الباحث القرآني
قوله تعالى ذكره: ﴿وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً﴾ إلى قوله: ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً﴾.
معناه: وقال هؤلاء الكفار بالله: اتخذ الرحمن ولداً، فقال لهم جلّ ذكره: ﴿لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً﴾. أي: عظيماً. أي: قلتم قولاً عظيماً. قاله: ابن عباس ومجاهد وقتادة.
ويقال: أد واد واد على فاعل بمعنى واحد.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ﴾.
أي: يتشققن مما قلتم.
﴿وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ﴾ أي: تتصدع.
﴿وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً﴾ أي: يسقط بعضها على بعض سقوطاً.
وقال ابن عباس: "هداً" هدماً.
والهد الأنقاض.
وقال ابن عباس: إن الشرك فزعت منه السماوات، والأرض، والجبال، وجميع الخلائق، إلا الثقلين، وكدن أن يزلن منه لعظمة الله. وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين مع التوحيد.
قال القرظي: لقد كاد عباد الله أن يقيموا علينا الساعة.
وقال النبي ﷺ: "لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله. من قالها عند موته وجبت له الجنة، قالوا: يا رسول الله، فمن قالها في صحته؟ قال: تلك أوجب وأوجب. ثم قال: والذي نفسي بيده، لو جيء بالسماوات والأرض وما فيهن وما بينهن، وما تحتهن، فوضعن في كفة الميزان، ووضعت شهادة أن لا إله إلا الله في الكفة الأخرى، لرجحت بهن
قال كعب: غضبت الملائكة، واستعرت جهنم حين قالوا ما قالوا.
ثم قال تعالى جل ثناؤه: ﴿أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً﴾. أي: من أجل أنهم جعلوا له ولداً.
قال أبو ذؤيب: "دعوا" بمعنى" جعلوا.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً﴾. أي ما يصلح له أن يتخذ ولداً، لأن كل ولد يشبه أباه، والله لا يشبهه شيء.
* * *
ثم قال: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً﴾.
أي: إلا هو عبد لله، خاضعاً، ذليلاً.
وهذه الآية تدل على أن الرجل لا يملك، ولده، فإذا صار إليه بشراء أو إرث أو هدية عتق عليه، إن شاء أو أبى.
ومعنى: ﴿وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ أن الرحمن لا شبيه له، والولد يشبه والده ومن جنسه يكون. فلو كان له ولد لأشبهه، ولكان من جنسه، وهو لا شبيه له ولا مثل، فهذا أمر لا يتمكن، ولا ينبغي أن يكون، فهو مستحيل ممتنع سبحانه لا إله إلا هو.
* * *
ثم قال: ﴿لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً﴾.
أي: علمهم، وعدهم أجمعين، فلا يخفى عليه مبلغ جميعهم ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً﴾. أي: جميع الخلائق يعرضون على الله يوم القيامة منفردين، لا ناصر لأحد منهم، فيقضي الله فيهم ما هو قاض.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً﴾.
أي: إن الذين صدقوا الله ورسله، وعملوا بما أمرهم، وانتهوا عما نهاهم، سيجعل لهم الرحمن في الدنيا في صدور عباده المؤمنين محبة، قاله ابن عباس.
وقال مجاهد: يحبهم ويحببهم إلى المؤمنين، وكذا قال ابن جبير عن ابن عباس.
وكان هرم بن حيان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل، إلا أقبل الله تعالى بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه مودتهم ومحبتهم.
وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: "ما من الناس أحد يبذل خيراً أو شراً، إلا كساه الله رداء عمله.
ويروى أن هذه الآية نزلت في عبد الرحمن بن عوف، وذلك أنه لما هاجر إلى المدينة، وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة، فأنزل الله جل وعز، الآية يعزّيه بها ويخبره أنه سيحدث له في قلوب المؤمنين الذين هاجر إليهم محبة.
وقيل: إن الله تعالى جعل [له] في قلوب المؤمنين محبة، فلا ترى مؤمناً إلا يحبه.
{"ayahs_start":88,"ayahs":["وَقَالُوا۟ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَـٰنُ وَلَدࣰا","لَّقَدۡ جِئۡتُمۡ شَیۡـًٔا إِدࣰّا","تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ یَتَفَطَّرۡنَ مِنۡهُ وَتَنشَقُّ ٱلۡأَرۡضُ وَتَخِرُّ ٱلۡجِبَالُ هَدًّا","أَن دَعَوۡا۟ لِلرَّحۡمَـٰنِ وَلَدࣰا","وَمَا یَنۢبَغِی لِلرَّحۡمَـٰنِ أَن یَتَّخِذَ وَلَدًا","إِن كُلُّ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّاۤ ءَاتِی ٱلرَّحۡمَـٰنِ عَبۡدࣰا","لَّقَدۡ أَحۡصَىٰهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدࣰّا","وَكُلُّهُمۡ ءَاتِیهِ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فَرۡدًا","إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَیَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَـٰنُ وُدࣰّا"],"ayah":"تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ یَتَفَطَّرۡنَ مِنۡهُ وَتَنشَقُّ ٱلۡأَرۡضُ وَتَخِرُّ ٱلۡجِبَالُ هَدًّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق