الباحث القرآني
ولَمّا كانَ ما مَضى؛ أنْتَجَ قَطْعًا مَعْنى ما قُلْنا لِبَنِي إسْرائِيلَ: ”إنْ أحْسَنْتُمْ“؛ الآيَةَ؛ لِكُلِّ أحَدٍ مِنهُمْ؛ ومِن غَيْرِهِمْ؛ وذَلِكَ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿مَنِ اهْتَدى﴾؛ فَتَبِعَ الهُدى؛ ﴿فَإنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾؛ لِأنَّ ثَوابَهُ لا يَتَعَدّاهُ؛ ﴿ومَن ضَلَّ﴾؛ بِالإعْراضِ عَمّا أنْزَلْنا مِنَ البَيانِ؛ ﴿فَإنَّما يَضِلُّ عَلَيْها﴾؛ لِأنَّ عِقابَهُ عَلَيْهِ؛ لا يَتَجاوَزُهُ؛ ﴿ولا تَزِرُ وازِرَةٌ﴾؛ أيْ: أيُّ وازِرَةٍ كانَتْ؛ ﴿وِزْرَ أُخْرى﴾؛ لِتُخَفِّفَ عَنْها؛ بَلْ لِكُلِّ جَزاءٍ عَمَلُهُ؛ لا يَتَعَدّاهُ إلى غَيْرِهِ؛ فَنُثِيبُ مَنِ اهْتَدى؛ ونُعَذِّبُ مَن ضَلَّ؛ ﴿وما كُنّا﴾؛ أيْ: عَلى عَظَمَتِنا؛ ﴿مُعَذِّبِينَ﴾؛ أحَدًا؛ ﴿حَتّى نَبْعَثَ﴾؛ أيْ: بَعْثًا يُناسِبُ عَظَمَتَنا؛ ﴿رَسُولا﴾؛ فَمَن بَلَغَتْهُ دَعْوَتُهُ فَخالَفَ أمْرَهُ واسْتَكْبَرَ عَنِ اتِّباعِهِ؛ عَذَّبْناهُ بِما يَسْتَحِقُّهُ؛ وهَذا أمْرٌ قَدْ تَحَقَّقَ بِإرْسالِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ -؛ ومَن بَعْدَهُ مِنَ الأنْبِياءِ الكِرامِ - عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ - في جَمِيعِ الأُمَمِ؛ كَما قالَ (تَعالى): ﴿ولَقَدْ بَعَثْنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا﴾ [النحل: ٣٦] ﴿وإنْ مِن أُمَّةٍ إلا خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤] (p-٣٨٩)فَإنَّ دَعْوَتَهم إلى اللَّهِ (تَعالى) قَدِ انْتَشَرَتْ؛ وعَمَّتِ الأقْطارَ؛ واشْتُهِرَتِ؛ انْظُرْ إلى قَوْلِ قُرَيْشٍ؛ الَّذِينَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَبِيٌّ بَعْدَ إسْماعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلامُ -: ﴿ما سَمِعْنا بِهَذا في المِلَّةِ الآخِرَةِ﴾ [ص: ٧]؛ فَإنَّهُ يُفْهِمُ أنَّهم سَمِعُوهُ في المِلَّةِ الأُولى؛ فَمَن بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ أحَدٍ مِنهم بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ فَقَصَّرَ في البَحْثِ عَنْها فَهو كافِرٌ؛ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذابِ؛ فَلا تَغْتَرَّ بِقَوْلِ كَثِيرٍ مِنَ النّاسِ في نَجاةِ أهْلِ الفَتْرَةِ؛ مَعَ إخْبارِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - أنَّ آباءَهُمُ الَّذِينَ مَضَوْا في الجاهِلِيَّةِ في النّارِ؛ وأنَّ ما يُدَحْرِجُ الجُعَلُ خَيْرٌ مِنهُمْ؛ إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأخْبارِ؛ قالَ الإمامُ أبُو عَبْدِ اللَّهِ الحَلِيمِيُّ؛ أحَدُ أجِلّاءِ الشّافِعِيَّةِ؛ وعُظَماءِ أئِمَّةِ الإسْلامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - في أوائِلِ مِنهاجِهِ؛ في بابِ مَن لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ: وإنَّما قُلْنا: إنَّ مَن كانَ مِنهم عاقِلًا مُمَيِّزًا؛ إذا رَأى ونَظَرَ؛ إلّا أنَّهُ لا يَعْتَقِدُ دِينًا؛ فَهو كافِرٌ؛ لِأنَّهُ؛ وإنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَ دَعْوَةَ نَبِيِّنا - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ -؛ فَلا شَكَّ أنَّهُ سَمِعَ دَعْوَةَ أحَدٍ مِنَ الأنْبِياءِ الَّذِينَ كانُوا قَبْلَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - عَلى كَثْرَتِهِمْ؛ وتَطاوُلِ أزْمانِ دَعْوَتِهِمْ؛ ووُفُورِ عَدَدِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِمْ؛ واتَّبَعُوهُمْ؛ والَّذِينَ كَفَرُوا بِهِمْ وخالَفُوهُمْ؛ (p-٣٩٠)فَإنَّ الخَبَرَ قَدْ يَبْلُغُ عَلى لِسانِ المُخالِفِ كَما يَبْلُغُ عَلى لِسانِ المُوافِقِ؛ وإذا سَمِعَ أيَّةَ دَعْوَةٍ كانَتْ إلى اللَّهِ؛ فَتَرَكَ أنْ يَسْتَدِلَّ بِعَقْلِهِ عَلى صِحَّتِها؛ وهو مِن أهْلِ الِاسْتِدْلالِ والنَّظَرِ؛ كانَ بِذَلِكَ مُعْرِضًا عَنِ الدَّعْوَةِ؛ فَكَفَرَ؛ واللَّهُ أعْلَمُ؛ وإنْ أمْكَنَ أنْ يَكُونَ لَمْ يَسْمَعْ قَطُّ بِدِينٍ؛ ولا دَعْوَةِ نَبِيٍّ؛ ولا عَرَفَ أنَّ في العالَمِ مَن يَثْبُتُ إلَهًا - وما نَرى أنَّ ذَلِكَ يَكُونُ -؛ فَإنْ كانَ فَأمْرُهُ عَلى الِاخْتِلافِ - يَعْنِي عِنْدَ مَن يُوجِبُ الإيمانَ بِمُجَرَّدِ العَقْلِ؛ ومَن لا يُوجِبُهُ إلّا بِانْضِمامِ النَّقْلِ؛ وما قالَهُ الحَلِيمِيُّ نُقِلَ نَحْوُهُ عَنِ الإمامِ الشّافِعِيِّ نَفْسِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ قالَ الزَّرْكَشِيُّ في آخِرِ بابِ الدِّياتِ؛ مِن شَرْحِهِ عَلى المِنهاجِ: وقَدْ أشارَ الشّافِعِيُّ إلى عُسْرِ قُصُورِ - أيْ: عَدَمِ بُلُوغِ - الدَّعْوَةِ؛ حَيْثُ قالَ: وما أظُنُّ أحَدًا إلّا بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ؛ إلّا أنْ يَكُونَ قَوْمٌ مِن وراءِ النَّهْرِ بِكَوْنِنا؛ وقالَ الدُّمَيْرِيُّ: وقالَ الشّافِعِيُّ: ولَمْ يَبْقَ مَن لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ.
{"ayah":"مَّنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا یَهۡتَدِی لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِینَ حَتَّىٰ نَبۡعَثَ رَسُولࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











