الباحث القرآني
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ قُل لِّمَن فِیۤ أَیۡدِیكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰۤ إِن یَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِی قُلُوبِكُمۡ خَیۡرࣰا یُؤۡتِكُمۡ خَیۡرࣰا مِّمَّاۤ أُخِذَ مِنكُمۡ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ٧٠﴾ - نزول الآية
٣١٤٢٧- عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ قال: «لم تَكُنِ الغنائم تَحِلُّ لأحدٍ كان قبلنا، فطَيَّبها الله لنا لِما علِم مِن ضَعْفِنا». فأنزل الله فيما سَبَق من كتابه إحْلالَ الغنائم: ﴿لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم﴾. فقالوا: والله يا رسول الله، لا نأخُذُ لهم قليلًا ولا كثيرًا حتى نعلمَ أحلالٌ هو أم حرام. فطَيَّبه الله لهم، فأنزَل الله تعالى: ﴿فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم﴾. فلما أحَلَّ الله لهم فِداهم وأموالَهم قال الأُسارى: ما لنا عندَ الله مِن خيرٍ قد قُتِلْنا وأُسِرْنا. فأنزَل الله يُبَشِّرُهم: ﴿يأيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى﴾ إلى قوله: ﴿والله عليم حكيم﴾[[عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.]]. (٧/٢٠٧)
٣١٤٢٨- عن عائشة، قالت: لَمّا بَعَث أهلُ مكة في فداءِ أسْراهم بَعَثَت زينب بنتُ رسول الله ﷺ في فِداءِ أبي العاصي، وبَعَثَتْ فيه بقِلادةٍ، فلَمّا رَآها رسول الله ﷺ رَقَّ رِقَّةً شديدةً، وقال: «إن رأيتُم أن تُطلِقوا لها أسيرَها». وقال العباس: إنِّي كنتُ مسلمًا، يا رسول الله. قال: «الله أعلمُ بإسلامِك، فإن تكن كما تقول فاللهُ يَجْزِيك، فافْدِ نفسَك وابنَي أخوَيْك؛ نَوْفلَ بن الحارث، وعَقِيل بن أبي طالب، وحليفَك عُتْبة بن عمرو». قال: ما ذاك عندي، يا رسول الله. قال: «فأين المالُ الذي دَفَنْتَ أنت وأمُّ الفضل؟ فقلتَ لها: إن أُصِبْتُ فهذا المال لِبَنِيِّ». فقال: والله يا رسول الله، إنّ هذا لَشَيْءٌ ما علِمَه غيري وغيرُها، فاحسُبْ لي ما أصبتُم مِنِّي عشرين أوقيةً مِن مالٍ كان معي. فقال: «أفعلُ». ففَدى نفسَه وابنَي أخوَيه وحليفَه، ونزَلت: ‹قُل لِّمَن فِي أيْدِيكُم مِّنَ الأُسارى إن يَّعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ›. فأعْطاني مكانَ العشرين أوقيةً في الإسلام عشرين عبدًا، كلُّهم في يدِه مالٌ يضْرِبُ به، مع ما أرجُو مِن مغفرة الله[[أخرجه أحمد ٤٣/٣٨١ (٢٦٣٦٢)، وأبو داود ٤/٣٢٨-٣٢٩ (٢٦٩٢)، والحاكم ٣/٢٥ (٤٣٠٦)، والبيهقي في الكبرى ٦/٥٢٣-٥٢٤ (١٢٨٤٩) واللفظ له. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجه». وقال ابن الملقّن في البدر المنير (٩/١١٧): «بإسناد حسنٍ». و‹مِنَ الأُسارى› بضم الهمزة، وفتح السين وألف بعدها قراءة متواترة، قرأ بها أبو عمرو، وأبو جعفر، وقرأ بقية العشرة ﴿الأَسْرى﴾ بفتح الهمزة، وإسكان السين من غير ألف. ينظر: النشر ٢/٢٧٧.]]. (٧/٢٠٨)
٣١٤٢٩- عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبدالله بن رئاب، قال: قال العباس: فِيَّ نزَلت هذه الآية: ‹يأيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِّمَن فِي أيْدِيكُم مِّنَ الأُسارى›، حين ذكرتُ لرسول الله ﷺ إسلامي، وسألتُه أن يُقاصَّني بالعشرين الأوقية التي أُخِذَت مِنِّي فأبى، فعَوَّضَني الله منها عشرين عبدًا، كلُّهم تاجرٌ يضرِبُ بمالي، مع ما أرجُو من رحمة الله ومغفرته[[عزاه السيوطي إلى ابن إسحاق وأبي نعيم. ينظر إمتاع الأسماع للمقريزي ١٢/١٦٨. إسناده ضعيف جدًّا، وينظر مقدمة الموسوعة.]]. (٧/٢١١)
٣١٤٣٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق مجاهد-، قال: لَمّا نزلت: ‹يأيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِّمَن فِي أيْدِيكُم مِّنَ الأُسارى›، وكان العباس يقول: فِيَّ نزلت هذه الآية، حين أخبَرتُ رسول الله ﷺ بإسلامي، فسألتُه أن يحاسبَني بالعشرين أُوقِيَّةً التي أُخِذت مني يومَ بدر، فأبى رسول الله ﷺ، فأعطاني الله بالعشرين أوقيةً عشرين عبدًا، كلُّهم تاجرٌ يضرِبُ بمالي، مع ما أرجو من مغفرة الله ورحمته[[أخرجه إسحاق بن راهويه -كما في المطالب العالية ١٧/٣١٧ (٤٢٤٨)-، والطبراني في الكبير ١١/١٧١ (١١٣٩٨)، وابن جرير ١١/٢٨٤-٢٨٥، وابن أبي حاتم ٥/١٧٣٧ (٩١٧٩). قال ابن حجر في المطالب العالية بعد ذكره حديث إسحاق بن راهويه: «هذا إسناد صحيح».]]. (٧/٢١٠)
٣١٤٣١- عن أبي هريرة -من طريق سعيد-: في قوله: ﴿لولا كتاب من الله سبق﴾، قال: يقول: لولا أنه سَبَق في عِلْمي أني سأُحِلُّ المغانم لَمَسَّكم فيما أخَذْتُم عذابٌ عظيم. قال: وكان العباس بن عبد المطلب يقول: أعْطاني الله هذه الآية: ﴿يأيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى﴾، وأعْطاني مكانَ ما أخَذ منِّي أربعين أُوقِيًّةً أربعين عبدًا[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٧٣٤، ١٧٣٦ (٩١٦٥، ٩١٧٥)، من طريق أبو صيفي، قال: سمعت سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة به. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه. إسناده ضعيفٌ جدًا؛ فيه أبو صيفي، وهو بشير بن ميمون، قال ابن حجر عنه في التقريب (٧٢٥): «متروك، متهم».]]. (٧/٢٠٣)
٣١٤٣٢- عن سعيد بن جبير، نحو شطره الثاني[[علَّقه ابن أبي حاتم ٥/١٧٣٦.]]. (ز)
٣١٤٣٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق سعيد بن جبير- قال: أسَر رسولُ الله ﷺ يوم بدر سبعين مِن قريش؛ منهم العباس، وعَقِيل، فجعَل عليهم الفِداءَ أربعين أُوقِيَّةً من ذهب، وجعل على العباس مائةَ أُوقِيَّة، وعلى عَقِيل ثمانين أُوقِيَّة، فقال العباس: لقد تَرَكْتَني فقيرَ قريش ما بَقِيتُ. فأنزل الله: ﴿يا أيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى﴾. قال العباس حين نزلت: لوَدِدتُ أنّك كنتَ أخذتَ مني أضعافَها، فآتاني الله خيرًا منها[[أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة ص٤٧٦ (٤١٠). قال ابن حجر في الفتح ٧/٣٢٢: «بإسناد حسن».]]. (٧/٢١٠)
٣١٤٣٤- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- قال: كان العباسُ قد أُسِر يومَ بدر، فافْتدى نفسَه بأربعين أُوقِيَّةً مِن ذهب، فقال حين نزلت: ﴿يأيها النَّبِيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى﴾: لقد أعْطاني خَصْلتَين، ما أُحبُّ أن لي بهما الدنيا؛ إنَّي أُسِرْتُ يومَ بدر، ففَدَيْتُ نفسي بأربعين أُوقِيَّةً، فأعْطاني الله أربعين عبدًا، وإني أرجُو المغفرة التي وعَدَنا اللهُ[[أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٣/١٤٣، وابن عساكر في تاريخه ٢٦/٢٩٣، وابن جرير ١١/٢٨٥-٢٦٨، وابن أبي حاتم ٥/١٧٣٧ (٩١٧٨)، من طريق عبدالله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس به. إسناده جيد. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (٧/٢١١)
٣١٤٣٥- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء الخراساني- في قوله: ‹قُل لِّمَن فِي أيْدِيكُم مِّنَ الأُسارى›، قال: عَبّاسٌ وأصحابُه، قالوا للنبي ﷺ: آمَنّا بما جئتَ به، ونشهدُ أنك رسول الله. فنزَل: ﴿إن يعلم الله في قلوبكم خيرا﴾ إيمانًا وتصديقًا، يُخلِفْ لكم خيرًا مما أُصيبَ منكم، ويغفرْ لكم الشركَ الذي كنتُم عليه. فكان عباسٌ يقول: ما أُحِبُّ أن هذه الآية لم تنزِلْ فينا وأنّ لي ما في الدنيا مِن شيء، فلقد أعْطاني الله خيرًا مما أخَذ مني مائة ضعفٍ، وأرجُو أن يكونَ غفَر لي[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٨٦، من طريق ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس به. في جامع التحصيل للعلائي ص٢٢٩، قال ابن القطان: «ابن جريج عن عطاء الخراساني ضعيف، إنما هو كتاب دفعه إليه»، وعطاء الخراساني «لم يسمع من ابن عباس شيئًا»، قاله الإمام أحمد كما في جامع التحصيل ٢٣٨.]]. (٧/٢١١)
٣١٤٣٦- عن عبد الله بن عباس -من طريق الكلبي، عن أبي صالح- في قوله: ‹يأيها النَّبِيُّ قُل لمن في أيديكُم من الأُسارى› الآية، قال: نزَلت في الأُسارى يوم بدر؛ منهم العباس بن عبد المطلب، ونَوْفَل بن الحارث، وعَقِيلُ بن أبي طالب[[أخرجه ابن سعد في الطبقات ٤/١٠، وابن عساكر في تاريخه ٤١/١٣، من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس به. إسناده ضعيف جدًّا. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]. (٧/٢١٢)
٣١٤٣٧- قال محمد بن السائب الكلبي: نزلت في العباس بن عبد المطلب، وعقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وكان العباس أُسِرَ يوم بدر ومعه عشرون أُوقِيَّة من الذهب، وكان خرج بها معه إلى بدر ليُطْعِم بها الناس، وكان أحدَ العشرة الذين ضَمِنُوا إطعامَ أهل بدر، ولم يكن بلغته النَّوْبة حتى أُسر، فأُخِذَت منه، وأخذها رسول الله ﷺ منه، قال: فكلّمت رسول الله ﷺ أن يجعل لي العشرين الأوقِيَّة الذهب التي أخذها مني فداء، فأبى عَلَيَّ، وقال: «أمّا شيء خرجتَ تستعين به علينا فلا». وكلّفني فداء ابن أخي عقيل بن أبي طالب عشرين أُوقِيَّة من فضة، فقلت له: تركتني والله أسأل قريشًا بِكَفِّي والناسَ ما بَقِيتُ. قال: «فأين الذهبُ الذي دَفَعْتَهُ إلى أُمِّ الفَضْل قبل مخرجك إلى بدر، وقلت لها: إن حَدَثَ بي حَدَثٌ في وجهي هذا فهو لك، ولعبد الله، والفضل، وقُثَم؟». قال: قلت: وما يدريك؟ قال: «أخبرني الله بذلك». قال: أشهد إنك لصادق، وإني قد دفعت إليها ذهبًا ولم يطَّلِع عليها أحدٌ إلا الله، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. قال العباس: فأعطاني الله خيرًا مما أُخِذ مني -كما قال-؛ عشرين عبدًا كلهم يضرب بمال كثير مكان العشرين أُوقِيَّة، وأنا أرجو المغفرة من ربي[[علَّقه الواحدي في أسباب النزول (ت: الفحل) ص٤٠.]]. (ز)
٣١٤٣٨- قال مقاتل بن سليمان: كان النبي ﷺ جعل عمر بن الخطاب وخَبّاب بن الأَرَتِّ أولياءَ القبض يوم بدر، وقسمها النبي ﷺ بالمدينة، وانطلق بالأسارى فيهم العباس بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وذلك أنّ العباس بن عبد المطلب يوم أُسر أُخذ منه عشرين أُوقِيَّة من ذهب، فلم تُحْسَب له من الفِداء، وكان فِداءُ كل أسير من المشركين أربعين أُوقِيَّة من ذهب، وكان أول من فدى نفسه أبو وديعة ضَمْرَة بن صُبَيْرَةَ السهمي، وسهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي القُرَشِيّان. فقال النبي ﷺ: «أضْعِفُوا الفداءَ على العباس». وكُلِّف أن يفتدي ابنَيْ أخيه، فأَدّى عنهما ثمانين أُوقِيَّة من ذهب، وكان فداء العباس بثمانين أوقية، وأخذ منه عشرون أُوقِيَّة، فأخذ منه يومئذ مائة أوقية وثمانون أوقية، فقال العباس للنبي ﷺ: لقد تركتني ما حييت أسأل قريشًا بكَفِّي. وقال له ﷺ: «أين الذهب الذي تركته عند امرأتك أم الفضل». فقال العباس: أيُّ الذهب؟ فقال له رسول الله ﷺ: «إنك قلت لها: إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا، فإن حدث بي ما حدث فهو لك ولولدك». فقال: يا ابن أخي، من أخبرك؟ قال: «الله أخبرني». قال العباس: أشهد أنك صادق، وما علمت أنك رسول قط قبل اليوم، قد علمت أنه لم يُطْلِعْك عليه إلا عالمُ السَّرائر، وأشهد ألا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، وكفرت بما سواه. وأمر ابنَيْ أخيه فأسلما، ففيهما نزلت: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِمَن فِي أيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرى﴾، ... فقال العباس بعد ذلك: لقد أعطاني الله خصلتين ما من شيء هو أفضل منهما؛ أما أحدهما فالذهب الذي أخذ مني فآتاني الله خيرًا منه عشرين عبدًا، وأما الثانية فتنجيز موعود الله الصادق وهو المغفرة، فليس أحد أفضل من هذا. ومن كان من أسارى بدر وليس له فدًى فإنه يُدْفَع إليه عشرة غلمان يعلمهم الكتاب، فإذا حَذَقُوا[[حَذَقوا: عرفوا وأتقنوا. لسان العرب (حذق).]] بَرِئَ الأسير من الفِداء، وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٢٦-١٢٨.]]. (ز)
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ قُل لِّمَن فِیۤ أَیۡدِیكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰۤ إِن یَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِی قُلُوبِكُمۡ خَیۡرࣰا یُؤۡتِكُمۡ خَیۡرࣰا مِّمَّاۤ أُخِذَ مِنكُمۡ وَیَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ٧٠﴾ - تفسير الآية
٣١٤٣٩- عن أبي موسى: أنّ العلاء بن الحضرمي بعَث إلى رسول الله ﷺ بمالٍ من البحرين بثمانين ألْفًا، فما أتى رسولَ الله ﷺ مالٌ أكثرُ منه، فنُثِر على حَصير، وجاء الناس، فجعَل رسول الله ﷺ يُعْطِيهم، وما كان يومئذٍ عددٌ ولا وزْنٌ، فجاء العباس، فقال: يا رسول الله، إني أعْطَيتُ فِدائي وفِداءَ عَقِيل يومَ بدر، أعْطِني مِن هذا المال. فقال: «خُذْ». فحَثى في خَمِيصَتِه[[الخميصة: ثوبُ خز أو صوف مُعْكم، وقيل: لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة. النهاية (خمص).]]، ثم ذهَب ينصرِفُ فلم يستطع، فرفَع رأسه، وقال: يا رسول الله، ارفَعْ عَلَيَّ. فتَبَسَّم رسول الله ﷺ، وهو يقول: أمّا أحَدُ ما وعَد اللهُ فَقَدْ أُنجِزَ، ولا أدري الأخرى: ‹قُلْ لمِن في أيدِيكم من الأُسارى إن يعلَمِ اللهُ في قلوبِكم خيرًا يؤتِكم خيرًا مما أُخِذ منكم›، هذا خيرٌ مما أُخِذ مِنِّي، ولا أدرى ما يُصْنَعُ في المغفرة[[أخرجه الحاكم ٣/٣٧٢ (٥٤٢٣). قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يُخَرِّجاه».]]. (٧/٢٠٩)
٣١٤٤٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطاء الخراساني- في قوله: ﴿إن يعلَمِ اللهُ في قلوبِكم خيرًا يؤتِكم خيرًا مما أُخِذ منكم﴾: إيمانًا وتصديقًا، يُخلِفْ لكم خيرًا مما أُصيبَ منكم، ويغفرْ لكم الشركَ الذي كنتُم عليه[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٨٦. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٢١١)
٣١٤٤١- عن عبد الله بن عباس -من طريق العَوْفِي- ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِمَن فِي أيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرى﴾ إلى قوله: ﴿واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، يعني بذلك: مَن أُسِرَ يوم بدر، يقول: إن عملتم بطاعتي ونصحتم لرسولي أتيتكم خيرًا مما أُخِذ منكم، وغفرت لكم[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٨٦.]]. (ز)
٣١٤٤٢- عن الضحاك بن مزاحم -من طريق عبيد بن سليمان- يقول في قوله: ﴿يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى﴾ الآية، يعني: العباس وأصحابه أُسِرُوا يوم بدر، يقول الله: إن عملتم بطاعتي، ونصحتم لي ولرسولي؛ أعطيتكم خيرًا مما أُخِذَ منكم، وغفرت لكم. وكان العباس بن عبد المطلب يقول: لقد أعطانا الله خصلتين ما شيء هو أفضل منهما: عشرين عبدًا، وأما الثانية: فنحن في موعود الصادق، ننتظر المغفرة من الله سبحانه[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٨٦، وابن أبي حاتم ٥/١٧٣٧ بنحوه.]]. (ز)
٣١٤٤٣- عن عامر الشعبي -من طريق داود- ﴿يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى﴾، فقال عامر: أُسِرَ يوم بدر العباس، وعَقِيل، ونَوْفَل بن الحارث بن عبد المطلب[[أخرجه ابن أبي حاتم ٥/١٧٣٦.]]. (ز)
٣١٤٤٤- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿قل لمن في أيديكم من الأسرى﴾ الآية، قال: ذكر لنا أن نبي الله ﷺ لَمّا قَدِم عليه مالُ البحرين ثمانون ألفًا، وقد توضأ لصلاة الظهر، فما أعطى يومئذ شاكيًا، ولا حرم سائلًا، وما صلّى يومئذ حتى فَرَّقه، وأمر العباس أن يأخذ منه ويَحْتَثِي، فأخذ. قال: وكان العباس يقول: هذا خير مما أُخِذ منا، وأرجو المغفرة[[أخرجه ابن جرير ١١/٢٨٥.]]. (ز)
٣١٤٤٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِمَن فِي أيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرى﴾ يعني: العباس وابنَيْ أخيه ﴿إنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا﴾ يعني: إيمانًا، كقوله: ﴿لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا﴾، يعني: إيمانًا، وهذا في هود [٣١]، ﴿يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُمْ﴾ من الفداء، فوعدهم الله أن يُخْلِفَ لهم أفضلَ ما أُخِذَ منهم، ﴿ويَغْفِرْ لَكُمْ﴾ ذنوبكم، ﴿واللَّهُ غَفُورٌ﴾ لِما كان منهم من الشرك من ذنوبهم، ذو تجاوز، ﴿رَحِيمٌ﴾ بهم في الإسلام[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٢٦-١٢٨.]]. (ز)
٣١٤٤٦- عن محمد بن أحمد بن أبي العوام، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت الهيثم بن معاوية يقول: للعباس بن عبد المطلب عِدَةٌ في كتاب الله ﷿ ليس لغيره، وعَدَهُ الله إياها، فهي تُقرأ -يعني: إلى يوم القيامة-، تكون له ولولده من بعده، قال الله -تبارك وتعالى- في كتابه: ﴿إنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ﴾، فقال رسول الله ﷺ للعباس: «وفَيْتَ فَوَفّى الله ﷿ لك»، وذلك أنّ الإيمان كان في قلبه[[ذكره في الإيماء ٧/٥٦٧-٥٦٨ (٧٣٧٨) في المراسيل. وعزاه لمصنفات ابن البختري ١٥٤- (٢٢).]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.