الباحث القرآني
﴿مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا یَهۡتَدِی لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیۡهَاۚ﴾ - تفسير
٤٢٦٢١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه﴾ الخير، ﴿ومن ضل﴾ عن الهدى ﴿فإنما يضل عليها﴾ أي: على نفسه. يقول: فعلى نفسه إثم ضلالته[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٢٥.]]. (ز)
٤٢٦٢٢- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها﴾: على نفسه[[تفسير يحيى بن سلام ١/١٢٣.]]. (ز)
﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ﴾ - تفسير
٤٢٦٢٣- عن عائشة، قالت: سألتْ خديجةُ رسول الله ﷺ عن أولاد المشركين. فقال: «هم مع آبائهم». ثم سألته بعد ذلك. فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين». ثم سألته بعدما استحكم الإسلام؛ فنزلت: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾. فقال: «هم على الفطرة». أو قال: «في الجنة»[[أخرجه ابن عبد البر في التمهيد ١٨/١١٧. قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية ٢/٣٠٦: «وهذا الحديث كذب موضوع عند أهل الحديث». وقال ابن حجر في الفتح ٣/٢٤٧: «وأبو معاذ هو سليمان بن أرقم، وهو ضعيف، ولو صحَّ هذا لكان قاطِعًا للنزاع، رافعًا لكثير من الإشكال». وقال السيوطي: «بسند ضعيف».]]. (٩/٢٧٤)
٤٢٦٢٤- عن أبي رِمْثَة، قال: انطلقتُ مع أبي نحو النبي ﷺ، ثم إنّ رسول الله ﷺ قال لأبي: «ابنك هذا؟». قال: إي، وربِّ الكعبة. قال: «حقًّا؟». قال: أشهد به. قال: فتبسَّم رسول الله ﷺ ضاحكًا مِن ثَبْت شبهي في أبي، ومِن حَلِف أبي عليَّ، ثم قال: «أما إنّه لا يجني عليك، ولا تجني عليه». وقرأ رسول الله ﷺ: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾[[أخرجه أحمد ١١/٦٧٩-٦٨٠ (٧١٠٩)، ١١/٦٨٥-٦٨٦ (٧١١٤)، ١١/٦٨٧- ٦٨٩ (٧١١٦)، وأبو داود ٦/٥٤٦ (٤٤٩٥)، وابن حبان ١٣/٣٣٧ (٥٩٩٥)، والحاكم ٢/٤٦١ (٣٥٩٠)، والثعلبي ٩/١٥٣. قال الحاكم: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال أبو نعيم في حلية الأولياء ٧/١١٨: «مشهور من حديث الثوري». وقال أيضًا ٧/٢٣١: «مشهور من حديث إياد، عن أبي رمثة، واسمه رفاعة بن يثربي، غريب من حديث مسعر، لم نكتبه إلا من هذا الوجه». وقال ابن حزم في المحلى ١١/٢٦٠ بعد ذكره أحاديث: «إن كان في أسانيدها معترض فإن معناها صحيح». وقال ابن الملقن في البدر المنير ٨/٤٧٢ (٥٦): «هذا الحديث صحيح». وقال الألباني في الإرواء ٧/٣٣٢-٣٣٣ (٢٣٠٣): «صحيح».]]. (ز)
٤٢٦٢٥- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾: واللهِ، ما يحمل الله على عبدٍ ذنبَ غيره، ولا يؤاخذ إلا بعمله[[أخرجه ابن جرير ١٤/٥٢٦.]]. (ز)
٤٢٦٢٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾، يقول: لا تحمل نفسٌ خطيئةَ نفسٍ أخرى[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٢٥.]]. (ز)
٤٢٦٢٧- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾: لا يحمل أحدٌ ذنبَ أحد[[تفسير يحيى بن سلام ١/١٢٣.]]٣٨٠٩. (ز)
﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ﴾ - آثار متعلقة بالآية
٤٢٦٢٨- عن عائشة، قالت: سألتُ رسول الله ﷺ عن ولدان المسلمين، أين هم؟ قال: «في الجنة». وسألته عن ولدان المشركين، أين هم؟ قال: «في النار». قلت: يا رسول الله، لم يُدركِوا الأعمالَ، ولم تجرِ عليهم الأقلام! قال: «ربكِ أعلم بما كانوا عاملين، والذي نفسي بيده، لئن شئتُ أسمعتُكِ تَضاغِيَهم[[تضاغيهم: صياحهم وبكاؤهم. النهاية (ضغا).]] في النار»[[أخرجه أحمد ٤٢/٤٨٤ (٢٥٧٤٣) مختصرًا، والحارث في مسنده ٢/٧٥٧ (٧٥٣) واللفظ له، والثعلبي ١٠/٧٧. قال ابن عدي في الكامل ٢/٢٥٨-٢٥٩ (٣٠١) في ترجمة بهية مولاة القاسم: «ولبهية هذه عن عائشة غير هذا الحديث، ولم يرو عن بهية غير أبي عقيل يحيى بن المتوكل، وليس أحاديثه بالكثيرة، وإنما يروي مقدار خمسة أو ستة أو سبعة، وأحاديثه ليست منكرة». وقال ابن عبد البر في الاستذكار ٣/١١٢: «أبو عقيل ضعيف متروك». وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية ٢/٤٤١-٤٤٢ (١٥٤١): «هذا حديث لا يصح، قال أحمد بن حنبل: يحيى بن المتوكل يروي عن بهية أحاديث منكرة». وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة ٢/١٠٩٣: «هذا الحديث قد ضعّفه جماعة من الحفاظ». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٢١٧ (١١٩٤١): «رواه أحمد، وفيه أبو عقيل يحيى بن المتوكل، ضعفه جمهور الأئمة أحمد وغيره، ويحيى بن معين، ونقل عنه توثيقه في رواية من ثلاثة». وقال ابن حجر في الفتح ٣/٢٤٦: «وهو حديث ضعيف جدًّا؛ لأن في إسناده أبا عقيل مولى بهية، وهو متروك». وقال الألباني في الضعيفة ٨/٣٦٧ (٣٨٩٨): «موضوع».]]. (٩/٢٧٦)
٤٢٦٢٩- عن أبي هريرة، أنّ رسول الله ﷺ سُئِل عن أولاد المشركين. فقال: «الله أعلمُ بما كانوا عاملين»[[أخرجه البخاري ٢/١٠٠ (١٣٨٤)، ٨/١٢٣ (٦٥٩٨)، ومسلم ٤/٢٠٤٩ (٢٦٥٩)، ويحيى بن سلام في تفسيره ٢/٦٥٧.]]. (٩/٢٧٧)
٤٢٦٣٠- عن عبد الله بن عباس، قال: كنت أقول في أطفال المشركين: هم مع آبائهم. حتى حدثني رجل مِن أصحاب النَّبي ﷺ، عن النَّبي ﷺ، أنّه سُئل عنهم، فقال: «ربهم أعلم بهم، هو خلقهم، وهو أعلم بهم وبما كانوا عاملين». فأمسكت عن قولي[[أخرجه أحمد ٣٤/٣٠٥ (٢٠٦٩٧)، ٣٨/٤٦٩ (٢٣٤٨٤). قال ابن عبد البر في التمهيد ١٨/١٢٦بعد ذكره لعدد من الأحاديث منها هذا: «أحاديث هذا الباب من جهة الإسناد صحاح ثابتة عند جميع أهل العلم بالنقل». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٢١٨ (١١٩٤٤): «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٢/٥٢١ (٢٠٢٧): «رواه أبو داود الطيالسي وأحمد بن حنبل بسند صحيح».]]. (٩/٢٧٦)
٤٢٦٣١- عن عبد الله بن عباس، قال: حدثني الصَّعب بن جَثّامة، قال: قلتُ: يا رسول الله، إنّا نُصيبُ في البَيات[[بيات العدو وتبييتهم: هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة. النهاية (بيت).]] مِن ذراري المشركين؟ قال: «هم منهم»[[أخرجه البخاري ٤/٦١ (٣٠١٢، ٣٠١٣)، ومسلم ٣/١٣٦٥ (١٧٤٥).]]. (٩/٢٧٥)
٤٢٦٣٢- عن حسناء -ويقال: خنساء- بنت معاوية الصُّرَيمية، عن عمها، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «النَّبيُّ في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والوئيد[[الوَئِيدُ: الموءود، فعيل بمعنى مفعول. النهاية ٥/١٤٣.]] في الجنة»[[أخرجه أحمد ٣٤/١٩٠ (٢٠٥٨٣)، ٣٤/١٩٢ (٢٠٥٨٥)، ٣٨/٤٥٩ (٢٣٤٧٦)، وأبو داود ٤/١٧٥ (٢٥٢١). قال المزي في تهذيب الكمال ٣٥/١٥١ (٧٨١٤): «حسناء بنت معاوية بن سليم الصريمية، ويقال: خنساء». وقال ابن حجر في الفتح ٣/٢٤٦: «إسناده حسن». وقال الألباني في صحيح أبي داود ٧/٢٨٠ (٢٢٧٦): «حديث صحيح».]]. (٩/٢٧٥)
٤٢٦٣٣- عن أنس بن مالك، قال: سألنا رسولَ الله ﷺ عن أولاد المشركين. فقال: «هم خَدَم أهل الجنة»[[أخرجه البزار في مسنده ١٤/٣٩ (٧٤٦٦)، والطبراني في الأوسط ٣/٢٢٠ (٢٩٧٢)، ٥/٢٩٤ (٥٣٥٥). قال الطبراني في الموضع الأول: «لم يروه عن قتادة إلا مقاتل». وقال في الموضع الآخر: «لم يرو هذا الحديثَ عن مبارك بن فضالة إلا الحر بن مالك». وقال أبو نعيم في معرفة الصحابة ٦/٣٠٠٧ (٦٩٨١): «المشهور عن يزيد بن سنان عن أنس بن مالك». وقال القرطبي في التذكرة ص١٠٤٤: «ليس بالقوي». وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى ٤/٢٧٩: «لا أصل لهذا القول». وقال ابن كثير في تفسيره ٥/٥٩: «ضعيف». وقال ابن حجر في الفتح ٣/٢٤٦: «ضعيف». وقال المناوي في التيسير ١/٣٩٤: «بإسناد حسن». وقال الرباعي في فتح الغفار ٣/١٧٢٩ (٥٠٩٣): «إن كانت ضعيفة فبعضها يقوي بعضًا ... وما في معناها وما تواتر وشهدت به فطرة العقول من سعة رحمة الله تزداد قوة». وقال الألباني في الصحيحة ٣/٤٥٢-٤٥٣ (١٤٦٨): «الحديث صحيح عندي بمجموع هذه الطرق والشواهد».]]٣٨١٠. (٩/٢٧٦)
٤٢٦٣٤- عن أنس بن مالك، قال: رسول الله ﷺ: «سألتُ ربي اللّاهِين[[قال ابن عبد البر: إنما قيل للأطفال: اللاهين؛ لأن أعمالهم كاللهو واللعب، من غير عقد ولا عزم، من قولهم: لهيت عن الشيء، أي: لم أعتمده، كقوله: ﴿لاهية قلوبهم﴾ [الأنبياء:٣].]] مِن ذرية البشر ألّا يُعذبهم، فأعطانيهم»[[أخرجه أبو يعلى في مسنده ٦/٢٦٧ (٣٥٧٠)، ٦/٣١٦ (٣٦٣٦)، ٧/١٣٨ (٤١٠١)، والطبراني في الأوسط ٦/١١١ (٥٩٥٧). قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا عبد الرحمن بن إسحاق، ولا عن عبد الرحمن إلا فضيل بن سليمان، تفرد به عبد الرحمن بن المتوكل». وقال البيهقي في القضاء والقدر ص٣٥٥ (٦٢٩): «تفرد به يزيد الرقاشي، ويزيد لا يحتج به، وروي أيضًا عن عثمان بن مقسم عن قتادة عن أنس، وإسناده ضعيف لا يحتج به». وقال ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ ٣/١٤٥٠-١٤٥١ (٣١٨٨): «وهذا لا يرويه بهذا الإسناد غير فضيل، وهو ضعيف. أورده في ذكر عمرو بن مالك النكري ... وعمرو ضعيف». وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية ٢/٤٤٤ (١٥٤٥): «هذا حديث لا يثبت، ويزيد لا يعول عليه». وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة ٢/١١٢٧: «وهذا الحديث ضعيف؛ فإن يزيد الرقاشي واه». وقال في حادي الأرواح ص ٢١٥: «وهذه الطرق ضعيفة؛ فيزيد واهٍ، وفضيل بن سليمان متكلم فيه، وعبد الرحمن بن إسحاق ضعيف». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٢١٩ (١١٩٥٤): «رواه أبو يعلى من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح، غير عبد الرحمن بن المتوكل، وهو ثقة». وقال ابن حجر في الفتح ٣/٢٤٦: «إسناده حسن». وقال العيني في عمدة القاري ٨/٢١١: «إسناده حسن». وقال السيوطي في الخصائص الكبرى ٢/٣٨٦: «بسند صحيح». وقال المناوي في التيسير ٢/٤٨: «وله طرق بعضها صحيح». وأورده الألباني في الصحيحة ٤/٥٠٢ (١٨٨١).]]. (٩/٢٧٥)
٤٢٦٣٥- عن سلمان الفارسي، قال: أطفال المشركين خَدَم أهل الجنة[[عزاه السيوطي إلى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول.]]. (٩/٢٧٦)
﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولࣰا ١٥﴾ - تفسير
٤٢٦٣٦- عن أبي هريرة -من طريق معمر، عن قتادة- قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة؛ المعتوه، والأصم، والأبكم، والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام، ثم أرسل إليهم رسولًا: أن ادخُلوا النار. فيقولون: كيف ولم تأتنا رُسُل؟ قال: وايمُ الله، لو دخَلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا. ثم يُرسِلُ إليهم، فيُطِيعُه مَن كان يريد أن يطيعه. قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: ﴿وما كُنّا مُعذبين حتى نبعث رسولًا﴾[[أخرجه عبد الرزاق ١/٣٧٤، وابن جرير ١٤/٥٢٦-٥٢٧. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. (٩/٢٧٧)
٤٢٦٣٧- تفسير الحسن البصري قوله: ﴿وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا﴾: لا يُعَذِّب قومًا بالاستئصال حتى يحتج عليهم بالرسول[[علقه يحيى بن سلام ١/١٢٣.]]. (ز)
٤٢٦٣٨- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا﴾: إنّ الله -تبارك وتعالى- ليس يعذب أحدًا حتى يسبق إليه من الله خبر، أو يأتيه من الله بينة، وليس معذبًا أحدًا إلا بذنبه[[أخرجه ابن جرير ١٤/٥٢٦.]]. (ز)
٤٢٦٣٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وما كنا معذبين﴾ في الدنيا أحدًا ﴿حتى نبعث رسولا﴾ لينذرهم بالعذاب في الدنيا بأنّه نازل بهم، كقوله سبحانه: ﴿وما أهلكنا﴾ في الدنيا ﴿من قرية إلا لها منذرون﴾ [الشعرء:٢٠٨][[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/٥٢٥.]]. (ز)
٤٢٦٤٠- قال يحيى بن سلّام: كقوله: ﴿وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا﴾ [القصص:٥٩]، وكقوله: ﴿وإن من أمة إلا خلا فيها نذير﴾ [فاطر:٢٤]، يعني: الأمم التي أهلك الله بالعذاب[[تفسير يحيى بن سلام ١/١٢٣.]]٣٨١١. (ز)
﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولࣰا ١٥﴾ - أحكام متعلقة بالآية
٤٢٦٤١- عن معاذ بن جبل، عن رسول الله ﷺ، قال: «يؤتى يوم القيامة بالممسُوخ عقلًا، وبالهالك في الفترة، وبالهالك صغيرًا، فيقول الممسوخ عقلًا: يا ربِّ، لو آتيتني عقلًا ما كان مَن آتيتَه عقلًا بأسعَدَ بعقلِه مني. ويقول الهالك في الفترة: يا ربِّ، لو أتاني منك عهد ما كان مَن أتاه منك عهدٌ بأسعد بعهدك مني. ويقول الهالك صغيرًا: يا رب، لو آتيتني عُمُرًا ما كان مَن أتيتَه عُمُرًا بأسعد بعُمُرِه مني. فيقول الرب -تبارك وتعالى-: فإني آمُرُكم بأمر، أفتُطيعوني؟ فيقولون: نعم، وعِزَّتِك. فيقول: اذهبوا، فادخلوا جهنم. ولو دَخَلوها ما ضَرَّتهم شيئًا، فيَخرُجُ عليهم قَوابِص[[القوابص: هي الطوائف والجماعات، واحدها قابصة. النهاية (قبص).]] مِن نار، يظنون أنها قد أهلكت ما خلق الله من شيء، فيرجعون سراعًا، ويقولون: يا ربنا، خرجنا -وعِزَّتك- نريد دخولها، فخرجت علينا قوابص من نار، ظننّا أن قد أهلكت ما خلق الله من شيء. ثم يأمُرُهم ثانية، فيرجعون كذلك، ويقولون كذلك، فيقول الرب: خلقتُكم على علمي، وإلى علمي تصيرون، ضُمِّيهم. فتأخُذُهم النار»[[أخرجه الطبراني في الأوسط ٨/٥٧-٥٨ (٧٩٥٥)، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٥/١٢٧. قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن يونس بن ميسرة إلا عمرو بن واقد، ولا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد». وقال أبو نعيم: «لا يعرف هذا الحديث مسندًا مُتَّصلًا عن النبي ﷺ من حديث أبي إدريس عن معاذ، إلا من حديث يونس بن ميسرة، تفرد به عنه عمرو بن واقد». وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية ٢/٤٤١ (١٥٤٠): «هذا حديث لا يصح عن رسول الله ﷺ، وفي إسناده عمرو بن واقد، قال ابن مسهر: ليس بشيء. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير؛ فاستحق الترك». وقال ابن القيم في طريق الهجرتين ص٣٩٨: «إن كان عمرو بن واقد لا يحتج به فله أصل وشواهد، والأُصول تشهد له». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٢١٦-٢١٧ (١١٩٣٩): «رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وفيه عمرو بن واقد، وهو متروك عند البخاري وغيره، ورمي بالكذب، وقال محمد بن المبارك الصوري: كان يتبع السلطان، وكان صدوقًا، وبقية رجال الكبير رجال الصحيح». وأورده الألباني في الصحيحة ٥/٦٠٤-٦٠٥.]]. (٩/٢٧٩)
٤٢٦٤٢- عن الأسود بن سريع، أن النَّبي ﷺ قال: «أربعة يَحتَجُّون يوم القيامة؛ رجلٌ أصم لا يسمع شيئًا، ورجل أحمق، ورجل هَرِم، ورجل مات في الفترة، فأمّا الأصم فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا. وأما الأحمق فيقول: ربِّ، جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبَعْر. وأما الهَرِم فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا. وأما الذي مات في الفترة فيقول: ربِّ، ما أتاني لك رسول. فيأخذ مواثيقهم لَيُطِيعُنَّه، فيرسل إليهم رسولًا: أن ادخلوا النار». قال: «فوالذي نفس محمد بيده، لو دخلوها كانت عليهم بردًا وسلامًا، ومَن لم يدخلها سُحِب إليها»[[أخرجه أحمد ٢٦/٢٢٨ (١٦٣٠١)، وابن حبان ١٦/٣٥٦-٣٥٧ (٧٣٥٧). قال البيهقي في كتاب الاعتقاد ص١٦٩: «إسناد صحيح». وقال ابن الخراط في العاقبة في ذكر الموت ص٣١٧: «صحيح». وقال ابن القيم في طريق الهجرتين ص٣٩٩: «إسناد حديث الأسود أجود من كثير من الأحاديث التي يحتج بها في الأحكام». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٢١٥-٢١٦ (١١٩٣٦): «ورجاله -أحمد- في طريق الأسود بن سريع وأبي هريرة رجال الصحيح، وكذلك رجال البزار فيهما». وأورده الألباني في الصحيحة ٥/٦٠٣ (٢٤٦٨).]]. (٩/٢٧٧)
٤٢٦٤٣- عن أبي هريرة مثله، غير أنه قال في آخره: «فمَن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومَن لم يدخُلها سُحِب إليها»[[أخرجه أحمد ٢٦/٢٣٠ (١٦٣٠٢). وأورده الثعلبي ٤/٤٠-٤١. قال البيهقي في القضاء والقدر ص٣٦١ (٦٤٥): «إسناد صحيح وروي بإسناد آخر فيه ضعف». وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة ٢/١١٤٩: «وحديث أبي هريرة إسناده صحيح متصل». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٨/١٧٨ (٧٧٣١): «رواه أبو يعلى الموصلي بسند ضعيف، لضعف علي بن زيد بن جدعان، ورواه أحمد بن حنبل من وجه آخر». وأورده الألباني في الصحيحة ٥/٦٠٣ (٢٤٦٨).]]. (٩/٢٧٨)
٤٢٦٤٤- عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: «يؤتى يوم القيامة بأربعة؛ بالمولود، والمعتوه، ومَن مات في الفترة، والشيخ الهَرِم الفاني، كلُّهم يتكلم بحُجته، فيقول الربُّ -تبارك وتعالى- لِعُنُقٍ من جهنم: ابرُزِي. ويقول لهم: إني كنت أبعث إلى عبادي رسلًا من أنفسهم، وإني رسول نفسي إليكم. فيقول لهم: ادخلوا هذه. فيقول مَن كُتِب عليه الشقاء: يا ربِّ، أتُدخِلُناها ومنها كُنّا نَفِرُّ؟! قال: وأما مَن كتب له السعادة فيمضي، فيقتحم فيها، فيقول الربُّ تعالى: قد عايَنتُموني فعصيتُموني، فأنتم لرُسِلي أشدُّ تكذيبًا ومعصية. فيُدخِلُ هؤلاء الجنة، وهؤلاء النار»[[أخرجه البزار ١٤/١٠٤ (٧٥٩٤)، وأبو يعلى ٧/٢٢٥ (٤٢٢٤). قال القرطبي في التذكرة ص١٠٤١: «يضعفه من جهة المعنى: أن الآخرة ليست بدار تكليف، وإنما هي دار جزاء ثواب وعقاب. قال الحليمي: وهذا الحديث ليس بثابت، وهو مخالف لأصول المسلمين». وقال ابن القيم في طريق الهجرتين ص٣٩٩: «هذه الأحاديث يشد بعضها بعضًا، وتشهد لها أصول الشرع وقواعده، والقول بمضمونها هو مذهب السلف والسنة، نقله عنهم الأشعري ﵀ في المقالات وغيرها». وقال ابن كثير في تفسيره ٥/٥٨: «أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء، ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف يقوى بالصحيح والحسن». وقال الهيثمي في المجمع ٧/٢١٦ (١١٩٣٧): «رواه أبو يعلى والبزار بنحوه، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس، وبقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح». وقال ابن حجر في الفتح ٣/٢٤٦: «وقد صحّت مسألة الامتحان في حق المجنون ومن مات في الفترة من طرق صحيحة». وأورده الألباني في الصحيحة ٥/٦٠٣ (٢٤٦٨).]]. (٩/٢٧٨)
٤٢٦٤٥- عن عبد الله بن شدّاد: أنّ رسول الله ﷺ أتاه رجل، فسأله عن ذراري المشركين الذين هلكوا صغارًا، فوضع رأسه ساعة، ثم قال: «أين السائل؟». فقال: هأنذا، يا رسول الله. فقال: «إن الله -تبارك وتعالى- إذا قضى بين أهل الجنة والنار لم يبق غيرهم، عجُّوا، فقالوا: اللهم ربنا، لم تأتِنا رُسُلك، ولم نعلم شيئًا. فأرسل إليهم ملَكًا، والله أعلم بما كانوا عاملين، فقال: إني رسول ربكم إليكم. فانطلقوا، فاتَّبَعوا حتى أتوا النار، فقال: إنّ الله يأمركُم أن تقتحموا فيها. فاقتحمت طائفة منهم، ثم أُخرِجوا من حيث لا يشعر أصحابهم، فجُعِلوا في السابقين المقربين، ثم جاءهم الرسول، فقال: إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار. فاقتحمت طائفة أخرى، ثم أُخرِجوا من حيث لا يشعرون، فجُعِلوا في أصحاب اليمين، ثم جاء الرسول، فقال: إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار. فقالوا: ربَّنا، لا طاقة لنا بعذابك. فأمر بهم، فجُمِعَت نَواصِيهم وأقدامُهم، ثم أُلقُوا في النار، واللهِ»[[أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ١/٣١٣ مرسلًا.]]. (٩/٢٨١)
٤٢٦٤٦- عن أبي صالح باذام -من طريق عمرو بن ميمون- قال: يُحاسَبُ يوم القيامة الذين أُرسِل إليهم الرسل، فيُدخِلُ الله الجنة مَن أطاعه، ويدخل النار مَن عصاه، ويبقى قومٌ من الولدان والذين هلَكوا في الفترة ومَن غُلب على عقله، فيقول الربُّ -تبارك وتعالى- لهم: قد رأيتم، إنما أدخلت الجنةَ من أطاعني، وادخلت النار من عصاني، وإني آمُرُكم أن تدخلوا هذه النار. فيخرج لهم عُنُق منها، فمن دخلها كانت نجاتُه، ومَن نَكَصَ فلم يدخلها كانت هلكته[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/١٧٣، ٤٥٥.]]. (٩/٢٨٠)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.