الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ يعني: زيد بن حارثة قد أنعم الله عز وجل عليه بالإسلام وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بالعتق أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ قال قتادة: جاء زيد بن حارثة إلى النبي ﷺ فقال: إن زينب اشتد عليّ لسانها، وإني أريد أن أطلقها. فقال النبي ﷺ: «اتَّقِ الله أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ» . وكان يحب النبي ﷺ أن يطلقها. وخشي مقالة الناس أن أمره بطلاقها فنزلت هذه الآية. وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أتى رسول الله ﷺ ذات يوم إلى زيد بن حارثة يطلبه في حاجة له. فإذا زينب بنت جحش قائمة في درع وخمار. فلما رآها أعجبته ووقعت في نفسه. فقال: «سُبْحَانَ الله مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي» . فلما سمعت زينب جلست. فرجع رسول الله ﷺ. فلما جاء زيد ذكرت ذلك له. فعرف أنها أعجبته ووقعت في نفسه، وأعجب بها رسول الله. فأتى رسول الله ﷺ وقال: يا رسول الله: إنَّ زينب امرأة فيها كبر، تعصي أمري، ولا تبرُّ قسمي، فلا حاجة لي فيها. فقال له: «اتَّقِ الله يَا زَيْدُ فِي أَهْلِكَ وَأمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ» . وكان يحب أن يطلقها. فطلّقها زيد ونزلت هذه الآية أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ. وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ يعني: تسر في نفسك ليت أنه طلقها مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ يعني: مظهره عليك حتى ينزل به قرآناً وَتَخْشَى النَّاسَ يعني: تستحي من الناس. ويقال: وَتَخْشَى مقالة الناس وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ في أمرها. قال الحسن: ما أنزل الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النبيّ ﷺ آية أشد منها، ولو كان كاتماً شيئاً من الوحي لكتمها. ثم قال: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً يعني: حاجة زَوَّجْناكَها فلما انقضت عدتها تزوجها النبيّ ﷺ. قال الحسن: فكانت زينب تفتخر على أزواج النبي ﷺ فتقول: أما أنتن فزوّجكن آباؤكن. وأما أنا فزوجني رب العرش تعني: قوله: زَوَّجْناكَها لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ يعني: لكيلا يكون على الرجل حرج بأن يتزوج امرأة ابنه الذي يتبنّاه فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً يعني: حاجة وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا تزوّج النبيّ ﷺ إياها كائن لا بد واللام للزيادة، وكي مثله فلو كان أحدهما، لكان يكفي ولكن يجوز أن يجمع بين حرفين زائدين إذا كانا جنسين. وإنما لا يجوز إذا كانا من جنس واحد كما قال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] ولا يصلح أن يقال: مثل مثل أو كي كي فإذا كانا جنسين جاز. فقالت اليهود والمنافقون: يا محمد تنهى عن تزوج امرأة الابن ثم تتزوجها. فنزل قوله عز وجل: مَّا كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ يقول: ليس على النبي إثم فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ يعني: في الذي رخص الله عز وجل من تزوج زينب سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ يعني: هكذا سنة الله فى الذين مضوا يعني: في كثرة تزوج النساء كما فعل الأنبياء- عليهم السلام- وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً يعني: قضاء كائناً. قوله عز وجل: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ قال مقاتل: يعني: النبي ﷺ وحده. ويقال: ينصرف إلى قوله: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ. وَيَخْشَوْنَهُ في كتمان ما أظهر الله عليهم وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً في البلاغ إِلَّا اللَّهَ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً يعني: شهيداً بأن النبيّ ﷺ بلّغ الرسالة عن الله عز وجل ويقال: شهيداً يعني: حفيظاً.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب