الباحث القرآني
﴿مَن كانَ يُرِيدُ﴾ بعمله ﴿حَرْثَ الآخِرَةِ﴾ أي: زرعها. سمي عمله زرع الآخِرَةِ؛ لأن الفائدة تحصل فيها، كما يقال: زرع الصيف ﴿نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ﴾ بتضعيف ثوابه ﴿ومَن كانَ يُرِيدُ﴾ بعمله ﴿حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنها﴾: شيئًا منها بقدر ما قسمنا له ﴿وما لَهُ في الآخِرَةِ مِن نَصِيبٍ﴾ نصيب من عمله، إذ لكل امرئٍ ما نوى ﴿أمْ لَهم شُرَكاءُ﴾: بل ألهم آلهة وهم الشياطين، والهمزة للتحقيق والتثبيت ﴿شَرَعُوا﴾: أظهروا ﴿لَهم مِنَ الدِّينِ﴾ غير دين الإسلام ﴿ما لَمْ يَأذَنْ بِهِ اللهُ﴾ وهذا إضراب عن قوله: ”شرع لكم من الدين“ [الشورى: ١٣] إلخ ﴿ولَوْلا كَلِمَةُ الفَصْلِ﴾: القضاء السابق بتأجيل العذاب إلى القيامة ﴿لَقُضِيَ بَيْنَهُم﴾ بين المؤمنين والكافرين في الدنيا ﴿وإنَّ الظّالِمِينَ لَهم عَذابٌ ألِيمٌ تَرى الظّالِمِينَ﴾ في القيامة ﴿مُشْفِقِينَ﴾: خائفين ﴿مِمّا كَسَبُوا﴾: من وباله ﴿وهُوَ واقِعٌ بِهِمْ﴾ لا محالة ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ في رَوْضاتِ الجَنّاتِ﴾: أحسن بقاعها ﴿لَهم ما يَشاءونَ عِنْدَ ربِّهِمْ﴾ ظرف لـ ”لَهُم“ أي: حصل لهم عنده وفي كرمه، أو حال ﴿ذلِكَ هو الفَضْلُ الكَبِيرُ ذَلِكَ﴾ الثواب ﴿الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عبادَهُ﴾ أي: به، حذف الجار ثم العائد ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ قُلْ لا أسْألُكم عَلَيْهِ﴾: على التبليغ ﴿أجْرًا﴾: نفعًا منكم ﴿إلّا المَوَدَّةَ في القُرْبى﴾: إلا أن تحبوني في حق قرابني منكم ومن أجلها، أو إلا أن تحبوا أهل قرابتي وتجعلوهم مكان المودة، فالظرف حال، وعن الإمام أحمد قال عليه الصلاة والسلام للعباس: ”لا يدخل قلب امرئٍ إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي“، أو إلا أن تحبوا الله في تقربكم إليه بطاعته ﴿ومَن يَقْتَرِفْ﴾: يكتسب ﴿حَسَنَةً﴾ طاعة ﴿نَزِدْ له فِيها﴾: في الحسنة ﴿حُسْنًا﴾ بأن نضاعف أجرها ﴿إنَّ اللهَ عفُورٌ شَكُورٌ﴾ يقبل الطاعة وإن قَلَّت ﴿أمْ يَقُولُونَ﴾ بل أيقولون: إضراب آخر أشد من قوله: ”أم لهم شركاء“ إلخ ﴿افْتَرى﴾ محمد ﴿على اللهِ كَذِبًا فَإنْ يَشَأِ اللهُ﴾ أي: خذلانك اللازم للافتراء ﴿يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ﴾ فلا تعي القرآن ولا تفهم الوحي، ويسلبك ما أتاك من الله تعالى، أو فتجترئ على الافتراء عليه، وهذا رد واستبعاد لافترائه على الله تعالى. وعن مجاهد: يربط على قلبك بالصبر فلا يشق عليك أذاهم ﴿ويَمْحُ اللهُ الباطِلَ ويُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ﴾ كلام ابتدائي عطف جملة على جملة لا على الجزاء، ولهذا أعاد اسم الله تعالى، ورفع يحق وحذف الواو من يمحو في اللفظ لالتقاء الساكنين، وفى الخط في بعض المصاحف على خلاف القياس كما في ”ويدع الإنسان“ [الإسراء: ١١] وهذا عدة بمحو الباطل الذي هم عليه، وإثبات الحق الذي عليه المؤمنون بحججه أو بالقرآن أو بقضائه، وقيل: حاصله أن من عادته محو الباطل وإثبات الحق، فلو كان مفتريًا لمحقه وأثبت الحق ﴿إنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ فيعلم ضميرك وضميرهم، فيجري الأمر على حسب ذلك ﴿وهُوَ الذِى يَقْبَلُ التَّوبةَ عَنْ عِبادِهِ﴾: بالعفو عما تاب عنه، وعدم المؤاخذة به ﴿ويَعْفُو عَنِ السَّيِّئاتِ﴾ من شأنه قبول التوبة والعفو عن الذنوب، والظاهر من لفظ العفو وعطفه على يقبل التوبة، أن هذا في غير التائب، ﴿ويعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ﴾ فيثبت ويعاقب ﴿ويَسْتَجِيبُ الذِينَ آمَنُوا﴾ أي: يجيب الله تعالى دعاءهم ويثيبهم ﴿وعَمِلُوا الصّالِحاتِ ويَزِيدُهم مِن فَضْلِهِ﴾ عما استحقوا، وفى الحديث في تفسير ”ويزيدهم“ قال - عليه الصلاة والسلام: ”الشفاعة لمن وجبت له النار ممن صنع إليهم المعروف في الدنيا“. وعن بعض السلف في قوله: ”ويستجيب الذين آمنوا“، قال: يشفعون في إخوانهم وفي قوله: ﴿ويزيدهم من فضله﴾ قال: يشفعون فى إخوان إخوانهم ﴿والكافِرُونَ لَهم عَذابٌ شَدِيدٌ ولَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ﴾ بأن أغناهم جميعًا ووفر الدنيا للكل ﴿لَبَغَوْا﴾: أفسدوا ﴿فِي الأرْضِ﴾ بطرا أى: ولم يبسط لئلا يعم البغي ولا يغلب الفساد على الصلاح ﴿ولَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ﴾ أي: ينزل ما يشاء من أرزاقهم بتقدير وتعيين، وفي الحديث ”إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه، وإن منهم من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه“ ﴿إنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ فيقدر لهم ما يناسبهم ﴿وهُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ الغَيْثَ﴾: المطر، قيل: هو المطر النافع ﴿مِن بَعْدِ ما قَنَطُوا﴾: أيسوا منه ﴿ويَنشُرُ رَحْمَتَهُ﴾: يبسط منافع الغيث، أو ينشر سائر رحمته ﴿وهُوَ الوَلِيُّ﴾: المتصرف للأمور ﴿الحَمِيدُ﴾: المستحق للحمد ﴿ومِن آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَثَّ﴾ أي: نشر، وما موصولة عطف على السماوات ﴿فِيهِما مِن دابَّةٍ﴾: من حي، ذكر اللزوم وأراد اللازم، أو في السماء دواب من مراكب أهل الجنة وغيرها، وقيل: فيهما، أي: في بينهما يدب على الأرض ﴿وهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ﴾ للحشر ﴿إذا يَشاءُ﴾ أي وقتٍ شاء ﴿قَدِيرٌ﴾.
{"ayahs_start":20,"ayahs":["مَن كَانَ یُرِیدُ حَرۡثَ ٱلۡـَٔاخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِی حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ یُرِیدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡیَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِن نَّصِیبٍ","أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَـٰۤؤُا۟ شَرَعُوا۟ لَهُم مِّنَ ٱلدِّینِ مَا لَمۡ یَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةُ ٱلۡفَصۡلِ لَقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ","تَرَى ٱلظَّـٰلِمِینَ مُشۡفِقِینَ مِمَّا كَسَبُوا۟ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فِی رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا یَشَاۤءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِیرُ","ذَ ٰلِكَ ٱلَّذِی یُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِۗ قُل لَّاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِی ٱلۡقُرۡبَىٰۗ وَمَن یَقۡتَرِفۡ حَسَنَةࣰ نَّزِدۡ لَهُۥ فِیهَا حُسۡنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ شَكُورٌ","أَمۡ یَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبࣰاۖ فَإِن یَشَإِ ٱللَّهُ یَخۡتِمۡ عَلَىٰ قَلۡبِكَۗ وَیَمۡحُ ٱللَّهُ ٱلۡبَـٰطِلَ وَیُحِقُّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِۦۤۚ إِنَّهُۥ عَلِیمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ","وَهُوَ ٱلَّذِی یَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَیَعۡفُوا۟ عَنِ ٱلسَّیِّـَٔاتِ وَیَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ","وَیَسۡتَجِیبُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَیَزِیدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۚ وَٱلۡكَـٰفِرُونَ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدࣱ","۞ وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَـٰكِن یُنَزِّلُ بِقَدَرࣲ مَّا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِیرُۢ بَصِیرࣱ","وَهُوَ ٱلَّذِی یُنَزِّلُ ٱلۡغَیۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُوا۟ وَیَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِیُّ ٱلۡحَمِیدُ","وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِیهِمَا مِن دَاۤبَّةࣲۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا یَشَاۤءُ قَدِیرࣱ"],"ayah":"تَرَى ٱلظَّـٰلِمِینَ مُشۡفِقِینَ مِمَّا كَسَبُوا۟ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فِی رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُم مَّا یَشَاۤءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق