الباحث القرآني
﴿حَتَّىٰۤ إِذَا فُتِحَتۡ یَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ﴾ - قراءات
٤٩٧٠٣- عن عاصم بن أبي النجود أنّه قرأ: ﴿حَتّى إذا فُتِحَتْ﴾ خفيفة ﴿يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ﴾ مهموزة[[عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد. ﴿فُتِحَتْ﴾ بتخفيف التاء الأولى قرأ بها العشرة ما عدا ابن عامر، وأبا جعفر، ويعقوب؛ فإنهم قرؤوا بتشديدها. أما ﴿يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ﴾ مهموزة فيهما، فهي قراءة عاصم، وقرأ بقية العشرة: ‹ياجُوجُ وماجُوجُ› مِن غير همز. انظر: الإتحاف ص٣٩٤.]]. (١٠/٣٧٢)
﴿حَتَّىٰۤ إِذَا فُتِحَتۡ یَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ﴾ - تفسير الآية
٤٩٧٠٤- تفسير إسماعيل السُّدِّيّ: قوله: ﴿حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج﴾، يعني: فلمّا فتحت يأجوج ومأجوج، يموجون في الأرض فيُفْسِدون فيها[[علَّقه يحيى بن سلّام ١/٣٤١.]]. (ز)
٤٩٧٠٥- قال مقاتل بن سليمان: ﴿حتى إذا فتحت﴾ يعني: أرسلت ﴿يأجوج ومأجوج﴾ وهما أخوان لأبٍ وأُمٍّ، وهما مِن نسل يافث بن نوح[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٩٢.]]. (ز)
٤٩٧٠٦- عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- قوله: ﴿حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج﴾، قال: أُمَّتان مِن وراء رَدْمِ ذي القَرنين[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٠٢.]]. (ز)
٤٩٧٠٧- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج﴾، قال: هذا مبتدأ يوم القيامة[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٠٨.]]. (١٠/٣٧٣)
﴿وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبࣲ یَنسِلُونَ ٩٦﴾ - قراءات
٤٩٧٠٨- عن عبد الله بن مسعود أنّه قرأ: (مِن كُلِّ جَدَثٍ) بالجيم والثاء. مثل قوله: ﴿فَإذا هُم مِّنَ الأَجْداثِ إلى رَبِّهِمْ يَنسَلُونَ﴾ [يس:٥١]، وهي القبور[[أخرجه الحاكم ٢/٢٤٥. (مِن كُلِّ جَدَثٍ) بالجيم والثاء قراءة شاذة، تروى أيضًا عن ابن عباس، و الكلبي، والضحاك. انظر: مختصر ابن خالويه ص٩٥، والمحتسب ٢/٦٦.]]٤٣٩٦. (١٠/٣٧٤)
﴿وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبࣲ یَنسِلُونَ ٩٦﴾ - تفسير الآية
٤٩٧٠٩- عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعتُ رسول الله صلى عليه وسلم يقول: «يفتح يأجوج ومأجوج، فيخرجون على الناس، كما قال الله: ﴿من كل حدب ينسلون﴾، فيغشون الناس ...» الحديث[[سيأتي بتمامه مع تخريجه في الآثار المتعلقة بالآية.]]. (١٠/٣٧٤)
٤٩٧١٠- عن النواس بن سمعان، عن رسول الله صلى عليه وسلم: «فيبعث الله يأجوج ومأجوج، كما قال الله: ﴿وهم من حدب ينسلون﴾...» الحديث[[سيأتي بتمامه مع تخريجه في الآثار المتعلقة بالآية.]]. (١٠/٣٧٧)
٤٩٧١١- عن خالد بن عبد الله بن حرملة، عن خالته، قال: خَطَب رسول الله صلى عليه وسلم وهو عاصِبٌ إصبعَه مِن لدغة عقرب، فقال: «إنّكم تقولون لا عدوَّ لكم، وإنكم لا تزالون تُقاتِلون عدوًّا حتى يأتي يأجوج ومأجوج؛ عِراض الوجوه، صِغار العيون، صهب الشعاف، مِن كل حدب ينسلون، كأنّ وُجوهَهم المجان المطرقة»[[أخرجه أحمد ٣٧/١٩ (٢٢٣٣١)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٦/١٩٠، من طريق خالد بن عبد الله بن حرملة، عن خالته به. قال الهيثمي في المجمع ٨/٦ (١٢٥٧٠): «رواه أحمد والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٨/١٤٢ (٧٦٦٥): «رواته ثقات».]]. (١٠/٣٧٧)
٤٩٧١٢- عن عبد الله بن مسعود، قال: يخرج يأجوج ومأجوج، فيمرحون في الأرض، فيُفْسِدون فيها. ثم قرأ ابن مسعود: ﴿وهم من كل حدب ينسلون﴾. قال: ثم يبعث اللهُ عليهم دابَّةً مثل النَّغَف[[النَّغَف -بالتحريك-: دُودٌ يكون في أنُوف الإبل والغنم. النهاية (نغف).]]، فتَلَجُّ في أسماعهم ومناخِرهم، فيموتون منها، فتنتن الأرض منهم، فيُرسِل اللهُ ماءً، فيطهر الأرض منهم[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٠٦.]]. (١٠/٣٨١)
٤٩٧١٣- عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: ما كان مُنذُ كانت الدنيا رأس مائة سنة إلا كان عند رأس المائة أمر. قال: وفُتِحت يأجوج ومأجوج، وهم كما قال الله: ﴿من كل حدب ينسلون﴾ ...[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم مطولًا.]]. (١٠/٣٨٤)
٤٩٧١٤- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جريج- في قوله: ﴿وهم من كل حدب ينسلون﴾، قال: جميع الناس مِن كل حَدَب[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٠٥. وأخرج يحيى بن سلّام ١/٣٤٣ نحوه من طريق عاصم بن حكيم. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (ز)
﴿مِّن كُلِّ حَدَبࣲ یَنسِلُونَ ٩٦﴾ - تفسير
٤٩٧١٥- عن عبد الله بن مسعود، عن النبي ﷺ، قال: «لَقِيتُ ليلةَ أُسْرِي بي إبراهيمُ وموسى وعيسى، فتَذاكروا أمرَ الساعة، فرَدُّوا أمرَهم إلى إبراهيم، فقال: لا عِلْم لي بها. فرَدُّوا أمرهم إلى موسى، فقال: لا عِلْم لي بها. فرَدُّوا أمرهم إلى عيسى، فقال: أمّا وجْبَتُها فلا يعلم بها أحدٌ إلا الله، وفيما عَهِدَ إلَيَّ ربِّي: أنّ الدجال خارِج ومعي قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرَّصاص، فيُهْلِكُه اللهُ إذا رآني، حتى إنّ الحجر والشجر يقول: يا مسلم، إنّ تحتي كافرًا، فتعال فاقتله. فيهلكهم الله، ثم يرجع الناسُ إلى بلادهم وأوطانهم، فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج، وهم مِن كل حدب ينسلون، فيطئون بلادهم، فلا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يَمُرُّون على ماء إلا شربوه، ثم يرجع الناس يشكونهم، فأدعو الله عليهم، فيهلكهم ويميتهم، حتى تجري الأرض مِن نتن ريحهم، ويُنزِل اللهُ المطرَ، فيَجْتَرِفُ أجسادَهم حتى يقذفهم في البحر، ففيما عهد إلَيَّ ربي: إذا كان ذلك فإنّ الساعة كالحامل المُتِمّ، لا يدري أهلُها متى تفجَؤهم بِولادِها؛ ليلًا أو نهارًا»= (ز)
٤٩٧١٦- قال ابن مسعود: فوجدتُ تصديقَ ذلك في كتاب الله: ﴿حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق﴾ الآية. قال: وجُمِع الناسُ مِن كلِّ مكان كانوا جاؤوا منه يوم القيامة، فهو حدب[[أخرجه أحمد ٦/١٩-٢٠ (٣٥٥٦)، وابن ماجه ٥/٢٠٨ (٤٠٨١)، والحاكم ٢/٤١٦ (٣٤٤٨)، ٤/٥٣٤ (٨٥٠٢)، وابن جرير ١٥/٤١٣-٤١٤، من طريق مؤثر بن عفازة، عن ابن مسعود به. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، فأما مؤثر فليس بمجهول، قد روى عن عبد الله بن مسعود، والبراء بن عازب، وروى عنه جماعة من التابعين». ووافقه الذهبي. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة ٤/٢٠٢ (٠٤٤١): «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، مؤثر بن عفازة ذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد ثقات». وقال الألباني في الضعيفة ٩/٣٠٧ (٤٣١٨): «ضعيف بهذا السياق».]]. (٩/٢٠٥-٢٠٦، ١٠/٣٧٥)
٤٩٧١٧- عن عبد الله بن عباس -من طريق علي- في قوله: ﴿من كل حدب﴾ قال: شَرَف، ﴿ينسلون﴾ قال: يُقبِلون[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٠٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (١٠/٣٧٣)
٤٩٧١٨- عن عبد الله بن عباس: أنّ نافع بن الأزرق سأله، قال له: أخبِرني عن قوله: ﴿ومن كل حدب ينسلون﴾. قال: ينشرون مِن جوف الأرض مِن كل ناحية. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت طرفة وهو يقول: فأما يومهم فيوم سوء تخطفهن بالحَدَبِ الصقور؟[[مسائل نافع (٢٣٤). وعزاه السيوطي إلى الطستي.]]. (١٠/٣٧٣)
٤٩٧١٩- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: ﴿وهم من كل حدب ينسلون﴾، قال: جميع الناس، مِن كل مكان جاؤوا منه يومَ القيامة فهو حدب[[أخرجه يحيى بن سلّام ١/٣٤٣ من طريق عاصم بن حكيم، وابن جرير ١٦/٤٠٥. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]٤٣٩٧. (١٠/٣٧٢)
٤٩٧٢٠- عن قتادة بن دعامة -من طريق مَعْمَر- في قوله: ﴿من كل حدب﴾، قال: مِن كُلِّ أكَمَةٍ[[أخرجه البخاري تعليقًا (ت: مصطفى البغا) كتاب الأنبياء - باب قصة يأجوج ومأجوج ٣/١٢٢١، وعبد الرزاق ٢/٢٧، وابن جرير ٩/٨٣، ١٦/٤٠٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.]]. (١٠/٣٧٣)
٤٩٧٢١- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿وهم من كل حدب﴾ قال: مِن كل أكَمَةٍ، ومن كل نَجْوٍ[[من النجوة: وهي الارتفاع. التاج (نجو).]]، ﴿ينسلون﴾ يخرجون[[أخرجه يحيى بن سلّام ١/٣٤٣.]]. (ز)
٤٩٧٢٢- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وهم من كل حدب ينسلون﴾ يقول: مِن كل مكان يخرجون؛ مِن كل جبل، وأرض، وبلد، وخروجهم عند اقتراب الساعة، فذلك قوله ﷿: ﴿واقترب الوعد الحق﴾[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٩٢.]]. (ز)
٤٩٧٢٣- قال سفيان الثوري، في قوله: ﴿وهم من كل حدب ينسلون﴾، قال: الحَدَب: الشيء اليابس من الأرض[[تفسير الثوري ص٢٠٥.]]. (ز)
٤٩٧٢٤- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿وهم من كل حدب ينسلون﴾، قال: الحَدَب: الشيء المُشْرِف[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٠٧.]]٤٣٩٨. (ز)
﴿مِّن كُلِّ حَدَبࣲ یَنسِلُونَ ٩٦﴾ - آثار متعلقة بالآية
٤٩٧٢٥- عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعتُ رسول الله صلى عليه وسلم يقول: «يفتح يأجوج ومأجوج، فيخرجون على الناس، كما قال الله: ﴿من كل حدب ينسلون﴾. فيغشون الناس، وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويَضُمُّون إليهم مواشيَهم، يشربون مياه الأرض، حتى إنّ بعضهم لَيَمُرُّ بالنهر فيشربون ما فيه، حتى يتركوه يَبَسًا، حتى إنّ مَن بعدَهم لَيَمُرُّ بذلك النهر، فيقول: قد كان ههنا مرةً ماءٌ. حتى إذا لم يبق مِن الناس أحدٌ إلا أخذ في حصن أو مدينة قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم، وبقي أهل السماء. قال: يَهُزُّ أحدُهم حربتَه، ثم يرمي بها إلى السماء، فترجع إليه مُخْتَضِبَةً دمًا؛ للبلاء والفتنة، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله دودًا في أعناقهم كنَغَفِ الجراد الذي يخرج في أعناقه، فيصبحون موتى لا يُسْمَع لهم حِسٌّ، فيقول المسلمون: ألا رجلٌ يشري لنا نفسه، فينظر ما فعل هؤلاء العدوُّ؟ فيتجرد رجلٌ منهم مُحْتَسِبًا نفسه، قد أوطنها على أنه مقتول، فينزل فيجدهم موتى بعضُهم على بعض، فينادي: يا معشر المسلمين، ألا أبْشِروا، إنّ الله قد كفاكم عدوَّكم. فيخرجون مِن مدائنهم وحصونهم، ويسرحون مواشيهم، فما يكون لها مرعًى إلا لحومهم، فتَشْكَرُ[[تَشْكَر: تسمن وتمتلئ شحمًا. النهاية (شكر).]] عنه أحسن ما شكرت عن شيء مِن النبات أصابته قط»[[أخرجه أحمد ١٨/٢٥٦-٢٥٨ (١١٧٣١)، وابن ماجه ٥/٢٠٥-٢٠٦ (٤٠٧٩)، وابن حبان ١٥/٢٤٤-٢٤٥ (٦٨٣٠)، والحاكم ٤/٥٣٥ (٨٥٠٤)، وابن جرير ١٥/٣٩٩-٤٠٠، ١٦/٤٠٦، من طريق محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، عن أبي سعيد الخدري به. قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه». وقال الذهبي في التلخيص: «على شرط البخاري ومسلم». وأورده الألباني في الصحيحة ٤/٤٠٢ (١٧٩٣).]]. (١٠/٣٧٤)
٤٩٧٢٦- عن النواس بن سمعان، قال: ذَكَرَ رسولُ الله صلى عليه وسلم الدَّجّال ذات غداة، فخفض فيه ورَفع، حتى ظننّاه في ناحية النخل، فقال: «غير الدجال أخوَفُنِي عليكم، فإن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجُه دونكم، وإن يخرج ولستُ فيكم فامرؤٌ حجيجُ نفسه، واللهُ خليفتي على كل مسلم، إنّه شابٌّ، قَطِطٌ[[قًطِط: هو شديد الجُعُودة، وقيل: الحسن الجُعُودة، والأول أكثر. النهاية (قطط).]]، عينُه طافئة، وإنه يخرج خَلَّةً بين الشام والعراق، فعاث يمينًا وشمالًا، يا عباد الله، اثبتوا». قلنا: يا رسول الله، ما لُبْثُه في الأرض؟ قال: «أربعون يومًا؛ يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر الأيام كأيامكم». قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي هو كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: «لا، اقدُروا له قدرَه». قلنا: يا رسول الله، ما أسرعه في الأرض؟ قال: «كالغيث اسْتَدْبَرَتْه الريحُ، فيَمُرُّ بالحيِّ، فيدعوهم، فيستجيبون له، فيأمر السماءَ فتُمْطِر، والأرضَ فتُنبِت، وتروح عليهم سارِحتُهم وهي أطول ما كان ذُرًا[[ذُرًا: جمع ذروة، وذِرْوَة كل شَيء وذُرْوَتُه: أعْلاه. اللسان (ذرو).]]، وأمدُّه خَواصِر، وأسبغه ضروعًا، ويمر بالحيِّ فيدعوهم، فيَرُدُّون عليه قولَه، فتتبعه أموالُهم، فيُصْبِحون مُمْحِلِين[[المَحْلُ: نقيض الخصب، وهو الجدب. اللسان (محل)]]، ليس لهم مِن أموالهم شيء، ويَمُرُّ بالخَرِبة، فيقول لها: أخرجي كنوزَكِ. فتتبعه كنوزُها كيعاسيب النَّحل، ويأمر برجل فيُقْتَل، فيضربه ضربةً بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيُقْبِل إليه. فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مَهْرودَتين[[مَهْرودَتين: حُلّتَيْن. النهاية (هرد).]]، واضعًا يده على أجنحة ملَكين، فيتبعه، فيُدْرِكه، فيقتله عند باب لُدٍّ الشَّرْقي، فبينما هم كذلك أوحى الله إلى عيسى ابن مريم: إنِّي قد أخرجت عبادًا مِن عبادي لا يُدانُ لك بقتالهم، فحَرِّز عبادي إلى الطور. فيبعث الله يأجوج ومأجوج، كما قال الله: ﴿وهم من حدب ينسلون﴾، فيرغب عيسى وأصحابُه إلى الله، فيرسل عليهم نَغَفًا في رقابهم، فيُصْبِحون موتى كموت نفس واحدة، فيهبط عيسى وأصحابُه إلى الأرض، فيجدون نتن ريحهم، فيرغب عيسى وأصحابُه إلى الله، فيرسل الله عليهم طيرًا كأعناق البُخْتِ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ويُرسِل الله مطرًا لا يكُنُّ منه بيتُ مَدَرٍ ولا وبَرٍ أربعين يومًا، فيغسل الأرضَ حتى يتركها زلقة، ويقال للأرض: أنبِتي ثمرتك. فيومئذ يأكل النَّفَرُ مِن الرُّمّانة، ويستظلون بقِحْفِها[[قِحْفها: قِشْرها. النهاية (قحف).]]، ويبارك في الرِّسل[[الرِّسْل: اللبن. النهاية (رسل).]]، حتى إنّ اللقحة مِن الإبل لَتكفي الفِئام من الناس، واللقحة مِن البقر تكفي الفخذ، والشاة مِن الغنم تكفي البيت، فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ريحًا طيِّبة تحت آباطهم، فتقبض روحَ كلِّ مسلم، ويبقى شرارُ الناس يَتَهارَجُون تَهارُج الحُمُر، وعليهم تقوم الساعة»[[أخرجه مسلم ٤/٢٢٥٠-٢٢٥٤ (٢٩٣٧)، وابن جرير ١٦/٤٠٣-٤٠٤.]]. (١٠/٣٧٧)
٤٩٧٢٧- عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله ﷺ: «أول الآيات: الدجال، ونزول عيسى، ونار تخرج مِن قَعْر عَدَنٍ تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا وتبيت معهم إذا باتوا، والدخان، والدابة، ويأجوج ومأجوج». قال حذيفة: قلت: يا رسول الله، ما يأجوج ومأجوج؟ قال: «يأجوج ومأجوج أُمَمٌ، كُلُّ أُمَّةٍ أربعمائة ألف أُمَّة، لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألفَ عين تطوف بين يديه مِن صلبه، وهم ولد آدم، فيسيرون إلى خراب الدنيا، ويكون مقدمتهم بالشام، وساقَتهم بالعراق، فيَمُرُّون بأنهار الدنيا، فيشربون الفرات ودجلة وبحيرة طبرية، حتى يأتون بيت المقدس فيقولون: قد قتلنا أهل الدنيا، فقاتِلوا مَن في السماء. فيرمون بالنُّشاب[[النُّشاب: النَّبْل والسِّهام. النهاية (نشب).]] إلى السماء، فترجع نشابتهم مُخَضَّبة بالدَّم، فيقولون: قد قتلنا مَن في السماء. وعيسى والمسلمون بجبل طور سينين، فيُوحي الله إلى عيسى: أنْ أحْرِز عبادي بالطور، وما يلي أيلة. ثم إنّ عيسى يرفع يديه إلى السماء، ويُؤَمِّن المسلمون، فيبعث الله عليهم دابَّة يُقال لها: النَّغَف، تدخل في مناخرهم، فيصبحون موتى مِن حاقِّ[[الحاقّ: الوسط. النهاية (حقق).]] الشام إلى حاقِّ المشرق حتى تنتن الأرض مِن جِيَفهم، ويأمر الله السماء، فتمطر كأفواه القِرَب، فتغسل الأرض مِن جيفهم ونتنهم، فعند ذلك طلوع الشمس مِن مغربها»[[أخرجه ابن جرير ١٦/٣٩٧-٣٩٨، من طريق عصام بن رواد بن الجراح، عن أبيه، عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان به. قال الشيخ الألباني في الضعيفة ١٤/١٢٢: «موضوع بهذا التمام».]]. (١٠/٣٨٠-٣٨١)
٤٩٧٢٨- عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ: «لَيُحَجَّنَّ هذا البيت ولَيُعْتَمَرَنَّ بعد خروج يأجوج ومأجوج»[[أخرجه البخاري ٢/١٤٩ (١٥٩٣)، وأحمد ١٧/٣١٨ (١١٢١٩).]]. (١٠/٣٨٥)
٤٩٧٢٩- عن عبد الله بن سلام، قال: ما مات أحدٌ مِن يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذُرِّيٍّ فصاعدًا[[أخرجه ابن جرير ١٦/٤٠٠.]]. (ز)
٤٩٧٣٠- عن عبد الله بن عمرو -من طريق نَوفٍ البِكالي- قال: إنّ الله -تبارك وتعالى- خلق الملائكة، والجن، والإنس؛ فجزَّأهم عشرة أجزاء، تسعة أجزاء منها الملائكة، وجزء واحد الجن والإنس. وجزَّأ الملائكة عشرة أجزاء؛ تسعة أجزاء منهم الكروبيون الذين يُسَبِّحون الليل والنهار لا يفترون، وجزء منهم واحد لرسالته، ولخزائنه، وما يشاء من أمره. وجزَّأ الجنَّ والإنس عشرة أجزاء؛ تسعة أجزاء منهم الجن، والإنس جزء واحد، فلا يُولَد مِن الإنس مولود إلا وُلِد من الجن تسعة. وجزَّأ الإنس عشرة أجزاء؛ تسعة أجزاء منهم يأجوج ومأجوج، وسائرهم بنو آدم[[أخرجه يحيى بن سلّام ١/٣٤٤، وأخرج آخره آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٤٧٤- من طريق سالم بن أبي الجعد.]]. (ز)
٤٩٧٣١- عن عبد الله بن أبي يزيد، قال: رأى عبدُ الله بن عباس صبيانًا يَنزُو[[النَّزْو: الوَثَبانُ. اللسان (نزا).]] بعضهم على بعض؛ يلعبون، فقال ابنُ عباس: هكذا يخرج يأجوج ومأجوج[[أخرجه ابن جرير ١٦/ ٤٠٠-٤٠١.]]. (١٠/٣٧٧)
٤٩٧٣٢- عن كعب الأحبار -من طريق أبي الضَّيْف- قال: إذا كان عند خروجِ يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذي يلونهم قرعَ فؤوسهم، فإذا كان الليل قالوا: نجي غدًا نخرج. فيعيدُه اللهُ كما كان، فيجيئون غدًا، فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرعَ فؤوسهم، فإذا كان الليل قالوا: نجي [غدًا] فنخرج. فيجيئون مِن الغد، فيجدونه قد أعاده الله تعالى كما كان، فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرعَ فؤوسهم، فإذا كان الليلُ ألقى الله على لسان رجل منهم يقول: نجيء غدًا، فنخرج -إن شاء الله-. فيجيئون مِن الغد، فيجدونه كما تركوه، فيخرقون، ثم يخرجون، فتَمُرُّ الزُّمْرَةُ الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها، ثم تَمُرُّ الزمرة الثانية فيلحسون طينها، ثم تَمُرُّ الزُّمرة الثالثة فيقولون: كان ههنا مرة ماء. ويفِرُّ الناسُ منهم، ولا يقوم لهم شيء، ويرمون بسهامهم إلى السماء، فترجع مُخَضَّبة بالدماء، فيقولون: غلَبْنا أهلَ الأرض وأهلَ السماء. فيدعو عليهم عيسى ﵇، فيقول: اللهم، لا طاقة ولا يد لنا بهم، فاكفناهم بما شئت. فيرسل الله عليهم دودًا يُقال له: النَّغَف، فَتَفْرِسُ[[الفَرْسَة: قَرْحَة تأخُذ في العُنُق فتَفْرِسُها، أي: تَدُقُّها. النهاية (فرس).]] رقابَهم، ويبعث الله عليهم طيرًا، فتأخذهم بمناقيرها، فتلقيهم في البحر، ويبعث الله تعالى عينًا يُقال لها: الحياة؛ تُطَهِّر الأرض منهم، وينبتها حتى إنّ الرُّمّانة ليشبع منها السكن. قيل: وما السكن، يا كعب؟ قال: أهل البيت. قال: فبينا الناسُ كذلك إذ أتاهم الصراخُ أنّ ذا السويقتين أتى البيت يريده، فيبعث عيسى طليعة سبعمائة أو بين السبعمائة والثمانمائة، حتى إذا كانوا ببعض الطريق يبعث الله ريحًا يمانية طيِّبة، فيقبض فيها روحَ كل مؤمن، ثم يبقى عَجاجٌ[[العجاج: الغَوْغاء والأراذل ومن لا خير فيه. النهاية (عجج).]] من الناس، فيَتَسافَدُون كما تَتَسافَدُ البهائم، فمثل الساعة كمثل رجل يُطِيفُ حول فرسه ينظرها متى تضع[[أخرجه يحيى بن سلّام ١/٣٤١-٣٤٢، وابن جرير ١٦/٤٠٢-٤٠٣ واللفظ له.]]٤٣٩٩. (١٠/٣٨٢)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.