قوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ (الآية).
حجة من قرأ (كلمات) - بالجمع - أنها في المصحف بالتاء، ولإجماع الجميع على قوله: ﴿لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ﴾.
ومن قرأ بالتوحيد، احتج بإجماع الجميع على التوحيد في قوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ [هود: ١١٩]، ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ﴾ [الأعراف: ١٣٧]. وإنما كتبت بالتاء عند من وحّد، لأنها كتبت على اللفظ، بمنزلة ﴿وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ﴾ [المجادلة: ٨، ٩] و ﴿فِطْرَتَ ٱللَّهِ﴾ [الروم: ٣٠] وشبهه.
والمعنى: أن الله سمى القرآن (كلمة)، كما تقول العرب للقصيدة: "هذه كلمة فلان"، والموصوف هنا بالتمام هو القرآن، لا مبدل له، أي: لا مغير لما أخبر في كتابه أنه كائن، وهذا مثل قوله: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ﴾ [الفتح: ١٥] والذي أرادوا أن يبدلوا هو قوله: ﴿لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ﴾ [الفتح: ١٥]، فتقدم في علم الله أنهم لا يتبعون النبي، فأرادوا أن يبدلوا ذلك فقالوا للنبي: ﴿ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ﴾ [الفتح: ١٥]، وقد تقدم من الله أنهم لا يتبعونهم فأرادوا أن يغيِّروا ما تقدَّم في علم الله وقد كان أخبره الله في كتابه بقوله: ﴿فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ (فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن)﴾ [التوبة: ٨٣] إلى ﴿ٱلْخَالِفِينَ﴾ [التوبة: ٨٣]، فكلام الله هنا: ما أخبر أنهم لن يتبعوا، فأرادوا أن يبدلوا خبر الله ويتبعوه، وكذلك قوله: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ أي: أنَّه لا بُدَّ واقع كل ما أخبر به، لا يحيلهُ أحد ولا يغيره.
﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ﴾ أي: السميع لما يقول العادلون الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم لئِّن جاءتهم آية ليؤمنن بها، وغير ذلك مما يَقولُ خَلْقهُ، ﴿ٱلْعَلِيمُ﴾ بما يؤول إليه أمرهم من صدق وإيمان أو كفر.
{"ayah":"وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقࣰا وَعَدۡلࣰاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ"}