قال تعالى: ﴿وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ﴾.
قال السدي: أتوا إلى أبيهم عشاءاً يبكون، فلما سمع أصواتهم فزع، وقال: ما لكم يا بني؟ هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا" لا، قال: فما فعل يوسف؟ فقالوا: ﴿يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ﴾: كان السبق عندهم على الأرجل، كالسبق على الخيل، لأنه آلة للحرب. فلما قالوا: ﴿وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ﴾ بكى الشيخ، وصاح بأعلى صوته، فقال: أين القميص؟ فجاؤو(ه) بالقميص، عليه دم كذب، فأخذ القميص فطرحه على وجهه، ثم بكى حتى تخضب وجهه من دم القميص.
* * *
قوله: ﴿وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا﴾: أي: بمصدق لنا، ﴿وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾: قال: المبرد: المعنى: وإن كنا صادقين.
وقيل المعنى: ليس بمصدق لنا لو كنا من أهل الصدق الذين لا يتهمون لِسُوءِ ظنك بنا.
وقيل: المعنى: ولو كنا عندك من أهل الصدق، لاتهمتنا في يوسف لمحبتك إياه.
وقيل: المعنى: قد وقع في قلبك إنّا لنصدقك في يوسف، فأنت لا تصدقنا. وذلك أن يعقوب كان (قد) اتَّهَمَهُمْ عليه، فلما وقع ما وقع، تأكدت التهمة لهم. وإلا فيعقوب، صلوات الله عليه، لا يكذب الصادق، وليس هذا من صفة الأنبياء، صلوات الله عليهم. وإنما كذبهم لتأكيد التهمة، وكثرة الدلائل على كذبهم. فالمعنى: ما أنت بمصدق لنا وقد وقع (بك) ما تحذر، ولو كنا عندك صادقين من قبل، غير متهمين، لوجب أن تتهمنا (الساعة) عند مصيبتك. فكيف وقد كنت متهماً لنا (فيه) من قبل.
{"ayahs_start":16,"ayahs":["وَجَاۤءُوۤ أَبَاهُمۡ عِشَاۤءࣰ یَبۡكُونَ","قَالُوا۟ یَـٰۤأَبَانَاۤ إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ وَتَرَكۡنَا یُوسُفَ عِندَ مَتَـٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُۖ وَمَاۤ أَنتَ بِمُؤۡمِنࣲ لَّنَا وَلَوۡ كُنَّا صَـٰدِقِینَ"],"ayah":"وَجَاۤءُوۤ أَبَاهُمۡ عِشَاۤءࣰ یَبۡكُونَ"}