروايته عن "يحيى بن حسان" مضت برقم: ٢٦٤٣، إلا أنه وقع هناك خطأ أيضًا في اسمه، فكتب " يحيى بن نصر"، وقد خبطنا في تصحيفه خبط عشواء، والصواب " بحر بن نصر " فليصحح هناك. و"يحيى بن حسان التنيسي المصري "، ثقة، مضى برقم: ٢٦٤٣، والراوي عنه هناك " بحر بن نصر" أيضًا، كما سلف. و"عبد الحميد بن بهرام الفزاري "، ثقة، وثقه أحمد وغيره، مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٧٤١٧. و"شهر بن حوشب" مضى مرارًا كثيرة، ومضى توثيقه، وثقه أخي أحمد السيد، رحمه الله وغفر له. و" عبد الرحمن بن غنم الأشعري "، مختلف في صحبته، ويعد من الطبقة الأولى من التابعين، بعثه عمر بن الخطاب يفقه الناس، ولازم معاذ بن جبل، وكان أفقه أهل الشام، وهو الذي فقه عامة التابعين بالشام، وكان له جلالة وقدر. وأبو مالك الأشعري " هو المشهور بكنيته، والمختلف في اسمه، صحابي، مترجم في الإصابة والتهذيب وسائر الكتب. وهذا خبر صحيح الإسناد. رواه أحمد في مسنده مطولا ٥: ٣٤٣، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٣١٠، وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي.]] * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: "الولي" = أعني "ولي الله"= هو من كان بالصفة التي وصفه الله بها، وهو الذي آمن واتقى، كما قال الله ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن زيد يقول: ١٧٧١٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: ﴿ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ ، من هم يا ربّ؟ قال: ﴿الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾ ، قال: أبى أن يُتَقَبَّل الإيمان إلا بالتقوى. [[في المطبوعة والمخطوطة " أن يتقبل"، والصواب ما أثبت.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب