الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يعني: حزب لكم ومنفعة لكم.
يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ يعني: من عذاب الرحمن ومعناه: هاتوا أخبروني من الذي يمنعكم من عذاب الله تعالى إن عصيتموه. إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ يعني: ما الكافرون إلا في خداع وأباطيل. ثم قال عز وجل: أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ يعني: من الذي يرزقكم إن حبس الله رزقه؟ وهذا كقوله: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [فاطر: 3] ؟ ثم قال: بَلْ لَجُّوا يعني: تمادوا في الذنب. ويقال: تمادوا في الكفر. ويقال:
بل مضوا فِي عُتُوٍّ يعني: في تكبر وَنُفُورٍ يعني: تباعداً من الإيمان.
ثم قال عز وجل: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ يعني: الكافر يمشي ضالاً في الظلمة أعمى القلب. أَهْدى يعني: هو أصوب دينا. أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ هو المؤمن يعمل بطاعة الله يعني: على دين الإسلام. وقال قتادة: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ، قال: هو الكافر عمل بمعصية الله، يحشره الله تعالى يوم القيامة على وجهه أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، هو المؤمن يعمل بطاعة الله تعالى، يسلك به يوم القيامة طريق الجنة. وقال الزجاج: أعلم الله تعالى أن المؤمن يسلك الطريق المستقيم، وإن كان الكافر في ضلال بمنزلة الذي يمشي مكباً على وجهه. قال مقاتل: نزلت في شأن أبي جهل وقال بعضهم: هو وجميع الكفار.
ثم قال: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ يعني: خلقكم وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ لكي تسمعوا بها الحق، وَالْأَبْصارَ يعني: لكي تبصروا، وَالْأَفْئِدَةَ يعني: القلوب لكي تعقلوا بها الهدى.
قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ يعني: شكركم فيما صنع إليكم قليلاً. ويقال: معناه خلق لَكُمُ السمع والابصار والافئدة آلة لطاعات ربكم، وقطعاً لحجتكم، وقدرة على ما أمركم فاستعملتم الآلات في طاعة غيره ولم توحدوه.
ثم قال عز وجل: قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ يعني: خلقكم. ويقال: كثركم في الأرض، وأنزلكم في الأرض. وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ يعني: إليه ترجعون بعد الموت، فيجازيكم بأعمالكم.
قوله تعالى: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعني: البعث بعد الموت إن كنتم صادقين أنَّا نبعث، خاطبوا به النبيّ ﷺ بلفظ الجماعة. ويقال: أراد به النبيّ ﷺ وأصحابه. قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ يعني: علم قيام الساعة عند الله. وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ يعني: مخوف أخوفكم بلغة تعرفونها.
قوله تعالى: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ يعني: لما رأوا العذاب قريباً. ويقال: لما رأوا القيامة قريبة وسيئت وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: ذللت، ويقال: قبحت وسودت. وقال القتبي: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً يعني: لما رأوا ما وعدهم الله قريباً منهم وقال الزجاج: سِيئَتْ أي: تبيَّن فيها السوء فى وجوه الذين كفروا. وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، أي: تشكون في الدنيا قرأ قتادة، والضحاك، ويعقوب الحضرمي: تَدْعُونَ بالتخفيف يعني: تستعجلون، وتدعون إليه في قولكم: فأمطر علينا حجارة من السماء، وقراءة العامة تَدَّعُونَ بالتشديد يعني: تكذبون. ويقال: من أجله تَدَّعُونَ الأباطيل يعني: تدعون أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً، لا ترجعون ولا تجازون. ويقال: تَدَّعُونَ أي: تتمنون.
قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ يعني: إن عذبنا الله أَوْ رَحِمَنا يعني: غفر لنا. فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ يعني: من ينجيهم ويغيثهم مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ يعني:
إن النبيّ ﷺ قال لهم: «نَحْنُ مُؤْمِنُونَ بالله، وَنَتَوَسَّلُ بِعِبَادَتِهِ إلَيهِ، لاَ نَأْمَنُ عَذَابَهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ مَعَ كُفْرِكُم بِهِ مِنْ عَذَابِهِ وَعُقُوبَتِهِ؟» فمن يجير الكافرين من عذاب أليم؟ قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ يعني: قل هو الرحمن بفضله، إن شاء عذبنا، وإن شاء رحمنا. وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا يعني: فوضنا إليه أمورنا. فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ يعني: فستعرفون، عند نزول العذاب، من هو في خطأ بيِّن. قرأ الكسائي: فَسَيَعْلَمُونَ بالياء بلفظ الخبر، والباقون بالتاء على معنى المخاطبة يعني: سوف تعلمون يا كفار مكة.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً يعني: إن صار ماؤكم غائراً، لا تناله الأيدي ولا الدعاء. فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ يعني: بماء طاهر. والغور والغائر، يقال: ماء غور. ومياه غور وهو مصدر لا يثنى ولا يجمع. وقال مجاهد: بِماءٍ مَعِينٍ يعني: جار. وروى عكرمة، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- يعني: الطاهر. وروى أبو هريرة، عن النبيّ ﷺ قال:
«سُورَةٌ فِي القُرْآنِ ثَلاَثُونَ، شُفَعَتْ لِصَاحِبِهَا حَتَّى غُفِرَ لَهُ. تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ» .
وروى زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: يؤتى بالرجل في قبره من قبل رأسه، فيقول له: ليس لكم علي من سبيل. قد كان يقرأ على سورة الملك، فيؤتى من قبل رجليه، فيقول: ليس لك علي سبيل. كان يقوم بسورة الملك، فيؤتى من قبل جوفه، فيقول: ليس لك علي سبيل. قد أوعاني سورة الملك، قال: وهي المنجية تنجي صاحبها من عذاب القبر.
وروى ابن الزبير، عن جابر قال: كان النبيّ ﷺ لا ينام حتى يقرأ سورة الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
{"ayahs_start":20,"ayahs":["أَمَّنۡ هَـٰذَا ٱلَّذِی هُوَ جُندࣱ لَّكُمۡ یَنصُرُكُم مِّن دُونِ ٱلرَّحۡمَـٰنِۚ إِنِ ٱلۡكَـٰفِرُونَ إِلَّا فِی غُرُورٍ","أَمَّنۡ هَـٰذَا ٱلَّذِی یَرۡزُقُكُمۡ إِنۡ أَمۡسَكَ رِزۡقَهُۥۚ بَل لَّجُّوا۟ فِی عُتُوࣲّ وَنُفُورٍ","أَفَمَن یَمۡشِی مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦۤ أَهۡدَىٰۤ أَمَّن یَمۡشِی سَوِیًّا عَلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","قُلۡ هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنشَأَكُمۡ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَـٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِیلࣰا مَّا تَشۡكُرُونَ","قُلۡ هُوَ ٱلَّذِی ذَرَأَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَإِلَیۡهِ تُحۡشَرُونَ","وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡعِلۡمُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَاۤ أَنَا۠ نَذِیرࣱ مُّبِینࣱ","فَلَمَّا رَأَوۡهُ زُلۡفَةࣰ سِیۤـَٔتۡ وُجُوهُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَقِیلَ هَـٰذَا ٱلَّذِی كُنتُم بِهِۦ تَدَّعُونَ","قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِیَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِیَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن یُجِیرُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِیمࣲ","قُلۡ هُوَ ٱلرَّحۡمَـٰنُ ءَامَنَّا بِهِۦ وَعَلَیۡهِ تَوَكَّلۡنَاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ فِی ضَلَـٰلࣲ مُّبِینࣲ","قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِنۡ أَصۡبَحَ مَاۤؤُكُمۡ غَوۡرࣰا فَمَن یَأۡتِیكُم بِمَاۤءࣲ مَّعِینِۭ"],"ayah":"قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِنۡ أَهۡلَكَنِیَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِیَ أَوۡ رَحِمَنَا فَمَن یُجِیرُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ مِنۡ عَذَابٍ أَلِیمࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق