الباحث القرآني

أَكْدى قطع عطيته وأمسك، وأصله: إكداء الحافر، وهو أن تلقاه كدية: وهي صلابة كالصخرة فيمسك عن الحفر، ونحوه: أجبل الحافر، ثم استعير فقيل: أجبل الشاعر إذا أفحم. روى أن عثمان رضى الله عنه كان يعطى ما له في الخير، فقال له عبد الله بن سعد بن أبى سرح وهو أخوه من الرضاعة: يوشك أن لا يبقى لك شيء، فقال عثمان: إن لي ذنوبا وخطايا، وإنى أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوه، فقال عبد الله: أعطنى ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن العطاء. فنزلت. ومعنى تَوَلَّى ترك المركز يوم أحد، فعاد عثمان إلى أحسن من ذلك وأجمل فَهُوَ يَرى فهو يعلم أن ما قال له أخوه من احتمال أوزاره حق وَفَّى قرئ مخففا ومشدّدا، والتشديد مبالغة في الوفاء. أو بمعنى: وفر وأتم، كقوله تعالى فَأَتَمَّهُنَّ وإطلاقه ليتناول كل وفاء وتوفية، من ذلك: تبليغه الرسالة، واستقلاله بأعباء النبوّة، والصبر على ذبح ولده وعلى نار نمروذ، وقيامه بأضيافه وخدمته إياهم بنفسه، وأنه كان يخرج كل يوم فيمشى فرسخا يرتاد ضيفا، فإن وافقه أكرمه، وإلا نوى الصوم. وعن الحسن: ما أمره الله بشيء إلا وفي به. وعن الهزيل بن شرحبيل [[قوله «وعن الهزيل بن شرحبيل» لعله: الهذيل. (ع)]] : كان بين نوح وبين إبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة غيره، ويقتل بأبيه وابنه وعمه وخاله، والزوج بامرأته، والعبد بسيده، فأوّل من خالفهم إبراهيم. وعن عطاء بن السائب: عهد أن لا يسأل مخلوقا، فلما قذف في النار قال له جبريل وميكائيل: ألك حاجة؟ فقال. أمّا إليكما فلا. وعن النبي ﷺ: وفي عمله كل يوم بأربع ركعات في صدر [[أخرجه الطبري وابن أبى حاتم وغيرهما من رواية جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبى أمامة مرفوعا به وأتم منه.]] النهار، وهي: صلاة الضحى. وروى: ألا أخبركم لم سمى الله خليله الَّذِي وَفَّى؟ كان يقول إذا أصبح وأمسى: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ ... إلى ... حِينَ تُظْهِرُونَ [[أخرجه أحمد والطبراني وابن السنى والطبري وابن أبى حاتم من رواية ابن لهيعة عن زياد عن زيان عن ابن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه به.]] وقيل: وفي سهام الإسلام: وهي ثلاثون: عشرة في التوبة التَّائِبُونَ ... وعشرة في الأحزاب: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ ... وعشرة في المؤمنين قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ... وقرئ: في صحف، بالتخفيف أَلَّا تَزِرُ أن مخففة من الثقيلة. والمعنى: أنه لا تزر، والضمير ضمير الشأن، ومحل أن وما بعدها: الجر بدلا من ما في صحف موسى. أو الرفع على: هو أن لا تزر، كأن قائلا قال: وما في صحف موسى وإبراهيم، فقيل: أن لا تزر إِلَّا ما سَعى إلا سعيه. فإن قلت: أما صح في الأخبار: الصدقة عن الميت، والحج عنه، وبه الإضعاف؟ قلت: فيه جوابان، أحدهما: أن سعى غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعى نفسه. وهو أن يكون مؤمنا صالحا وكذلك الإضعاف- كأن سعى غيره كأنه سعى نفسه، لكونه تابعا له وقائما بقيامه. والثاني، أن سعى غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه، ولكن إذا نواه به فهو بحكم الشرع كالنائب عنه والوكيل القائم مقامه ثُمَّ يُجْزاهُ ثم يجزى العبد سعيه، يقال: جزاه الله عمله وجزاه على عمله، بحذف الجار وإيصال الفعل. ويجوز أن يكون الضمير للجزاء، ثم فسره بقوله الْجَزاءَ الْأَوْفى أو أبدله عنه، كقوله تعالى: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى قرئ بالفتح على معنى: أن هذا كله في الصحف، وبالكسر على الابتداء، وكذلك ما بعده. والمنتهى: مصدر بمعنى الانتهاء، أى: ينتهى إليه الخلق ويرجعون إليه، كقوله تعالى إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ. أَضْحَكَ وَأَبْكى خلق قوتي الضحك والبكاء [[قال محمود: «أى خلق قوتي الضحك والبكاء» قال أحمد: وخلق أيضا فعلى الضحك والبكاء على قواعد السنة، وعليه دلت الآية غير مثابرة لتحريفه، والله الموفق.]] إِذا تُمْنى إذا تدفق في الرحم، يقال: منى وأمنى. وعن الأخفش: تخلق من منى المانى، أى قدر المقدّر: قرئ: النشأة والنشاءة بالمد. وقال عَلَيْهِ لأنها واجبة [[قال محمود: «إنما قال عليه لأنها واجبة عليه ... الخ» قال أحمد: هذا من فساد اعتقاد المعتزلة الذي يسمونه مراعاة الصلاح والحكمة، وأى فساد أعظم مما يؤدى إلى اعتقاد المعتزلة الإيجاب على رب الأرباب، تعالى الله عن ذلك. ومثل هذه القاعدة التي عفت البراهين القاطعة رسمها وأبطلت حكمها لا يكفى فيها كلمة محتملة: هي لو كانت ظاهرة لوجب تنزيلها على ما يوفق بينها وبين القواطع، والذي حملت عليه لفظة عليه غير هذا المعنى: وهو أن المراد أن أمر النشأة الأخرى يدور على قدرته عز وجل وإرادته، كما يقال: دارت قضية فلان على يدي. وقول المحدثين. على يدي دار الحديث، أى هو الأصل فيه والسند، والله أعلم.]] عليه في الحكمة [[قوله «لأنها واجبة عليه في الحكمة» هذا عند المعتزلة لا عند أهل السنة. (ع)]] ، ليجازى على الإحسان والإساءة وَأَقْنى وأعطى القنية وهي المال الذي تأثلته وعزمت أن لا تخرجه من يدك الشِّعْرى مرزم الجوزاء [[قوله «مرزم الجوزاء» في الصحاح «المرزمان» مرزما الشعريين، وهما نجمان: أحدهما في الشعرى، والآخر في الذراع اه. (ع)]] : وهي التي تطلع وراءها، وتسمى كلب الجبار، وهما شعريان الغميصاء والعبور وأراد العبور. وكانت خزاعة تعبدها، سنّ لهم ذلك أبو كبشة رجل من أشرافهم، وكانت قريش تقول لرسول الله ﷺ: أبو كبشة، تشبيها له به لمخالفته إياهم في دينهم [[هذا وهم، والمعروف أنهم كانوا يقولون له: ابن أبى كبشة، كما في حديث أبى سفيان الطويل في الصحيحين حيث قال: لقد أمر أمر ابن أبى كبشة أن يخافه ملك بنى الأصفر. يعنى هرقل.]] ، يريد: أنه رب معبودهم هذا. عاد الأولى: قوم هود، وعاد الأخرى: إرم. وقيل: الأولى القدماء، لأنهم أوّل الأمم هلاكا بعد قوم نوح، أو المتقدمون في الدنيا الأشراف. وقرئ: عادا لولى. وعاد لولى، بإدغام التنوين في اللام وطرح همزة أولى ونقل ضمتها إلى لام التعريف وَثَمُودَ وقرئ: وثمود أَظْلَمَ وَأَطْغى [[قوله «وقرئ وثمود أظلم وأطغى» يفيد أن قراءة التنوين أشهر. (ع)]] لأنهم كانوا يؤذونه ويضربونه حتى لا يكون به حراك، وينفرون عنه حتى كانوا يحذرون صبيانهم أن يسمعوا منه، وما أثر فيهم دعاؤه [[قوله «وما أثر فيهم دعاؤه» أى دعاؤه إياهم إلى الإسلام. (ع)]] قريبا من ألف سنة وَالْمُؤْتَفِكَةَ والقرى التي ائتفكت بأهلها، أى: انقلبت، وهم قوم لوط، يقال: أفكه فأتفك: وقرئ: والمؤتفكات أَهْوى رفعها إلى السماء على جناح جبريل، ثم أهواها إلى الأرض أى: أسقطها ما غَشَّى تهويل وتعظيم لما صب عليها من العذاب وأمطر عليها من الصخر المنضود.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب