الباحث القرآني
﴿ثُلَّةٌ﴾: هم جماعة كثيرة، ﴿مِنَ الأوَّلِينَ﴾: الأمم الماضية غير هذه الأمة، ﴿وثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ﴾: من هذه الأمة، أو ثلة من المتقدمين من هذه الأمة، وثلة من المتأخرين منهم، وعلى التفسير الأول يلزم أن المقربين من هذه الأمة قليلون بالنسبة إلى جميع الأمم الماضية، ولا يلتزم قلتهم، ولكن الأبرار كثيرون بالنسبة إليهم أيضًا، ﴿وأصْحابُ الشِّمالِ ما أصْحابُ الشِّمالِ في سَمُومٍ﴾: حر نار، ﴿وحَمِيمٍ﴾: ماء في غاية الحرارة، ﴿وظِلٍّ مِن يَحْمُومٍ﴾: دخان أسود، ﴿لا بارِدٍ ولا كَرِيمٍ﴾: حسن المنظر، أو نافع، ﴿إنَّهم كانُوا قَبْلَ ذَلِكَ﴾: في الدنيا، ﴿مُتْرَفِينَ﴾: منهمكين في الشهوات، ﴿وكانُوا يُصِرُّونَ عَلى الحِنْثِ﴾: الذنب، ﴿العَظِيمِ﴾، وهو الشرك، أو اليمين الغموس، ﴿وكانُوا يَقُولُونَ أئِذا مِتْنا وكُنّا تُرابًا وعِظامًا أإنّا لَمَبْعُوثُونَ﴾، همزة الإنكار كررت لمزيد الإنكار، والعامل في إذا ما دل عليه مبعوثون، ﴿أوَآباؤُنا الأوَّلُونَ﴾ عطف على محل إن واسمها، أو على ضمير مبعوثون، وجاز للفصل بالهمزة أي: أيبعث آباؤنا أيضًا، فإنهم أقدم؟! فبعثهم أبعد، ﴿قُلْ إنَّ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾: إلى ما وُقِّتَتْ به الدنيا، وحُدَّت من يوم معين عند الله تعالى، ﴿ثُمَّ إنَّكم أيُّها الضّالُّونَ المُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ﴾، من للابتداء، ﴿مِن زَقُّومٍ﴾، من للبيان، ﴿فَمالِئُونَ مِنها البُطُونَ﴾: يسجرون حتى يأكلوا ملأ بطونهم، ﴿فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الحَمِيمِ﴾، تأنيث الضمير في منها، وتذكيره في عليه على المعنى ولفظه ﴿فَشارِبُونَ شُرْبَ الهِيمِ﴾: مثل شرب الإبل التي بها الهيام داء تشبه الاستسقاء، وعن بعض الهيم الإبل المراض تمص الماء مصًّا، ولا تُرَوى، وكل من المعطوف والمعطوف عليه أخص من الآخر فحسن العطف، ﴿هَذا نُزُلُهُمْ﴾: رزقهم الذي يعد لهم تكرمة لهم، ﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾: يوم الجزاء، وإذا كان هذا نزلهم فما ظنك بما يعد لهم من بعد، ﴿نَحْنُ خَلَقْناكُمْ﴾: بعد أن لم تكونوا شيئًا مذكورًا، ﴿فَلَوْلا تُصَدِّقُون﴾ أي: فهلا تصدقون بابتداء الخلق كأن أعمالهم خلاف ما يقتضيه التصديق، فحضهم عليه، ﴿أفَرَأيْتُمْ ما تُمْنُونَ﴾: تصبون في الأرحام من النطف؟! ﴿أأنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أمْ نَحْنُ الخالِقُونَ﴾، فعلم أن الابتداء منا، ﴿نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ المَوْتَ وما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾: مغلوبين عاجزين، ﴿عَلى أنْ نُبَدِّلَ أمْثالَكُمْ﴾: نغير صفاتكم جمع مثل، ﴿ونُنْشِئَكم في ما لا تَعْلَمُونَ﴾: في صفات لا تعلمونها أي: فما نحن بعاجزين عن الإعادة، وهي تبديل الصفات إلى صفات أخرى، أو ما نحن بعاجزين على أن نأتي بخلق مثلكم بدلًا عنكم، وعلى أن نخلقكم فيما لا تعلمونه من الصور كالقردة، والخنازير، فعلى هذا الأمثال جمع مثل بسكون الثاء، وفي الآية الثانية والثالثة ما يشعر، ويلائم هذا المعنى، وهو قوله: ”لو نشاء لجعلناه حطامًا“، ”ولو نشاء جعلناه أجاجًا“، أو يكون معنى الآية، نحن خلقناكم ابتداء، فهلا تصدقون بالبعث، ثم استدل، وقال أما ترون المني فكيف تجمع أولًا في الرجل، وهو منبث في أطراف العالم، ثم نجمع في الرحم بعدما كان منبثا في أعضاء الرجل، ثم نكون الحيوان منه، فإذا افترق بالموت مرة أخرى ألم نقدر على جمعه وتكوينه مرة أخرى؟! ﴿ولَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأةَ الأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ﴾: فهلا تذكرون أن من قدر عليها قدر على النشأة الأخرى، ﴿أفَرَأيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ﴾ تبذرون حبة، ﴿أأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ﴾: تنبتونه؟! ولذلك قال عليه السلام: ”لا يقولن أحدكم زرعت، وليقل غرثت“ ﴿أمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطامًا﴾: هشيمًا لا ينتفع به، ﴿فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾: بالمقالة تنتقلون بالحديث، ﴿إنّا لَمُغْرَمُونَ﴾: استئناف مبين لمقالتهم، أي: يقولون إنا لمعذبون مهلكون، أو لملزمون غرامة ما أنفقنا، والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض، ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾: محدودون ممنوعون، وعن الكسائي: التفكه من الأضداد يستعمل في التنعم والتحزن، ﴿أفَرَأيْتُمُ الماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أأنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ﴾: السحاب جمع مزنة، ﴿أمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجًا﴾: شديد الملوحة، ﴿فَلَوْلا تَشْكُرُونَ أفَرَأيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾: تقدحون، ﴿أأنْتُمْ أنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أمْ نَحْنُ المُنْشِئُونَ﴾، للعرب شجرتان المرخ والعفار تحك أحد غصنيهما بالآخر فيتناثر منهما شرر النار، ﴿نَحْنُ جَعَلْناها تَذكِرَةً﴾: لنار جهنم، ﴿ومَتاعًا﴾: منفعة، ﴿لِلْمُقْوِينَ﴾: الذين ينزلون القواء، أي: المفازة، فإن انتفاعهم بالزند أكثر من انتفاع الحضريين، أو الجائعين، فإن أصل القواء الخلو، ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ﴾: فجدد التسبيح، ونزهه عن النقائص باستعانة ذكر اسمه العظيم، أو اسم ذاته العظيم تنزيهًا عما يقولون، أو تعجبًّا أو شكرًا.
{"ayahs_start":39,"ayahs":["ثُلَّةࣱ مِّنَ ٱلۡأَوَّلِینَ","وَثُلَّةࣱ مِّنَ ٱلۡـَٔاخِرِینَ","وَأَصۡحَـٰبُ ٱلشِّمَالِ مَاۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلشِّمَالِ","فِی سَمُومࣲ وَحَمِیمࣲ","وَظِلࣲّ مِّن یَحۡمُومࣲ","لَّا بَارِدࣲ وَلَا كَرِیمٍ","إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَبۡلَ ذَ ٰلِكَ مُتۡرَفِینَ","وَكَانُوا۟ یُصِرُّونَ عَلَى ٱلۡحِنثِ ٱلۡعَظِیمِ","وَكَانُوا۟ یَقُولُونَ أَىِٕذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابࣰا وَعِظَـٰمًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ","أَوَءَابَاۤؤُنَا ٱلۡأَوَّلُونَ","قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَوَّلِینَ وَٱلۡـَٔاخِرِینَ","لَمَجۡمُوعُونَ إِلَىٰ مِیقَـٰتِ یَوۡمࣲ مَّعۡلُومࣲ","ثُمَّ إِنَّكُمۡ أَیُّهَا ٱلضَّاۤلُّونَ ٱلۡمُكَذِّبُونَ","لَـَٔاكِلُونَ مِن شَجَرࣲ مِّن زَقُّومࣲ","فَمَالِـُٔونَ مِنۡهَا ٱلۡبُطُونَ","فَشَـٰرِبُونَ عَلَیۡهِ مِنَ ٱلۡحَمِیمِ","فَشَـٰرِبُونَ شُرۡبَ ٱلۡهِیمِ","هَـٰذَا نُزُلُهُمۡ یَوۡمَ ٱلدِّینِ","نَحۡنُ خَلَقۡنَـٰكُمۡ فَلَوۡلَا تُصَدِّقُونَ","أَفَرَءَیۡتُم مَّا تُمۡنُونَ","ءَأَنتُمۡ تَخۡلُقُونَهُۥۤ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡخَـٰلِقُونَ","نَحۡنُ قَدَّرۡنَا بَیۡنَكُمُ ٱلۡمَوۡتَ وَمَا نَحۡنُ بِمَسۡبُوقِینَ","عَلَىٰۤ أَن نُّبَدِّلَ أَمۡثَـٰلَكُمۡ وَنُنشِئَكُمۡ فِی مَا لَا تَعۡلَمُونَ","وَلَقَدۡ عَلِمۡتُمُ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُولَىٰ فَلَوۡلَا تَذَكَّرُونَ","أَفَرَءَیۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ","ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُۥۤ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّ ٰرِعُونَ","لَوۡ نَشَاۤءُ لَجَعَلۡنَـٰهُ حُطَـٰمࣰا فَظَلۡتُمۡ تَفَكَّهُونَ","إِنَّا لَمُغۡرَمُونَ","بَلۡ نَحۡنُ مَحۡرُومُونَ","أَفَرَءَیۡتُمُ ٱلۡمَاۤءَ ٱلَّذِی تَشۡرَبُونَ","ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنزِلُونَ","لَوۡ نَشَاۤءُ جَعَلۡنَـٰهُ أُجَاجࣰا فَلَوۡلَا تَشۡكُرُونَ","أَفَرَءَیۡتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِی تُورُونَ","ءَأَنتُمۡ أَنشَأۡتُمۡ شَجَرَتَهَاۤ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡمُنشِـُٔونَ","نَحۡنُ جَعَلۡنَـٰهَا تَذۡكِرَةࣰ وَمَتَـٰعࣰا لِّلۡمُقۡوِینَ","فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِیمِ"],"ayah":"ثُمَّ إِنَّكُمۡ أَیُّهَا ٱلضَّاۤلُّونَ ٱلۡمُكَذِّبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق