الباحث القرآني

قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (٣) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا﴾ إلى آخره [الواقعة: ١ - ٤]. حذف الله جواب الشرط في هذه الآيات؛ من أجل أن يذهب الذهن في تقديره كل مذهب؛ يعني إذا وقعت الواقعة صارت الأهوال العظيمة، وصار انقسام الناس، وحصل ما حصل مما أخبر الله به ورسوله مما يكون في يوم القيامة. وقوله: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ كقوله: ﴿الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة ١، ٢]. والمراد بذلك يوم القيامة. ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾؛ أي: ليس لوقعتها كذب، بل وقعتها حق ولا بد، والإيمان بيوم القيامة أحد أركان الإيمان الستة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبريل حين سأله عن الإيمان، قال: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» . وكثيرًا ما يقرن الله تعالى الإيمان به بالإيمان باليوم الآخر؛ لأن الإيمان باليوم الآخر يحدو بالإنسان أن يعمل العمل الصالح، وأن يبتعد عن العمل السيئ؛ لأنه يؤمن بأن هناك يومًا آخر يُجازَى فيه الإنسان؛ المحسِن بإحسانه، والمسيء بإساءته. ﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾ يعني هي خافضة رافعة؛ يعني يُخفض فيها أُناس ويُرفع فيها آخرون، من الذي يُرفع؟ قال الله عز وجل: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة ١١]، فأهل العلم والإيمان هم الذين لهم الرِّفْعة في الدنيا والآخرة، ومن سِواهم فإنهم موضوعون بحسب بُعْدهم عن الإيمان والعلم. إذن تخفض أهل الجهل والعصيان، وترفع أهل العلم والإيمان، وكم من إنسان في الدنيا رفيع الجاه مُعَظَّم عند الناس يكون يوم القيامة من أحقر عباد الله. الجبارون المتكبرون يُحشرون يوم القيامة كأمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم، مع أنهم في الدنيا متبخترون مستكبرون عالون على عباد الله، لكنهم يوم القيامة موضوعون مهينون، قد أخزاهم الله عز وجل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب