الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾ معنى (حتى) هاهنا كمعنى (حتى) في قوله: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ [[يوسف: 110. ويعني المؤلف أن (حتى) هنا للغاية. وفيها وجه آخر، وهو أنها ابتدائية. واستظهره ابن عطية 10/ 205، وانظر: "الدر المصون" 8/ 202.]]. وقرئ [[في (أ)، (ت): (قرأ).]] (فتحت) مخففاً ومشددًا [[قرأ ابن عامر: (فتحت) مشددة التاء، وقرأ الباقون: (فتحت) خفيفة. "السبعة" ص 431، "التبصرة" ص 193، "التيسير" ص 102.]]. فمن خفف -وهي القراءة المعروفة [[في (أ): (المعرفة).]] - فلأن الفعل في الظاهر مسند إلى هذين الاسمين، ولم يحمل ذلك على الكثرة حتى تشدد بمنزلة ﴿مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ﴾ [ص: 50] ولأن المعنى على حذف المضاف لأن التقدير: فتح سد يأجوج ومأجوج، فحذف المضاف وأدخلت علامة التأنيث لما حذف المضاف [[هنا ينتهي الموجود من نسخة (ت).]]؛ لأن يأجوج ومأجوج مؤنثان [[في (د)، (ع): (مؤنثتان).]] بمنزلة القبيلتين. ومن قرأ بالتشديد شدد لكثرة القبيلتين المسماتين بهذين الاسمين وعددهما كثير [[انظر: "الحجة" للفارسي 5/ 262، "علل القراءات" للازهري 2/ 415، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 470.]]. ومعنى فتحهما: إخراجهما عن السد الذي جعلا وراءه وكأنهما قيدا بذلك السد، وإذا ارتفع السد انفتحا. وتقدم الكلام في يأجوج ومأجوج في سورة الكهف [آية: 94]. وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ﴾ معني الحدب في اللغة: الحُدور في صبب، والجمع: حِدَاب [["تهذيب اللغة" للأزهري 4/ 429 (حدب) منسوبًا إلى الليث.]]. ومنه قيل: حدبة الظهر. وقال الفراء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 211.]] والزجاج [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 405.]]: الحدب كل أكمة من الأرض مرتفعة. وقوله تعالى: ﴿يَنْسِلُونَ﴾ النسلان: مشية الذئب إذا أسرع [["تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 428 (نسل) منسوبًا إلى الليث.]]. والماشي ينسل، إذا أسرع. يقال: نسل في العدو يَنْسِلُ ويَنْسُلُ -بالكسر والضم- نسولاً [[هكذا في جميع النسخ. ولم تذكر المصادر اللغوية التي اطلعت عليها هذا التصريف. وإنما ذكرت: نَسْلًا ونَسَلًا ونَسَلانًا.]] ونسلانًا] [[انظر (نسل) في: "تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 428، "الصحاح" للجوهري 5/ 1830، "لسان العرب" لابن منظور 11/ 660 - 661، "القاموس المحيط" 4/ 57.]]. ذكر ذلك الكسائي وغيره وأنشدوا قول الجعدي [[هذا عجز بيت، وصدره: عَسَلان الذئب أمْسى قَارباً وقد أنشده للجعدي .. أبو عيدة في "مجاز القرآن" 2/ 42. وهو في "ديوانه" ص 90. وهو منسوب للبيد في: "الكامل" للمبرد 1/ 369، و"الجمهرة" لابن دريد 3/ 32. ومن غير نسبة في: الطبري 17/ 91، و"تهذيب اللغة" للأزهري 12/ 428، و"لسان العرب" 11/ 661 (نسل).]]: بَرَد الليلُ عليه فَنَسَل واختلفوا في المعنيين بقوله: ﴿وَهُمْ﴾ فأكثر المفسرين على أن (هم) كناية عن يأجوج ومأجوج وهو قول ابن مسعود [[ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" 3/ 43 ب. وقد رواه الطبري 17/ 90، والحاكم في "مستدركه" 4/ 496 ضمن أثر طويل. وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على الطبري 3/ 297.]]. والمعنى: وهم من كل نشز [[في (أ): (بشر)، وهو خطأ. والنَّشَز -بفتح الشين وإسكانها: المكان المرتفع. "الصحاح" للجوهري 3/ 899 (نشز).]] من الأرض يسرحون، يعني أنهم يتفرقون في الأرض فلا يرى أكمة [[الأكمة: التل وكل موضع يكون أشد ارتفاعًا مما حول. "القاموس المحيط" 4/ 75.]] إلا وقوم منهم يهبطون منها مسرعين. وقال آخرون [[ذكر هذا القول الثعلبي 433 ب، ولم ينسبه لأحد.]]: ﴿وَهُمْ﴾ يعني الخلق كلهم يحشرون إلى أرض [[في (أ): (الأرض).]] الموقف فهم يسرعون من كل وجه كما قال ابن عباس في رواية عطاء: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ يريد من كل وجه يخرجون [[انظر: "تنوير المقباس" ص 204.]]. وهذا قول مجاهد [[رواه الطبري 17/ 90، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 5/ 673 وعزاه لعبد بن حميد والطبري.]]، وكان يقرأ (وهم من كل جدث ينسلون) اعتبارًا بقوله ﴿فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ﴾ [[يس: 51. وقد ذكر قراءة مجاهد والتعليل الئعلبي في "الكشف والببان" 3/ 43 ب. انظر: "الشواذ" لابن خالويه ص 93، المحتسب لابن جني 2/ 66، "تعليل القراءات الشاذة" للعكبري ص 261.]] والظاهر هو الأول [[وصوبه الطبري 17/ 90، وصححه ابن الجوزي 5/ 389، واستظهره أبو حيان في "البحر" 6/ 339.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب