الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ أَيْ فِي الْآخِرَةِ. "وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ" لِفَقْدِ الدُّنْيَا. وَقِيلَ: "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ" أَيْ مَنْ تَوَلَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَوَلَّى حِفْظَهُ وَحِيَاطَتَهُ وَرَضِيَ عَنْهُ فَلَا يَخَافُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَحْزَنُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها"- أَيْ عَنْ جَهَنَّمَ- "مُبْعَدُونَ"- إِلَى قَوْلِهِ ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾[[راجع ج ١١ ص ٣٤٥.]] [الأنبياء: ١٠٣ - ١٠١]. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ: مَنْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (الَّذِينَ يُذْكَرُ اللَّهُ بِرُؤْيَتِهِمْ). وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ تَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَبِّرْنَا مَنْ هُمْ وَمَا أَعْمَالُهُمْ فَلَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ. قَالَ: (هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا فِي اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَ بِهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ- ثُمَّ قَرَأَ- "أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ". وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أَوْلِيَاءُ اللَّهِ قَوْمٌ صُفْرُ الْوُجُوهِ مِنَ السَّهَرِ، عُمْشُ الْعُيُونِ مِنَ الْعِبَرِ، خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الْجُوعِ، يُبْسُ الشِّفَاهِ مِنَ الذُّوِيِّ [[ذوي العود والعقل يذوي ذيا وذويا كلاهما ذبل فهو ذاو وهو ألا يصيبه ريه أو يضربه الحر فيذبل ويضعف.]]. وَقِيلَ: "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ" فِي ذُرِّيَّتِهِمْ، لِأَنَّ اللَّهَ يَتَوَلَّاهُمْ. "وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ" عَلَى دُنْيَاهُمْ لِتَعْوِيضِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ فِي أُولَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُمْ وَمَوْلَاهُمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب