الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [المائدة ١٥] إلى آخره.
﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ هم اليهود والنصارى، وإذا كان كذلك فالمراد بالكتاب هنا الجنس، وهي التوراة والإنجيل، وأضافهم الله تعالى إلى الكتاب، وسمّاهم أهلًا له لإقامة الحجة عليهم ونفي العذر، كأنه قال: يا أهل الكتاب، أنتم أهل كتاب، عندكم علم، وعندكم معرفة قد جاءكم رسولنا وأنتم تعرفون هذا الرسول كما تعرفون أيش؟ أبناءكم.
قوله: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا﴾ يريد به محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾: ﴿يُبَيِّنُ﴾ الجملة حال من (رسول)، أي حال كونه يبين لكم، أي: يظهر لكم كثيرًا مما كنتم تخفون من الكتاب، والبعض الآخر يعفو عنه، فيبين كثيرًا مما كنتم تخفون من الكتاب مما تقوم به الحجة عليكم، ويعفو عن كثير مما لا تدعو الحاجة إلى ذكرهم. ومن تدبر القرآن وجد فيه أخبارًا كثيرة عن بني إسرائيل، قال الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾ [الأنعام ٩١] فهذا دأب أهل الكتاب.
﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ أي: يبين لكم حكمه؛ لأن الحاجة تدعو إليه ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ أي: يتركه ولا يذكره؛ لأنه لا حاجة لذكره.
ثم قال: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾، قوله: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ﴾ ﴿نُورٌ وَكِتَابٌ﴾ النور هل المراد محمد ﷺ، أو المراد ما يحصل من الكتاب والسنة من الهدى؟ الثاني، المراد: الثاني، وعلى هذا فيكون قوله: ﴿وَكِتَابٌ﴾ معطوفًا على ﴿نُورٌ﴾ من باب عطف المقتضِي على المقتضَى، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء ١٧٤] فمحمد ﷺ أتى بالنور الذي هو الهدى الساطع اللامع الذي لا ظلمة معه.
﴿وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ كتاب مبين هو القرآن، وسمي كتابًا لأمور ثلاثة:
أولًا: أنه مكتوب في اللوح المحفوظ.
وثانيًا: أنه مكتوب في الصحف التي بأيدي الملائكة.
والثالث: أنه مكتوب في الصحف التي بأيدينا. و(فِعال) بمعنى (مَفْعول) كما جاء ذلك كثيرًا في اللغة العربية مثل: (غِراس، وبِناء).
وقال: ﴿مُبِينٌ﴾ هل المراد: مبين لغيره أو بيِّن بنفسه؟ كلاهما، المراد كلاهما؛ وذلك لأن (أبان) الرباعي يستعمل لازمًا ويستعمل متعديًا، فتقول: أبان الصبحُ بمعنى: بان، وتقول: فلان أبان الحقَّ، بمعنى: أظهر، وإذا كانت الكلمة تستعمل في معنيين فإنها تُحمل عليهما على الشرطين اللذين ذكرناهما سابقًا، وهما: ألا يتنافيا، وأن تكون تحتملهما على السواء، وهنا الكلمة تحتمل هذا وهذا، مع أن بعضهما لازم من بعض، فإنه إذا كان مُبينًا لغيره فهو بيّن بنفسه.
﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة ١٦] ﴿يَهْدِي بِهِ﴾ الباء هنا للسببية، والهداية هنا إن كان المراد به يعني بدلالته فالهداية هنا هداية دلالة، وإن كان المراد بقوله: ﴿بِهِ﴾ ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ أي: باتباعه فالهداية هداية توفيق ودلالة أيضًا.
ننظر إلى بقية السياق ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾: ﴿مَنِ﴾ مفعول أول، ﴿سُبُلَ﴾ مفعول ثان، و﴿رِضْوَانَهُ﴾ مفعول لـ﴿اتَّبَعَ﴾. إذن المهديُّ هو مُتّبع الرضوان، والذي هُدي إليه هي سبل السلام.
﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾ أي: تطلبه وابتغاه، ورأى ما يرضي الله فقام به.
﴿سُبُلَ السَّلَامِ﴾ ولم يقل: سبيل السلام، مع أن التعبير الغالب أنه يُعبّر عن طريق الإسلام بالإفراد، وعن طرق الضلال بالجمع، لكن هنا لما قال: ﴿اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾ تعين أن يكون المراد بالسبل هنا شرائع الإسلام، يعني إذا كان متبعًا لرضوان الله فقد اهتدى وأسلم وآمن، لكن الإسلام له شرائع، له سبل، فلهذا قال: ﴿سُبُلَ السَّلَامِ﴾، وإضافة السبل إلى السلام من باب إضافة الشيء إلى مسبّبه، أي: السبل التي يحصل بها السلام، السلام من أي شيء؟ السلام من النار، السلام من الزيغ، السلام من الشبهات، يعني اذكر كل معنى تحتمله كلمة السلام.
﴿سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ﴾: ﴿يُخْرِجُهُمْ﴾ أي: الله عز وجل، والمراد بقوله: ﴿يُخْرِجُهُمْ﴾: ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾، وعاد إليه -إلى (مَن)- بلفظ الجمع مراعاة لمعناها؛ لأن (مَن) لفظها مفرد ومعناها قد يراد به الجمع، فصح أن يعود الضمير إليها مجموعًا، وهذه قاعدة في (مَن) سواء كانت اسمًا موصولًا أو اسم شرط، يجوز أن تعيد الضمير إليها بلفظ الجمع باعتبار المعنى، وبلفظ الإفراد باعتبار اللفظ، وانظر إلى قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا﴾ [الطلاق ١١] تجد أن الله تعالى أعاد الضمير إليها مرة بلفظ الجمع ومرة بلفظ الإفراد، وعاد مرة ثانية بلفظ الإفراد، ﴿مَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا﴾ إفراد ﴿يُدْخِلْهُ﴾ إفراد ﴿خَالِدِينَ﴾ جمع، ﴿قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ﴾ إفراد، هذه القاعدة أن لفظ (مَن) موصولة كانت أم شرطية يجوز عود الضمير إليها مفردًا وعوده إليها مجموعًا مراعاة للفظ وأيش؟ والمعنى، متى يكون مراعاة اللفظ؟ إذا عاد مفردًا، والمعنى إذا عاد مجموعًا.
* طالب: شيخ، في أبواب الاعتقاد، سائلين نقول فيما نقول في مسائل الاعتقاد يعني ثبت بالحس والعقل والنقل، وقاصد بها، ويقول بعضهم: ثبت بالعقل والنقل، وشيخ الإسلام يقول: ثبت بالحسي والنقل، ما الفرق بين الحسي والعقل؟
* الشيخ: الحس ما تدركه بالحواس، كاللمس والشم والذوق، والعقل ما تدركه بقلبك، بعقلك، هذا الفرق، ولَّا يمكن يجيء مع الدليل السمعي والعقلي والحسي، مثلًا: اليد تضاف إلى الإنسان، وتضاف إلى البعير، وتضاف إلى البغل، اختلافها مدرك بأيش؟ بالحس، كل ما يعرف هذه يدها كذا، وهذه يدها هكذا، وهذه يدها هكذا، العقل أن تقول فيما يتعلق بصفات الله: إذا كانت ذات الخالق لا تماثل المخلوق فكذلك صفاته، هذا دليل عقلي ما هو دليل حسي.
* الطالب: قلت يا شيخ: في القرآن والسنة إن الله سمى من ادعى على عيسى النصارى، لكن الواقع الآن ما يذكر بهذا الاسم، يقولون: إنهم مسيحيون، ما السبب يا شيخ أنهم فروا من هذا الاسم؟ أبدًا يا شيخ، حتى الآن العرب منهم يقال له: أنت نصراني؟ يقول: لا ما هو، مسيحي.
* الشيخ: السبب في ذلك أنهم إذا انتسبوا إلى المسيح انتسبوا إلى دين، إلى رسول، دينه حق، وهذا أهون من إذا قالوا: إنا نصارى، لا سيما إذا قلنا: إن نصارى إنها نسبة إلى بلد تسمى (الناصرة)؛ لأن النسبة حينئذٍ تكون نسبة أرضية وطنية، لكن إذا قلنا: مسيحيون صارت النسبة إلى رسول متبوع، كما يسمي أهل التحريف أنفسهم بأيش؟ بأهل التأويل، قالوا ذلك تلطيفًا للأمر وجعل الشيء أمرًا مقبولًا؛ لأنهم لو قالوا: أهل التحريف ما تبعهم أحد.
* طالب: شيخ، أولًا ما صحة قول القائل: إن تقرب بالعمل ليس من (...) إلى الكتاب والسنة شنعوا عليه بلفظ النصرانية؟
* الشيخ: يمكن هذا وهذا.
* طالب: شيخ، قلنا: إن من استحق اللعنة كما أن العادة هنا على سبيل العموم فإذا علمنا أن زيدًا من الناس مثلا استحق اللعن بعينه فهل لنا أن نعينه؟
* الشيخ: لا، من أين تعلم؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، ما هو صحيح، ولهذا لما كان الرسول يدعو على قوم باللعنة: «اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَالْعَنْ فُلَانًا» نهاه الله قال: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران ١٢٨][[أخرجه البخاري (٤٠٦٩) من حديث عبد الله بن عمر.]].
* طالب: ثبت عن النبي ﷺ أنه قد يلعن من ليس لهم اللعن فهل يمكن؟
* الشيخ: مثل أيش؟
* الطالب: كما ورد عنه ﷺ «اللَّهُمَّ إِنِّي بَشَرٌ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا امْرِئٍ لَعَنْتُهُ فَاجْعَلْ ذَلِكَ كَفَّارَةً لَهُ»[[أخرجه مسلم (٢٦٠١ / ٩١) من حديث أبي هريرة.]]، أو معنى الحديث، فهل يمكن أن يكون النبي ﷺ قد لعن رجلًا ليس أهلًا للعن ولا نعلم..
* الشيخ: أصلًا لعن هنا بمعنى السب، ولما قال الصحابة: «يا رسول الله، وهل يلعن الرجل أباه؟ قال: «يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٩٧٣)، ومسلم (٩٠ / ١٤٦) من حديث عبد الله بن عمرو.]].
* الطالب: شيخ، هل يفهم من لعن الله عز وجل اللعن المعين، ولا سيما إذا مات الإنسان وهو كافر بالله عز وجل وتأكدنا من ذلك؟
* الشيخ: أنا قلت لك: ما الفائدة؟ إن كان الله قد لعنه فلا حاجة لدعائك، وإن كان ليس أهلًا فأنت آثم.
* طالب: شيخ، ذكرنا أن عدم المؤاخذة عن الذنب يعتبر هذا إحسانًا، هل يكون هذا إطلاقًا يعين من..؟
* الشيخ: على الإطلاق، كما أن فوات الأجر يعتبر عقوبة «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ صَيْدٍ انْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٤٨٠)، ومسلم (١٥٧٤ / ٥٣) من حديث عبد الله بن عمر.]]، هذه عقوبة ما هي بعقوبة إيلام؛ تعذيب، لكن فوات محبوب.
* طالب: (...) يا شيخ، أن إنسان يعني تمادى في الذنب والمعصية هل يجوز يعني (...).
* الشيخ: هو -بارك الله فيك- أصل العفو، العفو ليس مشروعًا إلا إذا كان فيه إصلاح، هذا ما نبحث هل هذا مما يعد إحسانًا أو لا، وإنما نبحث هل العفو في محله أو لا، والله عز وجل اشترط في العفو أن يكون إصلاحًا فقال: ﴿مَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ﴾ [الشورى ٤٠]، ولهذا لو كان عفو عن هذا الرجل يؤدي إلى تسلطه وعدوانه على الناس ما عفونا عنه.
* الطالب: النهي الخاص باللعن، هل يقاس عليه جميع الدعاء عليه، كل الدعاء عليه؟
* الشيخ: أما الدعاء عليه فالظاهر أنه لا يدخل في اللعن؛ لأن اللعن ليس بالهين، اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، أما لو دعوت الله بأن يهلكه أو ما أشبه ذلك فالظاهر أنه لا يدخل في هذا.
* الطالب: هذا يخص (...) النبي ﷺ، دعا على رجل بعينه غير اللعن.
* الشيخ: لا أذكر، لكن ما أظن تخلو، لا بد أنه يكون.
* طالب: شيخ ما هي الفائدة البلاغية..
* الشيخ: هو الرسول دعا على قريش عمومًا: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٢٠٠)، ومسلم (٦٧٥ / ٢٦٥) من حديث أبي هريرة. ]] ولا أستبعد أن يوجد الدعاء على شخص معين.
* الطالب: الذين آذوه عندما كان ساجدًا دعا عليهم عِيانًا: اللهم أهلك فلانًا..؟
* الشيخ: إي، بس دعا عليهم ما أذكر أنه عُيّن الدعاء.
* طالب: الفائدة البلاغية من تقديم الجار والمجرور ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ﴾.
* الشيخ: التوكيد؛ لأن كلما كرر الشيء زاد توكيدًا.
* * *
* طالب: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [المائدة ١٥ - ١٧].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ [المائدة ١٥، ١٦] أولًا: من المراد برسوله هنا؟ النبي محمد ولَّا موسى ولَّا عيسى؟
* طالب: هو النبي ﷺ؛ لأنه (...).
* الشيخ: قوله: ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ نريد مثالًا لذلك؟
* طالب: حكم رجم الزاني المحصن فإن النبي ﷺ (...).
* الشيخ: حكم رجم الزاني المحصن موجود عندهم في التوراة ومع ذلك يخفونه، وغيره؟ أهم من ذلك صفة النبي ﷺ في التوراة والإنجيل، يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل ومع ذلك يخفون هذا وينكرونه.
قوله: ﴿يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ ما المراد بالعفو هنا؟
* طالب: لا يذكره.
* الشيخ: لا يذكره نعم، وسماه عفوًا لأن فيه سترًا لفضائحهم التي كانوا يقومون بها من كتمان ما أنزل الله، فسماه الله تعالى عفوًا. ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ﴾ ما المراد بالنور؟
* طالب: (...).
* الشيخ: رضوان لأيش؟
* طالب: (...).
* الشيخ: القرآن طيب، وكتاب؟ نور وكتاب؟
لكن نعطف كتاب، والمراد بالكتاب لا شك أنه القرآن، نعطف (كتاب) على (نور) وهو هو. يعني عُطف الشيء على نفسه.
* طالب: (...).
* الشيخ: ما هي إضافة، ﴿نُورٌ وَكِتَابٌ﴾، والأصل في العطف المغايرة.
* طالب: (...).
* الشيخ: لماذا؟ النور هو ما جاء به الرسول من الشرع.
كتمان ما أنزل الله، فسماه الله تعالى عفوًا.
﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ﴾ ما المراد بالنور؟
* طالب: القرآن.
* الشيخ: القرآن. ﴿وَكِتَابٌ﴾؟ ﴿نُورٌ وَكِتَابٌ﴾؟
* طالب: القرآن المكتوب.
* الشيخ: لكن نعت الكتاب، والمراد بالكتاب لا شك أنه القرآن، نعت (الكتاب) على (نور) وهو هو؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: يعني عطف الشيء على نفسه؟
* الطالب: إضافة الشيء.
* الشيخ: ما هي إضافة ﴿نُورٌ وَكِتَابٌ﴾، والأصل في العطف المغايرة.
* الطالب: النور يطلق على الرسول ﷺ، ويطلق على القرآن؛ لأن كله حق.
* طالب آخر: (...) بالقرآن والسنة.
* الشيخ: لماذا النور هو ما جاء به الرسول من الشرع، كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾ [النساء ١٧٤]، وقيل: إنه القرآن كما ذكرتم، وعلى هذا فيكون عطف (الكتاب) عليه من باب عطف الشيء على صفته، مثلًا ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤)﴾ [الأعلى ٢ - ٤] وهو واحد.
قوله: ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ ما إعراب ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾؟
* طالب: قوله تعالى: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ﴾ (من) هنا مفعول به.
* الشيخ: مفعول لأيش؟
* الطالب: مفعول لـ(يَهْدِي).
* الشيخ: مفعول لـ(يَهْدِي). و﴿سُبُلَ﴾؟
* الطالب: ﴿سُبُلَ﴾ مفعول ثانٍ.
* الشيخ: مفعول ثانٍ. و﴿رِضْوَانَهُ﴾؟
* الطالب: ﴿رِضْوَانَهُ﴾ أيضًا مفعول.
* الشيخ: مفعول لأيش؟
* الطالب: مفعول ﴿اتَّبَعَ﴾.
* الشيخ: مفعول ﴿اتَّبَعَ﴾؟ متأكد؟ توافقون على هذا؟
* الطلبة: نعم.
* الشيخ: هنا قال: ﴿سُبُلَ السَّلَامِ﴾ والمعروف أن سبيل الله واحد؟
* طالب: المراد شرائع الإسلام.
* الشيخ: المراد شرائع الإسلام، نعم؛ لأن السبيل اللي هو الإسلام مأخوذ من قوله: ﴿اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾.
المراد بالهداية هنا هداية التوفيق أو هداية الدلالة؟
* طالب: كلاهما.
* الشيخ: غلط، ما دام تبغي النحو غلط، أنا قلتُ: ما المراد بالهداية؟ فقلتَ: المراد كلاهما، والهداية مؤنث.
* الطالب: كلتاهما.
* الشيخ: نعم، المراد كلتاهما، المراد هداية التوفيق وهداية الدلالة.
يقول عز وجل: ﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ﴾ الظلمات: ظلمات الجهل والشرك والمعاصي والفسوق وغير ذلك.
قوله: ﴿بِإِذْنِهِ﴾ الإذن هنا الإذن القدري، والإذن القدري بمعنى المشيئة وبمعنى الإرادة، ويقابله الإذن الشرعي، مثل قوله تعالى: ﴿قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس ٥٩]، معلوم أن الله أذن لهم قدرًا لكنه لم يأذن لهم شرعًا.
ومن الإذن الشرعي قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى ٢١].
ومن الإذن القدري هذه الآية ﴿بِإِذْنِهِ﴾، ومنها أيضًا قوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة ٢٥٥]، فالإذن نوعان: إذن قدري، وإذن شرعي، والفرق بينهما: أن الإذن الشرعي لا يكون إلا فيما يرضاه الله عز وجل، والإذن القدري يكون فيما يرضاه وفيما لا يرضاه، هذا واحد.
والفرق الثاني: أن ما أذن به شرعًا فقد يقع وقد لا يقع؛ إذ إن الناس قد يمتثلون وقد لا يمتثلون، وأما ما أذن به قدرًا فلا بد من وقوعه.
﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ الهداية إذا تَعَدت بـ(إلى) فهي هداية الدلالة، وعلى هذا فمعنى: ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ يعني: يدلهم إليه، وهذا يعني فتح أبواب العلم لهم حتى يعلموا ما لم يكونوا يعلمونه من قبل.
* ففي هذه الآية الكريمة فوائد عديدة؛ منها: خطاب اليهود والنصارى بـ(أهل الكتاب).
وقد يقول قائل: في هذا إكرام لهم وإعزاز لهم أن سماهم أهل الكتاب؟
والجواب عن ذلك أن نقول: سماهم أهل الكتاب لا إكرامًا لهم، ولكن إقامة للحجة عليهم؛ لأن أهل الكتاب هم الذين يجب عليهم أن يكونوا أول عامل به، كما قال تعالى في أول سورة البقرة: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة ٤١].
إذن فالذين يطنطنون الآن ويريدون أن يقربوا بين الأديان ويقولون: إن الله سماهم أهل الكتاب، زعمًا منهم أو إيهامًا منهم أن ذلك من باب التكريم لهم والرضا بما هم عليه، نقول، أيش نقول؟ نقول: إن الله لم يخاطبهم بذلك تكريمًا لهم، وكيف يكون ذلك إكرامًا لهم والله يقول: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة ٦٠]! لكنه ناداهم بهذا الوصف أيش؟ إقامة للحجة عليهم وأن تصرفهم أبعد ما يكون عن العقل؛ لأن أهل الكتاب يجب أن يكونوا أول عامل به.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: رفع شأن النبي ﷺ، وذلك في قوله: ﴿رَسُولُنَا﴾، فإن إضافة رسالته إلى الله لا شك أنها شرف، وكل ما يضاف إلى الله فهو شرف، حتى الجماد إذا أضيف إلى الله كان ذلك شرفًا له ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ﴾ [الحج ٢٦].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن محمدًا رسول الله مرسل إلى أهل الكتاب؛ لقوله: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا﴾ وهو كذلك، حتى أقسم النبي ﷺ أنه «لا يسمع به يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بما جاء به إلا كان من أصحاب النار»[[أخرجه مسلم (١٥٣ / ٢٤٠) من حديث أبي هريرة.]]، فهو مرسل إليهم بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن محمدًا رسول الله مبيِّن؛ ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾، فهو عليه الصلاة والسلام سراج منير، مبيِّن للخلق، كما قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل ٤٤]، والتبيين الذي ذكره الله هنا يشمل تبيين اللفظ وتبيين المعنى، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة ٦٧].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أهل الكتاب أهل كتمان للعلم؛ لقوله: ﴿كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من كتم العلم من هذه الأمة ففيه شبه باليهود والنصارى؛ لأن هذا هو دأبهم، فمن كتم فقد شابههم، شابههم في أقبح خصلة -والعياذ بالله- وهي كتمان ما جاءهم من العلم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سكت عن أشياء من معايب أهل الكتاب لم يبينها لهم.
فإذا قال قائل: لماذا لم يبين ويفضحهم؟ قلنا: فضيحتهم فيما بيَّنَ كافية، والسكوت عما لم يبين؛ لأن المصلحة تقتضي ذلك، وقد يكون في هذا نوع من التأليف؛ أي من تأليف قلوبهم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن ما جاء به محمد رسول الله كله نور يُشِع، إن تأملت أخباره استنرت به، أحكامه كذلك، وهو نور في الطريق يستنير به الإنسان في طريقه إلى الله عز وجل، وفي طريقه إلى معاملة عباد الله.
هو أيضًا نور في القلب، فكل من تمسك بشريعة محمد ﷺ ازداد نورًا في قلبه وفراسةً، واستنباطًا للأحكام الشرعية وغير ذلك.
هو أيضًا نور في الوجه؛ لأن المتمسك بشريعة النبي عليه الصلاة والسلام لا بد أن يؤثر ذلك عليه في مقاله وفعاله وحاله، فيستنير وجهه؛ ولهذا تجد العلماء الربانيين تجد لهم في وجوههم نورًا يكاد يكون محسوسًا، أما المعنوي فمعلوم، حتى لو كان العالم الرباني جلده غير يعني أبيض، فإنه يستنير وجهه، والنور شيء، واللون شيء آخر.
هو أيضًا نور في القبر، فإن الإنسان إذا كان مؤمنًا -جعلنا الله وإياكم منهم- يفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه من روح الجنة ونعيمها.
هو أيضًا نور يوم القيامة ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [الحديد ١٢].
إذن فكلمة (نور) شاملة عامة في كل ما يمكن أن يكون فيه ظلمة فالدين الإسلامي ينيره.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن القرآن مكتوب، مكتوب في أيش؟ ذكرنا أنه مكتوب في المصاحف التي بأيدينا، في اللوح المحفوظ، في الصحف التي بأيدي الملائكة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن القرآن الكريم مبين للأشياء، وأوضح من ذلك قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل ٨٩]، وكلمة (مبين) ذكرنا في التفسير أنها يصح أن تكون متعدية أو لازمة، فإن كانت لازمة فالمعنى: أنه بين بنفسه، وإن كانت متعدية فالمعنى: أنه مبين لغيره، والقرآن لا شك أن بيانه بنفسه وإبانته لغيره هو وصفه.
إذا كان مبينًا وتبيانًا لكل شيء ألا يتفرع على هذا: أنه لا يليق بنا أن نعرض عن تدبره، بل علينا أن نتدبره، وأول ما يرد علينا من المسائل نطلبها في أيش؟ في كتاب الله، فإن عجزنا عن استبيانها في كتاب الله ففي سنة رسول الله ﷺ، وسنة رسول الله مبينة للقرآن بأمر الله ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل ٤٤].
فإذا لم يكن في القرآن ولا في السنة وعجزنا عن إدراك الحكم الشرعي في الكتاب والسنة، حينئذٍ إما أن نسأل أهل الذكر؛ لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل ٤٣]، وإما أن نتوقف.
وإن كان الإنسان أهلًا للاجتهاد فلا حرج عليه أن يجتهد، كالإنسان الذي لا يعرف القبلة بنفسه ولا أخبره بها ثقة فعليه أن يجتهد ويتحرى.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الهداية بيد الله، ولهذا أدلة كثيرة: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ [الكهف ١٧]، ﴿قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ﴾ [آل عمران ٧٣]، والآيات في هذا كثيرة، الهداية بيد من؟ بيد الله ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص ٥٦].
وإذا كانت من الله تفرع عن ذلك:
أولًا: أن لا نسأل الهداية إلا من الله، وأن نلح على ربنا عز وجل بالهداية: اللهم اهدني، اللهم اهدني، دائمًا، هذه واحدة.
ثانيًا: أن نعلم أن أفعالنا لا نستقل بها، بل هي بتوفيق الله، فيكون فيها رد على من؟ على القدرية، إذا كان الله يهدي معناه أن لأفعالنا علاقة بهداية الله، فيكون في ذلك رد على القدرية القائلين بأن الإنسان مستقل بنفسه وبعمله وبمشيئته وبقدرته.
هل فيها موافقة للجبرية؟ الجواب اسمع: ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾ ﴿اتَّبَعَ﴾، فأضاف الاتباع إليه، خلافًا للجبرية الذين يقولون: إن الإنسان لا ينسب إليه فعله.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه كلما اتبع الإنسان ما يرضي الله ازداد معرفة بشريعة الله؛ لقوله: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾، واذكرها بالعكس: من أعرض عن رضوان الله فإنه لا يهدى سبل الله؛ لأنه ليس أهلًا للهداية.
وعلى هذا فنقول لأي طالب علم: أتريد أن يهديك الله ويرزقك علمًا؟ سيقول: بلى، نقول: عليك باتباع رضوان الله، كلما رأيت شيئًا يرضي الله فافعله، وكلما رأيت شيئًا يغضب الله فاجتنبه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الرضا لله؛ لقوله: ﴿رِضْوَانَهُ﴾، والرضا صفة فعلية من صفات الله عز وجل تتعلق بمشيئته ولها سبب، وسببها عمل العبد بتوفيق الله.
وكل صفة من صفات الله يكون لها سبب فإنها من الصفات الفعلية؛ وذلك لأن السبب واقع بمشيئة الله، والصفة التابعة له تكون واقعة بمشيئة الله، فالرضا والغضب والفرح والضحك والعجب وما أشبهها كلها من الصفات الفعلية.
هل رضا الله عز وجل كرضا المخلوق؟ لا؛ لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى ١١]، هذا دليل أثري، والدليل العقلي: أنه إذا كانت ذات الرب عز وجل لا تماثل ذوات المخلوقين فكذلك صفاته؛ لأن القول في الصفات فرع عن القول في الذات، هذا ما مشى عليه أهل السنة وقالوا: ليس لنا أن نتحكم في كلام الله ورسوله بمقتضى أفهامنا، ولا أقول: عقولنا؛ لأن عقولنا تبعٌ، تقتضي التبعية للكتاب والسنة، لكن بمقتضى أفهامنا.
وهؤلاء المعطلة -كما قال شيخ الإسلام- قال: أوتوا فهومًا، وما أوتوا علومًا، عندهم فهم، لكن ما عندهم علم ولا عندهم عقل، أوتوا ذكاءً وما أوتوا زكاءً.
أهل السنة يؤمنون بهذه الصفات، ويؤمنون بأنها لا تماثل صفات المخلوق، أهل التعطيل يقولون: لا، ما نؤمن بها؛ لأن هذه صفات نقص، الرضا صفة نقص، والمحبة صفة نقص، والغضب صفة نقص، فيجب أن نفسرها بلازمها، هذا واحد، أو نسكت ونقول: لا نعلم معناها، يعني أهل التعطيل عندهم لا يمكن أن نتجاوز أحد الطريقين؛ إما أن نعطل وإما أن نفوض، التفويض المعنوي ما هو التفويض الكيفي، المعنوي، وفي ذلك يقول صاحب الخلاصة:
؎وَكُلُّ نَصٍّ أَوْهَمَ التَّشْبِيهَا ∗∗∗ فَوِّضْهُ أَوْ أَوِّلْ وَرُمْ تَنْزِيهَا
الواقع أن هذا ما نزه الله بل بالعكس، نحن نقول: الرضا صفة ثابتة لله عز وجل تستلزم الإثابة والإكرام، هم يقولون: لا، الرضا هو الإثابة والإكرام، وعبَّر عنه بسببه الملازم له، فنقول: يا ويل الإنسان أن يسمع كلام الله يقول عن نفسه: إنه يرضى، ثم يقول: لا ترضى، إنه ليس لك رضا، ليس لك غضب، ليس لك فرح، لا إله إلا الله! كيف لا يكون وهو الذي أخبر عن نفسه؟ أأنتم أعلم أم الله؟ كيف يصف نفسه بما ليس متصفًا به وهو الذي يقول لعباده: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [النساء ٢٦]، وهل هذا إلا إلغاز أن يتكلم بكلام سبحانه وتعالى وهو يريد خلافه؟ هذا إلغاز وتعمية.
ولو أن المعطل فكر قليلًا لوجد أن تعطيله من أكبر العدوان في حق الله عز وجل، نحن نقول: الإثابة ناتجة عن الرضا، وهي دليل على الرضا، يعني دليل عقلي على الرضا؛ لأن من أثابك يدل على أيش؟ أنه راضٍ عنك، فسبحان الله! تجد أن أهل الباطل سواء كان من المسائل العملية أو العلمية تجدهم متناقضين.
وعلى هذا فالقاعدة الأصيلة الرصينة: أن تثبت ما أثبته الله لنفسه في القرآن أو السنة، هذه واحدة، ثانيًا: أن تنفي عنه مماثلة المخلوقين، وبذلك تسلم، أما أن تؤول -والحقيقة: أما أن تحرف- فهذا ضلال.
ومن الضلال أيضًا أن تفوض: واللهِ (...)، الرضا ما أدري ما هو، أنا أقرأ القرآن ولا أتكلم بشيء، هذا أيضًا شر عظيم، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن مذهب المفوضة من شر أقوال أهل البدع والإلحاد، وصدق رحمه الله، إذا تأملت قول المفوضة عرفت أنه كفر وإلحاد، كيف ينزل الله علينا قرآنًا أشرف ما فيه أن نعلم بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته وأحكامه وأفعاله، ثم لا نجد سبيلًا إلى فهم المعنى، ونجعلها عندنا بمنزلة: ألف، باء، تاء، ثاء.
وسبحان الله! كيف يليق برجل مؤمن أن يقول: ما قصه الله علينا عن فرعون وهامان وقارون معلوم المعنى، وما قص علينا عن نفسه غير معلوم، أي فائدة لنا في القرآن؟ ما دام ليس معلومًا فإننا لن نستفيد منه، ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة ٧٨] أي: إلا قراءة، معناه: أنه ليس لنا حظ ولا نصيب إلا مجرد قراءة.
على كل حال عقيدتنا هذه: أن نؤمن بكل ما أثبته الله لنفسه في القرآن أو في السنة من غير تمثيل، وبذلك نسلم في عقيدتنا.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن طرق السلامة كثيرة متعددة؛ لقوله: ﴿سُبُلَ السَّلَامِ﴾.
فمثلًا أركان الإسلام كم؟ خمسة، كل واحد سبيل، أبواب الجنة ثمانية، كل باب له أناس مختصون به، إذن هناك سبل وهناك أبواب، والمراد بذلك الشرائع، أما الإسلام جملة فهو سبيل واحد.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من سلك الشريعة فقد سلم، من أين تؤخذ؟ من قوله: ﴿سُبُلَ السَّلَامِ﴾، سلم منين؟ سلم بكل معنى الكلمة؛ سلم في عقيدته، في أعماله، في جزائه؛ لأنه سيؤدي به هذا المسلك إلى دار السلام التي يدعو الله إليها ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يونس ٢٥].
* طالب: بارك الله فيكم، بعض الكتاب المرتدين خرج ببدعة جديدة وهي أن أهل الكتاب ليسوا كفارًا، الآن مثل ذلك يقال فيه: إن من لم يكفر الكافر فهو كافر؛ لأن هذا الأمر معلوم من الدين بالضرورة: كفر أهل الكتاب، أم يقال: إنه قد يعذر في هذه المسألة بجهله؟
* الشيخ: لا، لا يعذر، هذا من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام، وإذا قال: إن أهل الكتاب -يعني اليهود والنصارى- غير كفار، فقد كذَّب القرآن، ويعتبر مرتدًا، إما أن يقر ويقول: نعم، هم كفار، قامت عليهم الحجة، وهم إذا ماتوا على ما هم عليه فهم من أصحاب النار، وإما أن يقتل ليكون معهم.
* طالب: قلنا في الشرح: إن شيخ الإسلام قال: إن أهل البدع أوتوا فهومًا وما أوتوا علومًا، كذا النص؟
* الشيخ: صحيح.
* الطالب: شيخ، ما قال: أوتوا علومًا وما أوتوا فهومًا؟
* الشيخ: لا، بالعكس: أوتوا فهومًا وما أوتوا علومًا.
* طالب: بارك الله فيك، ذكرنا أن الإذن هنا الإذن القدري، أليس الإخراج من الظلمات إلى النور أمر محبوب إلى الله عز وجل؟
* الشيخ: لا، الخروج أمر محبوب، لكن الإخراج هذا إذن قدري، يأذن الله تعالى أن يخرجوا، ويأذن ألا يخرجوا.
* طالب: بارك الله فيكم، ما هو واجب طلبة العلم في هذه المسألة؟
* الشيخ: أيها؟
* الطالب: يعني عدم تكفير أهل الكتاب، يعني يا شيخ من طلبة العلم من يقول: جربت هذا في المساجد، وجربت في المدارس، يقول: أسأل عن: من الكفار؟ يخرج يعني كثير منهم، أما الصغار فكثير، أما الكبار فكثير، يعني يمكن ربع الموجودين لا يكفر أهل الكتاب يقولون: هؤلاء يهود ونصارى ما هم كفار.
* الشيخ: أعوذ بالله.
* الطالب: إي نعم شيخ، هذا منقول بالسند المتصل أنهم لا يعرفون هذا أبدًا.
* الشيخ: يحب أن يبين، وهذه البدعة ما سمعناها إلا الآن.
* الطالب: لا يا شيخ، كثير.
* الشيخ: لا لا، يجب أن يبين -بارك الله فيك- أنهم كفار بنص القرآن.
* الطالب: إذا كان هذا في بلاد ليست (...)؟
* الشيخ: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ [المائدة ٧٣]، ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة ٧٢]، وهذا الشيء واضح، أليس الرسول قاتل أهل الكتاب؟
* طلبة: بلى.
* الشيخ: وأخذ منهم الجزية، ومن لم يسلمها قتله، يقتل مسلمين؟
* طلبة: لا.
* الشيخ: لا.
* طالب: عدل الكلام في العقيدة، الناس يتكلمون في الرقائق ومثلًا في الأشياء، يعني العقيدة ما عاد يتكلم فيها إلا قليل.
* الشيخ: على كل حال يجب أن يبين، إذا كان الآن مشتبه على الناس يجب أن يبين في كل مناسبة، وكما ذكرنا لكم الآن إن الله يناديهم بأهل الكتاب إقامة للحجة عليهم، لا إقرارًا لما هم عليه، ولا إكرامًا لهم.
* * *
* طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شيئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨)﴾ [المائدة ١٧، ١٨].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تبارك وتعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ وسبق الكلام على..، والفوائد خلصناها؟
قال الله تعالى: ﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: ﴿وَيُخْرِجُهُمْ﴾: الرد على القدرية الذين يقولون: إن الله لا علاقة له بفعل العبد، فالآية صريحة ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ﴾.
* ومن فوائدها: أن المعاصي ظلمات، والكفر والشرك أعظمها ظلمًا، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان ١٣]، والافتراء على الله كذبًا من أعظمها ظلمًا ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [الأنعام ٢١]، ومنع المساجد أن يذكر فيها اسم الله من أعظمها ظلمًا ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [البقرة ١١٤].
المهم أن المعاصي كلها من الظلمات، الجهل أيضًا ظلم؛ لأنه يعمي على الإنسان الطريق، ولا يدري أين يذهب، أين يرجع، كيف يعمل.
وكذلك أيضًا من الظلم ظلم العباد بالعدوان عليهم في أموالهم أو أبدانهم أو أعراضهم.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الشريعة نور، وهي كذلك، هي نور لا شك، ولا يحس بذلك إلا من آتاه الله تعالى إيمانًا ويقينًا كاملًا، كلما كمل الإيمان ازداد الإنسان نورًا وتبين له نور الشريعة، نسأل الله أن يبين لنا ولكم ذلك.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الإذن لله عز وجل، ولست أقصد بـ(الإذن): التي يسمع بها؛ لأن هذا أمر لا نعلمه، لكن الإذن الذي هو الإرادة، وهو نوعان: إذن شرعي، وإذن كوني، فالإذن الشرعي ما شرعه الله عز وجل، كل ما شرعه الله فقد أذن فيه شرعًا، ولا يلزم من الإذن الشرعي وقوع ما أذن الله به.
الإذن القدري أو الكوني هو ما أراده الله عز وجل، وهذا الإذن لا بد أن يقع؛ لأنه إرادة الله سبحانه وتعالى.
فهنا ﴿بِإِذْنِهِ﴾ هل هو الإذن الشرعي أو القدري؟
* طالب: الشرعي.
* الشيخ: لا، القدري؛ لأن إخراجهم من الظلمات إلى النور يتعلق بالربوبية؛ بالقدر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه كلما تمسك الإنسان بشريعة الله هداه الله تعالى؛ لقوله: ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، وهذا له شواهد كثيرة في القرآن: أن المعاصي سبب للزيغ، وأن الطاعة والامتثال سبب للهداية والرشد، وهذا له أمثلة كثيرة في القرآن، ولا حاجة إلى استيعابها؛ لأنها تمر علينا كثيرًا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الطرق منها المستقيم ومنها المعوج، فطريق الله تعالى مستقيم، وما سواه من الطرق فإنه معوج، ليس فيه قيام، ولا يوصل إلى نتيجة؛ لأنه معوج.
{"ayahs_start":15,"ayahs":["یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ قَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَكُمۡ كَثِیرࣰا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲۚ قَدۡ جَاۤءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورࣱ وَكِتَـٰبࣱ مُّبِینࣱ","یَهۡدِی بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَ ٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ وَیُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَیَهۡدِیهِمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ"],"ayah":"یَهۡدِی بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَ ٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ وَیُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَیَهۡدِیهِمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق